السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خطوة خطوة نحو التفكير القويم ثلاثون ملمحاً في أخطاء التفكير وعيوبه بقلم أ.د.عبد الكريم البكار



المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيمالحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول اللهنبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أما بعد :
عندما نتحدث عن تنمية الشخصية , فإن هذه التنمية تتم من خلال تنمية عناصر الشخصية ومكوناتها . وإن أبرز وأهم مكونات الشخصية هو العقل الذي هو أداة التفكير , فإذا عملنا على تنمية العقل ليقوم بوظيفته المنوطة به , كان ذلك في الواقع تنمية ً للشخصية من خلال تنمية جانب التفكير في الإنسان. وعليه يعد هذا الجهد اليسير كخريطة لكل من أراد أن يسير عليها . وأسأل الله أن ينفع به.
ثلاثون ملمحاً في أخطاء التفكير وعيوبه :

1-لماذا نخطئ
:

من الواضح أننا لا نستخدم التفكير دائماً، فالأمور المحسوسة المعتادة لا نحتاج إلى استخدام الفكر في إدراكها أو أدائها؛ فإذا أردنا معرفة مساحة غرفة احتجنا إلى أداة نقيس بها. وإذا أردنا الوصول إلى مكان العمل استخدمنا الوسيلة التي نستخدمها يومياً ولم نجد أي حاجة إلى التفكير في تحقيق ذلك؛ لكن حين تتعطل الوسيلة التي كنا نستخدمها، وندخل في مشكلة تأمين بديل عنها، فإننا حينئذ سنستخدم ما لدينا من خبرات ومعلومات وإمكانات ذهنية كي نعثر على ذلك البديل، وهذا هو التفكير


.

هناك وهن أو خلل في إمكاناتنا الذهنية من خيال وذاكرة وقدرات على التحليل والتركيب، فإن الوصول إلى حل جيد سيكون غير ممكن.

قد يملك الواحد منا إمكانات ذهنية ممتازة ولكنها مع ذلك لا تتناسب مع المشكلة التي نريد حلها، نظراً لضخامة وحجم تلك المشكلة.

عائداً إلى أن الخرائط التي في حوزتنا قديمة جداً أو غير دقيقة وحديثه.
قد نخضع لضغوط داخلية تحرفنا عن الوصول إلى الرأي أو الرؤية أو الموقف المطلوب. وتلك الضغوط تتمثل غالباً في أهوائنا وميولنا ورغباتنا، حيث أن العواطف تؤثر بقوة على عمل العقل.
قد تمارس علينا ضغوط خارجية من جهات متنفذة أو من جهات تتحكم في أسباب معاشنا أو رفاهيتنا أو نتعرض لضغوط اجتماعية مبناها على الأعراف والتقاليد الخاطئة فنضطر إلى أن نصل إلى حلول ونتائج وآراء نصف صحيحة، تراعى فيها اعتبارات جهات الضغط.
بسبب بنيوي يتمثل في الفجوة الفاصلة بين محدودية الإدراك وطلاقة الإرادة والطموح والتطلع حيث أن تجهيزاتنا الفكرية وخبراتنا ومعلوماتنا كثيراً ما تكون غير كافية لتلبية طموحاتنا.
2-قصور العقل البشري :
العقل البشري عقل محدود






.

العقل البشري ليس بنية مكتملة متميزة منحازة معزولة عن السياقات المعرفية أو عن المشكلات والقضايا التي يعالجها أو يشتغل عليها. وإنما هو إمكانات ومفاهيم وبدهيات ملتبسة بالمعطيات المعرفية متفاعلة معها، كما أنها ملتبسة بالمشكلات الوجودية المختلفة ومتفاعلة معها أيضاً


.

العقل البشري أبدع حلولاً كثيرة لمشكلات الناس، وساهم في توفير الراحة لهم، وهذا موضع تقدير منا جميعاً؛ ولكن علينا أن نقول: إن إبداعات العقل أوجدت مشكلات كثيرة مثل تلوث البيئة ومخاطر الطاقة النووية.

العقل البشري عاجز عن التنبؤ الدقيق بما يمكن أن يقع في المستقبل.

لا يملك العقل البشري أي عتاد حقيقي يمنعه من التورط في صناعة الخرافات وقبولها.
3-العجز عن التفصيل :
إن من جملة المشكلات التي تنشأ من تفكير الأميين وأشباه الأميين: العجز عن التفصيل والتقسيم، واللجوء إلى التفكير عبر الكليات، مما ساهم في إيجاد بنية عقلية غير دقيقة، كما ساهم في إيجاد قطيعة معرفية بين التيارات الثقافية والإصلاحية والدعوية الموجودة في الساحة الواحدة






.

العجز عن التفصيل ليس ناشئاً من عجز في العقل، ولكن من خلل في الثقافة، وخلل في التربية الفكرية.

4-وهم الحياد الكامل :

كثيراً ما يكمن الخطأ في إنكار وقوع الخطأ






.

الخطأ الذي نقع فيه، هو تصور وجود إمكانية لقبض على الحقائق الصافية، ورؤية الأمور رؤية واحدة متطابقة مهما اختلف الناظرون، ومهما اختلفت زوايا وهذا في الحقيقة ممكن إلى حد بعيد في المسائل الرياضية والفزيائية والكيمائية، أما في المسائل العقدية والأخلاقية والتاريخية والاجتماعية والإنسانية عامة، فإن ادعاء الحياد من قبل بعض الناس، لا يعدو أن يكون وهم من الأوهام


.

5-الخلط بين النظام المفتوح والنظام المغلق


:

يميل العقل البشري إلى الاعتقاد بالصواب االمطلق. ويبدو أن ذلك يتم جرياً خلف قانون السهولة، إذ إن إدراك المطلق أسهل من الإدراك النسبي


.

أي جهد يبذل في أي مجال من مجالات الحياة يخضع لواحد من نظامين: نظام نسميه النظام المفتوح، ونظام نسميه النظام المغلق. يكون النظام مغلقا حين ينعدم تأثره بالعوامل الخارجة عنه . وأوضح مثال على النظم المغلقة نظم الرياضيات والنظم الكيميائية . أما النظام المفتوح فالوضع معه مختلف حيث يتم السماح لنظم أخرى باختراق النظام الذي نتبعه في عمل ما ، وأظهر مثال على ذلك ما يتم في الأعمال التربوية والتجارية .

6-اللجوء إلى الحل وسط :

عند العجز عن اتخاذ قرار وعند التباس الأمور، وفي حالات الخوف يجد الناس أنفسهم مدفوعين إلى الابتعاد عن الآراء والحلول المتطرفة، ويأنسون بالحلول والآراء المتوسطة، وهم يفعلون ذلك غالباً عند غموض المواقف وانعدام الأدلة






.

ليس الحلول المتوسطة دائماً صحيحة.

7-الاهتمام بالصغير المباشر :

التركيب العام لعقولنا وثقافاتنا شديد الحساسية والتنبه للأشياء المباشرة مهما كانت صغيرة، كما أنه على العكس من ذلك مصاب بالتبلد والترهل تجاه الأمور غير المباشرة مها كانت كبيرة. فالأخطار الكبرى المألوفة وغير الحادة لايراها الناس . والأخطار الصغيرة المفاجئة تثير أوسع الاهتمامات إذا وصلت إليهم عن طريق مباشر . قتل محمد الدرة قد أثار كثيرا من المسلمين في أنحاء العالم ، وفتق قرائح كثير من الشعراء على نحو لم يصنعه قتل ألوف الفلسطينيين عبر سنوات طويلة ماضية






.

8-الفكر يشوه الواقع :

طالما أبدى العقل البشري ألواناً من العجز عن إدراك الواقع الذي دائماً نتباهى بفهمه والتصرف به والسيطرة عليه ومنبع عدم إدراكنا على نحو صحيح للواقع، يتمثل أساساً في جهلنا بطبيعة الواقع وصعوبة التعامل معه فنحن نظن دائماً أن معرفتنا بالواقع تامة، ونستغرب كلام من يقول: إن إدراكنا للواقع على نحو تام صعب ومستحيل




.

إن الواقع يملك إمكانية كبيرة على الالتواء والانثناء ولاحتجاب؛ وعلاقة أذهاننا به ليست علاقة قابض مع مقبوض، ولا علاقة آخذ مع مأخوذ، وإنما هي علاقة تفاعلية بين ذاتين لينتين؛ مما يقضي بصحة القول: إن محاولات فهمنا للواقع هي أيضاً محاولات إنتاج جديد له .

أن الواقع الذي نريد فهمة يتمتع بطبيعة زئبقية؛ فهو يستعصي على التشكيل. وهذا وذاك يدفعنا دفعاً إلى الرضا باجتراح سطحي له ، وبإدراك جزئي غير مكتمل ، وقابل للجدل والنقاش ، فضلاً عن أنه قابل للزلل والخطأ أيضاً . وحين نؤمن بهذا نستطيع أن نسير في الاتجاه الصحيح لفهم الواقع ، وذلك عبر استقصاء منهجي له من خلال تحديد التعريفات وتقسيم الواقع إلى أصغر وحدات ممكنة ، ومن خلال القيام بتحريات منظمة ، وتسجيل المشاهدات ، وإجراء الإحصاءات التي تساعد على زيادة قدرات حواسنا الضعيفة والمحدودة .

9-الصواب الوحيد :
من الواضح أن الأشخاص الأقل ثقافة لدينا مغرقون في استخدام الألفاظ الدالة على الأشياء المتوحدة، حيث تسمع منهم: العامل الوحيد، والسبب الوحيد، والتفسير الوحيد، والحاجز الوحيد، والعيب الوحيد. أما الأشخاص الذين نعدهم مثقفين فإن كثيرين منهم يشرحون لك لماذا يعتقدون بالعامل الوحيد والسبب الوحيد






.

إن اعتقادنا بتوحد العوامل والأسباب والمشكلات ، يمنعنا من البحث والتفتيش ، ويفقر حياتنا وتصوراتنا ، بل إنه يجعلنا نرفض ما يمكن أن يغايره حتى لو جاءنا من جهات متخصصه

10-ضعف حساسية العقل نحو النسبية :

هذا القصور يعد من الأمور التي تعود إلى طبيعة الإدراك في العقل البشري ، فهو على ما يبدو حين يترك لعمله البدهي يدرك الأشياء على أنها معزولة متفردة ، ولايراها على أنها تشكل أجزاء من منظومات كثيرة . وهذا في حد ذاته يوجد الكثير من الانطباعات الخاطئة ، كما يولد مشكلات أخلاقية واجتماعية عديدة






.

كثيرا ما ينظر الواحد منا في الأفكار والمعتقدات التي يحملها حول قضية ما ولتكن إصلاح المجتمع فيجدها غير موافقة موافقة تامة لما لدى الآخرين ، وبالتالي فإنه يجد نفسه غريباً عن المجتمع مختلفاً معهم ميالاً إلى مشاكستهم ، فلا يرى إلا فرديته ، وما يميزه عنهم . وكان في إمكانه أن ينظر نظرة أخرى ، فينتهي إلى نتيجة مختلفة .

حين يعرض علينا شيء على أنه مفرد ، يتكون لدينا انطباع مغاير للانطباع الذي يتكون فيما لو عرض علينا ذلك الشيء على أنه شيء نسبي . فإننا لووضعنا شمعة في غرفة مظلمة فإنها ستوفر لنا إضاءة ملحوظة ؛ لكن لو وضعناها في غرفة مضاءة بمئة شمعة ، فإنها سوف تبدو وكأنها لا تشكل إية إضافة . وعلى هذا فكم من فكرة رائعة لم نستفد منها ، ولم نحس بها ، لأنها عرضت ضمن مجموعة من الأفكار . وكم من فكرة عادية قوبلت بترحاب شديد ، لأنها عرضت على نحو منفرد .

أن خداع عقولنا سهل وميسور ، وبإمكان كل واحد من الناس أن يشكل لدينا انطباعات خاطئة ، إذا عرف التقنيات التي تجعلنا نرى النسبي مطلقاً .
أن العلاقة بين الأشياء والأفكار علاقة متدرجة وذلك التدرج يشكل صلة قربى بينها ، وهذا يمكننا من أن نرى ما يربطنا بمن يخالفنا الرأي ، عوضاً عن أن نرى مايبعدنا عنه .
المؤثر : لكي تكون قصة حياتك عظيمة ، فإن عليك أن تدرك أنك أنت المؤلف لهذه القصة ، ولديك الفرصة كل يوم لكتابة صفحة جديدة .




تلخيص : المؤثر
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول اللهنبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أما بعد :
عندما نتحدث عن تنمية الشخصية , فإن هذه التنمية تتم من خلال تنمية عناصر الشخصية ومكوناتها . وإن أبرز وأهم مكونات الشخصية هو العقل الذي هو أداة التفكير , فإذا عملنا على تنمية العقل ليقوم بوظيفته المنوطة به , كان ذلك في الواقع تنمية ً للشخصية من خلال تنمية جانب التفكير في الإنسان. وعليه يعد هذا الجهد اليسير كخريطة لكل من أراد أن يسير عليها . وأسأل الله أن ينفع به.
&تعاريف مهمة :
#التنمية باختصار شديد: ((الزيادة)). وهي ((التكثير)). نما الشيء نماء ونمواً: زاد وكثر.
#الشخصية ((صفات تميز الشخص من غيره، ويقال: فلان ذو شخصية قوية: ذو صفات متميزة وإرادة وكيان مستقل(محدثة))).
#الشخصية: ((مجموعة الصفات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية التي تظهر في العلاقات الاجتماعية لفرد بعينه وتميزه عن غيره)).
#التفكير: هو استعمال العقل بكل تجهيزاته للانتقال من المعلوم إلى المجهول أو استعماله في استثمار المعلوم من أجل الوصول إلى مجهول.
&أهمية التفكير :
#التفكير مطلب، وهو ضرورة إنسانية، وضرورة شرعية، فبدونه يفقد الإنسان إنسانيته ويصبح كما قال الله عن الذين امتلكوا أدوات السمع والبصر والفهم ولكنهم عطلوها: (لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم ءاذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل).
&خطوة نحو التفكير القويم :
&ثلاثون ملمحاً في أخطاء التفكير وعيوبه :

1-لماذا نخطئ :
#من الواضح أننا لا نستخدم التفكير دائماً، فالأمور المحسوسة المعتادة لا نحتاج إلى استخدام الفكر في إدراكها أو أدائها؛ فإذا أردنا معرفة مساحة غرفة احتجنا إلى أداة نقيس بها. وإذا أردنا الوصول إلى مكان العمل استخدمنا الوسيلة التي نستخدمها يومياً ولم نجد أي حاجة إلى التفكير في تحقيق ذلك؛ لكن حين تتعطل الوسيلة التي كنا نستخدمها، وندخل في مشكلة تأمين بديل عنها، فإننا حينئذ سنستخدم ما لدينا من خبرات ومعلومات وإمكانات ذهنية كي نعثر على ذلك البديل، وهذا هو التفكير.
#هناك وهن أو خلل في إمكاناتنا الذهنية من خيال وذاكرة وقدرات على التحليل والتركيب، فإن الوصول إلى حل جيد سيكون غير ممكن.
#قد يملك الواحد منا إمكانات ذهنية ممتازة ولكنها مع ذلك لا تتناسب مع المشكلة التي نريد حلها، نظراً لضخامة وحجم تلك المشكلة.
#عائداً إلى أن الخرائط التي في حوزتنا قديمة جداً أو غير دقيقة وحديثه.
#قد نخضع لضغوط داخلية تحرفنا عن الوصول إلى الرأي أو الرؤية أو الموقف المطلوب. وتلك الضغوط تتمثل غالباً في أهوائنا وميولنا ورغباتنا، حيث أن العواطف تؤثر بقوة على عمل العقل.
#قد تمارس علينا ضغوط خارجية من جهات متنفذة أو من جهات تتحكم في أسباب معاشنا أو رفاهيتنا أو نتعرض لضغوط اجتماعية مبناها على الأعراف والتقاليد الخاطئة فنضطر إلى أن نصل إلى حلول ونتائج وآراء نصف صحيحة، تراعى فيها اعتبارات جهات الضغط.
#بسبب بنيوي يتمثل في الفجوة الفاصلة بين محدودية الإدراك وطلاقة الإرادة والطموح والتطلع حيث أن تجهيزاتنا الفكرية وخبراتنا ومعلوماتنا كثيراً ما تكون غير كافية لتلبية طموحاتنا.

2-قصور العقل البشري :
#العقل البشري عقل محدود.
#العقل البشري ليس بنية مكتملة متميزة منحازة معزولة عن السياقات المعرفية أو عن المشكلات والقضايا التي يعالجها أو يشتغل عليها. وإنما هو إمكانات ومفاهيم وبدهيات ملتبسة بالمعطيات المعرفية متفاعلة معها، كما أنها ملتبسة بالمشكلات الوجودية المختلفة ومتفاعلة معها أيضاً.
#العقل البشري أبدع حلولاً كثيرة لمشكلات الناس، وساهم في توفير الراحة لهم، وهذا موضع تقدير منا جميعاً؛ ولكن علينا أن نقول: إن إبداعات العقل أوجدت مشكلات كثيرة مثل تلوث البيئة ومخاطر الطاقة النووية.
#العقل البشري عاجز عن التنبؤ الدقيق بما يمكن أن يقع في المستقبل.
#لا يملك العقل البشري أي عتاد حقيقي يمنعه من التورط في صناعة الخرافات وقبولها.

3-العجز عن التفصيل :
#إن من جملة المشكلات التي تنشأ من تفكير الأميين وأشباه الأميين: العجز عن التفصيل والتقسيم، واللجوء إلى التفكير عبر الكليات، مما ساهم في إيجاد بنية عقلية غير دقيقة، كما ساهم في إيجاد قطيعة معرفية بين التيارات الثقافية والإصلاحية والدعوية الموجودة في الساحة الواحدة.
#العجز عن التفصيل ليس ناشئاً من عجز في العقل، ولكن من خلل في الثقافة، وخلل في التربية الفكرية.

4-وهم الحياد الكامل :
#كثيراً ما يكمن الخطأ في إنكار وقوع الخطأ.
#الخطأ الذي نقع فيه، هو تصور وجود إمكانية لقبض على الحقائق الصافية، ورؤية الأمور رؤية واحدة متطابقة مهما اختلف الناظرون، ومهما اختلفت زوايا وهذا في الحقيقة ممكن إلى حد بعيد في المسائل الرياضية والفزيائية والكيمائية، أما في المسائل العقدية والأخلاقية والتاريخية والاجتماعية والإنسانية عامة، فإن ادعاء الحياد من قبل بعض الناس، لا يعدو أن يكون وهم من الأوهام.

5-الخلط بين النظام المفتوح والنظام المغلق :
#يميل العقل البشري إلى الاعتقاد بالصواب االمطلق. ويبدو أن ذلك يتم جرياً خلف قانون السهولة، إذ إن إدراك المطلق أسهل من الإدراك النسبي.
#أي جهد يبذل في أي مجال من مجالات الحياة يخضع لواحد من نظامين: نظام نسميه النظام المفتوح، ونظام نسميه النظام المغلق. يكون النظام مغلقا حين ينعدم تأثره بالعوامل الخارجة عنه . وأوضح مثال على النظم المغلقة نظم الرياضيات والنظم الكيميائية . أما النظام المفتوح فالوضع معه مختلف حيث يتم السماح لنظم أخرى باختراق النظام الذي نتبعه في عمل ما ، وأظهر مثال على ذلك ما يتم في الأعمال التربوية والتجارية .

6-اللجوء إلى الحل وسط :
#عند العجز عن اتخاذ قرار وعند التباس الأمور، وفي حالات الخوف يجد الناس أنفسهم مدفوعين إلى الابتعاد عن الآراء والحلول المتطرفة، ويأنسون بالحلول والآراء المتوسطة، وهم يفعلون ذلك غالباً عند غموض المواقف وانعدام الأدلة.
#ليس الحلول المتوسطة دائماً صحيحة.

7-الاهتمام بالصغير المباشر :
#التركيب العام لعقولنا وثقافاتنا شديد الحساسية والتنبه للأشياء المباشرة مهما كانت صغيرة، كما أنه على العكس من ذلك مصاب بالتبلد والترهل تجاه الأمور غير المباشرة مها كانت كبيرة. فالأخطار الكبرى المألوفة وغير الحادة لايراها الناس . والأخطار الصغيرة المفاجئة تثير أوسع الاهتمامات إذا وصلت إليهم عن طريق مباشر . قتل محمد الدرة قد أثار كثيرا من المسلمين في أنحاء العالم ، وفتق قرائح كثير من الشعراء على نحو لم يصنعه قتل ألوف الفلسطينيين عبر سنوات طويلة ماضية .

8-الفكر يشوه الواقع :
#طالما أبدى العقل البشري ألواناً من العجز عن إدراك الواقع الذي دائماً نتباهى بفهمه والتصرف به والسيطرة عليه ومنبع عدم إدراكنا على نحو صحيح للواقع، يتمثل أساساً في جهلنا بطبيعة الواقع وصعوبة التعامل معه فنحن نظن دائماً أن معرفتنا بالواقع تامة، ونستغرب كلام من يقول: إن إدراكنا للواقع على نحو تام صعب ومستحيل.
#إن الواقع يملك إمكانية كبيرة على الالتواء والانثناء ولاحتجاب؛ وعلاقة أذهاننا به ليست علاقة قابض مع مقبوض، ولا علاقة آخذ مع مأخوذ، وإنما هي علاقة تفاعلية بين ذاتين لينتين؛ مما يقضي بصحة القول: إن محاولات فهمنا للواقع هي أيضاً محاولات إنتاج جديد له .
#أن الواقع الذي نريد فهمة يتمتع بطبيعة زئبقية؛ فهو يستعصي على التشكيل. وهذا وذاك يدفعنا دفعاً إلى الرضا باجتراح سطحي له ، وبإدراك جزئي غير مكتمل ، وقابل للجدل والنقاش ، فضلاً عن أنه قابل للزلل والخطأ أيضاً . وحين نؤمن بهذا نستطيع أن نسير في الاتجاه الصحيح لفهم الواقع ، وذلك عبر استقصاء منهجي له من خلال تحديد التعريفات وتقسيم الواقع إلى أصغر وحدات ممكنة ، ومن خلال القيام بتحريات منظمة ، وتسجيل المشاهدات ، وإجراء الإحصاءات التي تساعد على زيادة قدرات حواسنا الضعيفة والمحدودة .

9-الصواب الوحيد :
#من الواضح أن الأشخاص الأقل ثقافة لدينا مغرقون في استخدام الألفاظ الدالة على الأشياء المتوحدة، حيث تسمع منهم: العامل الوحيد، والسبب الوحيد، والتفسير الوحيد، والحاجز الوحيد، والعيب الوحيد. أما الأشخاص الذين نعدهم مثقفين فإن كثيرين منهم يشرحون لك لماذا يعتقدون بالعامل الوحيد والسبب الوحيد.
#إن اعتقادنا بتوحد العوامل والأسباب والمشكلات ، يمنعنا من البحث والتفتيش ، ويفقر حياتنا وتصوراتنا ، بل إنه يجعلنا نرفض ما يمكن أن يغايره حتى لو جاءنا من جهات متخصصه

10-ضعف حساسية العقل نحو النسبية :
#هذا القصور يعد من الأمور التي تعود إلى طبيعة الإدراك في العقل البشري ، فهو على ما يبدو حين يترك لعمله البدهي يدرك الأشياء على أنها معزولة متفردة ، ولايراها على أنها تشكل أجزاء من منظومات كثيرة . وهذا في حد ذاته يوجد الكثير من الانطباعات الخاطئة ، كما يولد مشكلات أخلاقية واجتماعية عديدة .
#كثيرا ما ينظر الواحد منا في الأفكار والمعتقدات التي يحملها حول قضية ما ولتكن إصلاح المجتمع فيجدها غير موافقة موافقة تامة لما لدى الآخرين ، وبالتالي فإنه يجد نفسه غريباً عن المجتمع مختلفاً معهم ميالاً إلى مشاكستهم ، فلا يرى إلا فرديته ، وما يميزه عنهم . وكان في إمكانه أن ينظر نظرة أخرى ، فينتهي إلى نتيجة مختلفة .
#حين يعرض علينا شيء على أنه مفرد ، يتكون لدينا انطباع مغاير للانطباع الذي يتكون فيما لو عرض علينا ذلك الشيء على أنه شيء نسبي . فإننا لووضعنا شمعة في غرفة مظلمة فإنها ستوفر لنا إضاءة ملحوظة ؛ لكن لو وضعناها في غرفة مضاءة بمئة شمعة ، فإنها سوف تبدو وكأنها لا تشكل إية إضافة . وعلى هذا فكم من فكرة رائعة لم نستفد منها ، ولم نحس بها ، لأنها عرضت ضمن مجموعة من الأفكار . وكم من فكرة عادية قوبلت بترحاب شديد ، لأنها عرضت على نحو منفرد .
#أن خداع عقولنا سهل وميسور ، وبإمكان كل واحد من الناس أن يشكل لدينا انطباعات خاطئة ، إذا عرف التقنيات التي تجعلنا نرى النسبي مطلقاً .
#أن العلاقة بين الأشياء والأفكار علاقة متدرجة وذلك التدرج يشكل صلة قربى بينها ، وهذا يمكننا من أن نرى ما يربطنا بمن يخالفنا الرأي ، عوضاً عن أن نرى مايبعدنا عنه .
المؤثر : لكي تكون قصة حياتك عظيمة ، فإن عليك أن تدرك أنك أنت المؤلف لهذه القصة ، ولديك الفرصة كل يوم لكتابة صفحة جديدة .


11-الفكر المتصلب :
#إن لكل واحد منا درجة من التصلب الفكري .
#صاحب الفكر المتصلب شديد الجمود على أفكاره ، وهو غير قادر على التخلي عن آرائه حتى لو بدا له خطؤها ، اللغة التي يستخدمها تميل إلى المغالاة والقطعية ، لايشعرك بأنه شخص عقلاني منطقي ، يفكر ضمن معقولية واضحة ومقبولة ، حساسية صاحب الفكر المتصلب لمشاعر الآخرين ضعيفة ، يعطيك انطباع بأن لديه جواباً لكل سؤال ، ميال إلى المثالية ، تمسك صاحب الفكر المتصلب بما هو عليه ، يوجد التصلب الفكري لدى صاحبه نوعاً من الارتباك والتناقض .

12-الفرار من مواجهة الحقيقة :
#ليس قبول الحقائق والخضوع لها بالأمر اليسير ، فنحن نشعر أن أفكارنا وصورنا الذهنية عن الأشياء جزء حقيقي من ذواتنا . وإن أي هجوم عليها وأي تفنيد لها أو تقليل من شأنها ، يجعلنا نحس وكأن ذواتنا نفسها معرضة للمخاطر . ولاريب في أن جزءاً من هذه الأحاسيس يعد صحيحاً ، حيث إن افتراض أننا كونا تلك الأفكار بطريقة صحيحة يجعلنا نتمسك بها ، وندافع عنها ؛ لكن الشيء إذا تجاوز حده انقلب إلى ضده ، والوثوق التام بأفكارنا لا يختلف في نهاية الأمر عن الرفض لما لدى غيرنا ، وكلاهما غير صحيح .
#نحن ننسى الطريقة التي كونا بها أفكارنا وآراءنا واتجاهاتنا ، كما أننا لا نهتم عادة بالبحث في وضعية الأشخاص الذين أثروا في تكويننا الفكري ؛ إذ قد يكونون منحازين أو مشوهي الرؤية أو خاضعين لأهوائهم ، فسرت عللهم الفكرية إلينا .
#نحن نميل إلى المطالعة في الكتب التي ترسخ المفاهيم التي نؤمن بها ، والصور الذهنية التي في حوزتنا ، ونكره القراءة في الكتب التي تقول لنا غير ذلك .
#بعض الناس صار نتيجة التمسك بكل آرائه ورفضه لإدخال أي تعديل جديراً بلقب مشاكس ، حيث إنه لايقبل فكرة ما إلا لأن الآخرين يرفضونها ، ولا يرفض فكرة إلا لأن الآخرين يقبلونها ؛ وهذا أسوأ ما يمكن أن يؤدي إليه الدوران في فلك الذات وإغلاق منافذ البصيرة في وجه أشعة النور القادمة من بعيد .

13-التفكير السلبي :
#يبدو أن قدرتنا على اكتشاف السلبيات أكبر من قدرتها على اكتشاف الإيجابيات .
#التفكير السلبي يبلور علاقة صاحبه بالواقع ، وبالآخرين
#صاحب التفكير السلبي يحصر نفسه في أحكام محددة ونهائية .
#لدى صاحب التفكير السلبي رؤية محددة للحياة ، وهي غالباً رؤية ضعيفة ومتحجرة .
#إن لصاحب التفكير السلبي طريقته الخاصة في تفسير الأحداث والمواقف وتلك الطريقة تقوم على أسس ومعلومات عتيقة ، انتهت مدة صلاحيتها ، وذلك بسبب ضعف تفاعله مع الجديد ، وضعف قدرته على الانتقال من أسلوب في التفكير إلى أسلوب آخر .

14-العجز عن تقديم تفسيرات متعددة :
#لماذا يعجز بعض الناس في إيجاد تفسيرات متعددة للظاهرة الواحدة أو إيجاد تفسير بديل لتفسير معتمد ؟
1) اعتقاد الإنسان بأن التفسير المتاح هم التفسير الوحيد ، أو أنه التفسير شبم الوحيد ، يجعل البحث عن تفسير آخر لا معنى له .
2) اليأس من قدرة التفسير البديل على تقديم حل عملي .
3) وفرة التفاصيل وكثرة المعلومات المتاحة حول أحد التفسيرات ، تجعل المرء يزهد في البحث عن تفاصيل لتفسير آخر .
4) تعلق الشخص بتفسير عام جداً يمنعه من البحث عن تفسيرات أخرى .
5) نقص الخبرة الفنية حاجز قوي أمام تقديم تفسيرات بديلة .
6) ضعف الخيال سبب أساسي في عدم الحصول على تفسيرات عديدة للظاهرة الواحدة .
7) ضعف التفكير المنطقي يسد الأبوب أمام تعددية التفسير .

15-تفكير المسار الواحد :
#تفكير المسار الواحد يجعلنا نرى الشيء مؤثراً غير متأثر ، أو متأثراً غير مؤثر ، كما يجعلنا نرى الأشياء معزولة عن محيطها . وهذا يجعل مشاعرنا وتقويماتنا ومواقفنا تجاه كل ما نفكر فيه ونتعامل معه مشوهة مختلة .
#الذي يفكر في مسار واحد ينظر إلى الآلام والمحن والمصائب نظرة أحادية ، فلا يرى إلا المنغصات .

16-شدة التمسك بالقديم :
#حين يغيب المنهج تستمد الأفكار والمفاهيم والطروحات والحلول قيمتها من زمنيتها أكثر مما تستمد من صوابها وعلميتها ونجاحها .
#نحن حين نصوغ منهجاً للتفكير أو النقد أو العمل أو التعامل مع مشكلة . فإننا نجتهد ونستخدم في ذلك الاجتهاد أفضل ما لدينا من معارف وخبرات ، وحين تنمو معارفنا وخبراتنا ، وتتطور رؤانا ، فإن نظرتنا إلى اجتهاداتنا القديمة تتغير إذ تدخل في اختبار جديد ، يبقي على بعضها ، وينفي بعضها الآخر . وهذا يعني أن الأساس الذي قامت عليه مناهجنا وهو الاجتهاد يتعرض دائماً لنوع من التعديل . وذا يعني أيضاً أن مفاهيمنا وحلولنا ورؤانا .... السابقة تتعرض هي الأخرى إلى نوع من التصفية المتجددة . والمنهج الإسلامي في هذا الشأن واضح غاية الوضوح ، فنعي القرآن الكريم على تقليد الآباء والأجداد ، وتعظيم عقائدهم وأقوالهم وعاداتهم ، دليل أكيد على أن القول لا يستمد قيمته من الزمان الري قيل فيه ، ولكن من مدى اقترابه من الحق القطعي الثابت ، ومن قدرته الذاتية على الصمود في وجه أسئلة الفكر المتجددة.
#لن يكون لنا استغناء عن القديم من الآراء والأفكار والمفاهيم والمعلومات .... ولكن حاجتنا إليه يجب أن تتجسد في جعله مواد يشتغل عليها العقل اقتباساً وتوظيفاً وتعديلاً وتنمية ونقداً وتزييفاً ، لا أن نصبح أسرى له . والتعامل معه على أنه مجموعات من المعطيات الجاهزة والصافية سيضر بحركة التفكير ، وسيبعدها عن الواقع المعيش ، وهذا يجعلها جهاداً في غير عدو .

17-مجاوزة البحث في الواقع إلى التفكير النظري :
#هذا العيب يشكل ما يشبه العاهة الدائمة والملازمة لاستخدمنا لعقولنا في الكشف عن الحقائق وحل المعضلات . إن العقل حتى يعمل بطريقة جيدة في التعامل مع الأمور المادية ، يحتاج إلى قدر كاف من المعلومات ، ولكن شواهد الأحوال ، تدل على أننا في الغالب لانجد المعلومات التي تحتاجها عقولنا في بحث كثير من القضايا ، ولاسيما القضايا والظواهر الكبرى ، مثل التخلف والتراجع الحضاري والتلوث والفقر ومخلفات الحروب وما شاكل ذلك . وبما أننا لانستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي دون أن نبحث ونقوم ، ونصدر الأحكام ، فإننا نقوم بفعل ذلك اتكاء على مالدينا من معلومات قليلة ، وعلى مالدينا من تصورات ومفاهيم عامة .
#من المهم حتى لانقع في هذا الخطأ أن نحدد بدقة المجالات التي يمكن أن يعمل فيها العقل عن طريق النظر المجرد ، والمجالات التي لايستطيع أن يعمل فيها إلابواسطة المشاهدة والفحص والمعلومات والمعطيات التي تنير دربه ، وتضيء القضية التي يريد علاجها .

18-الوثوقية الزائدة :
#نحن بني البشر كثيراًمانرتبك في العثور على الخط الفاصل بين الأشياء المتشابهة والمتقاربة . ويبدوأن اللغة والمصطلحات التي نستخدمها ، تؤدي دوراً مهماً في هذا الشأن . نعم نحن بحاجة إلى شيء من الوثوق في صحة الأفكار والرؤى والتوجهات التي نعدها صحيحة ، وإلالكنا شكاكين ، ولكن المشكلة دائماً تكمن في محو هامش الخطأ عما نراه صواباً ، ورفع درجة الوثوق بما اجتهدنا في الوصول إليه من أفكار ومفاهيم .
#المصابون بداء الوثوقية الزائدة يغمضون أعينهم عن المععطيات الجلية الظاهرة ، ويضخمون الأشياء الاستثنائية ، وكل ذلك في سبيل إضفاء يقين مصطنع على مجموعة الأفكار التي بلوروها من خلال الفهم الدائبة .

19-التفكير الانتقائي :
#المقصود بالتفكير الانتقائي أن نصور سيرة شخص ، أو وقائع حادثة من الحوادث ، أو خصائص من مذهب من المذاهب اعتماداً على أجزاء منها وإهمال الباقي ، وقد يلتبس التفكير الانتقائي بمظهر آخر معاكس حين يتم تقويم شخص من الأشخاص من أفق سيئاته وسلبياته ، مع غض الظرف عن محاسنه ومحامده .
#إن الانتقائية على المستوى الأخلاقي نوعان : نوع تلقائي غير مقصود ، كما يحدث مع المؤرخ في تصوير الوقائع ، هذا النوع من الانتقاء لايوقع صاحبه في الحرج والمؤاخذة إذا بذل جهده في جعل عمله موضوعياً ودقيقاً ووافياً إلى أقصى حد ممكن . وثمة نوع ثان من التفكير الانتقائي ، لايكون سببه وعورة الموضوع ، أو القصور في الأدوات والوسائط المعرفية لصاحبه ، وإنما ينشأ من ضعف أمانة صاحبه ، ونقص حرصه على وضع الأمور في نصابها ، كما ينشأ بسبب سيطرة أهوائه ومصالحه الخاصة عليه . وهذا اللون من التفكير يشكل إخلالاً بواجب قيام المسلم لله تعالى بالحق والعدل في المنشط والمكره ، إلى أنه يفرزالأوهام والضلالات التي يفرزها النوع الأول من التفكير الانتقائي ، والذي قلنا : إنه تلقائي وغير مقصود .

20-التهويل :
#الإفراط في وصف الأشياء والحكم عليها في حالتي المدح والذم من العلل المستحكمة في حياتنا الفكرية ، وفي لغة الخطاب اليومي . وأعتقد أن استقامة التفكير ستظل حلماً بعيد المنال ، مالم نستطع تسليط المزيد من الأضواء على مناطق التماس بين العقل والعاطفة والمبدأ والمصلحة والذات والأنا والآخر ، وماشاكل ذلك من الثنائيات ، حيث إن كثيراً من أخطاء التفكير ، ينشأ نتيجة انعدام التوازن في أشكال العلاقة بين هذه الأشياء .
#التهويل يشكل منتجاً من منتجات طغيان العاطفة على العقل ، حيث إننا إذا أحببنا شيئاً ن وفتنا به حاولنا تأمين شرعية ذلك الافتتان عن طريق كيل المدائح وإبراز المحاسن ورفعه إلى مستوى الأساطير والخوارق . وإذا أبغضنا شيئاً ، حاولنا أيضاً تسويغ ذلك البغض ، عن طريق إبراز مساوئه وعيوبه .
المؤثر : لكي تكون قصة حياتك عظيمة ، فإن عليك أن تدرك أنك أنت المؤلف لهذه القصة ، ولديك الفرصة كل يوم لكتابة صفحة جديدة .

21-الاغترار بالإمكانات الشخصية :
#الفكر العلماني المتطرف ، الذي نسله عصر التنوير في أوروبا ، قد أوهم العقل الأوربي بأنه قادر على حل المشكلات ، وإيجاد كل البدائل ، وتجاوز كل الحدود التي وقف العقل القديم حائراً أمامها . وقد بدأت هذه الأوهام تنتشر في أرجاء الأرض ، وأشاعت نوعاً من الغرور والمثالية والرضا عن الفكر السائد . هذا الغرور زهد الناشئة في البحث عن الحقائق كما هي مجسدة في الواقع .
#عقلاء الغرب الذي أشاع الاغترار بإمكانات العقل ، شرعوا الآن في العودة إلى جادة الصواب ، بعد أن رأوا بأم أعينهم الهوة الفاصلة بين المثالية التي أوجدها الغرور ، وبين الواقع المعيش .
#إن رضانا أفراداً وجماعات عن إمكانات عقولنا وكفاءة أدائها ، يعد خطيئة كبرى تستتبع عدداً من الأخطاء ، ليس أكبرها سوء الفهم للواقع وسوء التعامل معه ، والإعراض عن التحسين الفكري المطلوب بشدة لمواجهة ظروف تزداد قسوة وتعقيداً

22-التفكير التبريري :
#لا يثبت العقل قدرته وكفاءته على العمل في مجال كما يثبتها في مجال التعليل والتسويغ في أفعالنا ومواقفنا فالطفل ابن الرابعة , يحاول أن يقنعك ببراءته من عمل غير مقبول ولا يعرف فاعله . واعتى المجرمين وأعظمهم أذية يجد دائماً مايقوله في قاعة المحكمة.
#التفكير التبريري يقوم على الدعامتين التاليتين :
1- ينطوي التفكير التبريري على نوع بالإحساس بالضعف .
2- يولد إدمان التبرير من الشعور بالدونية واحتقار الذات .
23-اللغة والتفكير والانفعالات :
#جرت العادة أن ينظر الناس إلى اللغة على أنها أداة تواصل وتفاهم بينهم ، وهذا صحيح لاريب فيه ، لكننا كثيراً مانهمل علاقة اللغة بالأفكار ودورها في انحراف التفكير ، وعلاقتها بالانفعالات والاستجابة لها .

24-التعميم :
#لانستطيع أن نعيش في هذا العالم من دون تعميم ، وذلك لأن عقولنا محدودة وحوادث العالم غير محدودة .
#إن بعض الناس قد يلجأ إلى التعميم لأن التخصيص قدلايكون له أي معنى ، كما لو قلنا : من لونهم أبيض لؤماء ، أو نقول : بعض من لونهم أسود أغبياء ، لأن اللؤم والغباء موجودان لدى السود والبيض والحمر والصفر ، فكأننا لم نفد السامع بأي شيء . وقد يلجأ إلى التعميم من أجل تسويغ الفظائع التي يرتكبها .
#يقوم التوسع في التعميمات على مدخل فكري خاطئ يتمثل في توهمنا أن الحجج العقلية والبراهين المنطقية كافية لجعل تعميماتنا صحيحة ، مع أن الأداة الحقيقية التي تمكننا من معرفة دقة تعميماتنا هي الإحصاء ، والإحصاء وحده .
#إن الأمة تعاني اليوم من تسرع كثير من الناس إلى إطلاق الأحكام الكبيرة ، والأحكام التعميمية دون أي خبرة ، ودون أي وازع داخلي .
#إن استخدام ألفاظ مثل : غالب ، وكثير ، وأكثر ، وقليل ، وأقل ، يظل أقرب إلى السلامة من استخدام : جميع ، وكل ، وعامة ، لأن الأولى تترك مجالاً للاستثناء ، والأخيرة وسعت دائرة الحكم والملاحظة .

25-التفكير المبسط :
#إن الحقيقة طبقات ، بعضها فوق بعض ، وإن الناس يتفاوتون في رؤية تلك الطبقات لأسباب عديدة . وحين ندرك شيئاً من الأشياء ، فإن من الممكن أن ندرك نمطاً واحداً من أنماطه ، وحينئذ فإن ،صرته التي تنطبع في أذهاننا تكون صورة مفردة ، فإذا رأينا نمطين ، أو ثلاثة أنماط ، بدأت صورته في أذهاننا تنحو منحى التركيب إلى أن تصل إلىحد التعقيد ، والتعقيد الشديد . وهذا يعني أن قلة معرفة الإنسان ، ومحدودية خبرته تجعل تصوراته عن مفردات الوجود وأنماط الأشياء مبسطة ، وتجعل أحكامه بالتالي أيضاً بسيطة .
#إن من شأن التقدم الحضاري أن يطرح المزيد من التجارب والخبرات والمعلومات . وإن التعامل مع هذه المعطيات بتفكير مسرف في التبسيط سيجعلنا عاجزين عن الاستفادة من كل ذلك . وبذلك يكون علينا أن نعاني من كل مشكلات العصر دون أن نستفيد من إمكاناته وفرصه !

26-الاهتمام بالاستثنائي :
#لاتملك عقولنا أية مخططات تهتدي بها للتفريق بين المطرد والشاذ والطبيعي والاستثنائي ، لكنها تملك قدرات هائلة على تفخيم الأشياء الصغيرة ، وزجها في بؤرة الشعور والوعي ، فتعطيها كل عنايتها واهتمامنا ، كما أن لديها القدرة نفسها علىتقزيم الأشياء الكبيرة والعملاقة ، فنغض الطرف عنها ، ونهملها حتى كأنها ليست موجودة . والذي يضع كل تلك الأشياء في موضعها الصحيح هو الثقافة بمعناها الواسع وبما أن ثقافة الناس متفاوتة ومختلفة إلى حد بعيد ، فإن اختلافهم في التعامل مع هذه الأمور أيضاً مختلف ومتفاوت .
#إن وجود الأشياء الاستثنائية التي تخرج عن المألوف ، وتشذ عن القاعدة ، وتفلت من قبضة التعريف ، هو أمر طبيعي جداً في المسائل الإنسانية والحضارية عامة ، لكن الذي ليس طبيعياً أن ننسى المطرد الذي يشكل البيئة التي نعيش فيها ، ونحتفل بالاستثنائي الذي لايعدو- حين ينزع إلى الخير - أن يشكل نوعاً من الوشي والتطريز على حلة مهترئة ، كما لايعدو - حين ينزع إلى الشر أن يكون أكثر من ثقب صغير في باب كبير !

27-التفكير العجول :
#السرعة والبطء شيئان نسبيان ، يختلف تقديرهما من شخص إلى شخص ، ومن موقف إلى موقف آخر ، لكن المعروف أن الأناة في وقت التخطيط وتحديد الأهداف ممدوحة . والسرعة في التنفيذ أيضاَ شيء ممدوح ، لكن يبدو أن معظم الناس لا يملكون مايساعدهم على التفريق بين الأمرين ؛ فالإنسان العجول المتسرع عجول في كل شيء ، والإنسان المتأني البطيء ، بطيء في كل شأن . وهذا شأن الإنسان الخام ، الذي لا يسيطر وعيه إلا على جزء يسير من سلوكه وتحركاته .
#التسرع في التفكير يظهر في مجالين أساسيين: مجال الاتصال بين الناس ، وتحديد المواقف من كلامهم ومقولاتهم . ومجال الإنجاز الشخصي .
#يتسم صاحب التفكير العجول بسرعة التصديق للأفكار والخطوط البيانية الجديدة . لايناقش الكلام الذي يسمعه بعقلانية ، وإنما تغلب عليه العاطفة ، لايسمع مايقال حقيقة ، وإنما يسمع مايحب أن يسمعه ، لاينتبه للرسائل غير اللفظية ، رجل عملي ، تغلب النمطية والقولية على صاحب التفكير المتسرع ، ينغمس في أعماله وقد يؤديها بكفاءة ومهارة .

28-رؤية الأشياء من وجهة نظر خاصة :
#كم يكون سيئاً أن يعتقد الواحد منا أنه الأصل وباقي البشر صورة ، وأنه المركز وباقي الناس حواش وحواف؟! وكم يكون سيئاً أن تصبح هذه العقيدة شيئاً عاماً ، فيعتقد كل واحد من الناس أن رؤيته للأشياء هي الصحيحة وأن على باقي الناس أن يوافقوه على ما يرى ، وإلا فإنهم على خطأ أو ضلالة !! من النادر ألا يقع الواحد منا في هذا الخطأ في لحظة ما ؛ حيث إن عاداتنا الفكرية ومألوفاتنا تجعلنا دائماً نتمحور حول أنفسنا - بالمعنى الوسع لهذه الكلمة - وننظر إلى ما نستحسنه على أنه حسناً مطلقاً ، وما نستقبحه على أنه قبيح قبيحاً مطلقاً . وهذه النظرة في الحقيقة نابعة من تجذر معاني الطفولة في الشخصية ، ومن تمدد روح الأنانية وسيطرتها على الذات .
#سمات الذين يرون الأمور من وجهة نظرهم الخاصة :
1- يخلط المبالغ في الاعتداد برؤيته الخاصة بيت التمسك بالمبادئ الأحكام المتفق عليها ، والحقائق العلمية من جهة ، وبين الأفكار والاجتهادات والفرضيات التي ما زلت موضع جدل وأخذ ورد من جهة أخرى ، فهم لا يملك الشفافية الكافية للتفريق بينهما .
2- يأنس بوجهات النظر التي تؤيد رؤيته على مقدار ما يستوحش من وجهات النظر الأخرى .
3-لا يحترم شديد الاعتداد برؤيته الخاصة كلام أهل الاختصاص .

29-الانخداع بالصدق الشكلي :
#حين تكون في صحراء ليس فيها أي طريق يمكن أن تسلكه إلى البلد الذي تقصده ، فإن عليك أن تتخذ خارطة أو دليلاً حاذقاً ، وإلا تهت وقضيت جوعاً وعطشاً . وقد انفتح أسلافنا على المنطق اليوناني ، ورأوا فيه ذلك الدليل الذي يرشد العقول ، ويساعدها على العمل دون أخطاء . ونحن الآن لا نعول كثيراً على المنطق اليوناني ، لكن اهتمامنا به عبر عشرة قرون ، أوجد في ذهنيتنا بنية عميقة تستجيب له وتتناغم معه . القياس أجلى ما احتفلنا به من ذلك المنطق ، وهو يؤمن لنا - صدقاً شكلياً تصل دقته إلى دقة المعادلات الرياضية . وقد أمكنه أن يقعدنا عن البحث في صحة المضامين والمعاني ، التي اعتدنا صياغتها - على نحو مباشر وغير مباشر - في مقدمتين ونتيجة ، وانتشر لدينا بذلك عدد ضخم من المقولات التي حازت الصدق الشكلي ، لكن مضامينها غير صحيحة أو غير دقيقة . إذا قلنا : كل طفل نام ، وخالد طفل ، كانت المحصلة هي الحكم لخالد بأنه نام . وهذا القياس صادقاً شكلاً ومضموناً . لكن إذا قلنا : كل إنسان ذكي ، وسعيد إنسان ، كانت النتيجة سعيد ذكي . فإن هذا القياس صادق شكلياً ؛ فما دمنا قد حكمنا لجميع بني الإنسان بالذكاء ، وما دمنا لا نرتاب أن سعيداً من بني الإنسان ، فلماذا لا يكون إذن ذكياً ؟ لكن الخلل هنا في المضمون ؛ إذ في بني الإنسان من هو ذكي ومن هو غبي . ونحن حين رفضنا ما أدى إليه القياس اليوناني هنا ، لم نعتمد على المنطق ، بل إن المنطق نفسه لا يسعفنا في فحص هذا المضمون ، وإنما اعتمدنا على معلومات خارجية ، حتى إن الجاهل بتفاوت القدرات الذهنية لدى بني الإنسان ، يتقبل النتيجة التي أفادتنا بذكاء خالد . وهذا يعني أن عدم فحصنا لكثير من المضامين والمعاني ، التي صبت في قوالب منطقية ، لا يعود إلى ما أوحى به القياس من الصدق ، وصحة الارتباط بين المقدمات والنتائج ، وإنما يعود إلى أمر آخر هو الجهل ، فعدم تأثر الإنسان بالمنطق اليوناني لا يجعله مؤهلاً لإدراك صحة المعاني السيارة ، وإنما لا بد من العلم والمحاكمة العقلية الجيدة .
#خلاصة ما أردت قوله هنا ، تتركز في التنبيه إلى الحرص على عدم الانخداع بالارتباط المنطقي بين المقدمات والنتائج ، لأن صدق ذلك الارتباط لا يغنينا شيئاً إذا كانت المضامين الموجودة في المقدمة الأولى أو الثانية غير صحيحة .

30-ضعف القدرة على التجريد
#من نعم الله جل وعلا على الإنسان ، أن متعه بالقدرة على لتخيل ، والتجريد ، واستشفاف آفاق خارجة عن حدود معارفه وخبرته . القدرة على التجريد تعني القدرة على صناعة المفاهيم والتعامل مع أفكار وخبرات خاجة عن إطار المعايشة اليومية ، وعن المعرفة الشخصية . ولذا فإن ضعف القدرة على التجريد لدى شخص ما ، لا يوجد لم ارتباكاً في التعامل مع الأشياء المستقبلية فحسب ، وإنما تحط من مستواه بوصفه إنساناً متميزاً عن باقي الحيوان . ضعف القدرة على التجريد يسبب العجز عن نقد الذات ويسبب العجز عن التخطيط الجيد .
&الخاتمه
#لا شك أن التفكير القويم مطلباً نحاول تحقيقه ونحن نفكر في تنمية الشخصية ، وهو مطلب عظيم ، فلا بد أن نعلم بأن تحقيقه ليس رحلة قصيرة قريب المنال ، ما نفتأ نتمنها أو نتحدث عنها حتى تنجلي لنا الأمور وتستقيم لنا الطريقة
وإنما هي رحلة طويلة وشاقة ولكنها ممكنه وممتعة .
المؤثر : لكي تكون قصة حياتك عظيمة ، فإن عليك أن تدرك أنك أنت المؤلف لهذه القصة ، ولديك الفرصة كل يوم لكتابة صفحة جديدة