عبد الله بن سبأ اليهودي اليماني بين الحقيقة والخيال |
|
د. سامي عطا حسن – جامعة آل البيت |
ملخص تهدف هذه الدراسة بصفة أساسية إلى إثبات أن عبد الله بن سبا شخصية حقيقية تاريخية، من خلال تحليل الروايات الواردة في المصادر الإسلامية المبكرة، ومناقشة الشبهات التي أثارها بعض الدارسين المعاصرين من منكري وجود عبد الله بن سبأ و أتباعه في السبئية. وقد خلص الباحث إلى أن روايات كتب الفرق و الأدب عن عبد الله بن سبأ صحيحة،وإن ابن السوداء عبد الله بن سبأ الذي نشر أفكاره ووزع دعاته في مختلف الأمصار حتى أفسد الرعية على الخليفة عثمان-رضي الله عنه-و جعلها تثور عليه و تقتله،شخصية تاريخية و حقيقية قائمة،وأن الدور المنسوب إليه في إيجاد وتسيير أحداث الفتنة التي وقعت في فجر الإسلام دور واضح للعيان. و انتهت الدراسة إلى بيان أن ما أثاره بعض الدارسين المعاصرين من شبهات حول وجود عبد الله بن سبأ تفتقر إلى الأدلة العلمية و الدعم من المصادر الإسلامية المتقدمة و القريبة من الأحداث. المقدمة بعد رحيل النبي- سلم- إلى الرفيق الأعلى ، و اندلاع حروب الردة ، وبعد أن تمكن أبو الصديق-رضي الله عنه- من قمعها ، دخلت إلى رواق الحياة الإسلامية شخصيات لم تستضيء قلوبها بأنوار النبوة ، ولم تستكمل حضانتها الإسلامية في ظل اليقين ، فكان دخولها لمناوأة الإسلام ، والانقضاض عليه من الداخل ، فزاحمت مناكبها أصحاب رسول الله- سلم-، حتى أقصتهم عن مكانتهم ، و قبضت على كثير من مرافق الحياة في الأمة ، و قضت في كثير من قضاياها ، وتقدمت و تأخر أهل السبق في الإسلام ، فكان لهذه الشخصيات الدخيلة ، أثر عظيم في ظهور الفرق و المذاهب التي مزقت وحدة المسلمين ، وبددت شملهم، وجعلت القرآن بينهم عضين ، تلجأ إليه كل فرقة وفي يدها سلاح التأويل المنحرف ، لتجعل منه سندا لمذهبها، وحجة على منتحلها . تظاهروا بالحب لآل بيت النبوة ، في الوقت الذي عملوا كل ما من شأنه الإساءة إليهم ، و القضاء عليهم. ، تعرض آل البيت للقهر و الاضطهاد من قبل العناصر المناوئة. لكونهم من البيوت الطاهرة الشريفة التي تربت في بيت النبوة، و نهلت الإسلام من منابعه ، و لذلك فقد أصبحوا في صدارة أهداف العناصر المناوئة التي أظهرت الكيد للإسلام، وكان ذلك في نفاق ماكر،ومكر منافق ، حتى إذا لمعت لها بارقة الخلاف بين المسلمين في خلافة عثمان بن عفان-رضي الله عنه - ، هبت واثبة إلى مكان القيادة ، تسوق الناس بعصا الفتنة العمياء، و تهمزهم إذا فتروا بمهمز المكر و الدهاء. و كان رأس هذه العناصر المناوئة : عبد الله بن سبأ، الملقب بابن السوداء، و كان من يهود اليمن، وفد إلى الحجاز، وانتحل الإسلام لأغراض كان يسترها، كشفت عنها دعوته المارقة ، (اختزن خياله مرارة الإجلاء اليهودي من الجزيرة العربية، فقدم إلى المدينة بكل توتره و حقده، وأسلم ظاهريا وهو يصر على إغراق هذا المجتمع الناشئ في بحور من الفتنة و الشك) (1) . أصله و موطنه : اتفقت كتب المقالات و الفرق و معظم كتب التاريخ و الأدب التي تعرضت لموضوع الفتنة التي حدثت أيام الخليفة عثمان بن عفان-رضي الله عنه - ، و لحادث مقتل الخليفة علي بن أبى طالب -رضي الله عنه- في الكوفة ، على ذكر عبد الله بن سبأ، و أنه شخصية يهودية ظهر في مجتمع المسلمين بعقائد و أفكار، ليفتن المسلمين في دينهم، ثم اجتمع إليه رعاع القبائل و بعض الموتورين، فاستطاع بهم شق وحدة المسلمين، و إيقاف الفتوحات الخارجية، لتبدأ حروب أهل البيت، و إن كان هناك اختلاف بينهم في عرض أخباره. وتتفق المصادر السنية والمصادر الشيعية على أن عبد الله بن سبأ يهودي من صنعاء باليمن، أسلم لتدبير المكائد للمسلمين، و بث الفتنة، و عوامل الفرقة و الاختلاف فيما بينهم. أ- جاء في تاريخ الطبري:(كان عبد الله بن سبأ يهوديا من صنعاء).(2) ب-قال ابن عساكر:(عبد الله بن سبأ الذي تنسب إليه السبئية، وهو من الغلاة الرافضة، أصله من اليمن) (3). ج-قال الناشئ الأكبر:(و كان عبد الله بن سبأ من أهل صنعاء، اسلم على يد علي، و سكن المدائن) (4) . د- قال سعد بن عبد الله القمي الأشعري:(و حكى جماعة من أهل العلم بان عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ، ووالى عليا (5) . هـ- ساق المستشرق الألماني اسرائيل فريدليندر حججا عديدة في دراسة بعنوان:عبد الله بن سبأ وأصله اليهودي، عن يهودية ابن سبأ و أصله اليمني (6) و- قال أحمد أمين : ( إن ابن السوداء هذا أتى أبا الدرداء (7) و عبادة بن الصامت ( 8 )فلم يسمعا لقوله، و أخذه عبادة إلى معاوية (9) و قال له : هذا و الله الذي بعث عليك أبا ذر (10)، و نحن نعلم أن ابن السوداء هذا لقب لقب به عبد الله بن سبأ ، وكان يهوديا من صنعاء) (11) . ز- قال د. صالح درادكة ما نصه : (إن أخبار الفتنة وصلتنا عن طرق أخرى غير طرق سيف بن عمر التيمي، وهذه الروايات بعمومها لا تخالف رواية سيف ، و إنما تؤكد صحتها و تضيف إليها بعض التفاصيل، و إذا كان المؤرخون يأخذون برواية سيف ، فلأنهم وجدوا فيها كشفا لليد الخفية التي كانت وراء تنظيم المعارضة على عثمان .. إلى إن يقول: لهذا لا يمكن إنكار وجود السبئية في أحداث ذكرها قدامى المؤرخين للملل و النحل، و مع وضوح حقيقة وجود السبئية يجب أن لا تخفى عن أعيننا الحقيقة الأخرى ، و هي : أنه لولا وجود المعارضة لما تمكن عبد الله بن سبأ من الوصول إلى أهدافه) (12) فكل الروايات التي أوردناها آنفا ، تدل على أن عبد الله بن سبأ، يهودي من صنعاء وهي كانت في أيام احتلال الأحباش لها، قاعدة مهمة لليهود، و الظاهر أنهم أقاموا فيها قبل غزو الأحباش لليمن ( 13) . ومما يؤكد يهودية- عبد الله بن سبأ- ما ذكره الإمام ابن حزم الأندلسي إذ قال ما نصه: (و القسم الثاني من الغالية يقولون بإلهية غير الله عز و جل، و أولهم قوم أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري ( 14) فنسبه إلى قبيلة حمير، و قبيلة حمير كانت تسكن في صنعاء . قال محقق كتاب ( قرة العيون بأخبار اليمن الميمون ) : ( وصنعاء هي حاضرة اليمن في معظم العصور الإسلامية، و من أقدم المدن العربية، قد قيل أنها بنيت بعد الطوفان، و هي عروس الجزيرة العربية، و تاجها المتلالىء، و محط أملاك حمير، و حمير هذه ينتسب إليها كعب بن ملتع الرعيني الحميري الذي اشتهر باسم كعب الأحبار ، و كان عالم أهل الكتاب، ومن كبار أحبارها( 15) . و يقول ابن قتيبة :(كانت اليهودية في حمير و بني كنانة و بني الحارث بن كعب و كنده )(16) و لم تذكر المصادر التي و قفت عندها اسم والد عبد الله بن سبأ... اللهم إلا الزبيدي صاحب تاج العروس، فقد ذكر إن (سبأ) الواردة في حديث (فروة بن مسيك المرادي)، هو : والد عبد الله بن سبأ صاحب السبئية من الغلاة ، (17) و هو رأي بعيد عن الصواب، فقد يكون والده من صميم حمير، وقد يكون من المنتسبين إليها بالولاء، وقد يكون من الأبناء (18) فلم يعرف له أب، أما أمه فهي حبشية الأصل(19) ومن هنا جاء لقبه (ابن السوداء) و من الثابت تاريخيا أن التزاوج بين الأحباش و اليمنيين، أنتج في اليمن سلالة هجينه، ربما يكون ابن سبأ أحد أفرادها. و إلى هذه السلالة يشير الكميت في مفاخرته بالنزارية على اليمنية بقوله: لنا قمر السماء و كل نجم *** تشير إليه أيدي المهتدينا وجدت الله إذا سمى نزارا *** و أسكنه بمكة قاطنينا لنا جعل المكارم خالصات *** و للناس القفا ولنا الجبينا و ما وجدت بنات بني نزار *** حلائل أسودين و أحمرينا(20) و المقصود بـ سبأ التي ينتسب إليها عبد الله بن سبأ هو اليمن، فكل يماني يصح أن يقال عنه أنه ابن سبأ ، كما يقال للمصري ابن النيل، وهكذا …. وتتوثق نسبة أهل اليمن إلى سبأ، بخبر يورده يعقوب بن شيبة في كتابه ( مسند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ) ، قال : ( كان من سبأ من أهل اليمن ) ( 21) . وقد حكى القران الكريم في سورة النمل ما قصة الهدهد غلى سيدنا سليمان بقوله : ( فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين. إني وجدت امرأة تملكهم و أوتيت من كل شيء و لها عرش عظيم )( 22) . و في القران الكريم سورة تسمى سورة سبأ، و قد حدثنا القران عما كانوا فيه من رزق رغيد و نعيم مقيم، و خزنوا الماء بكميات كافية وراء السد الذي عرف بسد مأرب، فلما أعرضوا عن شكر المنعم، و عن العمل الصالح، و التصرف الحميد، سلبهم الله سبب هذا الرخاء الذي كانوا يعيشون فيه، و أرسل عليهم السيل الجارف حاملا في طريقه العرم و هي الحجارة، فتحطم السد و انساحت المياه فطغت و أغرقت الأرض، و تبدلت جناتها الفيح إلى صحراء قاحلة ، تتناثر فيها الأشجار البرية الخشنة، قال تعالى : ( و بدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل و شيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا و هل نجازي إلى الكفور)( 23) . ومن الجائز أن يكون ابن سبا قد أخفى عنا اسم والده اليهودي، لئلا يعرف الناس حقيقته، أما ما ذهب إليه البغدادي من أن ابن سبأ كان من أهل الحيرة، حيث قال : ( و كان ابن السوداء-أي ابن سبأ- في الأصل يهوديا من أهل الحيرة )(24) و تابعه في ذلك الإمام الفاضل ( محمد أبو زهرة) في كتابه المذاهب الإسلامية(25) ، فلا يتعارض مع الروايات التي تقول بأنه يماني الأصل، إذ يجوز من أصل، و هاجر إلى الحيرة قي العراق، علما بأن الحيرة كانت مركزا لجميع اليهود و أبناء الديانات و المذاهب الأخرى، و من المؤكد أن المسلمين لما خططوا الكوفة، لم ينتقل إليها بادئ الأمر أحد من اليهود، بل ظلوا في الحيرة، و كان الحجاج بن يوسف الثقفي قد وقف على المنبر في الكوفة ( سنة 77 للهجرة ) و قال : ( يا أهل الكوفة، لا أعز الله من أراد بكم العز، ولا نصر من أراد بكم النصر، اخرجوا عنا، لا تشهدوا معنا قتال عدونا، انزلوا بالحيرة مع اليهود و النصارى )( 26) . و بعد أن جاء ابن سبأ إلى المدينة ، واحتك بالحياة الدينية و الاجتماعية السائدة هناك، اتخذ منها موقفا محددا يتسم ببغض الخليفة و ذويه ، لما بدر منه في زعمه من استئثار أقاربه بالمال و السلطة، فأخذ يبث أنصاره هنا وهناك، ليكشفوا للمسلمين-زورا و بهتانا- مساوئ عهد عثمان-رضي الله عنه- ، ولتحريضهم على الثورة، يقول المؤرخ الفارسي-مير خواند- إن السبب في حقد ابن سبأ على عثمان هو : ( أنه كان يأمل حين قدومه إلى المدينة إكرام الخليفة له. فلما لم يحصل له ما أراد، أخذ يتصل بالناقمين عليه، و ينكر على عثمان إدارته علنا، و بلغ عثمان خبره أخيرا فقال : من هذا اليهودي الذي أتحمل منه هذا. و أمر بنفيه من المدينة، ثم ذهب أخيرا إلى مصر، و صار من المشاغبين العاملين ضد عثمان ) ( 27) . شبهات منكري وجود ابن سبأ و تفنيدها : حاول نفر من الكتاب المعاصرين نفي وجود ابن سبأ، و ذهبوا في أمره مذاهب شتى، فمنهم من أنكر وجوده، و منهم من قال : لو سلمنا بوجوده جدلا، فإننا ننكر أن يكون له كل ذلك التأثير في الفتن التي حصلت في مقتبل عمر الدولة الإسلامية، و سنعرض لهذه التشكيكات والأوهام لبيان زيفها. أولا: شبهات مرتضى العسكري : حاول مرتضى العسكري، عميد كلية علوم الدين بالنجف الأشرف، إثبات أن معظم المؤرخين الذين تطرقوا للحديث عن عبد الله بن سبأ، أخذوا معلوماتهم عن الطبري، و أن الطبري اعتمد على روايات الإخباري سيف بن عمر( 28) الذي جرحه علماء الجرح و التعديل. يقول مرتضى العسكري : ( فإذا راجعنا كتب الرجال للبحث عن شخصية سيف، وجدناهم يصفونه بأنه : يروي عن خلق كثير من المجهولين، ضعيف الحديث، ليس بشيء، متروك، يضع الحديث، و هو في الرواية ساقط، يروي الموضوعات عن الثقات، و عامة حديثه منكر، متهم بالوضع و الزندقة ) ( 29 ) . و نقول : لقد جرحه علماء الجرح و التعديل، فقال عنه النسائي : (سيف بن عمر الضبي ضعيف)(30) و قال عنه أبو حاتم الرازي : ( حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبي عن سيف بن عمر الضبي فقال : متروك الحديث، يشبه حديثه حديث الواقدي ) وقال عنه ابن معين : (سيف ضعيف الحديث) (31). و ذكره الذهبي و اكتفى بالقول ( ضعفه ابن معين و غيره) (32). و عند ابن حجر: (سيف ضعيف الحديث)(33). و لكن الطعن في مروياته من الأحاديث النبوية الشريفة، لا ينسحب بالضرورة على الأخبار التي يرويها، لأن الأحاديث النبوية جزء من التشريع تنبني عليها الأحكام، و يؤخذ منها الحلال والحرام، و تقام بها الحدود، فهي تتصل بأصل من أصول التشريع الإسلامي و هو السنة النبوية الغراء. و يختلف الأمر في رواية الاخبار التاريخية، فهي وإن كانت مهمة، إلا أنها لا تصل أهميتها إلى درجة الأحاديث النبوية، و لا يتمخض عنها أحكام ملزمة، إذ كل إنسان يؤخذ من كلامه ويترك.. إلا ما صح من قول رسول الله-صلى الله عليه و سلم- . و لنعد إلى كتب الجرح والتعديل التي جرحت سيف محدثا، لنرى حكمها على سيف مؤرخا و إخباريا ، قال الذهبي : ( كان سيف إخباريا عارفا )( 34) . و قال ابن حجر: ( ضعيف في الحديث عمدة في التاريخ )(35) ، فلماذا نأخذ بعض الأقوال و نترك بعضها الآخر..؟ وفي الواقع إن سيف بن عمر لم يكن المصدر الوحيد الذي استأثر بأخبار عبد الله بن سبأ،بل ورد ذكر أخبار ابن سبأ وطائفته منقولة عن علماء متقدمين ، ورواة غير سيف بن عمر مثل: أ- جاء في ( طوق الحمامة ) ليحيى بن حمزة الزبيدي عن سويد بن غفلة الجعفي الكوفي المتوفى عام (80هـ/699م) أنه دخل على علي-رضي الله عنه- في إمارته، فقال: إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر و عمر بسوء، ويروون أنك تضمر لهما مثل ذلك، منهم عبد الله بن سبأ، فقال علي: مالي ولهذا الخبيث الأسود، ثم قال : معاذ الله أن أضمر لهما إلا الحسن الجميل، ثم أرسل إلى ابن سبأ فسيره إلى المدائن، ونهض إلى المنبر، حتى اجتمع الناس أثنى عليهما خيرا، ثم قال : إذا بلغني عن أحد أنه يفضلني عليهما جلدته حد المفتري (36). ب- أخرج ابن عساكر عن زيد بن وهب الجهني الكوفي المتوفى عام (90هـ/709م) قال: (قال علي بن أبي طالب: مالي ولهذا الخبيث الأسود-يعني عبد الله بن سبأ- و كان يقع في أبي بكر و عمر)(37). ج- روى ابن سعد في طبقاته عن إبراهيم بن يزيد النخعي الموفى عام (96هـ/714م) إن رجلا كان يأتيه فيتعلم منه، فيسمع قوما يذكرون أمر علي وعثمان، فقال: أن أتعلم من هذا الرجل؟ و أرى الناس مختلفين في أمر علي و عثمان فسأل إبراهيم النخعي عن ذلك فقال: ما أنا بسبئي ولا مرجئي(38) . د- اخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق عن الشعبي عمر بن شراحيل الحميري اليمني المتوفى عام (103هـ/721م) قال: ( أول من كذب عبد الله بن سبأ ). و اخرج ابن عساكر كذلك عن ابن الطفيل عامر بن وائلة الليثي الصحابي المتوفى عام (110هـ/728م) قال : ( رأيت المسيب بن نجية أتى به ملبيه-يعني ابن السوداء- و علي على المنبر، فقال علي: ما شأنه؟ فقال: يكذب على الله ورسوله)( 39) . هـ – نقل الإمام الطبري إن قتادة بن دعامة السدوسي المتوفى عام (117هـ/735م) كان إذا قرأ قوله تعالى: ( فأما الذين في قلوبهم زيغ… الآية) قال: (إن لم يكونوا الحرورية و السبئية فلا أدري) (40) . وكما هو واضح فإن أصحاب هذه الروايات لم يذكر رواتها أنها نقلت عن سيف.. مما يدل على أن هذا الخبر لم ينفرد به سيف بن عمر التميمي، بل ورد عن رواة آخرين، وبعضهم متقدم على سيف، ومع أن الأستاذ مرتضى العسكري يرفض الأخذ برواية (سيف) بحجة أن علماء الجرح و التعديل جرحوه-محدثا وليس إخباريا- إلا أننا نجده يأخذ بروايات (أبو مخنف) (41) الذي جرحه علماء الجرح و التعديل محدثا و إخباريا. قال عنه ابن معين: (ليس بشيء) (42). وقال عنه الذهبي: (وهو ليس عمدة في التاريخ كما هو شأن سيف بل هو إخباري تالف لا يوثق به)(43). وبمثل ذلك وصفه ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان (44). و أبو مخنف هذا لم يشر في أحداث فتنة عثمان إلى السبئية، و أول إشارة لابن سبأ عنده تعود إلى أيام علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-إذ يذكر أنه بعد موقعة النهروان جاءه ( عبد الله بن سبأ الله بن وهب الراسبي الهمداني رأس الخوارج وهو ابن سبأ –والصواب: هو وابن سبأ – ومعه حجر الكندي و عمرو بن الحمق الخزاعي، وحية بن جوين البجلي، ثم العرني، و سألوه عن رأيه في أبى بكر و عمر، فغضب منهم و قال: أو قد تفرغتم لهذا؟) (45) هذه أول إشارة عند إخباري غير سيف لاعتقاد ابن سبأ بأحقية علي بالخلافة، وفيها أيضا إشارة إلى وجود ابن سبأ عند إخباري يثق به مرتضى العسكري نفسه، و يشير أبو مخنف إلى السبئية بصورة مقتضبة بعد استشهاد علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – ويفهم منه أنها الفئة التي توالي عليا ، ووصف- زياد بن أبيه – حجر بن عدي الكندي( 46) و أصحابه بأنهم (السبئية الجانية) (47) وبأنهم (الترابية السبئية)(48) وذكر أبو مخنف أن شبت بن ربعي الرياحي تهكم على أصحاب المختار، ووصفهم بأنهم سبئية، ووصفت أشراف الكوفة المختار واتباعه بأنهم سبئية – أثناء إحتجاجهم على المختار الثقفي قبل موقعة ( جبانة السبع ) التي انتصر فيها المختار سنة 66 للهجرة (49)، حيث قالوا: (أظهر و سبئيته البراءة من أسلافها الصالحين) (50) ، كما وصف الخوارج أصحاب علي – كرم الله وجهه – بأنهم (سبئية) (51) ، و كل هذه الروايات الواردة عن أبي مخنف، و الروايات السابقة عن سيف وغيره، تفيد أن عبد الله بن سبأ و أتباعه، كانوا من عالم الحقيقة لا عالم الخيال …. كما ادعى مرتضى العسكري، وتجريحه للخبر على انه مروي عن سيف لا محلله، إذ ورد عن غيره فسيف ليس هو المصدر الوحيد لأخبار عبد الله بن سبأ، كما أن ابن عساكر لم تقتصر طرق روايته على سيف، وإنما أورد في تاريخه روايات لم يكن سيف فيها، وكلها تثبت وجود ابن سبأ وتؤكد أخباره. كما تنوعت المصادر الشيعية التي أثبتت وجود – ابن سبأ _ وتشمل هذه المصادر الشيعية كتب الفرق، وفي مقدمتها كتاب الناشئ الأكبر(ت 293هـ): مسائل الإمامة ومقتطفات من كتاب الأوسط في المقالات (52) وكتاب المقالات والفرق( 53) للقمي (ت 301هـ) وفرق الشيعة ( 54) للنوبختي (ت 310هـ) وكذلك كتب الرجال، ومنها رجال الكشي (55) (أبو عمرو محمد بن عمر،ت 340 للهجرة) (56) وقد نقل أكثر من رواية مسندة تؤكد حقيقة ابن سبأ، وكتاب رجال الطوسي (57) ( محمد بن الحسن الطوسي، ت 460هـ) و كلها تثبت وجود ابن سبأ وتدين من حاول من متأخري الشيعة إنكار وجود عبد الله بن سبأ ، أو التشكيك في أخباره، و مع ذلك فقد رفض العسكري أخبار الرواة، ولم يقنع بما نقله الحفاظ الثقات، وشنع على كتاب الملل و النحل، و لم يكتف برد أخبار علماء أهل السنة، وإنما رد ما كتبه أئمة الشيعة. ثانيا: شبهات الدكتور كامل مصطفى الشيبي : حاول الدكتور كامل مصطفى الشيبي أن يثبت في كتابه (الصلة بين التصوف و التشيع) إن ابن سبأ هذا ما هو إلا: عمار بن ياسر(58). وللحقيقة ، إن أول من قال بذلك هو- (هدايت ألو حكيم الهلي)(59) الأستاذ بإحدى الجامعات البرطانية، وردد الدكتور علي الوردي ذلك في كتابه (وعاظ السلاطين) )(60) ، وأيده الدكتور كامل الشيبي بشدة ، وقال: (وهذه الأدلة مقنعة و منطقية ولكنها في حاجة إلى نصوص تسند تسمية عمار بن ياسر بابن السوداء وابن سبأ)، ثم أخذ يسرد بعض الحجج التي توهم أنها تؤيد مدعاه، ومنها: كان ابن سبأ يعرف بابن السوداء، و قد رأينا كيف كان عمار يكنى بابن السوداء أيضا. وكان من أب يماني, ومعنى هذا أنه كان من أبناء سبأ، فكل يماني يصح أن يقال عنه أنه ابن سبأ، وأهل اليمن كلهم ينتسبون إلى – سبأ بن يشجب بن قحطان – وفي القرآن الكريم : قال الهدهد لسليمان : إنه جاءه من سبأ، و قصد بذلك اليمن. وعمار فوق ذلك كان شديد الحب لعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه – يدعو له، ويحرض الناس على بيعته في كل سبيل. وقد ذهب عمار في أيام عثمان إلى مصر، وأخذ يحرض الناس على عثمان، فضج الوالي منه، وهم بالبطش به، وهذا الخبر يشبه ما نسب إلى سبأ من أنه استقر في مصر، واتخذ من الفسطاط مركزا لدعوته، وشرع يراسل أنصاره منها. وينسب إلى ابن سبأ قوله: إن عثمان أخذ الخلافة بغير حق، وأن صاحبها الشرعي هو علي بن أبي طالب، والواقع أن هذا كلام عمار بن ياسر بالذات، فقد سمع ذات يوم يصيح في المسجد اثر بيعة عثمان، يا معشر قريش، أما إذا صرفتم هذا الأمر عن بيت نبيكم ههنا مرة، وههنا مرة، فما أنا بآمن عليكم من أن بنزعه الله فبضعه في غيركم، كما نزعتموه من أهله، ووضعتموه في غير أهله. ويعزى إلى ابن سبأ أنه هو الذي عرقل مساعي الصلح بين علي و عائشة إبان معركة البصرة، فلولاه لتم الصلح بينهما حسبما تقوله الرواة. ومن يدرس تفاصيل واقعة البصرة، يجد عمارا يقوم بدور فعال فيها، فهو الذي ذهب مع الحسن، ومالك الأشتر إلى الكوفة، يحرض الناس إلى الانتماء إلى جيش علي، وكان وقوف عمار بجانب علي أثناء المعركة، من أسباب ندم الزبير وخروجه منها، وقالوا عن ابن سبأ إنه هو الذي حرك أبا ذر في دعوته الاشتراكية، ولو درسنا صلة عمار بأبي ذر لوجدناها وثيقة جدا، فكلاهما من مدرسة واحدة، هي مدرسة علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه -، وكان هؤلاء الثلاثة يجتمعون ويتشاورون ويتعاونون معا. نستخلص من هذا أن ابن سبأ لم يكن سوى عمار بن ياسر، فلقد كانت قريش تعتبر عمارا رأس الثورة على عثمان، ولكنها لم تشأ في أول الأمر أن تصرح باسمه، فرمزت عنه بابن سبأ، أو ابن السوداء، وتناقل الرواة هذا الأمر غافلين وهم لا يعرفون ماذا يجري تحت الستار. ثم أخذ الدكتور – الشيبي – يسوق بعض الحجج و النصوص التي زعم أنها تسند تسمية عمار بن ياسر – رضي الله عنه – بابن السوداء، وابن سبأ( 61) و نقول: إن من يتفرس النقول السابقة التي أوردناها فيما سبق، يجد أن شخصية عبد الله بن سبأ شخصية حقيقية عرفها الناس، وعرفوا لها مرونتها وقدرتها التأثير، إذ أنها تؤكد في غير لبس حقيقة وجوده، بل يكاد يكون في حكم الإجماع بين الرواة الذين ذكروا عبد الله بن سبأ، أنه كان يهوديا، وقد أيد علماء الشيعة ذلك من أمثال النوبختي وغيره (62). أما لماذا عبد الله بن سبأ بابن السوداء؟ فالذي يظهر من كلام الطبري وغيره ، أن عبد الله بن السوداء هو نفسه عبد الله بن سبأ سمي بذلك تحقيرا له لأن أمه سوداء، وربما لأن أمه حبشية كما أسلفنا، ويؤكد المقريزي في خططه (63)، وابن كثير في البداية والنهاية (64) ، هذا التطابق. قال الطبري: (كان عبد الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء، وكانت أمه سوداء) (65) . وفي البيان و التبيين للجاحظ، خبر جاء في بعض فقراته: ( فلقيني ابن السوداء وهو ابن حرب) (66) وقد حاول الدكتور جواد علي أن يلقي ظلالا من الشك على وجود ابن سبأ من خلال هذه الرواية ، فقال: المهم في هذه الرواية أنه نص على اسم والد ابن السوداء فدعاه حربا! ولكن أي حرب هو؟ فهنالك مئات الأشخاص عرفوا بحرب، ثم من كان والد حرب.. ؟ ومن أي قبيلة كان(67). ولا شك أن رواية البيان والتبيين محرفة، وأظن أن أصل الرواية ( فلقيني ابن السوداء هو وابن حرب) أي بتقديم هو على الواو – فيستقيم بذلك المعنى، علما بان ابن حرب هذا,هو مؤسس الفرقة الحربية السبئية (68) ، وكان من اتباع ابن سبا وكان يقول المقالات التي نادى بها سبأ ثم تجاوزه ، المهم أن الدكتور جواد علي، علق على رواية الجاحظ السابقة بقوله: (ولست في شك من أنه يقصد بابن السوداء، عبد الله بن سبأ الذي تحدث عنه أصحاب كتب الفرق) (69). وقد انفرد صاحب كتاب (الفرق بين الفرق) (70) بالقول بأن ابن السوداء شخص غير ابن سبأ بيد أن الأفكار و الآراء التي نسبها للثاني، مما يؤدي إلى ان الاسمين لشخص واحد، أثرت عنه الأفكار المستوردة من الشرق والديانات والمذاهب المنحرفة، وقد اعتمد على رواية الشعبي التي تتحدث عن شخصين أحدهما: عبد الله بن سبأ، وكان في الأصل يهوديا من اليمن، والثاني: عبد الله بن السوداء، وهو يهودي من الحيرة، وقد بينا – فيما سلف – أن ابن سبأ في الأصل من اليمن، وأنه نزل الحيرة فيما بعد، وفيها صاغ معظم المقالات التي نادى بها،وهذا التفريق بينهما لم يكن إلا من اختلاط الأمر على الرواة، كما حصل لهم في رواية أخرى للشعبي نقلها صاحب العقد الفريد، جاء فيها (وقد حرقهم علي بن أبي طالب بالنار، ونفاهم إلى المدائن، ومنهم عبد الله بن سبأ، نفاه إلى ساباط، وعبد الله بن السياب)(71)... فذكر الشعبي في روايته هذه اسم شخصين هما: عبد الله بن سبأ، وعبد الله بن السباب، والذي يطالع في هذا الموضع، يتصور أن الثاني من زعماء الغلاة في حب علي بن أبي طالب، وأنه كان من حزب ابن سبأ، فاسم والده السباب.. وبمراجعة لكتب الفرق نجد أنها تسمي عبد الله بن سبأ وأتباعه بالسبئية، كما تسميهم بـ السبابية في ذات الوقت. جاء في كتاب (الفرق بين الفرق): (الفصل الأول من فصول هذا الباب: في ذكر قول السبابية: أتباع عبد الله بن سبأ )( 72) وقد تكرر ورود هذه التسمية في كتب أخرى مثل: عيون الأخبار لابن قتيبة إذ قال: ( أول من قال بخلق القران هو المغيرة بن سعيد العجلي وكان من أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي)، وقال في موضع آخر: ( إن المغيرة كان سبابيا)(73) . فكل هذه التسميات إذن لمسمى واحد هو عبد الله بن سبأ، وسموا بهذا الاسم، لانتقاصهم من صحابة رسول الله – سلم - ، وإطلاق ألسنتهم في سبهم وتجريحهم. واشتهار عبد الله بن سبأ بلقب ابن السوداء لم يكن يسره، كما لم يسر اتباعه، إذ استعملت هذه الكلمة دوما للتحقير والازدراء، فقد عير بها المقداد بن الأسود، فقيل له يا ابن السوداء، وقالها أبو ذر لبلال – رضي الله عنه – ، فمن المحتمل إن يكنى عمار بن ياسر – رضي الله عنه – وغيره بابن السوداء، كما كني – ابن سبأ – بذلك، وليس معنى هذا أنهما شخصية واحدة، وإنما رفض الشيعة المحدثون وجود ابن سبأ زاعمين أنه عمار بن ياسر، وأن النواصب حملوه كل تلك الأفكار والآراء الشائعة بين الأقليات غير الإسلامية في المجتمع الإسلامي، لينفوا بداية التشيع و الغلو بعبد الله بن سبأ، وقد أظهره مؤرخو الفرق وكتابها من سنة وشيعة، كرائد للتشيع الغالي، فكان رد فعل الشيعة المحدثين إن اعتبروا عبد الله بن سبأ، اسما وضعه الأمويين لعمار بن ياسر المناهض لهم. ومقصدهم من ذلك إظهار عمار بن ياسر- بما عرف عنه- بأنه الرائد الأول لمذهبهم. ثم إن هذا الرأي الذي ذهب إليه كل من الدكتور علي الوردي، و الدكتور مصطفى الشيبي، وغيرهما، ترده كل كتب الجرح و التعديل، وكتب الرجال المعتمدة عند الشيعة أنفسهم، فهي تذكر عمار بن ياسر ضمن أصحاب علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – والرواة عنه، ثم تذكر في موضع آخر ترجمة عبد الله بن سبأ في معرض السب و اللعنة، فهل يمكن اعتبار الرجلين شخصية واحدة ..؟ وإذا كان الدكتور علي الوردي ومن تابعه يرون أن من عوامل توافق ذهاب كل منهما إلى مصر زمن عثمان، فإن استقراء النصوص، ومعرفة تاريخها يعطي مفهوما غير الذي فهمه الدكتور الوردي، وبالتالي دليلا على استقلال كل من الشخصيتين، فعمار إنما بعثه عثمان إلى مصر سنة 35هـ، كما أن الذين استمالوا عمار بن ياسر في مصر قوم منهم: عبد الله بن سبأ، وخالد بن ملجم، وسودان بن حمران، وكنانة بن بشر، وذلك عندما طلب الخليفة عثمان – رضي الله عنه – مشورة خاصته، عندما ترامت إلى أسماعه أنباء تذمر الرعية في الأمصار، فقالوا له: (نشير عليك أن تبعث رجالا ممن تثق بهم إلى الأمصار يرجعون إليك بأخبارهم، فدعا محمد بن مسلمة فأرسله إلى الكوفة، أرسل اسامة بن زيد إلى البصرة، وأرسل عمار بن ياسر إلى مصر، وأرسل عبد الله بن عمر إلى الشام و فرق رجالا سواهم) (74) ، إذا فهما شخصان لشخص واحد .كما أن الظروف التاريخية والنفسية، لا تسمح لنا بالقول بأنهما شخصية واحدة،إذ يلزم من ذلك أن يكون عمار بن ياسر هو الذي أشاع فكرة الوصية، والرجعة، والم، والزندقة، وهذا مالا يستطيع أحد نسبته إلى الصحابي الجليل عمار بن ياسر – رضي الله عنه – بل يلزم من التوحيد بين الشخصيتين نسبة اليهودية إلى عمار، والتي أتثبتها المؤرخون من أهل السنة والشيعة لـ عبد الله بن سبأ. أما اتفاقهما في الكنية (ابن السوداء) فلا يقوم دليلا على أنها شخص واحد، لأتتا نجد كثيرا من العلام يتشابهون في الكنية و الألقاب، مما حمل المؤرخون على التأليف في المتشابه من الأسماء و الكنى، والألقاب، لبيان الفرق بينها . ومن كل مما سلف يتبين لنا مجانبة الدكتور علي الوردي للصواب، وكذلك من تابعه فيما ذهب إليه، وما أوردناه كاف للدلالة على ذلك. ثالثا: شبهات الدكتور طه حسين : خاض الدكتور (طه حسين) في كتابه (الفتنة الكبرى) في أمر الفتنة التي اضطرم سعيرها في آخر خلافة عثمان – رضي الله عنه – وانتهت باغتيال خليفة رسول الله – سلم – اغتيالا لم تاريخ الإسلام –آنذاك- ابشع منه ولا افظع، على النحو أراد به – جريا على منهجه- آثار الشكوك و الشبهات معتمدا على مصادر غامضة، وروايات مبتورة، تاركا خلفه المصادر الإسلامية، ونقل روايات الفتنة كما رواها رواتها دون تمحيص لهذه الروايات، كما كان له هوى واضح لم يكشف عنه إلا بعد إن قطع شوطا طويلا فيما كتب، وقد كفانا مؤونة الرد عليه أديب العربية الراحل محمود محمد شاكر فقال: ] وبعد أن ذكر الفتنة قال: فالفتنة إذا إنما كانت عربية نشأت من تزاحم الأغنياء على الغنى و السلطان، ومن حسد العامة العربية لهؤلاء الأغنياء[ وأنت خليق أن تنظر في هذا التكرار لهذه الصفة (فتنة العربية) و ( عامة عربية) لتعلم ماذا يريد بهذا التكرار، و ما الذي يريد أن ينفيه من شركة أحد من غير العرب في دم عثمان، وما تكاد تمضي صفحات حتى نرى بابا يبدأ هكذا: وهناك قصة اكبر الرواة المؤرخون من شأنها، وأسرفوا فيها، حتى جعلها كثير من القدماء والمحدثين مصدرا لما كان من الخلاف على عثمان، ولما أورث هذا الاختلاف من فرقة بين المسلمين لم تمح آثارها بعد، وهي قصة عبد الله بن سبأ الذي يعرف بابن السوداء. قال الرواة: كان عبد الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء حبشي الأم، فأسلم في أيام عثمان، ثم جعل ينتقل في الأمصار يكيد لعثمان، ويغري به، ويحرض عليه، ويذيع في الناس آراء محدثة أفسدت عليهم رأيهم في الدين و السياسة جميعا (75) . ثم يقول: ( وإلى ابن السوداء يضيف كثير من الناس كل ما ظهر الفساد والاختلاف في البلاد الإسلامية أيام عثمان، ويذهب بعضهم إلى أنه أحكم كيده إحكاما، فنظم في الأمصار جماعات خفية تستتر بالكيد، وتتداعى فيما بينها إلى الفتنة، حتى إذا تهيأت لها الأمور، وثبت على الخليفة، فكان ما كان من الخروج و الحصار وقتل الإمام) ونرى من هذا لماذا أصر الدكتور على أن يصف الفتنة بأنها (عربية) وبان العامة الذين كانوا شرار هذه الفتنة كانوا (عامة عربية) أي أن ليس لعبد الله بن سبأ يد فيها، وأن ليس لليهود عمل في تأريث نارها. ثم يمضي الدكتور في حديثه ليقول عقب ذلك: (ويخيل إلي أن الذين يكبرون من أمر ابن سبأ إلى هذا الحد، يسرفون على أنفسهم وعلى التاريخ إسرافا شديدا، وأول ما نلاحظه أنا لا نجد لابن سبأ ذكرا في (المصادر المهمة) التي قصت أمر الخلاف على عثمان، فلم يذكره البلاذري في أنساب الأشراف وهو فيما أرى أهم المصادر لهذه القصة وأكثرها تفصيلا، وذكره الطبري عن سيف بن عمر، وعنه أخذ المؤرخون الذين جاءوا بعده فيما يظهر)(76) ثم قال: ( ولست أدري إن كان لابن سبأ خطر أيام عثمان أم لم يكن..؟ ولكني أقطع بأن خطره – أن كان له خطر – ليس ذا شأن، وما كان المسلمون في عصر عثمان ليعبث بعقولهم وآرائهم وسلطانهم طارئ من أهل الكتاب اسلم أيام عثمان) إلى أن يقول: ( فلنقف من هذا كله موقف التحفظ والتحرج والاحتياط، ولنكبر المسلمين على أن يعبث بدينهم وسياستهم وقولهم ودولتهم رجل أقبل من صنعاء، وكان أبوه يهوديا وكانت أمه سوداء، وكان هو يهوديا، ثم اسلم لا رغبا ولا رهبا، ولكن مكرا وكيدا وخداعا، ثم أتيح له من النجح ما كان ينبغي، فحرض المسلمين على خليفتهم حتى قتلوه) ثم يقول: ( هذه كلها أمور لا تستقيم للعقل ولا تثبت للنقد ولا ينبغي أن يقام عليها أمور التاريخ)(77) هكذا يقطع الدكتور الرأي جملة واحدة، ثم مضى على وجهه يقول: ( وهنا تأتي قصة الكتاب الذي يقول الرواة أن المصريين قد اخذوا أثناء عودتهم إلى مصر، فكروا راجعين، فهذه القصة فيما أرى ملفقة من اصلها) ثم اختصر قصة الكتاب اختصارا وقال: كل هذا أشبه أن يكون ملهاة سخيفة، منه أن يكون شيئا قد وقع، والأمر ايسر من هذا، تلقى أهل الأمصار وعدا من إمامهم فاطمأنوا إليه، ثم تبينوا أن الخليفة لم يصدق وعده..! فاقبلوا ثائرين يريدون أن يفرغوا من هذا الأمر وأن لا يعودوا إليه حتى يفرغوا، ثم تبين للدكتور طه أن إلغاء هذا الكتاب الذي أرسل إلى والي مصر يأمره بقتل رؤوس الوفد الذي جاء من مصر ليس يحل الأشكال في عودة الوفد، بعد أن فصل عن المدينة راجعا إلى مصر، وتبين له أيضا أ ن أهل الأمصار تبينوا أن الخليفة لم يصدق وعده، أي أنه كذب عليهم باللفظ الصريح، فإن سأل نفسه كيف تبينوا أنه كذب عليهم، فلم يعرف كيف يجيب، فألقى الفرض كما هو وزاد عليه انهم أقبلوا ثائرين، ( فلما بلغوا المدينة وجدوا أصحاب رسول الله قد تهيأوا لقتالهم، فكرهوا هذا القتال، وانصرفوا عائدين حتى إذا عرفوا أن هؤلاء الشيوخ قد ألقوا سلاحهم، و أمنوا في دورهم كروا راجعين فاحتلوا المدينة بغير قتال) ولكن رأي الدكتور طه أن هذا الرأي مدخول كله، إذ لم يعزز بفرض آخر، ففكر وقدر ثم قال: ( وأكاد اقطع بأن قد كان لهم من أهل المدينة أنفسهم أعوان دعوهم وشجعوهم، ثم أعلموهم بما عزم عليه أصحاب النبي، ثم أعلموهم بعودة المدينة إلى الهدوء والدعة، ثم انضموا إليهم حين حاصروا عثمان )(78) وهذه كلها – كما نرى – فروض وتخيل، وإقرار أيضا بما أنكره في أمر عبد الله بن سبأ من تنظيم الجماعات الخفية، التي تتستر بالكيد، فهو ينكر هذا المبدأ هناك ويقره هنا. ونكتفي بالوقوف على هذين الموضوعين من كلام الدكتور طه خشية الإطالة في تفلية كلامه، فإن تحت كل حرف مما كتب علما كثيرا لا بد من تفليته وغربلته ورده إلى وجوه الحق، التي زال عنها إلى سواها، وقد اضطررت اضطرارا إلى الإطالة بالنقل، لئلا يفوت علينا شيء من حديث وعلمه. وقد بدأ الدكتور حديثه في إسقاط قصة اليهودي – ابن السوداء عبد الله بن سبأ – فذكر أن الرواة المتأخرين أكبروا من شأنها، أسرفوا فيها، وأنها لم ترد في (المصادر المهمة)، وأن ابن سعد لم يذكرها، وأن البلاذري لم يذكرها في أنساب الأشراف – وهو فيما يرى الدكتور أهم المصادر – وأن الذي ذكرها هو الطبري ( أخذها عنه المؤرخون الذين جاءوا بعده فيما يظهر) كما يقول الدكتور. وقول الدكتور ( الرواة المتأخرين) فيه إيهام شديد متعمد فيما يظهر، فإن الطبري ليس من الرواة المتأخرين، فهو قد ولد سنة (225هـ) ومات سنة (310هـ)، فهو معاصر للبلاذري ، وفي طبقة تلاميذ ابن سعد صاحب الطبقات، وأن سيف بن عمر الذي روى عنه الطبري هذا الخبر، هو من كبار المؤرخين القدماء فهو شيخ شيوخ الطبري، والبلاذري، وهو في مرتبة شيوخ – ابن سعد – فقد مات في زمن الرشيد، أي في ما قبل سنة (190 من الهجرة)، فلا يقال عنه ولا عن الطبري إنهما من – الرواة المتأخرين – كما أراد الدكتور طه أن يوهم قارئه. وكذلك قوله: ( المصادر المهمة) فيه إيهام شديد، وإجحاف جارف، فإن لم يكن كتاب الطبري من ( المصادر المهمة ) فليت شعري ما المصادر المهمة التي بين أيدينا؟ ثم أن الدكتور طه يعلم أن كتاب ابن سعد الذي بين أيدينا كتاب ناقص وانه ملفق من نسخ مختلفة، وبعضها تام، وبعضها ناقص، وبعضها مختصر، والدليل على ذلك مما نحن بسبيله، أنه ترجم (لعمر) – رضي الله عنه – في (48 صفحة)، (لآبي بكر) – رضي الله عنه – في (33 صفحة)، فلما جاء إلى (عثمان) – رضي الله عنه – والأحداث في خلافته هي ما يعلم الدكتور طه، ويعلم الناس، لم يكتب سوى (22 صفحة)، فلما ذكر ( علي بن أبي طالب )، والأمر في زمنه افدح لم يكتب عنه سوى (16 صفحة). وكان من حجة الدكتور في نفي خبر عبد الله بن سبأ أن البلاذري لم يذكره، وهو فيما يرى (أهم المصادر لهذه القصة أكثرها تفصيلا) ثم عاد فنفى أيضا خبر الكتاب الذي فيه الأمر بقتل وفد مصر، مع أن البلاذري ذكره أطال واتى فيه بما لم يأت في كتاب وغيره، ولا تدري كيف يستقيم أن يجعل ذكره خبر ما، حجة في نفيه، ثم ينفي أيضا خبرا آخر قد ذكره ولج فيه؟ ويعلم الدكتور طه، أن الذي وجد في كتاب البلاذري قسم ضئيل جدا، طبع منه جزء في ألمانيا سنة 1883 م، ثم تولى طبع جزء آخر في القدس رجل من طغاة اليهود سنة 1938 م، وقال الناشر في مقدمته أن هناك حوادث حدثت في عهد يزيد بن معاوية، وهي وقعة كربلاء، وموت الحسين ( ولما تذكر في ترجمة يزيد، بل ذكرها في تراجم بني أبي طالب وذلك حسب ما اقتضاه نظام الكتاب وفقا لتسلسل الأنساب) أفلا يجوز إذن أن يكون البلاذري قد ادمج أمر عبد الله بن سبأ في مكان آخر، كما فعل فيما لاحظه وذكره الناشر اليهودي للكتاب؟ كل هذا جائز ولكن الدكتور حين يريد أن ينفي شيئا لا يبالي أن يجتاز كل هذا ويغضي عنه، ليقول فيه بالرأي الذي يشتهيه ويؤثره، غير متلجلج ولا متوقف إذن فالدكتور طه أراد أن يقول أن الفتنة التي أفضت إلى مقتل عثمان إنما كانت( فتنة عربية نشأت من تزاحم الأغنياء على الغنى والسلطان ومن حسد العامة العربية لهؤلاء الأغنياء)، فمن أجل تحقيق هذه الكلمة الكبيرة، ركب كل مركب في تصوير الحياة الإسلامية الأول بعد الفتوح بالصورة التي تنتهي إلى هذا الغرض وحده دون سواه، وهو الغنى والمال و تزاحم الأغنياء على المال والغنى والسلطان، وحسد العامة العربية لأصحاب الغنى والمال والسلطان، كما كشف عن هدف آخر حين نفى خبر عبد الله بن سبأ اليهودي، وخبر الكتاب الذي فيه الأمر بقتل الرؤوس وقد مصر، وهذا الهدف هو أن ينفي عن اليهود الشركة في دم عثمان، والتحريض على قتل الإمام، فركب مركبا وعرا، خالف فيه أسلوب العلماء في جرح الأخبار، وكذب الرواة في شيء بغير برهان، وصدقهم في شيء آخر بغير برهان أيضا،وهو نفسه ينعي في كتابه على ( الذين يكذبون الأخبار التي نقلت إلينا ما كان بين الناس من فتنة واختلاف) فقال: ( فنحن أن فعلنا ذلك لم نزد على أن نكذب التاريخ الإسلامي كله، منذ بعث النبي - سلم -،لأن الذين رووا أخبار الفتح، وأخبار المغازي وسيرة النبي والخلفاء، ثم ينبغي أن نصدقهم حين يروون ما يروقنا، وان نكذبهم حين يروون ما لا يعجبنا، وما ينبغي أن نصدق بعض التاريخ، ونكذب بعضه الآخر، لا لشيء إلا لان بعضه يرضينا، وبعضه يؤذينا). بيد أن الدكتور طه نفسه قائل هذا الكلام، قد فعل ذلك، فكذبهم حين روى الرواة مالا يعجبه، وحين رووا ما يؤذيه، فعل ذلك أيضا، فصدقهم حين رووا ما يروقه، وما يرضيه. فإن الذين رووا أخبار الغنى والمال والسلطان، هم الذين رووا أخبار عبد الله بن سبأ اليهودي، وأخبار الكتاب الأمر بقتل وفد مصر، فلم أخذ شيئا بغير برهان، ونفى أخر بغير برهان؟ أن الشيء البين هو أن الدكتور الجليل، أراد كما قال أن يكبر المسلمين في صدر الإسلام عن أن يعبث بدينهم وسياستهم وعقولهم ودولتهم، رجل اقبل من صنعاء، وكان أبوه يهودي، وكانت أمه سوداء، وكان هو يهوديا، ثم أسلم لا رغبا ولا رهبا، ولكن مكرا وكيدا وخداعا. وهذا قصد حسن، ونية جميلة، ولكن الحق احسن منه وأجمل، وليس يجمل بنا ولا بالدكتور طه أن يغالط في الحق لشيء يراه هو، أو نراه حسنا جميلا، والتاريخ يكتب بالتحكم، وإنما يكتب بالرواية ثم بالاستدلال، ثم يبذل الجهد في سد الفجوات. وسأضع بين يدي الدكتور طه حقائق لا يدخلها الريب، ولا أظنه يجهلها أو يغفل عنها، ولنعد إلى مدينة رسول الله – سلم -، فقد كان يسكن هذه البلدة الكريمة بنو أم واحدة، وأب واحد من قبائل الأزد بن الغوث: أمهما : قيل، وأبوهما: حارثة بن ثعلبة، هؤلاء هم الأوس والخزرج وكان يعيش بينهم هذا الجليل من اليهود الذي سكن جزيرة العرب، أو سكن المدينة، فكان من خبر ذلك، شيء لم يكن مثله مثلا من بني هاشم وبني أمية وهو الحرب المتطاولة بين هذين الحيين الذين ولدتهما أم واحدة وأب واحد، ويسكنان معا بلدة واحدة، وظل هذا القتال بين الحيين متجدد النيران إلى أن كان (يوم بعاث) وهو كما قال ابن سعد: آخر وقعة كانت بين الاوس والخزرج في الحروب التي كانت بينهم وكانت هذه الوقعة ورسول الله – سلم – بمكة قد دعا إلى الإسلام، ثم هاجر بعدها بست سنين إلى المدينة. ونشأة هذه العداوة العجيبة بين الأخوين الأوس والخزرج، واقتتالهما هذا الاقتتال المر العنيف حقبا متطاولة، ودخول اليهود في الحلف بعضهم مع الاوس وبعضهم مع الخزرج، لا يصيبهم من أذى القتال بين هذين الحيين الأخوين، إلا القليل، وتداعيهم باسم اليهودية إذا حزب الأمر، فيكونون يدا واحدة على هذه العرب، ليس له معنى إلا أن تكون هذه اليهود، هي التي أرثت الحرب والعداوة بينهما لتؤثل في هذه الأرض أموالا واطاما وحصونا تكون لها عدة وقوة، وتظهرها على أهل البلاد المالكين لها، وتصرف وجه هؤلاء القوم عن الزراعة وتثمير الأموال، وتبقى يهود هي صاحبة الزراعة، والتجارة، وتثمير الأموال، بالربا ومآكل السحت، وهذا عمل يهود في كل حين ،ولا يلبث رسول الله – سلم – أن يهاجر إلى المدينة بعد أن التقى رهطا من الخزرج عند العقبة، فلا يبقى حي من الاوس والخزرج إلا دخله الإسلام وظهر فيه، فيمر شأس بن قيس من يهود بني قينقاع على نفر من الاوس والخزرج، فيغيظه ما رأى من ألفتهم، وصلاح ذات بينهم على الإسلام، بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية، فيقول :(قد اجتمع ملا من بني قيلة – يعني الاوس والخزرج – بهذه البلاد، لا والله مالنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرا) فيأمر شابا من يهود أن يجلس إليهم فيذكر لهم ( يوم بعاث) وما كان قبله، أنشدهم بعض ما تقاولوا فيه من الأشعار، فيفعل هذا اليهودي، فإذا الجماعة المؤلفة على الإسلام تتنازع وتتفاخر، فيتواثب رجلان من الاوس و الخزرج فيقول أحدهما لصاحبه ( أن شئتم رددناها الآن جذعه ) ويغضب الفريقان جميعا ويقولون : ( فقد فعلنا، موعدكم الظاهرة – يعنون مكانا بعينه – ويتداعون السلاح) ويخرجون إلى موعدهم، فيبلغ رسول الله – سلم – الخبر، فيخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه، حتى إذا جاءهم قال: يا معشر المسلمين: ( الله الله، ابدعوى الجاهلية تدعون، وأنا بين أظهركم، بعد أن هداكم الله للإسلام وأكرمكم به، وقطع عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر وآلف بينكم)(79) ، فيعرف الأنصار – أوسهم وخز رجهم – إنها نزعة من الشيطان، وكيد من عدوهم، فيبكون ويتعانقون، ثم ينصرفون مع رسول الله – سلم – سامعين مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله: شأس بن قيس اليهودي. ثم ينزل الله – جلت أسماؤه – في أمر هذه الفتنة، ويخاطب المسلمين الذين كان رسول الله – صلى الله عليه و سلم – بين أظهرهم لم يمت بعد: ( يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين. وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم)(80) . وإذن فنحن لا نستطيع أن نكبر أصحاب رسول الله – سلم – من الأوس والخزرج عن أن يطيعوا فريقا من اليهود حتى كادوا يردوهم بعد إيمانهم كافرين، ولا أن ننزههم عن ذلك، وهم تتلى عليهم آيات الله وفيهم رسوله، كما أراد الدكتور طه أن ينزه أهل الصدر الأول من الإسلام سنة (35 هـ) بعد أن قبض الله إليه نبيه بأكثر من عشرين سنة، وبعد أن نشأت ناشئة من الشباب لا يدعي أحد أنهم جميعا كانوا أحرص على إيمانهم، ثم ينهي الأديب الراحل محمود شاكر بحثه بقوله: (أيجوز في العقول أن تظل اليهود وأشياعها من المنافقين تكيد للإسلام ولرسول الله، وللمؤمنين والمؤمنات، عشر سنوات كاملة متتابعة يوما بعد يوم، فإذا لحق رسول الله بالرفيق الأعلى في سنة 11 من الهجرة نزعوا أيديهم من كل كيد، وبرئوا من حدث كان remove_circleمواضيع مماثلة chat_bubbleتنبيه: الحجاب اليهودي chat_bubbleفي الحقيقة هذه أجمل الرسائل التي وصلتني خلال العام 2008م. chat_bubble استغفر الله سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله ... chat_bubble نشيد رائع جدا عبارة عن إعتذار لرسول الله صلي الله عليه وسلم chat_bubbleمن ذكر الله أدى واجب العبودية و من ذكره الله منحه الأمن و الطمأنينة : privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى: لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى |