سم الله الرحمن الرحيم
التحليل المنطقي للسؤال:
هل : إستفهام يفيد الجواب بنعم أو لا
يصح : الصواب ، يمكن ، يجوز
القول: رأي ، موقف له ادلة ( اتجاه )
لكل : لجميع ، كافية ، تفيد الشمول المطلق
سؤال: طلب أو مطلب
جواب: الحل الذي يصل إليه ، رد فعل على السؤال
عناصر المشكلة : هل ( الصحة ) ، السؤال ، الجواب
بناء المشكلة : هل لكل سؤال جواب أم أن هناك أسئلة لاجواب لها؟
الطريقة جدلية
المقالة:


الإنسان
يعيش في عالم مليئ بالظواهر والأحداث ، ويسعى الى معرفة أسرارها وحقائقها
وذلك بواسطة ماوهبه الله عز وجل من فطرة حب الإطلاع لأنه دائما يسعى إلى
تحصيل المعرفة وتجاوز حالة الجهل التي ولد عليها ، ولا يتسنى له ذلك إلا
بتوظيف قدراته العقلية التي تعتمد على السؤال كأداة أساسية ، لأن السؤال
هو الوسيلة التربوية التي تستدعي المعرفة أو الحافز الذي يدفع الى البحث
والتفكير الجاد في الموضوع قصد معرفته ، لذلك عُرٌف السؤال بأنه الطلب
والمطلب وفي الإصطلاح هو كل مايستدعي جوابا.

لذلك نتساؤال:هل يمكن الجزم بأنه لكل سؤال جوابا أم أن هناك أسئلة لاجواب لها؟؟
ولتحليل
هذه المشكلة نجد الإتجاه الاول يقول بأن السؤال لابد أن يكون له جوابا
مهما صعُب ( لكل سؤال جواب) ويؤكد الباحثون هذا عندما أكدوا على أن
الاسئلة على التنوع والاختلاف فهي تختلف من الإنسان العامي إلى رجل العلم
إلى المفكر الفيلسوف فالأسئلة العلمية التي تعالج قضايا علمية واقعية
ملموسة استطاعت ان تصل الى أجوبة مقنعة ودقيقة وذلك باستخدام المنهج
العلمي التجريبي وذلك عندما يصل الى القانون العلمي ومثال ذلك : هل الماء
جسم بسيط أم مركب؟؟ فكان الجواب أن الماء جسم مركب وهو H20 ، وكذلك الحال
بالنسبة للسؤال التالي : كيف تتم عملية السمع لمختلف الأصوات؟؟ ..الخ

ولأن السؤال العلمي يدرس مشكلة علمية جزئية ويحدد الأسباب القريبة الي تُحدثها.
كما
أن الأجوبة تكون أيضا للأسئلة البسيطة المبتذلة والمتداولة في الحياة
اليومية مثل: ما إسمك؟؟ كم عمرك؟؟ أين تقيم؟؟ ...الخ فهي أسئلة لا تستدعي
تفكيرا وتقدم عليها اجوبة فورية.

ويؤكد
هذا الموقف أيضا رجال الدين وخصوصا الفقهاء عندما يطرح عليهم سؤال حول
قضية صعبة تتطلب حلا شرعيا استعجاليا في مجال الدين والدنيا أو مايعرف
بالفتوى ومثال ذلك هل الغناء حلال أم حرام أم مكروه أم مستحب أم جائز؟.

ومن
خلال هذه نجد أن السؤال يستوجب فعلا جوابا لكن هناك أسئلة تحير العقل
وتدهش الإنسان وتجعله في حيرة من أمره مثل الأسئلة التي تطرح حول القضايا
الكبرى للحياة والكون والمسائل المغلقة والمشكلات العالقة التي تبحث عن
حلول مثل : ماطبيعة الخير والشر؟؟ ماحقيقة السعادة والشقاء؟

لذلك ذهب الإتجاه المخالف الى القول بأنه ليس بالضرورة القول أن لكل سؤال جوابا ( ليس لكل سؤال جواب)
والدليل
على ذلك أن الأسئلة الإنفعالية التي تثير القلق والتوتر النفسي والعقلي
والدهشة والإحراج والتي تكون مرتبطة بعدة قضايا دينية واجتماعية وفلسفية
وعلمية ومثال ذلك : هل عملية الإستنساخ حلال أم حرام؟ خير أم شر؟ ضار أم
نافع؟ وهذا السؤال يثير أسئلة اخرى تنبثق منه وهي :ماهو الإستنساخ؟مالفرق
بين الإستنساخ العلاجي والإستنساخ المفتوح ؟ ومتى يكون خيرا؟ هل يكون خيرا
بالنظر إلى النية منه أم إلى ظروف وشروط إجرائه أم إلى النتائج التي
يحققها ؟وكذلك الحال بالنسبة للسؤال: هل هو ضار أم نافه؟ تتولد عنه أسئلة
أخرى مثل ماهو معيار النفع؟ وماهو معيار الضرر؟.

فهذا النوع من الاسئلة يبقى معلقا يبحث عن حل (جواب).
وهناك
اسئلة تطرح عن حقيقة الإنسان في الوجود مثل الأسئلة التي طرحها الفيلسوف
والرياضي الفرنسي( بليز باسكال) وهي 'لماذا فٌرضت عليً هذه القامة
القصيرة؟ لماذا حُدد عمري؟ لماذا وٌلدت في هذا البلد؟

كما
أن تساؤلات الفيلسوف اليوناني( سقراط ) لم يجد لها جوابا وذلك لما كان
يتجول في شوارع ميدنة (اثينا) ويسأل الناس عن الحق، وعن العدل، وعن
الفضيله، وعن الصداقة.

لذلك
فالأسئلة الفلسفية هي التي تتجاوز الجواب إلى سؤال جديد لأنه في الفلسفة
السؤال أهم من الجواب حيث قال الفيلسوف الألماني ( كارل يسبرس ) 'ان الأهم
في الفلسفة هو السؤال وليس الجواب ، وينبغي أن يتحول كل جواب إلى سؤال
جديد' فكانت الأهمية للسؤال.

وبعد
هذه الأدلة نؤكد على ان السؤال في بعض أصنافه ليس له جوابا ، لكن تطور
الفكر البشري أكد أن الاسئلة التي كانت تحير العقل قديما لأم يصل فيها ألى
اجوبة تمكن من ايجاد الحلول لها بأدوات ووسائل مختلفة حتي قيل: ( من قال
لا أدري فقد أجاب عن السؤال ) وكذلك الأمر مثلا في السؤال : ماهي الفضيلة؟
فالجواب انها وسط بين رذيلتين ، مثال : الشجاعة وسط بين رذيلتين '' الجبن
والتهور '' والكرم وسط بين رذيلتين '' الإسراف والتبذير والبخل والتفتير
(الشح) ''.

لذلك فالأسئلة ليست على شاكلة واحدة فهناك بعضها يمكن الوصول فيها إلى حل وجواب وعلى رأسها السؤال العلمي .
وهناك
أسئلة تبقى عالفقة تبحث عن حل ملائم وعلى رأسها السؤال الفلسفي الذي لا
يصل إلى جواب بل غلى مجرد إستنتاج وهنا تتحول المشكلة الى اشكالية والقضية
الى معضلة .

لهذا
نستنتج أن السؤال دائما هو المحفز والدافع الى البحث والتفكير وهناك أسئلة
وصلت إلى اجوبة لكن هذه الأجوبة تبقى نسبية لذلك وجب تحويلها إلى سؤال
جديد لان البحث عن الحقيقة عمل مستمر.