[center][center]
منذ أن وعيت على الحياة و أنا أسمع بجملة تقول''للطفل قلب لا يعرف الخداع'',فكانت كقانون يُسَيِّرُ عقل الكبير إل[url=http://www.google.com/search?hl=ar&lr=&q=site:dzair54.ahlamontada.net&start=340&sa=N] براءة طفل ى العمل بــه و مرت الأيام,وشاء الله أن أعيش التجربة و أصدق بأن هذا ليس مجرد شائعات تداولتها ألسنة العامة على مر الزمان,صعـــدت إلى الحافلة وسط جموع من الركاب,لكل منهم أمل في اختطاف كرسي للجلوس عليه,ولا أبالغ!!,فالمسافة بين الذهاب و الإيـاب كسفر طويل,والتعب يرسم بملامحهم,لوحة تجريدية من ألوان الإرهاق,وعلى حين غفلة من الركاب,إستطعت أخيرا أخذ مكانـــي وها هو ذا أحدهم ينظر إلي بحقد''اللعنة ليتك لم تسبقني'',أصبحت هذه التصرفات مألوفة لدي لدرجة تجعلني أبتسم في غير إكثرات,إنها بعض ملامح مدينتي التي يجهلها أغلب الناس,فالصحافة تظهرنا بمظهر السعداء و العكس حقا هو ما نحن عليه فمع كامل الأسف,نجد السلطة الرابعة ضحيةَ أخرى من ضحايا الطبقية,حيث أصبح للحرف ثمن,وضرب بالقيم عرض الحائط,في المحطة التالية,توقف الأتوبيس,وصعدت إمرأة تحمل طفلا على ظهرها وتمسك الآخر بيديها,و تستعطف بنظراتها من حالفهم الحظ بالجلوس,لعل أحدهم يشفق من حالها و يكرمها بمقعده,وأستجاب شخص لنداء العين وتقاسيم الحزن الجلية على وجههــــا فجلست بعد شكره,فما هي إلا هنيهات حتى علا صوت رضيعها, فًهًمًتِ الأم بإرضاعه أمام الجميع,و طفلها الذي يبلغ من العـــمر سبع سنوات,منهك القوى و غلب عليه النوم فاحتارت الأم بين ولديها,فهذا يرضع بين ذراعيها و الآخر على وشك ان ينام واقفا,إستشعرت هذا من ملامحها و ناديت عليه,نظر إلى أمه و أشارت الي''إذهب إلى أبيك'' فهرع إلي وعيناه تتلألأ فرحا,ضممته إلي و قلت _ أتريد أن تنام ؟ _ نعم ووضع رأسه على صدري,ونام بعمق,لا أستطيع وصف شعوري حينها,كأن دمعة تستعد للفرار من عيني,وسألت نفسي ترى لما لم أتزوج إلى الآن لما لما ؟!!,ألا أستحق أن أؤسس أسرتي الصغيرة ؟مثلي مثل أي إنسان طبيعي؟,لماذا لم أجد عملا ؟ لما و لما و احسست بإحباط كبير,تمنيت حقا لو كان إبني ,لكن,سبق ما سبق في علم الله و هو أدرى بما اختبأ لي من خير, وصلت إلى حيث أسكن,وأيقظت الطفل من نومه بحنو,نظر إلي بخوف,فقد إختلط عليه الأمر و لم يعد يدري أين هو,أشرت عليه بالذهاب إلى أمه ومسحت على رأسه,في الوقت الذي هممت فيه بالنزول من الحافلة قابلني بنظرات تقول ''لماذا خنت براءتي يا أبي''و نظـر الى أمه في استغراب و كأنه يقول''أبي يرحل لا تتركيه لا تتركيه''بينما الأم صامتة,لم تجد ما تقدمه له,وتجمعت في عينيه ثلة دموع لتأخذ طريقها نحو خدوده الصغيرة وبدأ يصرخ''بابا بابا بابا'' وأختفيت عن أنظاره بينما واصلت الحافلة مسارها الى النهاية,صدقا لقد أدركت كم _نحن معشر الكبار_ أشر خلق الله على أرضه و ما كان جل و علا ليغيثنا إلا رحمة بأولائك الزمرة من الصِّبْيَةِ ومن عتوا بالدهر عمارا,تمنيت لوهلة لو كان العالم بأكمله طفلا في قلبه و رجلا في عقله,فلو كنا نملك تلك القلوب الجوهرية لما حلت بنا لعنة الحروب و هدر الدماء البريئة,فهذا الطفل لم يكن يعلم أن أمه قد كذبت عليه لأجل أن تضمن له مــتكأً يقيه من شقاء الإنتظار,وبدلا من المصارحة نتخذ من الكذب فروعا ندرأ بها ضعفنا,فهذه الكذبة من أجل الصالح العام و الأخرى من أجل تفادي الخطر و الأخرى لعدم الوقوع في الإحراج,والأخرى نبتسم عندما نواجه بها '' ههه كذبة بيضاء '',واعجباه أبالدنيا كذب أبيض و آخر أسود ؟؟قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "لعن الله الكاذب و لو كان مازحا''إنما هي إحدى الأقنعة التي نخفي وراءها نواقصنا,ومتى كان الكذب سببا في الصالح العام ؟ في صباح أحد الأيام خرجت في جولة بضواحي منطقتي لأجد تلك المرأة بالصدفة,سألتها عن الصبي فقالت إنه بخير لكنه قد عانى الأمرَّين من هذه الكذبة,فوالده قد توفي وفي عمره اربع سنوات,وبعد إنقضاء عدتي , تزوجت إبن عمي و رزقت منه بأيوب ذلك الرضيع الذي رأيتني أحمله على ظهري في الحافلة,لكنه هجرني بعد أن أتيحت له أول فرصة للسفر إلى الخارج عن طريق الهجرة السرية , وأختفى لبعض الوقت حتى علمنا من الشرطة أنه في السجن المركزي بالرباط ,وعندما زرته في السجن تبرأ مني و من إبنه و طلقني بالثلات,عدت الى منزلي وحملت أغراضي و أصطحبت معي يوسف و أيوب الى منزل والدَيَّ,وقلت لهم أن زوجي قد طلقني بالثلات حينها ثارت ثائرة أبي و قال لي '' مطلقة ؟؟ رباه !!! ما هذه المصيبة,وتريدينني أن أستقبلكِ مع هذين الطفلين ؟ ماذا سيقول عني النـاس ؟؟ إرجعي من حيث أتيتي '' وأغلق الباب في وجهي وعدت الى منزلي خائبة الأمل و كأن المطلقة ليست إنسانا أو كأنها عار يجــب التخلص منه, وكلما سألني يوسف عن أبيه كنت أقول له إنه قد سافر منذ خمس سنوات و لم يعد للآن وهذا ما جعله يعتقد أنك والده وكأنك قد عدت من السفر بعد زمن,لا حول و لا قوة الا بالله,هذه نتيجة كذبة واحدة,فإلى أين نصل بهذا ؟؟ لما لا نعود أنفسنا على الصراحة كي نعلمها لأبنائنا, فعندما سيكبر هذا الطفل لن ينسى يوما أن أمه قد كذبت عليه و سيفقد ثقته بها و بنصائحها و إن كانت مفيدة له,لا بل و سيبدأ في السير على نهجها,فمن كذبة إلى أخرى ومنها إلى السرقة و التزوير إلى أن يبتاع ضميره لمن يدفع أكثر,فإذا نشأ جيل من الصغار على الخداع و الرياء فكيف لنا أن نحلم بمستقبل أفضل؟؟فإذن لا داعي للوم الدهر أو الأيام ,فنحن ندفع ثمن أخطاءنا ''إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا'' |
[/center]
[/center]