قد
يكون حال أول الساقطين من الزعماء العرب أحسن من حال المتأخرين، فزين
العابدين وجد من يتعاطف معه وأيضا حسني مبارك ولكن القذافي وهو يجر أذيال
الانهيار لم يجد من يقدم له قطرة من العاطفة بما في ذلك القارة السمراء
التي كان يقول إنه ملك ملوكها، وكان يعطيها المال ويفقر شعبه لأجلها وكان
يظن أنها حضنه وداره...
- وكل
السيناريوهات المقدمة بخروجه إلى القارة السمراء تم نفيها وحتى جنوب
إفريقيا التي استقبل زعيمها التاريخي نلسن منديلا وتعشى معه وكان يقول إنه
توأمه نفت استقباله بل والتفكير في استقباله .. فعندما اندلعت ثورة الشعب
التونسي وانتهت بهروب الرئيس زين العابدين بن علي فاجأ القائد الليبي
العالم كونه الرئيس الوحيد الذي تكلم عن الهارب وقال إنه حقق لتونس ما لا
يمكن لأحد أن يحققه ووصفه بالرئيس الطيب وابن العائلة، وقال للتونسيين
إنهم سيندمون وطلب منهم أخذ العبرة من ليبيا التي كان يوهم الناس بأن
الشعب من يحكم فيها، وكان واضحا أن الزعيم الليبي يتحدث بثقة غير عادية
بالنفس وكأنه ولي أمر التونسيين الذين لم يستلطفوا كلام الرئيس الليبي
واعتبروه أكبر تدخل في الشؤون التونسية لأجل ذلك اعترفوا بالمجلس
الانتقالي ورفعوا العلم على السفارة في تونس العاصمة منذ أول أمس، وعندما
سقط الرئيس المصري لا أحد أيضا تكلم من الزعماء العرب والملوك الذين فضلوا
جميعا الصمت رغم الصداقات التي تجمعهم بالمخلوع إلا القذافي الذي استهزأ
من طلب المصريين بمتابعة عائلة حسني مبارك وبدا وكأنه توأم الرئيس المتنحي
بالقوة، وقال أيضا إن مبارك لا يمتلك لقمة العيش ولا ثمن اللباس الذي
يرتديه في إشارة إلى وطنية مبارك وحياته المتقشفة عكس ما عرفه الناس عن
بذخه المبالغ .. القول بأن القذافي تحدث عن تونس وعن مصر بسبب تواجد موقع
الجماهيرية وسط هذين البلدين لا معنى له لأن دول مجاورة كثيرة فضلت البقاء
على الحياد لأن الشعوب أرادت التغيير ولا دخل لمن لا شأن له في ذلك من
بعيد .. - ولأنه
تكلم وكرر كلامه في ذات الشأن أي انتقاد الشعوب وتمجيد القادة رغم أن
القائد الليبي ظل يدعّي دائما صموده ويدعي عداوته لكل من يضع يده مع
الإسرائيليين، فإن الضربة جاءته قوية في رمضان فكان الرقم الثالث والأخير
من الدكاتوتوريين الذين ودعوا العالم العربي والعالم بأسره لكن الأمر
اختلف مع القذافي، حيث لم يجد من يؤبّن سقوطه كما حدث مع زين العابدين بن
علي وحسني مبارك وواضح أن خاتمته في منتهى السواد.