فضيلة الشيخ محمد باي بلعالم
شيخ المدرسة
الشرعية "مصعب بن عمير"
بمنطقة أولف ولاية
أدرار
لعمرك ما الرزية
فقد مال..ولا شاة تموت ولا بعيرُ
ولكن الرزية فقد
شخص.. يموت بموته خلق كثيرُ
ياصاحِ قف ألهبتَ قـلبيَ
بالخبــر
وسقيتني جامَ المصيبةِ في الأثـر
وأسلتَ ماءَ العين حتى
خلتُـــه
مزن الفراق بمائه المـرِّ انهمـر
أو تَدرِ من ترثي إذِ انسلخَ
الضحى
أو تَدرِ من قد مات إذ قلتَ الخبر
الشيخُ "باي" ذو الوقار وذو
التقى
علمُ الهدى شيخُ الشريعة والأثر
آمنتُ بالـرحمن جلَّ
قضــاؤه
لله شأن في القضاء وفي القـدر
لكنني أبكي العلومَ
شريفـــةً أبكي
يمينَ الصدق واراها الحجر
كنتَ الفقيهَ ملكتَه
بزمامِـــه شَهِدَت تصانيفك
الحسانُ بما خطر
رباه هذا شيخُنا ضيفٌ
أتـــى أكـرم
منازلَه وبَوِّئـهُ الحُجـَر
واجمعه في الفردوس مع خير
الورى
وأَفِض عليه العفو شيخاً قد غبر
رباه واجبر كسرَنا في
راحـــلٍ كان
الإمامَ الصادقَ الشهمَ الأغر
نسبه وميلاده:
هو العالم ابن العلماء والفقيه ابن
الفقهاء الشيخ باي بلعالم بن محمد عبد القادر بن محمد بن المختار بن أحمد العالم
القبلوي الجزائري الشهير بالشيخ باي، ويعود نسبه إلى قبيلة فلّان، والتي
تضاربت حولها الأقوال واختلفت فيها الآراء والشهير أن أصولها تعود إلى قبيلة حمير
القبيلة العربية الشهيرة باليمن.
ولد الشيخ سنة 1930 م في قرية ساهل
من بلدية اقبلي بدائرة "أوْلَفْ " ولاية أدرار.
والده: هو محمد عبد القادر فقيها وإماما ومعلما، له تصانيف
منها:
- تحفة الولدان فيما يجب على
الأعيان
– منظومة الولدان في طلب الدعاء من
الرحمن
– منظومة حال أهل الوقت.
وأمه: خديجة بنت محمد الحسن كان والدها عالما قاضيا في
منطقة تيديكلت.
دراسته وتعليمه:
تربى الشيخ في أسرة اشتهرت بالعلم
والمعرفة، حرصت على تعليمه وتربيته، فبدأ تعليمه في مسقط رأسه في مدينة ساهل أقبلي،
هذه القرية التي كانت تعد منارة للعلم والمعرفة والتي تخرج منها العديد من العلماء
والفقهاء. ودرس القرآن الكريم في مدرسة
ساهل أقبلي على يد المقرئ الحافظ لكتاب الله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن المكي بن
العالم، ثم قرأ على يد والده المبادئ النحوية والفقهية، ودرس على يد الشيخ محمد
عبد الكريم المغيلي مدة من الزمن، ثم انتقل إلى زاوية الشيخ مولاي أحمد بن عبد
المعطي السباعي بمراكش، ومكث فيها سبع سنوات، قرأ فيها الفقه المالكي وأصوله،
والنحو، والفرائض، والحديث، والتفسير. وخلال مرحلة دراسته تحصل على عدد من
الإجازات.
- بعد أن تخرج الشيخ من الزاوية
المذكورة آنفا انتقل إلى مدينة أولف حيث قام بتأسيس مدرسة للعلوم الشرعية تعنى
بتدريس الطلاب والطالبات الأمور الدينية واللغوية حيث دفعته الغيرة الدينية لنشر
العلم بين أهل بلده إبان الاستعمار الفرنسي، فأسس مدرسة شرعية أسماها "مدرسة
مصعب بن عمير الدينية" والتي لا زالت ليومنا هذا والحمد لله، ولما تغلغلت
الثورة في الجزائر واستحكمت قرّر إغلاق المدرسة مؤقتا خوفا على طلبته من المعارك
التي كانت تدور آنذاك، ولما حصل الشعب الجزائري على حريته ونالت الدولة استقلالها
واستتبّ الأمن أعاد فتح المدرسة من جديد لتستقبل الطلاب بأعداد كبيرة وأضاف
إليها قسما داخليا جديدا.
- وفي سنة 1964 التحق بوزارة
الأوقاف والشؤون الدينية فأصبح إماما وخطيبا ومفتيا ومدرِّسا لمسجد أنس بن
مالك ومدرسة مصعب بن عمير الدينية.
- وفي عام 1971 م شارك في
مسابقة وزارة الأوقاف التي أجرتها لمجموعة من المشايخ لتحديد مستواهم العلمي،
فتحصل على شهادة تعادل الليسانس في العلوم الإسلامية، وفي عام 1981م قام بتوسيع
مدرسته وأضاف إليها قسما جديدا خاصا بالإناث، فأصبحت تستقبل أعدادا كبيرة من
الفتيات على غرار ما تستقبله من الفتيان، وقام بتوسيع الأقسام الداخلية بحيث أصبحت
تستوعب طلابا من خارج البلاد.
رحلته في طلب العلم:
رحل الشيخ في طلب العلم والمعرفة
إلى زاوية الشيخ أحمد بن عبد المعطي السباعي المراكشي المعروف بالطاهر، مكث هناك
حوالي سبع سنوات حيث تلقى فيها عدة علوم منها (علوم القران والحديث و النحو والفقه
المالكي وأصوله والفرائض ….) وقد تأثر الشيخ رحمه الله كثيرا بشيخه
المراكشي، واستفاد منه ويعتبره من أهم مشايخه، ولما مات رثاه بقصيدة مؤثرة اطلعت
عليها أثناء وجودي بمدرسته سنة 1985.
أسفار الشيخ ورحلاته:
سافر الشيخ رحمه الله إلى عدة بلدان
في داخل الوطن و خارجه، وكانت له في جميع رحلاته لقاءات مع العلماء وطلبة
العلم، مفيدا ومستفيدا، فزار(تونس والمغرب الأقصى وليبيا والمملكة العربية
السعودية) حيث كانت أول زيارة له إلى المملكة العربية السعودية من أجل أداء فريضة
الحج سنة 1964 م، ليعود إليها سنة 1974م للمرة الثانية، ومنذ ذلك العام لم يتخلف
عن أداء هذه الفريضة، فله أكثر من 30 حجة. تقبل الله منه طاعته. وكان رحمه الله في
الحج يعقد الجلسات العلمية في الحرم المكي في السطح غالبا، وفي المخيم في
"منى" ويجتمع عليه طلبة العلم، وكثير من المحبين له.
وقد دون الشيخ رحمه الله رحلاته في
كتابه "الرحلة العلية" جمع فيه أخبار هذه الرحلات وأحوال المناطق
التي زارها.