هجرة الطيور ظاهرة من أكثر الظواهر الطبيعية إثارة وأكثرها
استعصاءً على فهم الإنسان. والطيور ليست قوية على وجه
الخصوص،
ومع ذلك تهاجر أنواع كثيرة منها مسافات طويلة محلقة أحياناً عدة ساعات، بل أيامًا دون أن تتوقف. مثال ذلك الشادي (الهازج) الأوروبي
الأبيض النحر، وهو واحد من طيور عديدة تتكاثر في أوروبا
وتقضي فصل الشتاء في إفريقيا أو آسيا. يسافر ذلك الطائر حوالي
4,000كم إلى موطنه
الشتوي في السنغال في غربي إفريقيا. ويطير الشادي أسود
الرأس، وهو عصفور من أمريكا الشمالية ولا يزيد حجمه على
حجم العصفور الدوري، مسافة 4,000كم
دون توقف إلى موطنه الشتوي في أمريكا الجنوبية. أما الطائر
الذي له أولوية السبق في الهجرة مسافات طويلة، فهو طائر
الخطاف القطبي الذي يطير حوالي 18,000كم
من مناطق تكاثره في القطب الشمالي إلى موطنه الشتوي في
القطب الجنوبي، ويعود ثانية للقطب الشمالي بعد مُضي بضعة
أشهر. وبذلك فهو يقطع حوالي 36,000كم في أقل من سنة.
ويهاجر العديد من الطيور قاطعة مسافات طويلة ولكنها في كل
سنة، تعود بالضبط إلى نفس أماكن تكاثرها.
لقد قام العلماء بالعديد من الاكتشافات عن: لماذا تهاجر الطيور؟
وأين؟ وكيف؟ ولكن يبقى العديد من الأسئلة دون إجابات، ومن
المحتمل أن بعضًا منها لن نجد له إجابة.
لماذا تهاجر الطيور. يندر الطعام الذي تتناوله الطيور في أماكن
كثيرة من العالم خلال فصول معينة من السنة، خاصة في المناطق
ذات الشتاء الجليدي القارس،
وعليه سوف تموت معظم الطيور جوعًا إذا بقيت في تلك الأماكن
خلال الشتاء. ولذا، فإن معظم الطيور التي تعشش في تلك الأماكن
تهاجر في فصل الخريف إلى المناطق
الأكثر دفئًا، وتعود في فصل الربيع عندما يدفأ الطقس مرة أخرى،
أما في معظم المناطق المدارية، فهناك فصل حار جاف وفصل
ممطر كل عام، وقد يندر الطعام والماء خلال
فصل الجفاف، لذلك يهاجر العديد من الطيور عند بداية كل صيف
إلى الأجزاء الأكثر رطوبة في تلك المناطق، وذلك تجنبًا لهذا
الجفاف، ثم تعود راجعة بعد انتهائه، بينما تهاجر
الطيور التي تفضل التكاثر في المناطق الجافة إلى الأجزاء الأكثر
جفافًا في المناطق المدارية خلال فصل الأمطار.