.وجود الحديقة ليس بالأمر الحديث.. وإنما يتميز بالقدم والحداثة في نفس الوقت!!
ونظرة الإنسان للحديقة لم تتغير بمرور العصور المختلفة: العصور القديمة والوسطى والحديثة.. فعبر هذه العصور كانت الحدائق دائماً هي رمز لتجديد النشاط والحيوية.. ومكان يضفي راحة على النفس والأعصاب ومكان يتخلص فيه الإنسان من أعباء الحياة وصخبها.
click here
فالتأمل في جمال جنان الله في الأرض ــ المتمثل في الحدائق ـــ يُعطى إحساس بالاسترخاء ممتزجاً بالدهشة من عظيم صنع الخالق سبحانه وتعالى..
لا تقتصر الفنون على الرسم أو الشعر أو الموسيقى أو التصوير أو التمثيل... فالحدائق على مر العصور كانت من الفنون التي تعبر عن رقي الإنسان البشري.. كما أنها تقدمها وتطورها يعكس مدى وعي المجتمع الثقافي. فكل عمل من أعمال التصميم ثم التنسيق للحديقة.. يعكس ضرباً من ضروب الفنون التي تحتاج إلى إبداع الإنسان. وطالما قلنا أنها فن فإن ذلك يستلزم من الإنسان أيضاً تفهم قوانين التنسيق والإخراج التي يحتاجها أي عمل فني، إضافة إلى علوم الزراعة والفلاحة.
وهناك نقطة جوهرية يختلف فيها فن تنسيق الحدائق عن باقي أنواع الفنون المتعارف عليها، حيث لا يمكن الحكم عليها بعد الانتهاء من تنسيقها كما هو الحال عند الانتهاء من نظم أبيات الشعر أو عند الانتهاء من تلحين قطعة موسيقية حيث يتم الحصول على الحكم الفوري عليها بعد سماعها مباشرة.
فالأمر يختلف مع فن الحدائق..الحكم هنا لا يأتي إلا بعد مرور فترة طويلة من الزمن قد تصل لسنوات حتى تكتمل جميع عناصرها فتنمو نباتاتها وأشجارها.. فالنتيجة تُبنى من تخيل المصمم وتصويره.
كانت بداية الحدائق في العصور القديمة لخدمة الأغراض الدينية حيث كانت جزءاً لا ينفصل عن المقابر، أو لسد حاجات الإنسان من الغذاء والأطعمة.
ومن أمثلة الحدائق في العصور القديمة:
أ- الحدائق الفرعونية:
كان لقدماء المصريين السبق في الحضارة الحدائقية، وكان على رأس الملوك الذين اهتموا اهتماماً كبيراً بالحدائق الملك «تحتمس الثالث» والملكة «حتشبسوت».. كان طراز الحدائق في هذه الحضارة يغلب عليها عنصر الماء وسط الحديقة الذي كان يمثل عند المصريين القدامى نهر الحياة، وكانت تحيط بأحواض الماء المستطيلة من الجانبين أشجار الظل في صفوف مستقيمة وعلى أبعاد متساوية.
والتصميم الهندسي للحدائق الفرعونية كان مسطحاً ليُظهر جمال حوض الماء ومجراه الذي يتوسط الحديقة ومن حوله الأشجار والزهور.
يحيط بالحديقة سور مرتفع وذلك لحجب مناظر الصحراء، كما كانت هناك تماثيل لآلهتهم لتكسبها طابع المعابد.. وتضفي عليها نوع من القداسة..
ومن أشهر الأشجار التي زًرِعت في الحديقة الفرعونية: أشجار النخيل والصفصاف والمشمش والرمان والزيتون.
click here
ب- الحدائق الآشورية (حدائق الصيد):
الحدائق الآشورية هي محاكاة لحدائق المصريين القدماء، حيث نقل الملك «آشور» معه إلى بلاده طراز حدائق مصر الفرعونية عندما غزاها في القرن السابع قبل الميلاد.. إلا أنه أضاف بعض التصميمات التي أعطتها الطابع الآشوري (لكن الأصل من الفراعنة).
وكانت الحدائق الآشورية واسعة لتلائم أغراض الصيد أو القيام بممارسة أنواع مختلفة من الألعاب للترويح عن النفس، كما غلب عليها التصميم غير المنتظم الذي يعكس الإيحاء الطبيعي بدلاً من الخطوط المستقيمة لقنوات الماء.
ج- الحدائق الفارسية:
جمعت في تصميمها ما بين الحدائق الفرعونية والحدائق الآشورية (الحديقة الطبيعية + حديقة الصيد)، فكانت الحديقة الفارسية مربعة الشكل في تخطيطها وقنوات الري ممثلة في أربعة أنهار متعامدة وتلتقي في مركز الحديقة حيث بئر الماء. وغالباً ما كانت الحديقة الفارسية تُحاط من داخل جدرانها الخارجية بقناة من الماء، كما زُرعت في كل ركن من أركانها الأربعة أشجار الفاكهة والنباتات ذات مواسم إزهار مختلفة على مدار السنة.
وقد جمع الفرس ما بين حب الحدائق وحب الصيد الذين عرفوه عن الآشوريين حيث كانوا يصممون بجلود الحيوانات الحدائق ويعلقونها على جدران المنازل وخاصة في فصل الشتاء حيث برودة الجو القارسة والتي لا يستطيعون معها الخروج للتمتع بجمال الحدائق واصطياد الحيوانات، ومن هنا برزت صناعة السجاد الفارسي العجمي.
ومن ولع الفرس بفن الحدائق، قاموا بزراعة الجبال بطرق لا تنهار مع سقوط مياه الأمطار واشتهرت مدينتي بابل وأصفهان بهذا النوع الذي أُطلق عليه «حدائق بابل المعلقة»، وكانت تُزرع بها الأنواع الشهيرة التالية: شقائق النعمان، السوسن، القرنفل والبنفسج.
ومن أقوى المدن الفارسية في إنشاء الحدائق هي مدينة «شيراز» التي تعتبر مدرسة لتخريج البستاني الماهر حتى وقتنا الحالي، حيث كانت مهمة البستاني في تلك البلاد من أشرف المهن ويلبسون زياً خاصاً يميزهم عن باقي أصحاب المهن الأخرى.
د
د- الحدائق الإغريقية (بلاد اليونان القديمة):
كان كل طراز جديد من الحدائق يقتبس من الحضارة الحدائقية التي سبقته، فحدائق اليونان كانت اقتباس من حدائق الفرس.. ويمكننا أن نطلق عليها حدائق بلاد اليونان القديمة أو حدائق الفلاسفة.. لازدهارها في عهد الفلاسفة الإغريق القدامى الذين أكسبوا هذه الحدائق طابع جديد.
فكانت الحديقة الإغريقية هي مصدراً لخدمة أحاسيس الإنسان وفكره بدلاً من اقتصارها على إنتاج الغذاء أو الترفيه أو الغرض الديني منها.
وصُممت الحدائق على أن تكون مكاناً في الهواء الطلق امتداداً لبهو المعيشة في الحدائق الخاصة.
هـ- الحدائق الرومانية:
قد يكون هناك تشابه كبير بين الحديقة في الحضارة الإغريقية والحديقة في الحضارة الرومانية، ونتيجة لذلك أدمج الكثير هذين الطرازين وأسموه بالحديقة الإغريقية-الرومانية. إلا أنه هناك اختلاف وخاصة للنظام الروماني الأكثر تقدماً بما استورده من ثقافات من مختلف البلاد التي غزاها الرومان في عهد «الإسكندر الأكبر» والتي شملت فتوحاته حتى حدود بلاد الفرس والهند.
كان فن العمارة والنحت سائداً في هذه الحدائق، ويجوز القول بأن الرومان أول من استعمل المقاعد للجلوس عليها في الحدائق وزرعوا حولها الزهور ونافورة المياه. وتطورت هذه الفكرة إلى أن ظهرت في شكل تراسات الحدائق، بالإضافة إلى إنشاء النافورات وقنوات المياه، ونجد رجوع الرومان إلى أصلهم الإغريقي من خلال إطلاق أسماء إغريقية على حدائقهم مثل حدائق الليكيوم (Lyceum).
و- الحدائق الصينية:
اقتبس الصينيون فن الحدائق من القدماء المصريين، وانتقلت إليهم ما بين عام 140 حتى عام 87 قبل الميلاد إلا أنهم طوروه إلى طراز جديد عُرف بالمذهب الطبيعي (Natural system) في تصميم الحدائق. وكان الغرض من إنشاء الحديقة الصينية هو التأمل للفلاسفة وأصل الفكر ليصبحوا في عزلة عن الناس، إذا جاء تصميمها يساعد على هذا التأمل وطول التمتع بالمنظر الذي يقع عليه البصر (التمتع البطيء).
فكان تصميم الحديقة لا يقوم على تكون المحاور الرئيسية، وتميزت بوجود مساقط المياه فيها والبحيرات والوديان والجبال
ونظرة الإنسان للحديقة لم تتغير بمرور العصور المختلفة: العصور القديمة والوسطى والحديثة.. فعبر هذه العصور كانت الحدائق دائماً هي رمز لتجديد النشاط والحيوية.. ومكان يضفي راحة على النفس والأعصاب ومكان يتخلص فيه الإنسان من أعباء الحياة وصخبها.
click here
فالتأمل في جمال جنان الله في الأرض ــ المتمثل في الحدائق ـــ يُعطى إحساس بالاسترخاء ممتزجاً بالدهشة من عظيم صنع الخالق سبحانه وتعالى..
لا تقتصر الفنون على الرسم أو الشعر أو الموسيقى أو التصوير أو التمثيل... فالحدائق على مر العصور كانت من الفنون التي تعبر عن رقي الإنسان البشري.. كما أنها تقدمها وتطورها يعكس مدى وعي المجتمع الثقافي. فكل عمل من أعمال التصميم ثم التنسيق للحديقة.. يعكس ضرباً من ضروب الفنون التي تحتاج إلى إبداع الإنسان. وطالما قلنا أنها فن فإن ذلك يستلزم من الإنسان أيضاً تفهم قوانين التنسيق والإخراج التي يحتاجها أي عمل فني، إضافة إلى علوم الزراعة والفلاحة.
وهناك نقطة جوهرية يختلف فيها فن تنسيق الحدائق عن باقي أنواع الفنون المتعارف عليها، حيث لا يمكن الحكم عليها بعد الانتهاء من تنسيقها كما هو الحال عند الانتهاء من نظم أبيات الشعر أو عند الانتهاء من تلحين قطعة موسيقية حيث يتم الحصول على الحكم الفوري عليها بعد سماعها مباشرة.
فالأمر يختلف مع فن الحدائق..الحكم هنا لا يأتي إلا بعد مرور فترة طويلة من الزمن قد تصل لسنوات حتى تكتمل جميع عناصرها فتنمو نباتاتها وأشجارها.. فالنتيجة تُبنى من تخيل المصمم وتصويره.
كانت بداية الحدائق في العصور القديمة لخدمة الأغراض الدينية حيث كانت جزءاً لا ينفصل عن المقابر، أو لسد حاجات الإنسان من الغذاء والأطعمة.
ومن أمثلة الحدائق في العصور القديمة:
أ- الحدائق الفرعونية:
كان لقدماء المصريين السبق في الحضارة الحدائقية، وكان على رأس الملوك الذين اهتموا اهتماماً كبيراً بالحدائق الملك «تحتمس الثالث» والملكة «حتشبسوت».. كان طراز الحدائق في هذه الحضارة يغلب عليها عنصر الماء وسط الحديقة الذي كان يمثل عند المصريين القدامى نهر الحياة، وكانت تحيط بأحواض الماء المستطيلة من الجانبين أشجار الظل في صفوف مستقيمة وعلى أبعاد متساوية.
والتصميم الهندسي للحدائق الفرعونية كان مسطحاً ليُظهر جمال حوض الماء ومجراه الذي يتوسط الحديقة ومن حوله الأشجار والزهور.
يحيط بالحديقة سور مرتفع وذلك لحجب مناظر الصحراء، كما كانت هناك تماثيل لآلهتهم لتكسبها طابع المعابد.. وتضفي عليها نوع من القداسة..
ومن أشهر الأشجار التي زًرِعت في الحديقة الفرعونية: أشجار النخيل والصفصاف والمشمش والرمان والزيتون.
click here
ب- الحدائق الآشورية (حدائق الصيد):
الحدائق الآشورية هي محاكاة لحدائق المصريين القدماء، حيث نقل الملك «آشور» معه إلى بلاده طراز حدائق مصر الفرعونية عندما غزاها في القرن السابع قبل الميلاد.. إلا أنه أضاف بعض التصميمات التي أعطتها الطابع الآشوري (لكن الأصل من الفراعنة).
وكانت الحدائق الآشورية واسعة لتلائم أغراض الصيد أو القيام بممارسة أنواع مختلفة من الألعاب للترويح عن النفس، كما غلب عليها التصميم غير المنتظم الذي يعكس الإيحاء الطبيعي بدلاً من الخطوط المستقيمة لقنوات الماء.
ج- الحدائق الفارسية:
جمعت في تصميمها ما بين الحدائق الفرعونية والحدائق الآشورية (الحديقة الطبيعية + حديقة الصيد)، فكانت الحديقة الفارسية مربعة الشكل في تخطيطها وقنوات الري ممثلة في أربعة أنهار متعامدة وتلتقي في مركز الحديقة حيث بئر الماء. وغالباً ما كانت الحديقة الفارسية تُحاط من داخل جدرانها الخارجية بقناة من الماء، كما زُرعت في كل ركن من أركانها الأربعة أشجار الفاكهة والنباتات ذات مواسم إزهار مختلفة على مدار السنة.
وقد جمع الفرس ما بين حب الحدائق وحب الصيد الذين عرفوه عن الآشوريين حيث كانوا يصممون بجلود الحيوانات الحدائق ويعلقونها على جدران المنازل وخاصة في فصل الشتاء حيث برودة الجو القارسة والتي لا يستطيعون معها الخروج للتمتع بجمال الحدائق واصطياد الحيوانات، ومن هنا برزت صناعة السجاد الفارسي العجمي.
ومن ولع الفرس بفن الحدائق، قاموا بزراعة الجبال بطرق لا تنهار مع سقوط مياه الأمطار واشتهرت مدينتي بابل وأصفهان بهذا النوع الذي أُطلق عليه «حدائق بابل المعلقة»، وكانت تُزرع بها الأنواع الشهيرة التالية: شقائق النعمان، السوسن، القرنفل والبنفسج.
ومن أقوى المدن الفارسية في إنشاء الحدائق هي مدينة «شيراز» التي تعتبر مدرسة لتخريج البستاني الماهر حتى وقتنا الحالي، حيث كانت مهمة البستاني في تلك البلاد من أشرف المهن ويلبسون زياً خاصاً يميزهم عن باقي أصحاب المهن الأخرى.
د
د- الحدائق الإغريقية (بلاد اليونان القديمة):
كان كل طراز جديد من الحدائق يقتبس من الحضارة الحدائقية التي سبقته، فحدائق اليونان كانت اقتباس من حدائق الفرس.. ويمكننا أن نطلق عليها حدائق بلاد اليونان القديمة أو حدائق الفلاسفة.. لازدهارها في عهد الفلاسفة الإغريق القدامى الذين أكسبوا هذه الحدائق طابع جديد.
فكانت الحديقة الإغريقية هي مصدراً لخدمة أحاسيس الإنسان وفكره بدلاً من اقتصارها على إنتاج الغذاء أو الترفيه أو الغرض الديني منها.
وصُممت الحدائق على أن تكون مكاناً في الهواء الطلق امتداداً لبهو المعيشة في الحدائق الخاصة.
هـ- الحدائق الرومانية:
قد يكون هناك تشابه كبير بين الحديقة في الحضارة الإغريقية والحديقة في الحضارة الرومانية، ونتيجة لذلك أدمج الكثير هذين الطرازين وأسموه بالحديقة الإغريقية-الرومانية. إلا أنه هناك اختلاف وخاصة للنظام الروماني الأكثر تقدماً بما استورده من ثقافات من مختلف البلاد التي غزاها الرومان في عهد «الإسكندر الأكبر» والتي شملت فتوحاته حتى حدود بلاد الفرس والهند.
كان فن العمارة والنحت سائداً في هذه الحدائق، ويجوز القول بأن الرومان أول من استعمل المقاعد للجلوس عليها في الحدائق وزرعوا حولها الزهور ونافورة المياه. وتطورت هذه الفكرة إلى أن ظهرت في شكل تراسات الحدائق، بالإضافة إلى إنشاء النافورات وقنوات المياه، ونجد رجوع الرومان إلى أصلهم الإغريقي من خلال إطلاق أسماء إغريقية على حدائقهم مثل حدائق الليكيوم (Lyceum).
و- الحدائق الصينية:
اقتبس الصينيون فن الحدائق من القدماء المصريين، وانتقلت إليهم ما بين عام 140 حتى عام 87 قبل الميلاد إلا أنهم طوروه إلى طراز جديد عُرف بالمذهب الطبيعي (Natural system) في تصميم الحدائق. وكان الغرض من إنشاء الحديقة الصينية هو التأمل للفلاسفة وأصل الفكر ليصبحوا في عزلة عن الناس، إذا جاء تصميمها يساعد على هذا التأمل وطول التمتع بالمنظر الذي يقع عليه البصر (التمتع البطيء).
فكان تصميم الحديقة لا يقوم على تكون المحاور الرئيسية، وتميزت بوجود مساقط المياه فيها والبحيرات والوديان والجبال
ع الموضوع .
على مرورك