الموضوع :السؤال المشكل.إذا افترضنا
أن الأطروحة القائلة (إن المجتمع هوالنموذج والمصدر لكل سلطة
أخلاقية)أطروحة فاسدة وتقرر لديك الدفاع عنهاوتبنيها فما عساك إن تفعل ؟



إن
مشكلة أساس القيمة الخلقية هي من أقدم المشكلات الفلسفية واعقدها
التياختلف حولها الفلاسفة والمفكرين منذ فجر التاريخ ،وتناولوها وفقا
لأرائهمواتجاهاتهم الفكرية,ومن ابرز هذه الاتجــاهات .الاتجاه الاجتماعي
الذييرجع أصحابه أساس القيم الخلقية إلى سلطة المجتمع .فكيف يمكننا إثبات
أنالمجتمع هو المصدر والنموذج لكل سلطة خلقية؟

عرض منطق الأطروحة
ينطلق
أنصار المدرسة الاجتماعية وفي مقدمتهم الفرنسي (دوركايم)من إن
القيمالأخلاقية بمختلف أنواعها وأشكالها سببها المجتمع ,وما سلوك الأفراد
فيحياتهم اليومية إلا انعكاس للضمير الجمعي الذي يُهيمن على كل فرد
فيالمجتمع .وفي هذا يقول –دوركايم –(إذا تكلم الضمير فينا فان المجتمع
هوالذي يتكلم )ومنه فان المجتمع هو المنبع والأساس الوحيد للقيمة
الأخلاقية.وكل فعل يقوم به الفرد خارج الأطر والقوانين الاجتماعية لا تكون
له أيةقيمة في المجتمع .وكل من يحاول التمرد على الأعراف والعادات
الاجتماعيةيُعَرضُ نفسه لاستهجانه وسخطه .ومن هنا كان للقيمة الخلقية قوة
مؤثرة فيالفرد فهو يستجيب لها راضيا أو كارها ولهذا يقول دوركايم –إذا
استنكراحدنا الفاحشة فلان المجتمع استنكرها – ويقول أيضا *.....لا بُد أن
تكونأخلاق الفرد هي الأخلاق التي يتطلبها المجتمع بالضبط .إذ أن أي فعل
لايقره المجتمع على انه أخلاقي مهما كان نوعه لا يمكن أن يكسب فاعله أي
قدرمن الهيبة والنفوذ........
تدعيم الأطروحة بحجج شخصية
إن الأفراد
المتمردون على القيم الاجتماعية وعند قيامهم بأي تصرفات منافيةللقيم
الاجتماعية يقومون بها بعيدا عن أعين المجتمع .فالسارق لا يمكنه أنيسرق
شيئا إذا اعتقد أن غيره يراه .كما أن الواقع يؤكد بان سلطة المجتمععلى
الكثير من الأفراد أعلى من سلطة الشرع والعقل معا بدليل إن السوادالأعظم من
البشر يلتزمون اشد الالتزام بالأوامر والنواهي الاجتماعية.بينما يقل
التزامهم بالتعاليم الشرعية ..بالإضافة غالى أن الطفل ومنذنعومة أظافره
يحتك بالمجتمع من اجل اكتساب القيم الأخلاقية فيُقَومويُعَدل سلوكا ته وفقا
لأوامر ونواهي المجتمع .
نقد خصوم الأطروحة
يرى أنصار الاتجاه
العقلي وفي مقدمتهم الألماني كانط أن العقل هو الأساسوالمصدر لكل قيمة
خلقية لأنه الوسيلة التي يميز به الإنسان بين الخيروالشر.وهو الذي يُشَرع ُ
ويضع مختلف القوانين والقواعد الأخلاقية التيتتصف بالكلية والشمول أي
تتجاوز الزمان والمكان .وقد اعتبر كانط الإرادةالخيرة الدعامة الأساسية
للفعل الأخلاقي والشرط الذي ينبغي توفره فيالإرادة هو الواجب ولهذا تسمى
الأخلاق الكانطية- أخلاق الواجب -
وفي هذا يقول( إن الفعل الذي يتسم بالخيرية الخلقية فعل نقي خالص ,وكأنما هو قد هبط من السماء ذاتها)
ولكن
أنصار هذا الاتجاه لا يستطيعون تفسير اختلاف القيم الأخلاقية بينالأفراد
رغم ان العقل هو اعدل قسمة بين الناس .,كما انه ليس كل البشريملكون الإرادة
الخيرة .وهذا الإضافة إلى أن الأخلاق الكانطية هي أخلاقمتعالية مثالية ولا
يمكن تطبيقها على ارض الواقع

حل المشكلة
إن المجتمع يمدنا
بمختلف القيم والقوانين الأخلاقية وهو سلطة متعالية علىجميع الأفراد
.والمرجع الأساسي لمختلف السلوكات الإنسانية ومنه فانالأطروحة القائلة إن
المجتمع هو المصدر والنموذج لكل سلطة خلقية هي أطروحةصحيحة في سياقها
ونسقها