ما هي أقسام التوحيد، وهل لابد للإنسان أن يتعرف عليها؟

أقسام التوحيد ثلاثة: توحيد الإلهية ، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء
والصفات، وإذا عرفها المؤمن ولو ما عرف الأقسام، إذا كان قد وحد الله ،وآمن
بأن الله ربه، وإلهه ، ومعبوده الحق، وأنه ذو الأسماء الحسنى والصفات
العلى، لا شبيه له، ولا كفؤ له ، كفى، ولو لم يعرف الأقسام، لكن إذا عرفها
يكون من العلم الطيب. فالقسم الأول توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون ،
وهو أن يؤمن العبد بأن الله هو الخلاق الرزاق ، وهو الذي خلق الجميع، وهو
الخلاق العليم خلق الأرض وخلق السماء، وخلق الجن، وخلق بني آدم، وخلق كل
شيء ؛ كما قال سبحانه: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [(62) سورة الزمر].
وقد أقر بهذا المشركون، قال تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ
لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [(87) سورة الزخرف]. وقال تعالى: قُلْ يعني قل
للمشركين - مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ
السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ
وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ
فَسَيَقُولُونَ اللّهُ [(31) سورة يونس]. - يعني يعترفون بأن ربهم الله هو
الخلاق الرزاق المحي المميت الذي يرزقهم - سبحانه وتعالى-، وهو الذي يدبر
الأمور، هذا أقروا به ، ولكن لم يدخلهم في الإسلام ؛ لأنهم لم يأتوا
بالتوحيد الثاني ، وهو توحيد العبادة، وهو تخصيص الله بالعبادة الذي هو
معنى: "لا إله إلا الله"، ومعناها: لا معبود حق إلا الله، وهذا معنى قوله
سبحانه في سورة الحج: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا
يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [(62) سورة الحـج]. ومعنى قوله:
وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
حُنَفَاء [(5) سورة البينة]. ومعنى قوله: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا
لَّهُ الدِّينَ [(2) سورة الزمر]. ومعنى قوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ
تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [(23) سورة الإسراء]. ومعنى قوله سبحانه:
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [(5) سورة الفاتحة]. لابد من هذا،
وهذا هو الذي جحده المشركون وأنكروه ، وجادلوا دونه وصارت بينهم وبين
الرسل العداوة والشحناء ، وهدى الله من هدى له ممن سبقت له السعادة، وهو
الإيمان بأنه لا معبود حق إلا الله، وهذا هو معنى لا إله إلا الله، أي لا
معبود حق إلا الله، قال جل وعلا: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ
إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [(163) سورة البقرة]. وقال سبحانه:
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ
[(19) سورة محمد]. وقال جل وعلا عن المشركين: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا
قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ* وَيَقُولُونَ
أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ [سورة الصافات
[(35)(36)]. وقال في سورة ص عن الكفرة أنهم قالوا: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ
إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [(5) سورة ص]. فالمشركون
أنكروا هذا، لأنهم اعتادوا عبادة الأصنام والشمس والقمر والنجوم. الكفار
أقسام: الكفار العرب اعتادوا عبادة الأصنام والأموات والأحجار والأشجار؛
كما قال تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ
الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى * تِلْكَ
إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا
أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن
يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم
مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى [(19- 23) سورة النجم]. فاللات رجل صالح كان يلت
السويق للحاج، كان .... الحجاج ، ويلت لهم السويق، فعبدوه وعبدوا صخرته
التي كان يلت عليها. والعزى شجرة بين الطائف ومكة كانوا يعبدونها، تعبدها
قريش وتدعوها، وكان فيها جني يلبسون عليهم ، ويتكلمون من داخلها. ومناة
صخرة بالمشلل عند قديد في طرق المدينة كان يعبدها الأوس والخزرج وغيرهم ،
فأنزل الله فيها ما أنزل وأبطلها ، وكان حول الكعبة حين دخلها النبي - صلى
الله عليه وسلم - وفتح الله عليه ثلاثمائة وستون صنما، كلها حول الكعبة،
منها هبل الذي يعظمونه ، والذي قال فيه أبو سفيان يوم أحد: اعلوا هبل، قال
الرسول لهم: قولوا: الله أعلى وأجل. قال: لنا العزى ولا عزى لكم. قال
الرسول لهم يوم أحد: (قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم. فهذه الآلهة التي
يعبدونها من دون الله كلها باطلة ، سواء كانت من الشجر أو من الحجر أو من
الأموات أومن الكواكب أو غير هذا، وهذا يسمى توحيد الإلهية ، وهو معنى لا
إله إلا الله، وهو الذي أنكره المشركون ، وجالدوا دونه ، وقاتلوا ، وجاءت
به الرسل، ودعت إليه الرسل، قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ
أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ
[(36) سورة النحل]. وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن
رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا
فَاعْبُدُونِ [(25) سورة الأنبياء]. ولابد مع هذا التوحيد من الإيمان
بالرسول - mسلم-، والشهادة بأنه رسول الله ، وأنه خاتم
الأنبياء، لابد من هذا، ولابد أيضاً من الإيمان بجميع ما أخبر الله به
ورسوله مما كان وما يكون ، لا يتم التوحيد والإيمان إلا بهذا، يعني لابد من
الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله في القرآن أو في السنة الصحيحة، من
أمر الآخرة ، والجنة والنار، والحساب والجزاء والصراط ، وغير ذلك، ولابد من
الإيمان بأن الله أرسل الرسل، وأنزل كتب ، كما بين في كتابه العظيم،
كالتواراة والإنجيل والزبور ، وصحف إبراهيم وموسى كل هذا لابد منه ،
الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله. والتوحيد الثالث : توحيد الأسماء
والصفات ، وهو الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله عن أسمائه وصفاته ، لابد
من الإيمان بذلك، وأنه سبحانه له الأسماء الحسنى وله الصفات العلى، لا
شبيه له ولا كفؤ له ، ولا ند له؛ كما قال عز وجل: وَلِلّهِ الأَسْمَاء
الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [(180) سورة الأعراف]. وقال سبحانه: بِسْمِ
اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [(1) سورة الفاتحة]. هُوَ اللَّهُ الَّذِي
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ
الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ
عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ
لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [(23) (24) سورة الحشر]. لابد من
الإيمان بهذه الأسماء ومعانيها ، فله الأسماء الحسنى ، وله معانيها ، هو
ذو الرحمة ، ذو العلم ، ذو القدرة ، ذو العزة ، ذو الحلم، الأسماء لها
معاني، فالرحمن معناها الرحمة، والإله معناه أنه إله الخلق ومعبودهم ،
والعزيز معناه العزيز الذي لا يغالب ، بل قد غلب كل شيء، والرحيم الذي له
الرحمة الواسعة - سبحانه وتعالى - ، والحكيم له الحكمة، لا يفعل شيئا عبثا
ولا سدى ، بل كل شيء عن حكمة، ليس عبثا، وهكذا هو العليم الذي يعلم كل شيء ،
ولا يخفى عليه شيء - سبحانه وتعالى - إلى غير ذلك ، هذه أقسام التوحيد
الثلاثة.