2) الاِقْتِباس

الأمثلة:

(1) قال عبد المؤمن الأصفَهانىّ [1]
:

لا تَغُرَّنَّكَ مِنَ الظَّلَمَةِ كثرُة الجيوش والأَنصار {إِنما
نُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ [2] فِيهِ الأبصَارُ}.

(2) وقال ابن سناء
المُلك [3] :

رَحَلُوا فَلَستُ مُسَائِلاً عَنْ دَارهِمْ


أنَا
"بَاخِعٌ نَفْسِي عَلَى آثَارَهِمْ [4] "

(3) وقال أبو جعفر الأندلسيُّ [5]
:

لا تُعَادِ الناسَ في أوْطانِهمْ


قَلَّمَا يُرْعَى غريب الوطن
[6]

وَإِذَا مَا شِئْتَ عَيْشاً بَيْنَهُمْ
"خَالِق الناسَ بخلْقِ حَسَن
"


البحث:

العبارتان اللتان بين الأقواس
في المثالين الأَولين مأْخوذتان من القرآن الكريم، والعبارة التي بين قوسين في
المثال الثالث من الحديث الشريف، وقد ضمَّن الكاتب أو الشاعر كلامه هذه الآثار
الشريفة من غير أن يُصرَّح بأنها من القرآن أو الحديث وغرضه من هذا التضمين أن
يسْتعِيرَ من قوتها قوة، وأن يكشف عن مهارته في إِحكام الصلة بين كلامه والكلام
الذي أخذه، وهذا النوع يسمى اقتباساً، وإِذا تأملتَ رأَيتَ أن المُقْتَبس قد
يُغَيِّر قليلاً في الآثار التي يقْتَبِسُها كالمثال الثاني إِذ الآية:{فَلعلَّكَ
باخِعٌ نَفْسكَ على آثارهِمْ}.

(69) الاقْتِباسُ تَضْمِينُ النَّثْر أو
الشِّعر شَيْئاً مِنَ الْقُرآن الكريم أو الحديثِ الشريفِ مِنْ غَيْر دلالةٍ عَلَى
أنَّهُ منهما، ويَجُوز أنْ يُغَيِّرَ في الأَثَر المُقْتَبِس
قَليلا.


تمرينات

بيِّن في كل اقتباس
مما يأتي حُسْن تأتَّي البليغ في إِحكام الصلة بين كلامه والكلام
المُقتَبس:

(1) اغتنم فودك [7] الفاحم [8] قبل أن يبْيضَّ، فإنما الدُّنيا
"جدارٌ يريد أن ينقض [9] ".

(2) وكتب القاضي الفاضل [10] في الرد على
رسالة:

وردَ على الخادِم الكتابُ الكريمُ فشكره "وقَرَبه نَجيًّا [11]
"ورفعه "مكاناً عليًّا"، وأَعاد عليه عصر الشباب "وقدْ بلَغَ مِن الكِبر عِتِيًّا
[12] ".

قال في حمام الزَّاجل:

وقد كادت أن تكونَ من الملائكةِ فإذا
نيطَتْ بها الرِّقاع [13] صارت "أولِى أجْنِحةِ مثْنَى وثُلاَثَ ورباع".

(4)
ومن كتاب لمُحْيى الدين عبد الظاهر [14] :

لا عدِمتِ الدولة بيضَ سيوفهِ
التي "يَرى بها الَّذِين كَذبُوا على الله وجُوههُم مُسْودَّة".

(5) وقال
الصاحب [15] :

مِن الهجْران مُقْبِلَةً عليْناَ


أَقُولُ وَقدْ
رأَيْتُ لَهُ سَحابًا

"حواليْنَا" الصَّدُودُ "ولا علينا"
[16]


وقَد سحَّتْ غَوادِيها بهَطلٍ

لَظَنَّهُ رُعْباً رسُولَ
المنُون


(6) رُب بخيل لَوْ رأى سائلاً

"هيْهات هيْهَاتَ لما
تُوعدون"


لاَ تطْمعوا في النَّزْرِ من
نَيْله


(2)

اقتبس الآيات الكريمة الآتية مع إجادة الاقتباس
وإِحكامه:

(1) {إِنَّ أَكْرمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُم}.

(2) {ولا
يحيقُ المكْرُ السيَّئُ إِلا بأَهلِه}.

(3) {قُلْ هلْ يسْتَوي الذين
يعْلَمُونَ والذِين لا يعْلَمُون}.

(4) {ولا يُنَبِّئُك مِثْلُ
خبير}.

(5) {إَنَّما الْمُؤْمِنُونَ إِخْوةٌ}.


(3)

صُغ
عباراتٍ تَقْتَبِس في كلٍّ منها حديثاً من الأَحاديث الشريفة الآتية مع العناية
بحسن وضعها:

(1) "كلُّ معروفٍ صدقَةٌ".

(2) "إذا لم تَسْتَحْىِ
فاصنعْ ما شِئْتَ".

(3) "الظلمُ ظلماتٌ يومَ القيامة".

(4) "الأَرواح
جُنُودٌ مجنَّدة".


(4)

ـكَ ما أخْطَأْتَ في
منْعى


لَئن أخْطأْتُ في مدْحِيـ

"بوادٍ غَيْر ذِى
زَرْعٍ"


لَقَدْ أَنزلتُ حاجاتي


أَديب مشهور متصوف وله كتاب
يدعى أطباق الذهب رتبه على مائة مقالة عارض بها الزمخشرى.
[1]

يقال شخص
بصره إذا فتح عينيه وجعل لا يطرف.
[2]

هو القاضى السعيد هبة الله، كان من
الرؤساء النبلاء، وكان واسطة العقد في مجالس الشعراء بمصر وهو أول من استكثر من
الموشحات وأجاد فيها من المشارقة، وله ديوان شعر، وتوفى بالقاهرة سنة 608
هـ.


[3]

بخع نفسه: قتلها غماً.


[4]

أديب قوي
الإدراك، أجاد في فني النظم والنثر، وجرت له مع لسان الدين بن الخطيب مباحثات
ومراسلات، وله ديوان شعر، وتوفى نحو سنة 772 هـ.


[5]

يرعى غريب
الوطن: أى يلحظ بالإحسان.


[6]

الفود: معظم شعر الرأس مما يلي
الأذن.


[7]

الفاحم: الأسود.


[8]

ينقض:
يسقط.


[9]

كاتب من أئمة الكتاب، كان من وزراء السلطان صلاح الدين
ومن مقربيه، وقد اشتهر بسرعة الخاطر في الإنشاء، وله طريقة في الكتابة عمادها السجع
والتورية تعرف بالطريقة الفاضلية، حاكاه فيها من جاء بعده من الأدباء، ولد بعسقلان،
وتوفى بالقاهرة 596 هـ.


[10]



النجى: الذي تساره، ومعنى
قربه نجياً: جعله مناجياً.


[11]

عتياً: مصدر عتا الشيخ إذا كبر
وولي.


[12]

نيطت بها الرقاع: علقت في أعناقها
الرسائل.


[13]

كان من أعظم الكتاب المقدمين في دولة المماليك،
ويمتاز ببراعته في كتابه الدواوين في ذلك العصر، ولد سنة 620 هـ وتوفى سنة
692هـ.


[14]

وزير غلب عليه الأدب، فكان من نوادر الدهر علماً
وفضلا وتدبيراً، استوزره مؤيد الدولة بن بويه الديلمي، وشعره عذب رقيق، وتوقيعاته
آية الإبداع في الإنشاء، وتوفى سنة 385 هـ.
[15]

سح المطر: سال،
والغوادي: السحب تنشأ صباحاً جمع غادية، والهطل: تتابع المطر وسيلانه، يقول: جاءت
سحبه بمطر متتابع.