السلام عليكم ورحمة اللهوبركاته اختلف العلماء في هذه المسألة على قولينهمـــا:
القول الأول : جمهور العلماء من المالكية، والشافعية، والحنابلة، وبعض الحنفية ؛ أن النكاح لا يصح إلا بولي، ولا تملك المرأة تزويج نفسها، ولا غيرها، ولا توكيل غير وليها في تزويجها، فإن فعلت لم يصح النكاح ، وروي هذا عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة - رضي الله عنهم- (1).
واستدلوا بعدة أدلة منها :
1) قوله تعالى: { فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} (2). سبب نزول الآية أن معقل بن يسار كان زوّج أختاً له ابن عم له فطلقها، ثم أراد الزواج وأرادت نكاحه بعد مضي عدتها، فأبى معقل وقال: زوجتك وآثرتك على غيرك فطلقتها لا أزوجكها أبداً .
قال الشافعي رحمه الله تعالى: وهذه أبين آية في كتاب الله تعالى تدل على أن النكاح لا يجوز بغير ولي؛ لأنه نهى الولي عن المنع، وإنما يتحقق المنع منه إذا كان الممنوع في يده.
2) عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله سلم قال ( لا نكاح إلا بولي ) (3)، يدل على أن النكاح لا ينعقد ولا يصح بغير ولي .
3) عن عائشة - رضي الله عنها- عن النبي سلم أنه قال: " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها, فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" (4).
4) حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي سلم قال: ( لا تُنْكِحُ المَرْأةُ المَرْأةَ فإن البَغيَّ إنما تُنْكِحُ نفسها ) وفي رواية ( لا تنكح المرأة المرأة ولا تنكح المرأة نفسها ) قال أبو هريرة رضي الله عنه كنا نعدّ التي تنكح نفسها هي الزانية (5) . وهذا صريح في أنه ليس للمرأة أن تتولى عقد النكاح لنفسها ولا لغيرها.
6) ولأن النكاح عقد عظيم ، خطره كبير ، ومقاصده شريفة، ولهذا أظهر الشرع خطره باشتراط الشاهدين فيه من بين سائر المعارضات ، وجعل مباشرته مُفوّضة إلى أولي الرأي الكامل من الرجال؛ لأن النساء ناقصات عقل، والدليل على اعتبار نقصان عقلها أنه لم يجعل إليها من جانب رفع العقد شيء، بل الزوج هو الذي يستبدُّ بالطلاق.
7) ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه رد نكاح امرأة نكحت بغير إذن وليها في أكثر من حادثة، ولم يُنكر عليه أحد من الصحابة (7) .
8) دليل عقلي : ثبوت حق الاعتراض للأولياء إذا وضعت نفسها في غير كفء، ولو ثبتت لها ولاية الاستبداد بالمباشرة لم يثبت للأولياء حق الاعتراض كالرجل ، وكذلك تملك مطالبة الولي بالتزويج، ولو كانت مالكة للعقد على نفسها لما كان لها أن تطالب الولي به.
القول الثاني: الحنفية؛ أن للمرأة أن تلي عقد النكاح فتزوج نفسها أو تزوج غيرها، لكنهم اختلفوا بعد ذلك فيما لو زوّجت نفسها بغير كفء سواء كانت بكراً أو ثيباً، فعند أبي حنيفة - رحمه الله تعالى- النكاح صحيح لكن للأولياء حق الاعتراض.