عزفها غزلا فاشتهت الاحتضان
هو ):
أحبك ...
( هي ) :
قلها مرة أخرى ...
( هو ) :
أحبك .. أحبك ...
( هي ) :
من أنت ؟
( هو ) :
أنا من أحبك ...
( هي ) :
لماذا ؟
(هو ) :
لأنه كان ينبغي أن أحبك ...
( هي ) :
لماذا ؟
( هو ) :
لأني أحببتك ... وهذا سبب للأبد ...
( هو ) كان يجلس ليلا على أهبة الحب ... ينتظر ( هي ) أن ترن له على هاتفه النقال ...
لتخبره أنها تمددت هناك على فراشها ... مستسلمة لحبه ... تنتظر غزله ... فيتصل بها ...
لتشهق الهواتف حبا ... لأنه راح يطارحها غزل المساء ...
( هو ) قائد ألوية الغزل ... منفذ غارات العشق ...
أستاذ الهيام ... تخرج من حب عينيها ... بتقدير ( شغف ) ...
أستاذ العنفوان ... تخرج من كفاح أيامه ... بمرتبة ( محارب ) ...
( هي ) الأنثى تنهال دلالا ...
هي الجمال يتعالى دلعا ...
هي الإغراء يعصف اشتهاء ...
( هو ) حزم قائد ... مبادئ عابد ...
حضور الساحر ... ثقافة الشاعر ...
عفة فقير ... عزة أمير ...
( هي ) اللحن أنوثة ...
النغمة نعومة ...
الكلمات رقة ...
الجسد أغنية ...
هو كانت روحه تبحث عن روحها حبا ...
كان قلبه يبحث عن قلبها حنانا ...
كان يعلم أن يوما ستأتيه ( هي ) ...
هي المحاطة بهم ...
اختارته ( هو ) من بينهم ...
لأنه سواهم ...
سواهم كلهم ...
هي التي ما فتئت تبحث عن من هو سواهم ...
جائها ليعوضها كلهم ...
( هي ) تستدرجه عزلا :
ألم تشتق لي ؟
( هو ) بعصبية عاشق :
لماذا لم تأتين هذا الأسبوع لرؤيتي ؟
( هي ) بصراحة عاشقة :
كي تشتاق لي ...
( هو ) باختناق عاشق :
أفعلا هذا هو السبب ...
( هي ) بلا مبالاة مغطى بدلع عاشقة :
نعم ...
( هو ) بمهارته الغزلية :
يكفيكي أن تغيبي عني مسافة رمش العين كي أشتاقك ...
( هي ) ذائبة خجلا :
حقا ...
( هو ) بذكاء :
ربما كان هذا مجرد كلام...
لكن لا تحرمي نفسك حبا يعبر الأحلام ...
( هي ) :
أو أقدر؟
( هو ) :
حتى لو استطعت لمنعتك ...
( هي ) :
كيف ؟!
( هو ) تجاهل سؤالها وراح يقول :
لعينينك أنحاء وأرجاء حبي ...
يا حياة تسكن قلبي ...
يا لحنا جاريا في الوريد الذي تريدين ...
يا حبا مسكوبا في الشريان الذي ترغبين ...
يا اسم الحب والعمر ...
يا اسما محفورا على جدران قلبي منذ ولادتي ...
يا اسما أعطى دمي اللون الأحمر ...
أنا بلا حروف اسمك ...
محتاجك ...
مبتلى بفقر الأيام ...
أنا بلا نبضة حبك ...
عليلك ...
مصاب بذبول الشريان ...
أنا بلا ارتواء عينينك ...
عطشانك ...
أعاني يباس الأغصان ...
أنا بلا حياتي معك ...
قتيلك ...
أتلوى تحت الأكفان ...
أنا بلا أمل حبك ...
يائسك ...
أتعثر بين الأحزان ...
فادخلي قلبي يا حبي ...
تمايلي ...
تدللي ...
تدلعي ...
فأنت فيه العالية ...
أنت هنا الغالية ...
ضمي الوريد ...
عانقي الشريان ...
ارسمي على الجدران ...
واحضني كل المكان ...
ولا تنسي حبي ...
أن تغلقي باب قلبي بعد دخوله ...
وأن تغيري القفل و أن تكسري المفتاح ...
فلا خروج لك ...
ولا دخول لغيرك ...
وتصبحين على قلبي ...
تصبحين على حبي ...
هو غنى قصيدته وأقفل الهاتف دون كلمة أخرى ...
قال لها تصبحين على حبي ... ومضى ...
مضى ... بعد أن صال غزلا بالفضا ...
بعد أن جال عشقا وضوى ...
أغلق الهاتف بحركة احترافية ...
وكان له ذلك !!
نعم ... لم لا و بعد كل هذا الغزل اللذيذ !! ...
وخصوصا أنه قد عقد معها اتفاقية تقضي بأنه قد يغلق الهاتف كثيرا دون وداع ...
لأنه احترف صنعة الغزل ... كان يعلم جيدا أن الحديث بعد هكذا قصيدة ولو
بكلمة وداعا قد يفسد حرارة أضرمها غزلا و أذاب بها صقيع المساء ...
و هي فهمت لم أغلق الهاتف ...
كأنه يغلق على غزله ويحميه كي لا تفسده أي كلمة أخرى غير غزلية ...
يصنع لغزله عذرية رقيقة ... يخاف أن تخدشها أي كلمة تملك زوايا حادة للخدش ...
لذا أغلق ومضى ...
هي في اللحظة التي يغلق بها الهاتف تسمع صوت الرنين المتواصل الذي يعني انقطاع الخط ...
هذا الرنين يعزف قلبها ... يتغلغل فيه تشويقا وحماسا ... وخوفا ... خوفا لأنه أغلق الهاتف ...
ومع ذلك استمعت هي لذلك الرنين لثواني طويلة متلذذة ...
تراها تلذذت بشوقها ... أم بخوفها كعاشقة مازوخية ...
أم أنها تعلقت بشيء كان ينعشها فلم تستطع أن تتخلى عن الهاتف وتغلقه ...
كأنها تخيلت ذلك الرنين المتقطع هو صوته ما زال على الهاتف يطارحها غزلا ...
رنات الهاتف إذن هي خيوطه الأخيرة التي تتعلق بها بنوبة جنون عشقية ...
أم أن الرنين تدخل الآن ليقول لها حسدا كفاكما غزلا ...
صار ذلك الرنين جزء من غزله وجزء من قصائده ...
هي تتذكره كلما سمعت ذلك الرنين ...
أم أن الرنين شيفرة تحدثها سرا لتقول ...
أنه هناك في غرفته على الضفة الأخرى ...
ينفث دخان نصره الغزلي على فوهة مسدسه الغزلي بثقة ممارس ... احترف إطلاق نيران الغزل ...
يتفحص مسدسه الغزلي ويشقلبه غرورا بين يديه دونما اكتراث لما حل بالضحية الغزلية هناك على الضفة الثانية من الحب ...
إذن فإن مهنة الغزل تستبيح إطلاق العيارات الغزلية بعيار كاتم للهاتف !!
عيار تصعد منه أدخنة الرنات الهاتفية المتقطعة !!
والعجيب كانت تعلم هي أنه يتعمد ذلك وأنه يدرك تماما الحالة التي يتركها فيها ...
لكنها كانت تلقي بنفسها ذاعنة لمشيئته الغزلية ... تتلذذ بخضوعها الأنثوي لمن تثق به ...
تنهدت النشوة ... وبتثاقل أغلقت الهاتف ...
وضعته على صدرها وعانقته ببساطة أنثوية شهية ...
ثم فتحت عينيها اللتان كانتا مغلقتين منذ بدأ قراءة شعره ...
فتحت عينيها وكأنها عادت الآن من بلاد العجائب ... من بلاد عجائبه ... محملة بهدايا وعجائب الغزل ...
فتحت عينيها كي تضع هاتفها قرب ( دبدوبها ) اللطيف قرب سريرها ...
ألقت برأسها على مخدة الأحلام ... وضعت يديها بين خصال شعرها ...
وأغلقت عينيها الجميلتين من جديد ...
وراحت تعود إلى قصيدته منذ بدايتها ...
ترتدي أجنحة كلماتها الهائمة حبا ...
وتحلق ...
بين غيوم بيضاء ...
بلون أحلام أنوثتها ...
راحت تستعيد الكلمات كلمة كلمة ...
و راحت ترتدي الأجنحة جناحا جناحا ...
وتحلق ...
راحت ترتدي فستان غزله الجديد ...
تتباهى به أمام صديقاتها هناك بين الغيوم ...
ترتديه وترقص به انسيابا ...
على ألحان قوافي قصيدته ...
أمام مرآة الأحلام ...
أمام مرآة الأنوثة ...
كي تشبع غرور أنثى ...
وراحت ترقص وتحلق ...
والأنوثة تنتشي وترتوي ...
حتى تعبت من انتشائها ورقصها ونامت ...
نامت ملاكا التحف الغزل لذيذا دافئا ...
على إحدى الغيوم التي عبرتها هناك ...
ونامت ... بأنفاس عميقة ...
دعوها تنام ملاكا ... تعبت رقصا وغزلا وتحليقا ...
دعوها تنام أنثى ... انتشت غرورا ورقة و غنجا ...
أما هو ...
أغلق الهاتف ومضى واثق النفس ...
ذاك هو المتغزل المحترف ...
هو لم يسألها حتى إذا كان أعجبها كلامه ...
فقط أغلق الهاتف ...
ارتكب الغزل مع عاشق الإصرار والتوحش ...
و مضى غائبا مع سابق العشق والترصد ...
وأعاد آلته الغزلية إلى غمدها ...
رمى مولوتوف غزله وهرب ...
زرعها ألغام نشوة و غرور أنثوي ...
كي تدوس عليها وهي تتمشى بين أحلامها...
وتركها هناك تشتعل أنوثة لوحدها ...
عساها يوما تلجأ إليه لإطفاء شعلتها ...
وهل سيكون له ما أراد يا ترى ؟؟!!...
في الصباح ... استيقظت (هي) من نوم عميق ... بعمق النشوة الغزلية التي التحفتها بليلة حب هاتفي ...
تركت سريرها وعلى ثغرها ابتسامة أنثوية نادرة ... من تلك الابتسامات التي لا تدركها الأنثى
كل يوم ... هذه يا إخوة هي ابتسامة الأنوثة المشتعلة !!!!
من لم تبتسمها ما كانت أنثى !!
من لم يرها لم ير أنثى !!
وجلست أمام مرآتها ...
الوقت متأخر وعليها الذهاب ...
لكن الأولوية هنا لإشباع الأنوثة ...
على المرآة خصال شعرها التي أخذت أشكالا فوضية بسبب حركاتها الملائكية أثناء نومها ...
أشكالا فوضية بالغة في الإغراء ... كأن رساما مبدعا رسمها ... يعجز عن رسمها أبدع حلاق نسائي ...
فوضوية الخصال المتوسطة والمائلة إلى الطول كانت تترافق مع ابتسامة صباحها الأنثوية ...
ربااه ... كل خصلة تتدلى كساحرة إغراء ... كل خصلة عرفت مكانها في لوحة الإغراء ...
فوضوية الخصال وصفت رقة وضعف الأنثى ...
تأخذك بكافة الاتجاهات إعجابا ... تخفي العين تارة ... والخد تارة ... والأذن تارة ...
وأصابعها اللدنة تنزلق على الخصال المغرية من الأعلى إلى الأسفل ... خصلة خصلة ...
وكأنها تطمئن على أنوثتها ... كأنها تداعب سعادتها !!
ورداء نومها الزهري والناعم والمائل إلى الشفافية بتطريزات متقنة على عنقها والأكمام ...
تطريزات تناغمت مع خصال الشعر الفوضية ...
أعان الله تلك المرآة التي حملت ذلك الإغراء صامتة ...
وأعان الله كاتب الرواية ... اكتفى بوصف ذلك السحر بقلمه ...
زهري... وتطريزات ناعمة... وخصال فوضوية ...وعينان آيتا فتنة...
والسر كان تلك الابتسامة في منتصف المرآة ...
كانت ابتسامة تخفي ورائها سرا ...
هو الأنوثة التي تعطشت للضمة ... من ذلك المتغزل اللا مبالي ...
كان عنفوانه ولا مبالاته تزيدها اشتعالا ... من أين أتاها ؟!
كيف تعثرت (هي) يوما بذلك العنفوان الليزري الاختراق ... يخترق الأنوثة
عابرا للمجاملات والعادات ... وتبقى آثاره في اشتعالات أنثوية لذيذة غير
قابلة للانطفاء ...
ربما تنطفئ تلك الاشتعالات بضمة كما كانت تظن هي ...
ولكنه هو كان يقول لها احذري ... فالضمة ستزيد تلك الاشتعالات أمدا و حرقة للانتشاء ...
جائها صوت أمها ... وهو أول صوت يأتيها بعد صوته بالأمس ... ( هيا .. تأخرتي عليك الالتحاق بوظيفتك ) ...
لملمت أنوثتها وذهبت ...
وجاء المساء من جديد ... و ... و ....و رنت له الهاتف ...
وهو ... على ضفة الحب الأخرى ...
يتأهب غارة غزلية جديدة ...
سمع الرنة ...
واتصل بها ...
سمع الرنة ...
وأعطى الإشارة الميدانية...
وبدأت الغارة الغزلية ...
صعدت مقاتلات (حب- ستة عشر ) ... من حاملات الغزل التي اصطفت أمام ميناء روعتها هي ...
انطلقت صواريخ ( هيام - ستة ) ... من منصاتها المتوجهة نحو الأهداف الأنثوية المخطط الإغارة عليها ...
وفتحت هي الهاتف ...
وسقطت أول القذائف ...
بلا مرحبا ولا كيف حالك ...
هي قالت : ألو ... ببحة ( الألو ) الخاصة بها ...
هو اطمئن لبقاء بحتها جميلة كما هي العادة ...
فانتشى لأن أهدافه الغزلية ما زالت تستحق الإغارة ...
هي فقط قالت ألو ... وراح هو يغير ...( بكسر الغين وضم الياء )
ثمة شيفرة ذبذباتية بينهما ...
ثمة لحظات تمر بأول المكالمة يقفزون عليها كمن يتحاشى لغما ...
يقفزون عليها بالتغابي ... تغابي العشاق ...
هذه اللحظات ... تعبر عن شوقهما ... عن الحاجز الهيبوي الذي يتخيله العشاق موجودا ...
حاجز ... هيبة ... قلوب تدق ... شوق يتأهب للذوبان ... ذبذبات ... شيفرات عشقية ...
حواس متأهبة ... احترام للحبيب على الضفة الأخرى ... احترام حب ... لا احترام مكانة ...
نفوس ظمئى لسماع صوت الآخر ... كل يتخيل الآخر ويصنع له صورة ... كل على ضفته يهيم ...
الهاتف يفتح ... والمكالمة تبدأ بالجريان ...
والشرايين تبدأ معها بالجريان ...
الحاجز الهيبوي ينخفت ... والذبذبات تستقر على منسوب معين ... مع كلمة ال( ألو ) !!
البحة الأنثوية الفاتنة تشرع ذرائع الغزل ...
والمتغزل المحترف يطلق عياراته ملبيا فتنة البحة ...
والذبذبات تحاصرهما بميدان الغزل ...
والهواتف تتمايل أسلاكها الهاتفية أو أمواجها الصوتية ذائبة مع حرارة الغزل ...
وخصال الشعر الفوضوية الأنثوية تعانق وتغطي الهاتف أعلى خدها ...
وقميص النوم الزهري يشاهد ساحة العشق بصمت ...
فالصمت بحرم الغزل غزل !! ...
والمرآة خلف الظلام ... تنتظر بشوق أن يشرق الصباح ويصطبح أمامها القميص الزهري والخصال والعينان ...
والليل والعتمة ... يغطيان بتواطؤ رواق الغزل ... بهو الاشتعال ...
وسكون ليل أم دوي اشتعالات ...
ذلك كان غزلا ...
لم يقل لها ألو ... الألو هنا كلمة مستترة محذوفه وجوبا للضرورة الغزلية ...
وراح هو يقول ...مع دوي أول اشتعال ...
حبيبتي هلا منحتني حق اللجوء إلى شفتيك ...
لأني أجرب الهروب من ذكرى شفتيك فأفشل ...
لأني بحاجة أن أرتاح على مخدة شفتيك ...
لأني بلا شفتيك مصاب بكل عقد النقص ...
لأن مقاومة حب شفتيك أوقعني كما يقع العنيد في آخر عناده ...
لأن المراهم استحت وعدت نفسها خشنة احتراما لشفتيك ...
ما خلف شفتيك عذب ورحيق أنوثة ...
على حرير شفتيك انسكبت معاني الأنوثة ...
على أبواب شفتيك انتصبت معالم الأنوثة ...
ومن شفاهك الزهرية كان أصل القطر والسكر ...
وبعد شفاهك صار الشعر أجرأ وأخطر ... والسهر أحلى وأجدر ...
حبيبتي هلا منحتني حق اللجوء العاطفي إلى شفتيك ...
فلا أملك جواز عشق ... ولا تأشيرة حب ...
حبيبتي أفسحي الحب ...
حواسا ...
اجتياحا ...
تواطئا ...
شرابا ...
حصادا ...
انعجانا ...
لدونة ...
أنوثة ...
رجولة ...
سرمدا .. أبدا ...
هكذا أكون علمتك كيف يصبح الحب مفسوحا !!!
هكذا العمر يحكي حبا ... يلبس روحا ...
احذري وتلفتي محبوبتي هل يسمعنا أحد ؟
وافسحي حب الشفاه اللدنة بلا سياج ولا عقد ...
أنا الصحراء تتندى على شفتيك ...
أنا الأحزان تتبدد على شفتيك ...
أنا الشهوات تنتشي من شفتيك ...
أنا الأحلام تحوم حول شفتيك ...
أنا العقد تنحل من شفتيك ...
أنا طالب حق اللجوء إلى شفتيك !!!!
وأغلق الهاتف ...
ويتبع على حب ...
عبرها بقصيدة ... وطلب اللجوء العاطفي إليها ... وأغلق الهاتف ورحل ...
إذن هو صاحب العنفوان النادر ...
هي التي دوما أذهلها هذا الرجل ...
كيف تخلى عن غرور الرجال ...
منذ فتحت هي الهاتف لم تنطق إلا ب( ألو ) ...
هي لم تشعر أي إحراج ... فقد أولته ثقتها كاملة ... هو يمتلك الخلق العربي الأصيل ...
هو الملامح العربية الوسيمة والأخلاق العربية الفضيلة ...
وهي تعشق ثقافته وبعد مدى تفكيره ... سحرها منطق عقله الساحر قولا وفعلا ...
كان يخترق التجارب والأسفار والثقافات ويستخلص بعقله رحيقا ثقافيا يفتن الأنثى التي لطالما انتظرت رجلا يملك فكر رجل !! ...
وأسحر ما يسحر الأنثى العزيزة هو عقل الرجل ...
ما أجمل هذه اللوحة ... وكأنها أجمل صورة لزوجين ... ( أنثى عزيزة ... وثقافة رجل ) ...
ما يجمل الأنثى هو عزتها وأنفتها ... والرجل كان وسيبقى العقل والفكر ...
وإذا كانت هي الولهانة بعقله وأفكاره وأساليب حبه ...
كان لها أن لا تغلق الهاتف ... كيف تنهره وتقول له ( كفى ... احترم الأنثى ولا تتكلم بجرأة ...) ؟!...
أليست هي التي ازداد افتتانها به ... بعدما انبهرت بثقافة وحيوية وعنفوان جرأته ...
ما أمتع جرأة هكذا رجل ... ما أجرأ متعة هكذا رجل ...
كيف أتاها فارسها وقيسها في زمن لم يعد هناك لا قيس ولا عنترة ؟ ...
هي التي كانت تخاف من سطوة الرجال ونرجسيتهم المبنية على فراغهم البارد ...
كيف استطاع أن يقلب معايير خوف الأنثى ... كيف جعلها تقول له يوما ( ليتني لم أعرفك ) ...
كانت هذه أجمل عبارة حب يسمعها رجل بهذا الزمن ... من أجمل أنثى ...
نعم هذه عبارة الحب العميق ...
الحب الذي وصل أقطاب الحب الشمالية مع الجنوبية ...
وجعل خط الاستواء وخط غرينتش بلا مكان ...
وجعل الروزنامة لا تعرف سنة ولا شهرا ولا يوما ...
عبارة لا يجيد تلحينها وصياغتها إلا أنثى مثلها ...
ولا يجيد سبر أغوار مكنوناتها الحبية إلا رجل مثله ...
أما لسان حالها ....
( ليتني لم أعرفك ) ...
يا رجل العنفوان الأول ...
لأنك سرقت حياتي مثلا ...
لأني أصبحت أسيرة حبك مثلا ...
أو لأني أصبحت رهينة السهر على ليل عينيك ...
لأن مكاني وزماني صار بين جفنيك ...
( ليتني لم أعرفك ) ...
يا سيد الرجولة الأوحد ...
لأني فقدت الاتزان منذ عرفتك ...
أنا أنثاك ...
أنا معك بلا اتزان ...
فاعذر زلاتي سيدي ...
اعذر سوء تصرفي إذا بدر...
لأني مسلوبة النوم والوقت والطعام ... مسلوبة الاتزان ...
معسولة القدر !!
( ليتني لم أعرفك ) ...
يا معلم الحب الأمهر ...
لأني البتائل والنسارين أعطبتها حبا ...
لأنك ملأتني باقات حبك ...
أنا شعلة ولهك ... أحرق نفسي بحرائق عشقك ...
فما أحلى وما أدفأ غزلك ...
لا أدري كيف أحب الآن خارج ليلك ...
( ليتني لم أعرفك ) ...
يا شاعر الأنوثة الأسحر ...
لأن كلماتك عصا الساحر ...
تلحق عصاك نجوم صغيرة ...
هي ملابات خوفي العشقية ...
سيدي ...
اعذر خوف من حضر رهبتك ...
اعذر قلق من خشي حبك ...
اعذر من خاف من الساحر ...
يا حضرة الشاعر الساحر !! ...
( ليتني لم أعرفك ) ...
يا عابث القلب الأسرف ...
لأن قلبي صار لعبتك ...
شقلبه بين كلمات غزلك ...
وأسرف ...
أسرف بغزلك ...
فما كل يوم يصير القلب لعبة أنوثة ...
وتمادى ...
تمادى بحبك ...
فما كل عمر سيقال فيه ( ليتني لم أعرفك ) ...
( ليتني لم أعرفك ) ...
يا حب الكراهية الأجمل ...
لأني ياحبيبي أكرهك ...
أكرهك ...
أسرفت في حبك حتى كرهتك ...
كرهتك من تخمة حبي ...
لم يعد مكان في قلبي بعدما ملأته بحبك سوى لكرهك ...
اعذرني ...
فأنا أكرهك ...
أكرهك ...
ليتني لم أعرفك !! ...
( ليتني لم أعرفك ) ...
يا أقدار الحب الأعتى ...
لكأنك القدر ... ليتني لم أتعثر بك ...
لكأنك الخبر ... ليتني لم أسمع بك ...
لكأنك السفر ... ليتني لم أرحل بك ...
لكأنك المطر ... ليتني لم أغرق بك ...
كأنك كل البشر ... كل الصور ... كل القدر ...
( ليتني لم أعرفك ) ...
يا جنون الأحلام الأشهى ...
حبيبي ... اعذر مازوخيتي ...
اعذرني ... فأنا لم أعد أنا ...
اعذر هلوسات عشقك ...
اعذر نوبات هيامك ...
ألن تعذر من ذاق طعم حبك !! ...
اعذر من قال لك ( ليتني لم أعرفك ) !! ...
( ليتني لم أعرفك ) ...
يا جنا العمر الأشجى ...
يا أسيل الخد الأندى ...
يا وعد الحب الأصعب ...
يا ترنيم الليل الأطرب ...
يا بعد الحب الأقرب ...
وقرب الحب الأبعد ...
يا شجن اللحن الأعذب ...
يا هيام الوله الأتعب ...
( ليتني لم أعرفك ) ...
يا عازف القوافي الأعسل ...
اعزفني غزلا وعسلا ...
مذعانة قوافيك أنا ...
مغناجة أشعارك أنا ...
لا أملك إلا أنوثتي وحبك ...
اعزفني غزلا ولا تبقيني بلا احتضان !!...
اسقيني حبك ولا تتركني إلا بأمان !! ...
هي أعمق عبارة حب تنطق بها أنثى ... علم ذلك من اختص بطب الأنوثة ...
لم نقل طبيب نسائية ... بل طبيب أنوثة ... وفرق بين الاثنين ...
وهو كان طبيب أنوثة ماهر درس بأرقى معهد للأنوثة ... درس أنوثة عينيها !! ...
لذا كان له أن يتقلد عبارتها الأدفأ ( ليتني لم أعرفك ) بجدارة ...
إذن هي خافت منه ... لأنه أعطبها حبا ... ويبقى الحب دائما خوف ...
الحب خوف وفوبيا ... ولكن ما ألذ ما كان خوفها ... خوف الحب اللذيذ هذه المرة ...
ها هو الحب صانع العجائب يجعل الخوف لذيذا !! ...
يجعل ( ليتني لم أعرفك ) أرقى عبارة في علم الإطراء !! ...
فما الذي يا ترى ينتظر كل هذا الحب ؟
يا سماء تروي غيوم الحب برومانسية أمطارها ...
ترويها لأنها تحكيها ... وترويها لأنها تسقيها ...
إلى متى ؟ إلى متى ؟ إلى متى تتفرجين بصمت ...
نحن نكن بدفء زرقتك ...ولكن ... لماذا المطر ؟! ...
أتمطرين كي تذكريننا بدموع ذرفناها ...
ولكنك إذ تمطرين ... الكل يشاهد ويعرف أنك تذرفين ...
أما هؤلاء العشاق ... الذين تشردت مشاعرهم في عراء الفراق ...
راحوا يكبتون ويقتلون مشاعرهم مرغمين ...
منهم من وجد حبا جديدا ...
ومنهم من بقى يتعذب حبه الأول ... حبه الوحيد ...
هؤلاء العشاق الذين يذرفون دموعهم الأثيلة ... يتنسكون خلف محاريب الحب ...
يرمقهم الناس باستهجان ... يوسمون بالجنون ... من يشاهدهم ؟ من ذاك الذي يحس بهم ؟
أيتها السماء الجميلة ...
أنت التي عندما تبكين تخضر بثينة الأرض ... ويتفاؤل البيلسان ... ولكن ...
ولكن الشعراء ... والعشاق ... دعيهم يحسدونك قليلا ... يا تويلة الفراق ...( بضم التاء وفتح الواو ) ...
ليتهم يتحولون غيمة من غيماتك المثقلة بالدموع ... فتأخذهم رياح الحزن نحو الحبيب ...
فيلقون دموع شوقهم عليه ... فيرتاحون قليلا ... فتتبخر غيوم مكبوتاتهم العشقية ...
ومن لم ينحرم حبيبه ما عرف الحب يوما !!
منتصف ليل ... وسماء تذرف مطرا ... والناس راحوا يتفاعلون مع دموع السماء ...
منهم من وقف تحت مظلة واجهة المحلات ينتظر أن تخف غزارة المطر ...
وقف يسرح في القطرات تنهال على رصيف الطرق ... تدق على رخام ذاكرته ...
يسرح في ذاكرته التي كأنها تغتسل بالمطر ...
ومنهم من كان على عجل فاستسلم للابتلال مسرعا... مضى مذعنا لطهارة السماء ...
أما العشاق فأمرهم دائما مختلف ...
تلتصق أجسادهم ... راحو يستغلون المطر ... يطفؤون به حرقة الحب ...
وراحو ينظرون إلى بعض وقد انكمشت خصال شعرهم بللا ... وقد ازدادو جمالا ...
يبتسمون وكأنهم يعلنونها بابتسامة ... أنا أحبك ... يركضون أطفالا ... يسدرون البراءة ...
كأن المطر غسل وأزال حواجز الكبرياء بينهم ...
تحت المطر ...ما أجملك حبيبتي تحت المطر ...تعالي نغسل عقد الدنيا ...
تعالي نعود أطفالا ونلعب ... تعالي نشكر القدر ...
تحت المطر ...نمشي تحت المطر ...
وعيناك تلمعان ... تخجلان ... تترقرقان ...ما أجملهما ...
الرمش رفال ... والجفن رفال ... والحاجب رفال ..
العينان تتبختران ... تختالان ... والرفيف يختبئ وراء الرموش الرهيدة ...
عيناك قصص وأخبار ... أقرأها الآن بلغات المطر ...
عيناك ضعفي ... أنظر إليهما فلا أعود أقوى ...
وعذرا ... كيف يقوى من وقف أمام حلم عمره ...
كيف يقوى من لجمه وهج الفتنة الطاغية ...
دعي طغيان عينيك يقسو على طفولتي ...
أنا الذي أعترف أني أقف أمامهما طفلا مطيعا ...
دعيني أصير طفلا أنهل طغيانهما ...
فكلنا أطفال في حضرة عينيك ...
وكل من نظر إليهما نسي أنه تحت المطر ...
تحت المطر تغزلت بعينيك بلا قوافي شعري ...
فعذرا يا طاغيتي ...
أنا الذي عزفت ما طاب لي شاعرا ...
أنا الذي لحنت ما لذ لي قوافيا ...
أنا الذي رقصت قوافيه ولم تهدأ يوما ...
اليوم أصيبت القوافي بعقد النقص ...
استحت وانكمشت وانسحبت من ساحات الطغيان...
من ساحات عينيك ...
كيف يلحن اللحن لحنا ؟
كيف يمطر المطر مطرا ؟
كيف تعزف القوافي عينيك ؟
فقدت اليوم القوافي ...
فيكفي شعري اليوم ذكر عينيك ...
عينيك ... عينيك ...
هذه أحلى قوافي شعر كتبتها ...
بعد عينيك آمنت بالخيال ... آمنت بالسحر ... آمنت بالغيب ...
آمنت بالمعجزات ... آمنت بالأنبياء ... آمنت بالله ...
أخاف أن يراهما أحد سواي فيرزق بالسهر لهما معي ...
أريدني وحدي أسهر لعينيك ... أريدني لعينيك ...
أخاف أن أدعهما يوما بلا احتضان عيني ...
قفي معي تحت المطر ...
أضم عينيك بحنان وحب ولغات عيني ...
دعي الأعين تتكلم ... فهي أصدق من حكى وتكلم ... قوافي العين أبلغ من قوافي الشاعر ...
دعي الأعين تتعانق وتحتضن بعضها ... ألم تعلمي أن ضمة العين هي الأبلغ حبا من ضمة الجسد ؟
أنا شاعر العين الجميلة ... شاعر ما عاد يمتلك القوافي ... شاعر عينيك ...
تحت المطر ... والناس ترمقنا بحسد ...دعيهم حبيبتي ... دعيهم ينظرون إلينا ...
فمن أسعد اليوم منا ؟...دعينا ننشر السعادة ... نحن فقط من لبس المطر ...
تحت المطر ...أخلع معطف حناني ...أستغل برد المطر ...
أضع حناني على جسدك ...أضع معطفي على معطفك النسائي الرقيق ...
لتزدادي دفئا ... أصنع بيني وبينك ذكريات جسد ... نصنع من البرد ذاكرة جسد ...
نعجن حبنا بذكريات برد الجسد ...
خذي دفئي وانعمي به ...فهو حقك حبيبتي ...دعيني أبرد ...دعيني أشعر أني بردت من أجلك ...
ما أمتع البرد من أجلك ...البرد من أجلك حبيبتي ولا برد حرمانك ...خذي معطفي ... وغطي جمالك ...
دعي هاتين العينين تنظران إلي بامتنان ... ما أسحر امتنانهما ...امتنان عينيك أحلى دفء غطاني ...
فهنيئا لمن ألبس عينيك معطفه ...ولمن التفح امتنان عينيك ... أنسياني البرد ...أنسياني مرة أخرى أننا تحت المطر ...
تحت المطر ... نمهر ذكرياتنا على قطرات المطر ... كي نتنسم ارتعاش ذكرياتنا ...
مع رائحة كل مطر ... نعجن برائحة المطر ذكريات حبنا ...كي تهطل الذكريات مع كل مطر ...
أمطري أيتها السماء دائما ...كي أمشي تحتك ولو وحيدا ...كي أبكي عيد المطر ...
كل مطر ... يوم مشينا تحت المطر ...
تحت المطر نبكي مع السماء على فراقنا ... كي تختلط قطرات المطر مع دموع الحب ...
كي يحفر المطر ذكرياتنا التي ليتنا لم نحمله إياها يوما ...ليتنا لم نمشي تحت المطر ...
يحفر المطر ذكرياتنا وينحتها على ماء عينينا ... كي نبكي تحت المطر ...
نبكي ونمشي تحت المطر ...كما كنا نمشي معا يوم عيد المطر ...
لم نكن نكترث لأحد يومها ...لأننا كنا تحت المطر ...
تحت المطر يختلط ماء الدموع بالمطر ...لن نكترث ... فلن يلحظ بكائنا أحد ...
فالدموع مطر ... والمطر دموع ... أسيل الذاكرة يسيل ... بشذى المطر ...
كم أحسدك أيتها السماء تبكين فنلحظ دموعك ... وحتى عندما بكيت تحتك خذلتني ...
ما لحظني أحد ... لم يشفق علي أحد ... لأني تحت المطر ...
كنت أيتها السماء تسترين عشقنا ... واليوم تغطين دموعنا ...
ليتنا لم نمشي تحت المطر ...من أخلع له اليوم معطفي ؟...من سيغطيني بامتنان عينيه ؟...
ما أقسى برد حرمانك حبيبتي ... أخلع معطفي ... كي أبرد ...
عسى هذا البرد ينسيني برد حرمانها ... فبرد أهون من برد ...
أخاف منك أيها المطر ... لم تكن لعبة ... تلك التي اسمها تحت المطر ...
أقف وحيدا تحت المطر ...كذاك الذي استسلم للابتلال يوم مشيت معها ...
أو كذاك الذي احتمى بالواجهات ...أترك المطر ينحت بماءه رخام ذاكرتي ...
ينحت بها وجعي وألمي ... كم كنت أنانيا لم أعرف أن هؤلاء الناس يخشون المطر ...
لماذا كنت يومها عاشقا ...ليتني وقفت معها خلف الواجهات ...
ليتني لم أجعل ذاكرتي المطر ...ليتننا قفزنا فوق السماء ... فما كنا تحت المطر ...
تحت الدموع أو تحت المطر ... ما عاد يهمني ...
أنا أعاني البرد ... برد حرمانها ... الآن عرفت البرد ...
أنا الذي صار دفئي مرتبطا بخلع المعاطف لا بارتدائها ....
أنا الذي صار لجسدي ذاكرة خلع المعاطف ...
كيف أنسى ذاكرة الجسد ... كيف نقطع ذاكرة صارت عضوا من الجسد ...
أنا الذي أمشي تحت البرد ... تحت المطر ... خالعا معطفي ...
معطفي أمسكه بيدي الآن فما عاد ارتداؤه يعنيني ...
ليتني تركته بمنزلي ولم أرتديه ...
ليت امتنان عينيها معطف أشتريه...
ليتنا لم نمشي تحت المطر ...
ليتك تتوقف أيها المطر ...أنا معطوب الدفء ... ما عادت المعاطف تزيل بردي ...
ما عاد شيء يرتدي معطف عطفي ... لذا توقف أيها المطر ...
عد رهاما ناعما ثم انقطع ... ما عدت أحتمل ذاكرتك ...
تحت المطر ...
نبكي مع بكاء السماء ...و نتوب ...و نذوب ...
أنظر إلى السماء وأنادي ...هل سمعتي بردي حبيبتي ...
تحت المطر ... ألبستها معطف عطفي ...
ولم يعد لي معطفا ولا عطفا ...
أعيدو معطفي من تحت المطر ...
أعيدوا امتنان عينيها يوم ألبستها معطفي ...
ليتني لم أخلع معطفي يومها ...
ليتنا لم نمشي تحت المطر ...
إذن ...
هي ( ليتها لم تعرفه ) !!...
وهو ( ليته لم يمشي معها تحت المطر ) !!...
إرهاصات الحزن مرتقبا ...
وتمثال صامت راح يغتسل من ماء المطر ... وحده لربما ... كان يسمع نشيج بكاء الذكريات ...
كان يقف صامتا لكنه لكم شاهد عشاقا يمشون تحت المطر ...
وما أنغم لحن المطر ... ونام الجميع مع صوت المطر ... مع ذكرياتهم تحت المطر ...
في مدينة ( باريس ) وفي صيف باريس الفريد ... عاشت الرواية بين ذاك الطالب
وهو يدرس اللغة وتلك الطالبة التي كانت تدرس الفلسفة وهي التي ولدت وترعرت
في مدينة العراقة والضباب من أب عربي استوطن تلك العاصمة العشقية العريقة
...
هي الرواية تخبرك سلفا وبمجرد عنوانها ... أن الفراق نهايتها ... أوليس الافتراق أعذب احتضان ....
وما هذه الرواية ؟ تبدأ بغارات عشقية ثم طقوس حزن بعبير المطر ... تتحدث
عن ( هو ) و ( هي ) يتداولون الهيام وهم على بعد ضفتين من غموض رواية ...
تربطهم شيفرات غامضة للحب عبر قصائد ترويها رواية تتناسى السرد الحقيقي
... ترويها رواية ليشتعل في أرجاء الزوايا الوله يستعر غموضا ...
كلمات ذبذباتية تدغدغ الشغف ... ثم تهطل القصائد مازوخية تتعذب المعاني
والمشاعر...أو غزلية تلاعب غرائز ونشوات القلوب ... بترددات هيامية لا
يلتقطها إلا قلب عاشق ذاق مر الحب عندما مر به ... هيروغليفية الحب السرية
... تنتظر علماء حب يأتون بأبحاثهم كي يفكوا الرموز العشقية من على جدران
رواية ...
( عزفها غزلا ) هو الرجل يثير القلوب الحميمة بعيارات رومانسيته ... يبذل
ما استطاع غزلا ليفتح ما استطاع من أقفال غياهب الأنثى ... يخوض غاراته
بحثا عن انتصارات غزلية يمتلك بها مدنا جديدة من دنيا قلبها ... ( هو )
الذي ما امتلك سواها ( هي ) مدينة ... كان يعلم أنه أمام أنثى تنهل
الأنوثة من أنوثتها ... مما أعطاه التخويل العشقي الكامل لهجماته الحبية
... ولكنها ( قد تبقى بلا احتضان ) ... فهو الحزن المرتقب الذي تنتهي به
دائما الروايات المتمادية تأثيرا ... وبذا الحزن يكتمل الحب الحقيقي نضوجا
... لرجل لم يجرب الاحتضان ... كان له الحق أن يخاف منه ... فالاحتضان هو
كلام الجسد ... يسهل كذب اللسان أما الجسد فيصعب تكذيبه ... الاحتضان علم
لم يدرس بالجامعات بعد ... فقط يدرس بين تجارب الشعراء ... و( قد ) يدرس
بين زوايا رواية ... الرواية زوايا ... بلا فهرس ... فقط تتيح لك قراءة
عنوانها ... ثم تتركك وحيدا تقرأ ... كي تعتمد على إحساسك في نبش الزوايا
وسبر حقول المشاعر ...
( الرواية التي سمعتها السماء ) هو العنوان الثاني للرواية ... يتبختر
غرورا روحانيا ... ويفيض غيبا وغيبية ... يخفي لحظات التفاني التي تم
اعتكافها في محراب رواية ... رواية تخاطب السماء ... لتحرسها وتحفها
الملائكة ... وحتى تمتلئ الرواية تمائم وحجابات خفية تملأ زواياها ...
يعبرها القارئ دون أن يدري متى عبرها ... أو دون أن يدري إن هي التي عبرته
ومتى ... تمائم وتويلات تضعها الملائكة كلما مرت بالرواية احتراما لها ...
لها ( هي ) ... لأنها البشر ملاكا ... والملاك بشرا ...
( هي ) التي أمضت ريعان عمرها ملاكا ... لا أدري كيف هداها الله كي تمشي
في عمرها وتتصرف ملاكا حتى تحولت ملاكا... هو خالقها الذي حباها الأنوثة
الدافقة ... وكيف لا يصبح ملاكا من امتلك أنوثتها ؟!... حركات يديها
ومشيتها ... ونظرة ورفة عينيها ... تعابير وجهها الفاتن ... أناقتها
العجيبة بالرغم من دخلها المحدود ... شرعت الغيرة للملائكة ... حضورها
إعصار ملائكي ساحر ... شلال جمال طاهر ... حاشية ملائكية مهيبة ترافق
طولها المهيوب ... أمامها وخلفها وعن يمينها وشمالها ... تجعلك خائفا من
أذيتها ولو بكلمة ... من يجرأ على هذه الأذية في حضرة الملائكية ...
حضورها المخيف في طهارته ... يفرض عليك عبء التهيؤ لها ... ويحرمك من خفة
تلقائيتك وعفويتك ... هنا تحسب الكلمات في حضرة الملائكة ... هنا إما
ستكون مرضيا عليك ... وتنعم بالقرب من الملائكية ... أو عليك أن تأذن برفض
من ملائكة الرحمن ... ويا خيبتك ... فإن لم تمتلك شجاعة الرجال حري بك
الانسحاب من ساحات الملائكية باكرا ...
( هي ) التي علمته حب الناس ... علمته حب الحياة ... كان يسرح في جمالها
... كيف تسحب كرسيا فيشهق الكرسي خجلا ... فالملاك سيجلس عليه ... كيف
ترفع فنجان القهوة وتداعبه بيديها اللدنتين ... وكيف ينتشي الفنجان
مستسلما لشفتيها ... كيف تمشي بخجل الأنوثة ... كأنها تخطو على أوردة قلبه
كقطرة الندى تنساب على الزهور دلالا ... تمشي وتنظر إلى الأسفل ... كي
تهرب من نظرات دهشة من يرى جمالها ... من الأمام ترى نور وجهها طاغي
الفتنة ... ومن الوراء والجانب خصال الشعر تتمايل مع المشية ... تؤدي رقصة
الطغيان ... والهالة الملائكية لا تفارقها ...
( هو ) الرجل المختلف الذي تبحث عنه الأنوثة الدافقة درجة النضج ... ( هو
) الذي أمضى حياته غريبا وكأنه كان يستعذب غبار الحياة ... شعورا منه أنها
ستأتي ( هي ) تمسح غبار حياته ... ( هو ) الرجل الحقيقي ... لا يظهر إلا
في أحلك المبادئ ... يمتطي صهوة المجد راكبا سرج العنفوان ... فيصهل حصانه
وهو يقود رسن المبادئ ... فارس يخفي وراء غبار معاركه أشجى الرومانسيات
... غبار معاركه الذي يغطي حساسيته ... هو الرجل المختلف ... يتحول
برؤيتها من الفارس إلى الشاعر ... إلى الحساس ... إلى الطفل يرضع جمال
عينيها ... ويبكي بين ذراعيها تاركا كبريائه ورائه على ظهر حصانه ... ثم
بعد البكاء والرضاعة ... يعود ويعتلي حصان السطوة ... وقد كان منذ قليل
يبكي بين ذراعيها ... أليست هذه أرقى الرجولات ؟
( هو ) الرجل عالي الثقافة ... وهي التي اكتشفت جمال عقله فانسحرت به ...
كان عقله مزود الأمان لها ... هو المفرط جاذبية الرجال ... المفرط وسامة
العنفوان ... مع امتلاكه بملامح ناعمة لا تحمل خشونة الرجال ... هو المقبل
على المعارك ... لا يشتري مجده بأثمان زمانه البخسة ... هو جحافل المجد
... تحطم أسوار الانهزام ... هو المعاطف العطوفة ... هو اللمسات الحنونة
... هو النظرات الحاضنة ... يلفها ويضمها ويقبلها فقط بنظرة عينيه وهي لا
تزال في مكانها ... وبدفء صوته تتهاوى على جسدها ارتعاشات الأمان اللذيذة
... وكأنه ضمها بصوته ... هكذا يضمها بصوته وعينه فماذا لو ضمها جسدا؟!!
...
والرواية ... تنقلك بين رقعة شطرنج غريبة ...ألوان مربعاتها أحمر الحب
وأسود الحزن ... وساحة الشطرنج خالية من حجارها سوى ملك وملكة ... الملك
يحاول أن يحاصر الملكة بغزله ... والملكة تستدرجه لتطيل وقت اللعبة ...
تبقيه على مسافة مربع واحد منها ... كي تستميل حبه وغزله ...وهولا يملك
إلا ملاحقتها ... وساحة الشطرنج خالية ... خالية حتى من اللاعبين ...
رواية حتى أخفت اللاعبين من ساحة اللعبة ... فالملك والملكة يتحركان على
رقعة الشطرنج بلا أصابع بلا أي شيء يحركهما ... يتحركان إذن بقدر رواية
... رواية ألقت بمسحوق سحري أخفى أشخاصها ... ألقت بضمائر اللغة العربية (
هو ) و ( هي ) عليهما فصارا خفيين ... فقط يمكنك مشاهدة الأحجار تتحرك
لوحدها ... ولا تدري هل سيصل الملك إلى ملكته ويحتضنها على أحد المربعات
الحمراء أم أنها ستبقى بلا احتضان ... وإذا تم الاحتضان فعلى مربع أحمر أم
على مربع أسود ... وهل ستبقى المسافة بينهما مربع واحد للحب على ساحة
العشق أم أن عدد المربعات سيزيد بفراق حزين ... هل ستبقى آمال الحب تسرح
فالتة ... أم أن غمرة الحزن بفراق سيجعل الآمال تالفة ...