قد يعصى الإنسان ربه ويستمر في المعاصي سنوات عديدة وقد ييأس الخلق من هدايته ولكن تلك النفس اللوامة تعيده إلى الصواب وقد قال الله عز وجل: {وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}، فنفوس البشر لا تثبت على حال واحده بل كثيرة التقلب وهي من أعظم آيات الله، فإنها مخلوق من مخلوقاته تتقلب، وتتلون في الساعة الواحدة فضلاً عن اليوم والشهر والعام والعمر ألواناً عديدة، فتذكر وتغفل وتقبل وتعرض، وتلطف وتكثف وتنيب وتجفو وتحب وتبغض، وتفرح وتحزن، وترضى وتغضب، وتطيع وتعصي، وتتقي وتفجر، إلى أضعاف أضعاف ذلك من حالاتها وتلونها، تتلون في كل وقت ألوانًا كثيرة.

هي تلك النفس التي تلوم نفسها أن وقعت في الخطأ ويردعها ذلك الضمير الحي في عدم الاستمرار بالمعاصي، فما أجمل محاسبة النفس قبل أن يحاسبها الله وإن كان لا يعلم بالذنب الذي وقعت به إلا ربها فتتسارع النفس إلى التخلص منه، وهذا من رسوخ الإيمان في القلب يقرب له الفضائل ويبعد عنه الرذائل.

قد تتألم النفس من شدة المعصية التي وقعت بها وتحاول التخلص منها وتحاسب نفسها في الدنيا لأنها تعلم علم اليقين أن العذاب في الدنيا أهون من العذاب في الآخرة وقد ورد حديث عن الرسول mسلم أن ماعز الأسلمي رضي الله عنه أتى رسول الله mسلم فقال: يا رسول الله إني ظلمت نفسي وزنيت وأنا أريد أن تطهرني، فرده فلما كان من الغد أتاه فقال: يا رسول الله إني قد زنيت، فرده الثانية فأرسل رسول الله mسلم إلى قومه أتعلمون بعقله بأساً تنكرون منه شيئا؟ فقالوا: ما نعلمه إلا وفي العقل من صالحينا فيما نرى، فأتاه الثالثة فأرسل إليهم أيضا فسأل عنه، فأخبروه أنه لا بأس به ولا بعقله فلما كانت الرابعة حفر له حفرة ثم أمر فرجم.

هكذا الإيمان ربى النفوس فلم يفرح ماعز رضي الله عنه حين رده رسول الله mسلم بل رجع مرارا، ورسول الرحمة mسلم يلتمس له العذر حتى لا يتسرع في إقامة الحد عليه، وليس معنى ذلك أنه حين يقع الإنسان في معصية لا بد أن يذهب للقضاء حتى يطهر نفسه ولكن علينا أن نحاسب أنفسنا إذا زلت بنا القدم ونتراجع حتى لا نقع في الهاوية كما وقع الغير ثم لا ينفع الندم..

أحبتي..

علينا دور كبير؛ فلابد أن نقيم بيننا شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونُحيي بعض ضمائر التي أماتها ضعف الوازع الديني، فكم من فتاة كانت على علاقة بالشباب فتأثرت بكلمه من فتاة صالحة، أو وقعت عينها على تغريده فكانت سبب في محاسبة نفسها والرجوع إلى الصواب بعد أن كانت لا تستطيع أن تتخلى عن هذه العلاقة.

فتيات اليوم بحاجة ماسة إلى من ينير بصائرهم وإرشادهم فقد فتحت تلك المواقع الاجتماعية أبوابها على مصراعين، وقد تكون الفتاة بحاجة إلى من يسمعها وتبوح له... بعد أن انشغل عنها الأهل فتتحدث مع أي شخص ترى أن كتاباته قريبه إلى قلبها وهذه خطوات الشيطان لها وتزين المعصية لها..

لذا نحذرهم كل الحذر من المواقع الاجتماعية وعدم السماح لنفس بالتجاوز الحدود والخوض في الباطل.. وليكن استخدام المواقع الاجتماعية نشر الخير و أخذ الخير منه (فقط لا غير)، ولا تثق بمن يتحدث معها من الجنس الآخر وإن كان يظهر بمظهر الصلاح وإن كان شيخ فهناك من يخترق حسابات المشايخ.. حدثتني إحدهما أن من حساب أهل الخير يرسل لها دعاء عبر الخاص ومن ثم أصبح يرسل لها قصائد غزل ثم اتضح أن الحساب مخترق.

والآن أصبح لفتيات المرحلة الابتدائية حسابات في تويتر والفيس بوك ويجهل الآباء بهذه المواقع وهذا يشكل خطر كبير على الفتيات إن لم نحذرهن من تلك المواقع ونعلمهن الصالح والفاسد منها.

فتياتنا اللاتي نراهن في الفيس بوك وتويتر هن أمانه في أعناقنا فلا نبخل بمناصحتهن وتحذيرهن إن رأينا منهن التجاوز في الأمور الشرعية.

ولنكن يد واحده في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في تلك المواقع الاجتماعية.

اللهم اجعل موضوعي خالصاً لوجهك الكريم