يعاني
المصاب بمرض الصدفية جسديا ونفسيا، فالبقع التي تغزو معظم أجزاء جسده
تجعله ينزوي على نفسه ويتجنب أي احتكاك بالآخرين.. ولكل من يعانون هذا
المرض يلوح في الأفق أمل بالقضاء عليه تماما.

حتى وقت قريب جدا،
ومع ما تحقق من نتائج ايجابية جزئية في علاجه، فان الاطباء اعتبروا
«الصدفية» من الامراض التي يصعب علاجها بصورة حاسمة. والجديد في الأمر، ان
احد الاطباء الاستراليين بدد اخيرا تلك النظرة التشاؤمية واثبت قدرة الطب
على الحاق الهزيمة بهذا المرض.
وقد حازت طريقته الطبية هذه على اعتراف العلماء ومنح على اساسها جوائز تقديرية رفيعة المستوى.

حين
يصاب المرء بهذا المرض ويرى جسمه مغطى بطبقة بيضاء من البقع الصدفية التي
لا تترك موضعاًً الا وتغزوه، بما في ذلك فروة الرأس، فلا بد ان يشعر
بالأسى والمرارة حين يتحول جلده الرقيق الى جلد «تمساح» تقريبا، تنتشر على
مساحاته المختلفة تلك البقع القبيحة، فلا يستطيع ان يرتدي الملابس
المفتوحة كي لا تكشف عن هذه البقع، لان منظرها يثير اشمئزاز الناس، فيضطر
الى تغطية كل جزء من اجزاء جسمه بالملابس حتى في ظروف حرارة الشمس القاسية
في الصيف.
كما ان الكثير من اصدقائه ومعارفه يهربون منه خوفاً من
انتقال العدوى اليهم، وحتى أصحاب المصالح ربما يرفضون التعامل معه للاسباب
ذاتها.
كل ذلك من شأنه ان ينعكس على حالته النفسية بصورة سلبية، الأمر الذي يجعله يشعر بالضيق والتوتر والانطوائية.
المرض ليس معديا
يشير
الاختصاصيون الى ان «الصدفية» ليست من الامراض الجلدية المعدية، كما هو
الحال لبعض الامراض المعروفة، وعليه لا يجب علينا ان نخاف من التعامل او
الاحتكاك بمرضى «الصدفية».
ان تاريخ هذا المرض قديم قدم البشرية، وان السيد المسيح كان يحاول علاج مرضاه بطريقة خاصة، كما تشير وثائق العهد الجديد.
اما
اطباء القرون الوسطى فقد بذلوا جهوداً حثيثة لابتكار طرق ومستحضرات عديدة
لعلاجه، فمثلا كانوا يستعملون حجر الكاربون او الفحم الأسود لحك المناطق
المصابة في الجسم، لكن هذه الطريقة لا يمكن استخدامها في جميع اجزاء الجسم
المصابة، كمناطق الوجه او الاذن او الاجفان او غيرها، وبالطريقة نفسها
التي يتم استخدامها في منطقة الصدر او البطن او الاطراف.
وفي عام 1940
استخدام المختصون لاول مرة فيتامين A لعلاج المرض، على اساس انه يعالج
جميع امراض الجلد دون تحديد، لكنهم لم يحققوا نتائج مشجعة في حينها.
للعلاج ثمن معين
اجرى
الاطباء على مدى قرون طويلة محاولات عديدة لالحاق الهزيمة بهذا المرض من
خلال استخدام ادوية وعقاقير مختلفة، لكن معظم هذه المحاولات باءت بالفشل
الجزئي او التام، وبعض تلك الأدوية كانت لها تأثيرات سلبية على صحة المريض.
ومن
بين الادوية التي استخدمت في الفترات القريبة الماضية، مشتقات الــ
kortikosteriods في حين استخدم اطباء آخرون حزماً ضوئية مستخلصة من اشعة
الشمس في علاج مرضاهم، او ان غيرهم من المختصين نصحوا مرضاهم بالتوجه الى
فلسطين والسباحة في مياه البحر الميت لاحتوائها على مواد كبريتية او
معدنية تعالج هذا المرض.
ان حوالي ثلاثة ارباع المصابين بهذا المرض،
اصاباتهم محدودة ومقتصرة على جزء واحد في الجسم، مثل فروة الرأس او منطقة
اليدين او الوجه او غيرها.
لكن بالنسبة للحالات الاكثر سوءا، فان
الاصابة ربما تشمل الجسم كله او جزءا واسعاً فيه، وفي هذه الحالة، فان
العلاج يجب ان يكون شاملاً وطبقاً لبرنامج مناسب ومحدد، بما في ذلك
البرنامج البايولوجي.
الا ان مثل هذا العلاج، كان الى حين انتشار خبر
الانتصار الذي حققه الطبيب الاسترالي ميخائيل تيرانت مكلفاً للغاية، حيث
يبلغ نحو 20 الف دولار سنوياً.
وبعد انتشار طريقة الطبيب الاسترالي انخفض سعر العلاج بصورة كبيرة، حيث يبلغ حالياً نحو 500 دولار سنويا.
نجاح مذهل
ولد
الدكتور ميخائيل تيرانت قبل 54 عاماً في جزر «السيشل» من اب طبيب وام
متعلمة ايضاً، وقد انتقلت العائلة بكاملها الى استراليا فيما بعد. وقد درس
الابن تيرانت الكيمياء البايولوجية، ثم اهتم بعد نيله التخصص بالبحوث
الطبية، وقد كانت عيادته في معظم دول العالم لعلاج الصدفية، بدءاً من عام
1982. لقد توصل هذا العالم الى طريقة حاسمة في علاج «الصدفية». ويقول في
هذا الخصوص «كان اكتشافي للدواء، كما يقال مجرد ضربة حظ، كنت استخدم احد
الكريمات لعلاج امراض جلدية اخرى، لكن في احدى المرات حاولت تجريب هذا
المرهم او الكريم في علاج «الصدفية» واذا به يحقق نتائج باهرة ومدهشة».
«اما
صناعته، فانني اقوم بخلط عدة انواع من الاعشاب والازهار والدهون والاحماض
النباتية مع بعضها البعض وحسب مقادير محددة، فأحصل في النهاية على المرهم
المطلوب الذي يلعب دوراً اساسياً في علاج المرض.
وعلى ضوء النتائج التي
حققها الدكتور ميخائيل تيرانت دعي العام الماضي الى الولايات المتحدة
واحتفي به هناك ومنح جائزة «أهم العقول» The Greatest Mindes .
مسؤولية الوراثة
يعتقد
العلماء بان الكثير من الأمراض التي تصيب البشر، تنتقل اليهم عن طريق
الوراثة، لذلك فان العائلة التي تحمل عوامل المرض الوراثية ربما تكون هي
المسؤولة عن اصابة الأبناء بالأمراض الخطيرة ذات الطابع الوراثي كالسرطان
والسكر وايضا الصدفية.
فاذا كان احد افراد العائلة يعاني مرض الصدفية،
فان ابناء هذا الفرد سيحملون نحو 30 في المائة من نسبة الاصابة بالمرض،
وهذا الاحتمال يرتفع عند الأبناء الى نسبة 75 في المائة اذا كان كلا
الوالدين يعاني المرض ذاته.
وتحدث الصدفية الوراثية بسبب العوامل
الجينية الوراثية، وتظهر عادة في سن الــ 40 عاما، لكنها ربما تبدأ باعطاء
اشارات الاصابة مبكرا في سن العاشرة وحتى الثلاثين عاما من العمر، في حين
تنتشر الموجة الأوسع بين المصابين في سن الستين عاما.
ويعتقد بعض
العلماء بان الاصابات غير الوراثية، قد تحدث بسبب عوامل اخرى مختلفة،
كالشعور بضيق النفس أو قلة النوم أو المتغيرات التي تطرأ على الهرمونات
الداخلية أو بسبب المتغيرات الكيماوية الأخرى أو بتأثير بعض الأطعمة أو
حتى بسبب تسوس الأسنان أو الاصابة بأمراض القلب أو الشرايين وغيرها.
وقد
تأكد الأطباء من حالة واحدة عند بعض المصابين بالمرض، حيث تمت عملية
اختبار لعينة منهم، واتضح ان العامل النفسي وتعقيداته المختلفة هو السبب
الذي أدى الى اصابتهم بهذا المرض، وحين عولجوا تحسنت حالتهم الصحية واختفى
المرض بصورة كلية.

فرادة التجربة التشيكية
ورث الطب التشيكي
ثروة هائلة من التقاليد والتجارب والابتكارت الطبية العريقة والمختلفة منذ
القرون الوسطى، وتحديداً منذ اعتماد الكنائس كمراكز طبية أو مستشفيات.
ومن
بين أشهر الكنائس التي كانت تعالج مرض الصدفية مستشفى كنيسة «فيشهراد» في
براغ. ومع تطور الطب بقيت الكنيسة الى الآن مركزاً علاجياً لعدد من
الأمراض، من بينها مرض «الصدفية» حيث لا يقتصر العلاج على أهالي البلاد،
وانما يشمل أيضاً المرضى الاجانب من كل انحاء العالم.
والصدفية من
الامراض الجلدية، ولذلك فإن العديد من المصحات التي تحتوي على عيون معدنية
في المدن التشيكية تعالج هي الاخرى هذا المرض، غير ان الطريقة المستخدمة
في معظم مناطق العلاج هي ذاتها مع بعض الاختلافات الجزئية.
وعموما فإن النتائج التي تحققها هذه المراكز اصبحت معروفة لدى جميع مراكز العلاج في العالم، وهي مذهلة للغاية.
ان
ابرز ملامح العصر الحالي تشهد في وقتنا الراهن نهاية الكثير من الامراض
الخطيرة، بفضل مثابرة العلماء على العمل من اجل الوصول الى الوسائل
الكفيلة بالقضاء الحاسم على هذه الامراض، ومن بينها مرض «الصدفية» الذي
يلفظ انفاسه الاخيرة حاليا، بفعل تراكم المعلومات المتعلقة به لدى الخبراء
والاخصائيين الذين لا يألون جهدا في حماية الانسان من بطش هذه الامراض.

تنافس بين الأدوية
الكثير
من الأدوية والمستحضرات الطبية التي تم تصنيعها في الأعوام من 2005 الى
2009 وجدت طريقها الى السوق، فالتنافس على أشده بين الدول المنتجة لهذه
الأدوية.
ومع ذلك، فان معظم هذه الأدوية لم يحقق الهدف الرئيسي المطلوب، وهو القضاء الكلي على المرض.
ان
الطريقة التي أثبتت جدواها هي الطريقة التي تجمع بين الدواء والبرنامج
العلاجي الذي تستخدم فيه أطيان خاصة، كما هي الحال بالنسبة الى الطريقة
التشيكية المستخدمة حاليا، والتي ورث جزءا كبيرا منها العلماء التشيك عن
اسلافهم منذ العصور الوسطى.
وقد ثبت لمراكز العلاج الطبي العاملة ان
طريقة العلاج المتبعة في تشيكيا هي الطريقة الأكثر فعالية طوال المراحل
الزمنية الماضية، والدليل على ذلك، الحصيلة العلمية التي نشرها الأطباء
التشيك أخيراً والتي أحرزت نتائج اختبارية ملموسة ومهمة للغاية في تسعة
مراكز مختبرية في سلوفاكيا.
وتقوم هذه الطريقة على استخدام الأدوية
والمراهم أو الكريمات اضافة الى الأطيان التي تغطى بها أجسام المصابين
لمدة 8 أسابيع متتالية كحد أعلى.
وبتطبيق هذه الطريقة كانت النتيجة مدهشة، حيث اختفى المرض عن اجسام 60 في المائة من المصابين البالغ عددهم 203 مصابين.
وتحسنت حالة 15 في المائة من العدد الباقي بنسبة 75 في المائة، في حين تحسنت حالة 50 في المائة من المتبقين بنسبة 7 في المائة.
وقد قُدر حجم النجاح الكلي لهذه التجربة بنحو 82 في المائة.