السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

تمر بنا اليوم ذكرى و ياله من ذركرى ، ليس من حقنا أن ننساها أو نتناساها أو نغفلها ، و إلا كنا ممن وصفهم الحكيم:"... و إن أنت أكرمت اللئيم تمرد"، في مثل هذا اليوم انطلق إخواننا المغتربون في باريس ( من أجل لقمة العيش، بعدما اختطفت من أفواههم في أرضهم في عقر ديارهم و أعطيت صائغة للدخلاء من شذاذ أوروبا، من مالطا و إيطاليا و كورسيكا و فرنسا و إسبانيا و البرتغال)، تضامنا مع شعبهم الذي مرّ عليه سبع سنوات من الجهاد و ما حمله معه من تعذيب وتشريد وتجويع و تقتيل و تخريب للممتلكات وإحراقا للقرى والمداشر.

أقول انطلقوا بعائلاتهم نساء و صبية في مظاهرة سلمية ليظهروا للعدوان وللعالم أنهم مع شعبهم في جهاده من أجل كرامته، إلا أن السلطات الفرنسية قابلت تلك المظاهرات ليس بالقمع ، كما هو معروف أو معهود، بل بالتقتيل بشتى أنواعه في الشارع على مرأى من العالم كله و الإنسانية جمعاء و في الختام اشركت تلك السلطات حوت "نهر السان" بأن ألقت له ما لا يقل عن ثلاث مائة نفس بشرية ، هذا ما أتت به صحافتها و الأكيد أن ذلك أكثر، لكونها جزائرية و لكونها طالبت باسترجاع كرامتها، و لسان حال العدو:" هل للمستضعف كرامة".
و الآمر بتلك المجزرة لا يتكلم معه فيما اقترفه فيها من جرائم في حق أناس عزّل، لكنه يحاسب بعد ذلك بعشرات السنين عن ورقة يكون قد وقعها، خاصة:" بتسخير قطار لينقل فيه الجنود الألمان سجناء يهود" خلال احتلال الجيش الألماني لباريس إبان الحرب العالمية الثانية، و في هذه المناسبة بالذات نرجح أن هذا التاريخ اختير عن قصد، تختاره فرنسا لاجتماع " قمة الفرانكفونية" و تحضره الجزائر بذروة سلطتها! فلا نرى ما ستجنيه الجزائر من هذه القمة، إلا جرها إلى مزيد من الإنفاق على اللغة الفرنسية و ما ينجر عن ذلك من تبعات و خسائر لا طائل من ورائها و المستفيد منها الأوّل و الأخير هو اللّغة الفرنسية و الاقتصاد الفرنسي و الهيمنة الفرنسية.

و بالتالي يكون الملايين من الشهداء الذين سقطوا من أجل هويتهم و كرامتهم ذهبوا سدى و لم يزد ذلك إلا ذلا و احتقارا.