فن
الصداقة مع العائلة
لا يجوز أن تكون العلاقة مع
الأهل مجرَّد علاقة طبيعية، فهذا أب، وهذا أخ، وهذه أخت، وهذه أم، فمثل ذلك أمر طبيعي، ولا اختيار لك في كل ذلك. لكن بالإضافة إلى هذا الأمر، فإنّه لابدّ أن تكون صديقاً لكلّ أفراد العائلة، إذ لابدّ أن يكون الولد صديقاً لأمّه وأبيه، كما لابدّ أن يكون الأب صديقاً لأولاده، فليس أقرب من عائلة الرجل إليه. ولذلك يجب أن تكون علاقاته معهم علاقات ممتازة ترفل بالحب والمودة، والالتزام بكل متطلبات الصداقة. ومن هنا جاء في الحديث الشريف: "القرابة أحوج إلى المودّة، من المودّة
إلى القرابة". إن ّ باستطاعتك أن تكون صديقاً لأي شخص لا قرابة بينك وبينه، "فرُبَّ
أخ لكَ لم تلده أمّك"، إلّا
أن القرابة لا تُغني عن المودة. لقد قيل لأحد الحكماء: "أيهمّا أحب إليك، أخوك أم صديقك؟". فقال:
"إنما أحبّ أخي إذا كان صديقاً لي،
فالقربى محتاجة إلى المودة، والمودّة مستغنية عن القربى". وهكذا فإنّ المودّة فوق القرابة
وأهم منها، وهي لابدّ منها، من أجل تماسك القرابة وبقائها. ثم إن العلاقة مع الأهل لابدّ
أن تكون مبنيّة على قاعدة التقابل بين "الحق" و"الواجب". و أن حق الوالدين لا يرتبط بمدى
إيمانهما أو عدالتهما، فحتى لو أنهما كانا فاجرين، فإن لهما حقوقاً على أولادهما، ولقد رُويَ "إن الله تعالى قال لموسى(ع): "يا موسى، إنه من برَّ والديه وعقّني كتبته بارًّا، ومن
برني وعق والديه كتبته عاقاً". فسواء كان الوالدان بَارّين، أو كانا فاجرين، فلا يجوز
للأولاد أن يعقّوهما. فلو كفر أحد أبويك
بالله، فسيكون في مقابلة عقوبة له من قبل الله، لكن واجبك تجاهه أن تكون باراً له