الحيتان المفترسة شديدة
الذكاء، شديدة القوة، تصطاد في مجموعات، عوامل عديدة تجعلها من أشد
الكائنات فتكًا على سطح الأرض.


باستخدام أحدث وسائل
التصوير والنماذج الممكنة المستندة للواقع، سنقوم بالمحاولة لاكتشاف حقائق
جديدة ومذهلة،حول أسلوب حياة صياد المحيط الخطير هذا.


نبدأ رحلتنا من المحيط
الهندي، قرب جزر "كروزيه"، التي تبعد ألفي ميل جنوب شرق "كايب تاون".


تتميز هذه الجزر بمياهها
القطبية الغنية الرائعة والتي يوجد بها كثير من الحياة الطبيعية، إنها موطن
الحيتان المفترسة التي تقتات الطيور.


مياه البحر هنا صافية جدًا،
ما يجعل "كروزيه" من أفضل المواقع على الأرض لمراقبة الحيتان.


تعيش الحيتان المفترسة في
مجموعات صغيرة، هذه المجموعة مثلا تخضع لدراسة مكثفة منذ عدة سنوات.
العلماء يعرفون كل حوت باسمه.


هذا الصغير البالغ أربع
سنوات يدعى "جونيور" وهو ينضم للحيتان المفترسة في رحلات الصيد رغم صغر
سنه.


يتم تشجيع الصغار لتراقب
وتتعلم.


هناك رابط قوى بين إناث
الحيتان وصغارها، هذه الروابط هي محور مجتمع الحيتان المفترسة، إنه مجتمع
متعاطف. لكن ليس مع فرائسه من طيور البطريق.


أعداد البطريق وافرة هنا،
لكنها ماهرة وسريعة في السباحة وليس من السهل الإمساك بها في البحر
المفتوح، لذا تجوب الحيتان المفترسة المياه الضحلة بحثا عن الفرصة
المناسبة.


إنها طيور كبيرة، يزن
الواحد منها حوالي ثلاثة عشرة كيلو جراماً، وجبة جيدة للحوت المفترس.


في أوقات كهذه، تصبح
اليابسة المكان الأكثر أمناً، لكن الحيتان كائنات ذكية، تراقب الطيور جيدا
عن بعد.


عاجلا أم آجلا، ستضطر طيور
البطريق للنزول إلى الماء، عندئذ ستكون الحيتان بانتظارها.


بواسطة تقنية الكمبيوتر
يمكننا مراقبة أسلوب الحيتان في الصيد.


تتقن طيور البطريق المناورة
بمهارة في المياه العميقة. لذا تلجأ الحيتان إلى أسلوب المباغتة، حيث تسمح
لهذه الطيور بالتوجه إلى الشاطئ نحو الأمان والسلامة، عندما تصل طيور
البطريق إلى الشاطئ، ستكون الحيتان قد جاعت.


المياه الضحلة تقلل من قدرة
البطريق على المناورة، حركة الأمواج تخفف من سرعتها، بينما الحوت المفترس
يندفع نحو صيده.


تركز الحيتان على طيور
البطريق المنفردة التي تكون أكثر عرضة للخطر، صيد البطريق في المياه الضحلة
يشكل خطراً على الحيتان أيضاً، فأي خطأ قد يدفع الحوت للانحسار على الشاطئ
ليواجه الموت المؤلم ببطء.


هذا النوع من الصيد ليس
بطبيعة الحيتان المفترسة، إنها مهارة يجب اكتسابها، الأنثى تعلم صغيرتها
هذه المهارات.


تدفعها أولاً إلى الشاطئ،
تساعدها كي تطفو من جديد، كل درس يزيد من مهارة الصغيرة.


ستنمو -بإذن الله- هذه
الصغيرة مع الوقت وقد اكتسبت مهاراتها، وستتمكن من اصطياد فريستها قرب
الشاطئ.


الإرشادات مهمة للحيتان
التي تتعلم الصيد في المياه الضحلة، هناك وصف دقيق لمثل هذا السلوك في
المجتمعات الإنسانية، إنه السلوك المتناقل من فرد إلى آخر، إنها الثقافة،
يبدو أن الثقافة تلعب دورا هاما في حياة الحيتان المفترسة.


بالإضافة إلى صيد البطريق،
تتعلم صغار الحيتان كيفية التهام هذه الطيور، يتوجب على الحوت عصر الطير من
جلده المغطى بالريش، لا يبقى سوى الغلاف الخارجي للطائر.


موعد الطعام عند الحيتان
المفترسة يشكل تحديا بالنسبة لها لذا تحتاج إلى المهارة الذكاء والتعاون.


وقد منح الله هذه الحيتان
قدرة كبيرة على التأقلم، وقد تضطر الحيتان أحيانا إلى التأقلم مع ظروف خاصة
كالصيد في المياه الضحلة، لكن في أوقات أخرى، نرى أن سلوك فريستها هو
التحدي الكبير بالنسبة لها.


إنها "النرويج"، ثمانية
آلاف ميل إلى الشمال، قرب القارة القطبية الشمالية، لا وجود لطيور البطريق
هنا، لذا تتحول الحيتان إلى نوع آخر من الغذاء.


إنه موسم تكاثر أسماك
"السردين" الرنكة، التي تهاجر من شمال الأطلسي باتجاه الممرات المائية
النرويجية.


قوارب صيد الرنكة تنتظر،
وكذلك الحيتان المفترسة.








الحوت المفترس Totop


صيد سمكة صغيرة بهذا الحجم
ليس تحديا للحوت السريع المفترس، بالنسبة إلى حوت يزن ستة أطنان، تبدو هذه
السمكة كلقمة من طبق المقبلات بالنسبة لنا. طعام جيد لكنك بحاجة للكثير منه
كي تشبع، هناك طريقة ليصبح العمل مجديا، الصيد بالأكوام!


تتطلب هذه المهمة مهارات
مختلفة عن طريقة صيد البطريق في " كروزيه". التعاون هو مفتاح النجاح هنا.


نستخدم إضافة رسوم
الكمبيوتر إلى الصور الواقعية، لنرى ما يحدث فعلاً، تعمل الحيتان كفريق
فتطوق أسماك الرنكة، تنقلب أثناء دورانها، فتظهر بطونها البيضاء، مما يرعب
الأسماك الصغيرة.


تتجمع أسماك الرنكة لحماية
بعضها، تهدف خطة الحيتان لدفع الأسماك نحو الأعلى، بحيث يتم حصر السرب تحت
سطح الماء.


أثناء ارتفاعها تطلق
الأسماك فقاقيع المياه كي تعدل توازنها المائي، بين هذه الفقاقيع تنطلق
نداءات الحيتان المفترسة، التي تستمر بدفع الأسماك نحو السطح، تمهيدا
لتجميعها في الأعلى.


أصبحت الأسماك محاصرة، وقد
تجمعت بقوة قرب بعضها، الحيتان مستعدة للقيام بالخطوة التالية.


ضربات هائلة من ذيل الحوت
تصعق الأسماك، تطفو كميات كبيرة منها في المكان، تبدأ الوليمة الهائلة على
وقع أصوات الحيتان. ولهذه الأصوات معاني كثير أيضا.


يميز العلماء عشرين نداءً
مختلفاً في هذا الموقع، التواصل هو الميزة الأساسية لثقافة الحيتان. فهي
تتواصل مع بعضها بشكل دائم.


تميز الحيتان الموجودة في
كل موقع مائي جيرانها من شكل أصواتها، حتى عن بعد.


ينتقل الصوت في الماء بشكل
جيد، لذا يمكنك سماع نداءات الحوت المفترس على بعد عشرة أميال على الأقل.


لكل مجموعة نداءاتها الخاصة
التي لا يستخدمها سواها، تماما كالبشر، يتعرف الحوت المفترس على الدخلاء
من جنسه بمجرد سماع ندائه.


الحيتان المفترسة لا تتوارث
لغتها، إنها تتعلم نداءاتها كجزء من ثقافتها، فصغير الحوت لا يصدر إلا
نداءات بسيطة غير مفهومة.


لكنه يبني ذاكرته الخاصة
نتيجة لتكرار الأم لنداءات محددة أثناء نموه. هذا لا يختلف عن طريقة تعلم
صغار البشر للغتهم.


إنها مراحل التلقين الأولى
في حياة صغير الحوت، خطواته الأولى نحو شخصية فريدة.


لكن الحيتان المفترسة
تستخدم أصواتها بطريقة أخرى أيضا، وهو أمر استثمره الإنسان مؤخرا: جهاز
السونار.


تساعد أجهزة السونار
القوارب على تحديد مواقع تجمع الأسماك، أما أجهزة سونار الحيتان فتؤهلها
لمتابعة مراقبة فرائسها في جميع الظروف، بما فيها الظلام والمياه الضبابية.


يتشارك الصيادون هذه المياه
مع الحيتان المفترسة منذ عقود، وقد كان التفوق حليف الحيتان حتى بداية
القرن التاسع عشر، إنها أسرع من القوارب وأكثر مهارة في تحديد مواقع
الأسماك.


لكن الأمور تغيرت بعد
اكتشاف السونار، بدأت القوارب تتغلب على الحيتان باستخدام تقنياتها ضدها،
لفترة من الزمن شعرت الحيتان بقدرة الصيادين على المنافسة.


لكن الأمر لم يستمر طويلاً،
سرعان ما فهمت الحيتان سلوك القوارب، وعرفت أن مواقعها خير دليل على أماكن
تجمع الأسماك.


ولأنها ليست بحاجة للشباك،
استخدمت الحيتان أسلوب الانقضاض والخطف، فعادت وتقدمت السباق.


في هذا العالم المتغير، قد
منح الله هذه الحيتان القدرة على تعديل ثقافتها وكذلك القدرة على التأقلم
وفق الأوضاع المستجدة.


وتعلم أنماط جديدة من
السلوك، لم يقدر الإنسان مدى ذكاء هذه الكائنات، إلا حين بدأ الاحتكاك
المباشر بينها وبينه.


هنا مثل آخر يبين قدرتها
ومدى ذكائها، في البحر المتوسط، حيث تنشط الصناعات المرتبطة بصيد الأسماك.


والأسماك هنا ليست من نوع
الرنكة، إنها أسماك التونة الزرقاء الضخمة.


سمكة كبيرة كهذه قد توفر
للبحارة ربحا يقارب ألفي دولار، تتبع القوارب تقليدا قديماً، كل صيف، بعد
موسم التكاثر، تهاجر أسماك التونة من البحر المتوسط إلى المحيط الأطلسي، كل
عام يكون الصيادين بالانتظار، وكذلك الحيتان المفترسة.


ينزل الطعم مع الكتل
الأسمنتية إلى عمق مائتي متر، أسماك التونة تسبح في الأعماق بسرعة كبيرة.


بعد تثبيت الخيوط، لا يبقى
أمام الصيادين سوى الانتظار، ومراقبة الحيتان.


علقت سمكة بالخطاف. كأن صوت
الرافعة إشارة تأهب للحيتان المنتظرة، على الصياد أن يعمل بسرعة كبيرة
لرفع صيده.


لكن الحيتان تستغل الفرصة،
كلما اقتربت السمكة من القارب اشتدت المنافسة عليها.


وجبة سهلة يتمنى الحوت
الحصول عليها، تستطيع الحيتان التهام السمكة في دقائق، لن يبقى للصيادين
سوى الفضلات.


أعمال القرصنة هذه لن تزيد
من شعبية الحيتان المفترسة، لكنها فرصة سهلة لا تقاوم.








الحوت المفترس Totop


بدأت الحيتان بسرقة الأسماك
بهذه الطريقة منذ ثلاثين عاما تقريباً، وقد انتشرت هذه الثقافة بين أفراد
المجموعات التي تعيش هنا، أما الصيادين فقد عرفوا بالفعل مدى ذكاء تلك
الحيتان.


أثناء دراسة العلماء لهذه
المخلوقات اكتشفوا أنها لا تتصرف بطريقة متماثلة، بعضها يميل لمشاركة
طعامه، بينما تسيطر على بعضها الآخر أنانية التفرد، كأنها تشبه البشر، لكل
حوت شخصية مستقلة.


وبينما يبدو صيد الرنكة أو
التونة خيارا سهلا، نجد أن بعض الأسماك تجهد


للدفاع عن نفسها.

هنا قبالة شواطئ نيوزلندا،
تعج المياه بأسماك "الراي اللساع"، التي تبدو هادئة كالبط العائم، مقارنة
مع سواها من فرائس الحوت المفترس، كطيور بطريق "كروزيه" السريعة مثلا.


للوهلة الأولى يبدو هذا
النوع هدفًا سهلاً. لكنه يملك سلاحا سريا، هو ذيل مسنن حاد، يطلق جرعة من
السم المؤلم، على الحيتان أن تكون حذرة.


تم رصد الراي اللساع،
تستخدم الحيتان مهارات خاصة لصيد هذا النوع، عكس مطاردة البطريق أو التعاون
لصيد الرنكة، تبدو المهمة هنا أكثر صعوبة وخطورة.


ولا تتفوق هذه الأسماك على
الحيتان إلا بميزة واحدة، هي ليست بحاجة للتنفس على سطح الماء، فما أن ينزل
الراي اللساع إلى القاع، يمكنه البقاء قدر ما يشاء، ويكون أمل الحوت ضئيلا
بدفعه للأعلى مجددا. لذا يبتعد عن المكان، بعد خلو الموقع من الحيتان،
تغادر أسماك الراي ملاجئها وتتجه إلى المناطق الضحلة.


الآن، حان وقت العمل، هذا
ما كانت الحيتان بانتظاره، الراي اللساع هو الطعام المفضل للحيتان، لكن
صيده يستغرق وقتاً، حتى يبدو الصيد وكأنه مناسبة اجتماعية.


ما أن تقترب أسماك الراي من
سطح الماء حتى تصبح الكرة في ملعب الحيتان، أصبحت الأسماك في موقع الفريسة
التي يمكن مهاجمتها دون التعرض للسعاتها.


تفوق الحوت على الراي في
النهاية، بالمناورة والذكاء والحنكة.


على بعد عشرة آلاف ميل
غربا، جنوب الأرجنتين، تعيش أشهر أنواع الحيتان المفترسة.


إنه شهر أبريل نيسان، أسود
البحر في "بونتا نورتي" أصبحت يافعة، بينما تقبع الأم على الشاطئ، تنطلق
صغارها لتعلم السباحة واللعب بالموج القريب.


مكان رائع بالنسبة إلى أسود
البحر، الشاطئ جميل والأسماك وفيرة هنا، لكن الحيتان لا تأت لصيد الأسماك.


أسود البحر تعرف أن الحيتان
مفترسة موجودة في الجوار. لكنها لا تستطيع البقاء على البر لفترات طويلة.


حليب الأم يكاد ينفذ، حان
وقت التحول إلى طعام البحر، وهناك مكان واحد للحصول عليه، في المياه التي
تعج بالحيتان.


تأتي الحيتان المفترسة إلى
هنا كل عام في نفس الموعد تقريباً، أسود البحر تعاني من مشكلة، فهي لا تعرف
تحديدا مواقع الحيتان، ولا يمكنها معرفة هذه المواقع.


البحر هائج دائماً، وهو
موقع ملائم للكمائن، لكنه أيضا قد يسهل مرور أسود البحر دون أن تلاحظها
الحيتان.


وقد وهب الله للحيتان ميزة
تفاضلية هنا، فعلى أسود البحر اجتياز نفس الممر المائي أثناء الاقتراب
والابتعاد عن الشاطئ.


لهذا السبب تعرف الحيتان
مواقعها بالتحديد، تجوب الحيتان هذه المياه في معظم الأوقات، لكنها تتبع
نمط صيد مختلف عن أقرانها من آكلة الأسماك.


تتميز أسود البحر بحاسة سمع
قوية، أي صوت يصدر عن الحيتان يحدد مواقعها.


إذًا هي عملية صامتة إلى
الحد الأدنى، سلوكها هنا، حذر، دقيق، وشرير.


بالنسبة لأسود البحر هناك
خطة وحيدة لإتمام العبور الخطر، الانطلاق بأقصى سرعة ممكنة، لكن حتى عند
اقترابها من الشاطئ، لن تكون بمأمن من عدوها.


وقد وهب الله هذه الحيتان
المهارات المتخصصة للصيد في المناطق الضحلة.


ثم يتم نقل أسد البحر بعد
صيده إلى المياه العميقة، هنا لا مجال للهرب.


الكثير من الحيوانات
المفترسة تلعب مع ضحاياها، لا شك أن هذه الطريقة التي تقوم بها، تساعد على
تنمية مهارات الصيد عند الحوت.


ضربة الذيل هي السلاح القوي
للحوت المفترس، طريقة الافتراس المتخصصة هذه تستغرق وقتاً لإتقانها.


صيد أسود البحر يستند إلى
المعرفة والخبرة، التي تتوارثها الحيتان جيلا تلو الآخر، ولا تنحصر
التقاليد المتوارثة بالصيد فقط.








الحوت المفترس Totop


يدرس العلماء هذا الموقع
قبالة كولومبيا البريطانية منذ ثلاثين عاماً، مجموعات الحيتان هنا هي من
بين الأشهر في العالم.


تقترب هذه الحيتان من
الشاطئ في بعض المواقع بهدف اللعب وليس بهدف البحث عن الطعام.


ويحدث الأمر في تجويفين
صغيرين، تنتشر الحصى الصغيرة علي قاعهما، وهي كل ما يحتاجه الحوت بحك جلده
جيداً.


الحك بالحصى طريقة أخرى،
الحيتان الأكبر سنا، الإناث منها في الغالب، ترشد الصغار إلى كيفية القيام
بذلك، مثل إناث البشر وإناث الفيلة، وقد منح الله إناث الحيتان أن تعيش
طويلاً إذ تعمر أحيانًا عشرين أو ثلاثين عاما بعد ولادة صغيرها الأخير.


الحيتان الأكبر سناً ذات
الخبرة الطويلة، هي التي تنقل المعرفة، لأنها تحفظ جغرافية الشواطئ جيداً،
بدونها ستنطلق الحيتان إلى البحر الواسع.


لكن هذا النوع من الحيتان
ليس النوع الوحيد الموجود هنا، هناك أنواع أخرى تزور المنطقة، أنواع غريبة
تتصرف بشكل مختلف تماماً، تكاد لا تصدر صوتا.


تعيش هذه الأنواع قرب
الشواطئ مثلها، لكن في مجموعات منفصلة، وبنمط حياة مميز، هي لا تختلط
أبداً. وبالتأكيد لا تشارك سواها نمط نداءاتها، كأنها جزء من جنس آخر، أو
على الأقل قبيلة أخرى.


يعيش الدخلاء حياة توصف من
قبل، العلماء بالترحال، ولتمييز حيتان الشاطئ عن الحيتان العابرة، نرى أن
الأخيرة تعيش بكثرة على طول الشواطئ الغربية لقارة أمريكا الشمالية، إنها
بارعة في الترحال.


مياه الباسيفيك الشمالية
المواجهة ألاسكا غنية تعج بالحيتان الكبيرة والصغيرة.


هنا في المحيط المفتوح، ليس
هناك من حماية للمخلوقات المفترسة ولا لفرائسها أيضاً.


هذه دلافين "دال".

الحيتان العابرة لا تهتم
كثيرا بالأسماك، تتجه بطبيعتها نحو الصيد الكبير، والدلافين تأتي على رأس
اللائحة.


تصل سرعة دلفين "دال" إلى
خمس وثلاثين ميلا في الساعة، الحوت المفترس أقل سرعة، لكنه يحافظ على معدل
ثلاثين ميلا بالساعة لمدة أطول.


عاملي السرعة والتعاون هما
الأساس في هذه العملية، تقترب الحيتان من فريستها، ضجيج مفاجئ علن انتهاء
العملية. وكأن الحيتان تحتفل.


لا يبقى الكثير من الدلفين
بعد الانتهاء منه، لا تكتفي هذه الحيتان باستهداف المخلوقات الأصغر حجما
منها.


قبالة سواحل كاليفورنيا،
أنثى حوت رمادي ضخم تقع مع صغيرها في خطر داهم.


نستخدم بمؤثرات الكمبيوتر
لنرى هذا الحدث غير العادي، صغير الحوت يبلغ من العمر بضعة أسابيع. يتبع
أمه شمالا، حيث موطن الغذاء صيفا في ألاسكا.


وصل الحوتان إلى خليج
"مونتيري"، حيث خندق عميق يشق البحر، فور ابتعادهما عن جدار الخندق، يفقد
الحوتان الحماية.


في الخليج القريب، تستمع
الحيتان المفترسة لأصوات الرتيبة، إنه صوت تنفس الحوتين الرماديين.


يتغير سلوك الحيتان فجأة،
حيث تدور كقطيع ذئاب جائعة.


هكذا وقعت الأنثى وصغيرها
في الفخ، وبدأت المطاردة، تحاول الأنثى تجاوز الحيتان المهاجمة، السباحة
السريعة ترفع معدل تنفس الحوت الرمادي، وأصبح الصغير المنهك صيدًا سهلاً.


تعمل الحيتان المفترسة
كفريق، الهدف الأول هو الفصل بين الأم وصغيرها، أنثى الحوت مخلوق قوي،
تستطيع إيذاء أي كائن يهاجمها، بضربة واحدة من ذيلها المشقوق.


أحد الحيتان المهاجمة يفصل
بين الأنثى وصغيرها، بدأت الخطة تنجح، انفصل الحوتان الرماديان، بعد انفصال
الصغير، تغير الحيتان خطتها، هي تهدف الآن لإغراقه.


تتناوب الحيتان المفترسة في
الهجوم، أحدها يقبع على رأس الحوت الرمادي الصغير، يدفعه للأسفل بوزنه
الذي يقارب ستة أطنان.


إنه صراع هائل يستمر ست
ساعات تقريباً، مع وجود الاضطراب تضطر أنثى الحوت الرمادي لترك صغيرها
الجريح، تبدأ الحيتان المفترسة بالتهام الفريسة.


بعد كل هذا العناء، لم
تلتهم سوى اللسان وجزء من الفك، كأن عملية الصيد بحد ذاتها كانت النهاية.


صراع دامي في عملية
الافتراس أكثر من كونها وسيلة للبحث عن الطعام.


بعد ما شاهدنا، يبدو الغوص
قرب الحيتان المفترسة من أكثر الأعمال تهورا.


في هذا الممر البحري أمام
النرويج، يقوم غواص محلي منذ سنوات بمرافقة السواح الراغبين في جولة فريدة
بين الحيتان المفترسة البرية.


حتى الآن، ليس هناك من دليل
على عدوانية هذه الحيتان، أو حادث واحد على الأقل.


مع ذلك، فقد شاهدنا بعض
الحيتان المفترسة تستهدف بانتظام أنواع من الثدييات. فالإنسان يكاد يكون
بحجم أسد البحر، وهو كهدف، أسهل بكثير.


أي غواص بطيء الحركة يعتبر
من أسهل الفرائس في العالم، إذا كانت الحيتان المفترسة من الكائنات
المفترسة الانتهازية.


أسماك القرش الضخمة تتذوق
فريستها أولا، ثم تقرر ما إذا كانت ستلتهمها، فلم لا تقوم الحيتان المفترسة
بذلك؟ ألا تتعرف إلينا كطعام محتمل؟ أم إنها تخافنا؟


هي في الواقع لا تتصرف بهذا
الشكل، هناك إجابة واحدة ممكنة عن هذا التساؤل.


وهذا يعيدنا إلى "شامو" في
"سان دييغو".


في الواقع هناك رابط بين
"شامو" والحيتان النرويجية المفترسة، مجموعة شامو لا تهتم أبدا بصيد
الثدييات.


فالتهام الأسماك نمط متخصص
من أنماط الحياة، يتم توارثه في العائلة من جيل إلى آخر.


ولقد ميز الله الحيتان
المفترسة التي تفترس الثدييات بتقاليدها الخاصة. وهي لا تتزاوج بآكلة
الأسماك.


تتصرف الحيتان حسب البيئات
التي تنتمي إليها، ليس هناك من شخصية مزدوجة.


يبدو أن شامو اللطيف يختلف
بالفعل عن تلك الثدييات المفترسة التي تعيش في المحيطات، إنه من الثدييات
البحرية.


وهكذا فإن الله خلق لهذه
الكائنات البحرية أسلوباً خاصاً يتميز به عن الآخر في أسلوب عيشه ومصادر
غذائه.




















الحوت المفترس 71674293