المنشد العراقي مصطفى العزاوي في حوار مع "إسلام أون لاين"
خرجت من "طيور الجنة" بسبب الإساءة

إسلام أون لاين
نفى المنشد العراقي مصطفى العزاوي خبر اعتزاله عالم الإنشاد، معبّرا عن أنه
يجري منه مجرى الدم في العروق، وهو يطمح لإيصال رسالة السلام إلى كل
العالم ليعكس الصورة الحقيقة عن ديننا الحنيف، كما رفض تأدية الأناشيد
بالإنجليزية، كونه من أشد المدافعين عن العروبة ولغة القرآن، والمزيد أيضاً
في هذا الحوار الذي كان لنا فرصة إجرائه خلال جولة إنشادية في الجزائر،
بمناسبة عيدي الشباب والاستقلال.


- جمهور مصطفى العزاوي يتساءل عن سبب مغادرته قناة "طيور الجنة" ؟
- لم أكن أنوي التعرض لهذه القناة بعد أن خرجت منها بحبيّة وعلى طريقة
الكبار، فنحن أصحاب رسالة ولا نذكر غيرنا بسوء أبدا، لكن بعد فترة وجدت أن
هناك من يتعرض لي بالسوء، ويحاول تشويه صورتي، ثم رفعت صورتي من الشاشة،
وتم إلغاء كل الأناشيد التي تركتها هناك، رغم أنني كنت متفقا معهم على حرية
استخدامها من بعدي.

- لم تكن وحدك من غادر القناة، ما هي أسبابك أنت بالتحديد ؟
- بالفعل فقد سبقنا جميعا المنشد مجاهد هشام، وآخرنا أسامة النسغ، لكن
حينما وجدت إدارة القناة تضيّق علي، وترفض كل مقترح أقدمه لها، ورفضت أن
يظهر معي ابني عبد الله في برنامج "على الهوا سوى"، ولم أحظ بأي تفسير من
الإدارة، قررت الخروج في أجمل صورة وبكل رضا، لأن القناة بها رسالة كبرى،
نحن لا نعترض عليها، بل نعترض على هذه الإدارة التي اختلف عليها الجميع، من
بعد أن انسحب عن التسيير مالك القناة خالد مقداد، حيث لم نكن نجد معه أية
مشاكل، وهذه مشكلة كل قنوات الإدارة التي ترتكز على الوساطة والمحاباة
وتقصي الكفاءة، وتهميشها بكل الوسائل.

- هل هناك أعمال رفضت لك وأحسست من خلالها بالتهميش ؟
- كل فكرة كنت أقترحها كانت تقابل بالرفض، بسبب ومن دون سبب، لكن ما
استغربت منه فعلا، حينما رفضت أنشودة حول الأقصى، فكل عمل يخص القضية
الفلسطينية مقدس في نظرنا، مهما كان بسيطا، وهذه الأنشودة عرضتها على
مختصين وفنيين، فقيموها بالإيجاب وأعجبوا بتصويرها، بينما قالت لي القناة
أنها دون المستوى ولا تصلح للعرض على القناة، ومن هنا بدأ شكي في توجّه
القناة وفي أسباب رفضها لأعمالي.
ومرة أخرى عرضت عليهم تصوير أنشودة عن الحسن والحسين باعتبارهما سيدي شباب
الجنة، وأردت منها التقريب بين الطوائف ونبذ الطائفية في الأمة الإسلامية،
فرفضوها هي الأخرى بحجة أنهم لا يريدون أن يحسبوا على الطائفة الشيعية،
وهذا دفعني للاستغراب أكثر فأنا سني، والأنشودة لا تكرّس الطائفية أبدا.

- ما هي الأعمال التي بقيت في جعبتك ولم تظهر بعد على القناة ؟
- هناك أنشودة خصصتها للجزائر تتعلق بالأمير عبد القادر مؤسس الدولة
الجزائرية أؤديها أنا وابني عبد الله، وقد شرعت في تصوير مقاطع منها في
رياض الفتح - نصب تذكاري للحرب الجزائرية يطل على الجزائر العاصمة -وفي بعض
المواقع الأثرية والتاريخية الأخرى.


- كيف وقع اختيارك على هذه الشخصية بالذات؟ لماذا ليست شخصية من التراث العراقي باعتبارك عراقيا ؟
- أنا أرفض الاختيار الاعتباطي للإنشاد عن دولة على حساب جولة، بل أحب أن
يكون الإنشاد لقضية قبل أن يكون لدولة بعينها، بدليل أنني أنشدت لفلسطين
قبل أن أنشد للعراق، لأن فلسطين قضية كل العرب والمسلمين، وكذلك الشأن
بالنسبة لأنشودة الأمير عبد القادر، لأنه رمز للانتصار على العدو، فربطت في
كلمات الأنشودة الماضي بالحاضر في تعليق الأمل على أجياله أن تحرّر
فلسطين، وورد ذلك في هذه الكلمات:
كان فيه رجال .... اسمه عبد القادر
بطل من الأبطال ... من أرض الجزائر

فنحن نشأنا في مدرسة عربية ودرسنا تاريخ الجزائر، وأحببنا بطولات الأمير
عبد القادر من خلال حكايات أستاذ التاريخ الذي كان يروي لنا تاريخ الثورة
الجزائرية بكل حرقة، ويقارن الغزو الفرنسي لها بالغزو البريطاني في ثورة
العشرين بالعراق، وينتفض للعروبة.

- أين ستعرض أعمالك القادمة بعد خروجك من "طيور الجنة" ؟
- نحن الآن نحضر لإطلاق قناة إنشادية للصغار أيضا، بمشاركة مع أغلب الأسماء
التي انسحبت من طيور الجنة، وعلى رأسهم يحيى حوى، ورغد الوزان، وستكون
انطلاقتها بعد ستة أشهر بتمويل من شركات عراقية وجزائرية وسعودية، سنحافظ
فيها على الخط التربوي وعلى التنشئة العربية الإسلامية، وسيكون للمغرب
العربي حظ كبير منها، لأن القمر الصناعي سيتوسع بثه مع نهاية هذه السنة.

- هل ترى أن القنوات الإنشادية أنصفت المنشدين في الوطن العربي، أم كانت حجر عثرة لسوء تسييرها الإداري ؟
- لا، بل كان لها الفضل بعد الله تعالى في نشر فن جديد ونظيف، ولا اعتراض
لنا على أي قناة، بل إن أغلب مشاكلنا كمنشدين مع الإدارات، فكل القنوات
الإسلامية تفتقر للإدارة المحترفة، لأنها لا تفرّق بين الالتزام والعمل،
وتكرّس المحسوبية مما يكون مدخلا لضياع الكفاءات وهروبها.

- لماذا برأيك لا تصمد هذه القنوات في ظهورها مقابل قنوات الفن الهابط ؟
- إن الدعم هو الذي يرجّح الكفة لصالح تلك القنوات، فالقنوات الدينية
بالعادة تفتقر للدعم الكافي لتمويلها، مثلما حدث مع قناة طيور الجنة التي
كانت تعتمد على مواردها الخاصة، سواء في الإنتاج أو بغيرها من التكاليف، في
البداية سارت الأمور على أكمل وجه، ثم بدأ الاختلال، بالمقابل نجد بقية
القنوات مدعومة بأرقام خيالية من طرف شركات كبرى تطرح عليها أرقاما هائلة
تسمح لها بالاستمرار.

- ما مدى رضاك عن الأنشودة الدينية في ترجمتها للهموم العربية ؟
- برأيي الأنشودة واكبت الأحداث أكثر من الأغاني، بدليل أن الأنشودة سبقت
الحديث عن الانتفاضة وحتى أسطول الحرية والثورات العربية، بخلاف الأغنية
التي تأتي متأخرة، أو لا تلتفت أبدا إلى هذه الانشغالات.

- ما صحة الإشاعات التي راجت حول اعتزالك مجال الإنشاد ؟
- يستحيل أن أعتزل الإنشاد فهو يسري في دمي، وهو بمثابة الرسالة التي أحملها للأجيال، ولا يمكن أن أتخلى عنها بعد مسيرة ثلاث سنوات.

- هل يعارض العزاوي التعاون مع القنوات الفنية الأخرى؟
- مع مؤسسة محترمة ونظيفة، لا مانع لدي، وقد جاءتني عروض من العشرات إلا
أنني أدرسها أولا، والمشكلة التي تعترضنا حاليا هم قيام بعض الشركات
باقتراح الإنشاد على فنان عادي، وهو لا يفقه لغة الإنشاد، وهذا ما يخلق
تناقضا لدى جمهور الإنشاد، كيف أن المغني الذي ينشد اليوم يظهر غدا في
فيديو كليب يرقص إلى جانب فتيات، خاصة أن شريحة كبيرة من جمهور الإنشاد هم
من الأطفال الصغار.

- ما هي الرسالة التي تهدف إليها من خلال الإنشاد ؟
- أطمح إلى إيصال الصورة الحقة عن العرب والمسلمين، بأننا أصحاب دين،
وإسلامنا نظيف ليس فيه كراهية أو قتل، وكل ما يشاع عن ديننا غير صحيح، لأنه
دين تسامح ومحبة وولاء، ولا إشكال لنا مع كل الشعوب، ولي أنشودة عن السلام
ستظهر قريبا.

- هل سبق لك أن أنشدت في الكويت ؟
- نعم مرتين، لكن بالتنسيق مع قناة طيور الجنة، ولو عرض علي الأمر مرة أخرى ووجهت الدعوة إلي فأنا شخصيا لن أنشد هناك إلا بشروط.

- ما هي هذه الشروط ؟
- أن أنشد باللهجة العراقية، فعندما كنا مع القناة اشترطوا علي ألا أنشد بهذه اللهجة أبدا، رغم أن الجمهور كان يطالب بها بحدة.

- ألم تسبب لك جنسيتك العراقية أية مشاكل خلال مشوارك الإنشادي ؟
- جنسيتي العراقية صارت تهمة، وبسببها لم يسمح لي بالدخول إلى عديد من
الدول العربية، وكنت أحصل على تأشيرة الدخول من الدول الأوروبية أسرع بكثير
من بعض الدول العربية، فمصر مثلا رفضت منحي التّأشيرة أربع مرات كوني
عراقيا، في حين أحصل عليها في المطار في تركيا وسنغافورة ولبنان، وأنا
أتفهم لماذا يحدث ذلك مع كل العراقيين بسبب البند السابع للأمم المتحدة
الذي يصنّف العراقيين مواطنين لدول مصدّرة للإرهاب، لكن المفروض أن تتعاون
الدول العربية للتغلّب على القوانين الغربية.

- ما موقفك من الحكومة الحالية في العراق ومن الصراع الطائفي هناك ؟
- أرفض الحكومة الموجودة في العراق، لأنها تعمل ضدّ المواطن، وتمارس القتل
والفساد وتكرّس الطائفية بكل المعايير والمقاييس، لأنها بذلك تلبي مصالح
إيران بالدرجة الأولى.
القضية العراقية مازالت مجهولة لدى الكثير من الناس، فالأوراق مخلوطة،
فهناك من يقف مع الشعب العراقي ثم يصطدم مع الطوائف التي تتصارع. نحن اليوم
نعاني من الهجمة الفارسية، ونحن معنيون بتعزيز العروبة لوجود هجمة إيرانية
أميركية شرسة، تأخذ العراق إلى واد مظلم، وأملنا الكبير بشعبنا الجبّار
الذي له باع طويل في الحروب والشهامة، لذا أرادت أميركا قتله وإبادته، لكن
هذا أمر مستحيل.

- بمن تأثر مصطفى العزاوي في المجال الإنشادي ؟
- أثر فيّ أخي محمد العزاوي كثيرا، وكنت أستقي منه العديد من الفنون، فضلا
عن استماعي لكبار المنشدين، واستطعت من خلال ذلك أن أصنع مدرسة لنفسي،
ودمجت اللون العرقي في الساحة الإنشادية العربية بقوّة، كما أنشدت باللهجة
المغربية "اللهم صلِّ على النبي" التي لاقت رواجا كبيرا، ناهيك عن اللهجتين
الخليجية والشامية، حتى يصل الإنشاد لكل الفئات بالتطرق إلى تراث كل
منطقة.

- وماذا عن اللغة الإنجليزية مثلما فعل أبوخاطر ؟
- لا أحب الإنشاد باللغة الانجليزية، لأنني من أشد المدافعين عن اللغة
العربية، رغم أن هذا اللون ناجح، وقد نجح فيه سامي يوسف وماهر زين،
فجمهورهما كبير جدا، وربما من أسباب نجاح سامي عيشه في بريطانيا، أما
أناشيد أبوخاطر، فهي لم تحقق نجاحا بالإنجليزية مثل ماهر في أوروبا.
وأنا مثلا لما أنشدت في فرنسا وسويسرا، طلبوا مني الإنشاد باللغة العربية،
فهم يفتقدونها ويريدون تعزيزها، حتى أن المربيات في رياض أطفال الجالية
العربية يستعينون بالأناشيد العربية لتعليم أولادهم لغتهم الأصلية. ولي
حفلات يحضرها نصارى ينشدون معي "زين الحرم"، فد استطعنا الوصول الى أكبر
شريحة ممكنة.
وقد تفاجأت حينما زرت شمال كردستان بالعراق قبل ثلاث أسابيع، أن أغلب الأطفال يحفظون أناشيدي بالعربية، إلا أنهم يحدثونني بالكردية.

- هل هناك مشاريع للتعاون مع منشدين أتراك كمسعود كرتس ؟
- مسألة التوأمة قائمة على الدعم، خاصة وأن تكاليف الإنتاج تقع على كاهل
المنشد، إلا أنني لا أرى أي مانع في التعاون مع مسعود الذي سبق له أن أدى
أناشيد باللغة العربية، فتركيا اليوم تلعب دورا كبيرا في المنطقة، بعد أن
كانت تحارب اللغة العربية في عهود سابقة، ولكن مع عهد رجب طيب أردوغان تغير
الأمر، واليوم نحن نسافر إلى تركيا لتسجيل أناشيدنا المصورة نظرا لتوفر
الاستوديوهات والتسهيلات أيضا.

- هل تمانع باختيار موضوع الحب للإنشاد ؟
لا، بل سبق لي أن أديت أنشودتين في الحب: الأولى لزوجتي والثانية لأمي،
فأنا أؤدي هذا النوع الإنشادي بشرط أن يكون حبا عذريا، ولا أحصر الحب في
"بنت الجيران".

- ما رأي العزاوي في الثورات العربية الأخيرة، وهل ستكون مشروعا إنشاديا ؟
- لقد صحّحت لنا هذه الثورات الصورة عن الشباب العربي، الذي كنا نظنه وهب
نفسه للموضة والموسيقا والميوعة، وأثبت لنا أنه واع بما فيه الكفاية، لأنه
يسقط أنظمة عمّرت طويلا، وكنت سعيدا جدا لأنني أحلم دوما بوطن عربي كبير،
لا تقف فيه الأنظمة حاجزا بيننا نحن الشعوب، وقد أثبت لنا الشباب العربي
أنه لا يوجد مستحيل أبدا.
http://www.islamonline.net/ar/IOLYou...6/IOLYouth_Com