سيدي الحكم.. نسيت أن تطرد نفسك!
المعلق
الجزائري فوق العادة، حفيظ دراجي، قدم صورة رائعة للإعلام العربي ونحن
مدينون له بأنه الأول في العالم العربي الذي ينادي الحكم: ''بسيدي الحكم''
''والحكم دائما على حق''..!
تعلمنا من ساداتنا المعلقين أن ينادوا
الحكم الكروي بأقذع الصفات.. كنا نشاهد دائما كيل الشتائم تتوالى على
الحكام.. ما حصل في مباراة نصف النهائي الإفريقي بين مصر والجزائر، كان
مثيرا للاستغراب، ومع ذلك ظل المعلق الجزائري متماسكا حتى وصل إلى طرد
اللاعب الثالث حارس المرمى بسبب احتكاك طبيعي، كما طرد قبله لاعبين
باحتكاكات فنية، وليست شخصية من النادر جدا أن تحدث فيها حالات الطرد.
وتقبّل المعلق الجزائري أول الأمر ركلة الجزاء، وهو يقول للاعب الجزائري
المتسبب بالركلة والطرد: ''نرجوك، هناك حكم واحد في المباراة أنت لست حكما
أنت لاعب''. لم نشاهد المعلق الجزائري حفيظ منفعلا إلا عندما عاد اللاعب
الجزائري بعد الطرد الثالث بروح رياضية ليصافح الحكم، فأشار إليه الحكم
بالرفض وبإشارة استفزازية تفتقد لكل مظاهر الروح الرياضية، وخصوصا لما
تصدر من حكم يفترض منه حياديته وابتعاده عن الاستفزاز. قال حفيظ دراجي
بكلام في منتهى الأدب والذوق: ''نتمنى من إدارة حكام إفريقيا، وهذا ما
يجب، أن توجه له إنذارا على تصرفه غير اللائق بعدم مصافحة اللاعب''.
كنت
بالفعل أتمنى من حفيظ دراجي أن يقول له ويشفي ما في الصدور: يا سيدي
الحكم، طردت ثلاثة لاعبين جزائريين بغير وجه حق وبأجندة لا نعلمها، لكنك
نسيت أن تطرد نفسك.. بتصرفك غير اللائق كنت الأجدر بالطرد يا سيدي
الحكم!''.
جرت المباراة في روح رياضية إيجابية، من قِبل اللاعبين جميعا
المصريين والجزائريين، لم تكن ثمة منغّصات أخرى غير تصرف الحكم هذا وتصرف
الإعلام المصري الفضائي الذي بدأ بمجرد انتهاء المباراة يبث سموما تثير
الاشمئزاز نقول له: ''لقد فزتم فماذا تريدون بعد ذلك''؟
سمعت على قنوات
النايل سات ومودرن الرياضية والحياة ما يدمي القلب. بينما انحازت فضائية
الجزائر للنواحي الفنية وتحفظت على أداء المنتخب الجزائري. على الفضاء
المصري الأمر كان جد مختلف، معلق رياضي مخضرم مصري، وكبير في العمر، يعيد
هدف مصر الأول من ركلة جزاء فيقول موجها كلامه لحارس مرمى الجزائر:
''المتخلف ده الغبي بيعترض على إيه''. فيما يتصل مع فنان مصري معروف كنا
نشاهده ونعجب بتمثيله فيقول: ''المباراة ده إساءة للجزائر كلها كان مفروض
ينطرد كل الفريق مش تلاتة!!''.
لا أعرف ماذا يريدون وأين يتجهون؟!
كانت
الأمور تتجه إلى التهدئة العامة قبل بدء المباراة. وكانت فرصة سانحة
للانتماء، فقدها الإعلام الفضائي المصري الذي أراه صار عبئا ثقيلا على
التضامن العربي. فيما يجد العرب المصريون من الغارقين في عروبتهم ضالتهم
القومية في الفضائيات غير المصرية. وهو ما شاهدناه في البرنامج الخاص مع
الإعلامي طالب كنعان على العربية؛ إذ تحدث أحد القوميين العرب وعاب على
الإعلام المصري كما الجزائري ما حدث، وما صدر عن فنانين مصريين محترمين
مثل: محمد صبحي ومحمد منير على فضائيات عربية غير مصرية. بينما ذهبت
الفضائيات المصرية إلى تسقط الفنانين الذين لا يمتلكون الحد الأدنى من
الأعراف القومية، ينعقون هنا وهناك، ولا تجد الفضائيات المصرية حرجا في
تسقطهم كما كانت تفعل في حصار غزة والجدار الذي يضع حدا بين مصر وقوميتها!
لو
قدّر للفريق المصري أن يفوز في المباراة الأخيرة وينتزع اللقب للمرة
الثالثة تباعا، فلا نختلف على أنه فريق مؤهل وكبير وظهر بتماسك واضح خلال
البطولة مع مدربه حسن شحاتة. وهذا الكلام سمعته من التلفزيون الجزائري
مباشرة. لكن نحن أمام فوضى ثقافات وطنية وقومية، ليست دون تصرف الحكم
البينيني المشين. وأقتبس من كلامك يا سيدي حفيظ دراجي أخيرا فأقول: ''كان
على الحكم أن يطرد نفسه، وكان الإعلام المصري يمتلك فرصة للصمت يكسب
احترام الناس، لكنه فقَد هذه الفرصة ولحق بالحكم البينيني''!