[b
بسم الله الرحمـن الرحيم
بر الوالدين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إلـه إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }.
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هَدْيُ محمد سلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
إخوتي في الله : يقول تبارك وتعالى :
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}
معنى قضى أي : أمر ، وجاء معناها : وصىَّ ، وجاء معناها : حكم ، فالله سبحانه وتعالى أمر ووصَّى وحكم أن لا تعبدوا إلا إياه ، أي نفي للعبودية وإثابتها فقط لله تعالى ، أي لا معبود بحق إلا الله ، ولهذا خلق الله الكون {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }
وبهذا أرسل الله الرسل {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ }
وجعل أفضل كلمة في هذا الكون كلمة التوحيد ، قال تعالى :{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}.وقرن سبحانه وتعالى عبادته وطاعته ببر الوالدين وطاعتهما ، فإن عبداً مهما علت رتبته بالطاعة لله تعالى وبالعبادة فإنه لا يكون عبد بحق إلا إذا امتثل لأوامر الله تعالى ، وأعظم تلك الأوامر بعد التوحيد هو بر الوالدين ، والذي قرنه سبحانه وتعالى بعبادته ، وكذلك قرن سبحانه الشرك به والعياذ بالله تعالى مع العقوق الوالدين ، فقد جاء عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال قال رسول الله سلم : (( من أكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين واليمين الغموس ))
ويا للعجب أن الله تعالى اشترط لدخول الجنة " بر الوالدين بعد توحيده ، بهذا أوحى الله تعالى إلى حبيبة ومصطفاه ، فقد جاء عن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي سلم فقال يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت رمضان فقال النبي سلم : (( من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا ونصب أصبعيه ما لم يعق والديه ))
وكان هذا سنة الله في خلقه ، وليس على هذه الأمة فحسب قال تعالى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } وقال تعالى : {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } وقال تعالى : { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } وكان الأنبياء أبر الناس بوالديهم فحدثنا الله تعالى عن ابراهيم عليه السلام أنه كان يدعو بهذا الدعاء :{ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} وكذلك نوح عليه السلام : { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً } وكذلك عيسى عليه السلام أوصى الله تعالى : { وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً }
وكذلك يحيى عليه السلام : { وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً } وغيرهم من الأنبياء والمرسلين كثر .
ويا للعجب أيضاً أن الله تعالى جعل بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله تعالى
جاء من حديث ابن مسعود قال : سألت رسول الله سلم أي العمل أحب إلى الله قال : (( الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله ))
فالبر مقدم على الجهاد في سبيل الله إلا في حالة جهاد الدفع – أي يكون العدو دخل البلدة فعلى أهل تلك البلدة الدفاع عن بلدهم فيخرج الابن دون إذن أبويه والزوجة دون إذن زوجها وهكذا – أما في الجهاد العادي وهو جهاد الطلب فالبر مقدم عليه ، استمع معي إلى تلك الأحاديث فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال جاء رجل إلى نبي الله سلم فاستأذنه في الجهاد فقال : (( أحي والداك )) قال : نعم قال : (( ففيهما فجاهد )) وفي رواية لمسلم قال : أقبل رجل إلى رسول الله سلم فقال أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله قال فهل من والديك أحد حي قال نعم بل كلاهما حي قال فتبتغي الأجر من الله قال نعم قال فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما
وعن عبد الله بن عمرو؛ قال : جاء رجل إلى رسول الله سلم ، فقال: جئت أبايعك على الهجرة ، وتركت أبوي يبكيان قال: "" ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما "" .
وعن أبي سعيد الخدري : أن رجلا هاجر إلى رسول الله سلم من اليمن فقال: "" هل لك أحد باليمن ؟ "" فقال: أبواي ، قال: "" أذنا لك ؟ "" قال: لا ، قال: "" ارجع إليهما فاستأذنهما ، فإن أذنا لك فجاهد ، وإلا فبرهما "
وعن معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء إلى النبي سلم فقال يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك فقال : ( هل لك من أم ) قال نعم قال : ( فالزمها فإن الجنة عند رجلها )
ورواه الطبراني بإسناد جيد ولفظه قال أتيت النبي سلم أستشيره في الجهاد فقال النبي سلم ألك والدان قلت نعم قال : (( الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما )) .
ويا للعجب أيضاً أن الله تعالى جعل رضاه برضى الوالد ، فإذن لن يمن الله تعالى على عبدٍ من عباده بالرضى وهو عاق لوالديه – ومن المعلوم أن الجنة لن يدخلها أحد إلا برضى الله جلَّ وعلا في علاه ، فعن عبد الله بن عمر قال: " رضا الرب في رضا الوالد و سخط الرب في سخط الوالد " .. فإذا كان هذا بالنسبة للوالد فمن باب أولى أن يكون رضى الله سبحانه وتعالى في رضى الأم لماذا ؟ الجواب : هو ما جاء في هذا الحديث عن أبي هريرة (( أن رجلا قال يارسول الله من أبر قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أباك )) فلو صليت حتى تكسَّر صلبك وذكرت الله حتى تفتَّتت لسانك وجاهدت في سبيل الله حتى مِتَّ شهيداً فلن تدخل الجنة حتى يرضى عنك والداك ، للحديث الذي ذكرناه سابقاً أن رجلاً جاء إلى النبي سلم فقال يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت رمضان فقال النبي سلم : (( من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا ونصب أصبعيه ما لم يعق والديه )) .
ولهذا جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي سلم قال : (( رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه)) قيل من يا رسول الله قال : (( من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة )).
وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه أن رسول الله سلم صعد المنبر فقال آمين آمين آمين
قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال : (( إن جبريل عليه السلام أتاني فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله
قل آمين فقلت آمين ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله
قل آمين فقلت آمين ))
. وفي رواية أخرى للطبراني من حديث ابن عباس بنحوه وفيه : (( ومن أدرك والديه أو أحدهما فلم يبرهما دخل النار فأبعده الله وأسحقه قلت آمين )) .
إذن هذه الدعوات الثلاثة حق على كل من أصابته وكان من ضمن هؤلاء الثلاثة ، لأن الذي دعا هو جبريل عليه السلام وهو خير رسل الملائكة على الإطلاق ، ودعوة الملائكة مستجابة بمشيئة الله تعالى لأنهم وكما وصفهم ربهم : { لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}
. والذي أمَّنَ على الدعاء هو حبيب الله وخليله ومصطفاه محمد سلم ولا محالة دعوته مستجابة ، كيف لا وهو خير رسل الله على الإطلاق .
وجاء أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله سلم قال ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق لوالديه ومدمن الخمر والمنان عطاءه وثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والديوث والرجلة من النساء
بر الوالدين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إلـه إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }.
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هَدْيُ محمد سلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
إخوتي في الله : يقول تبارك وتعالى :
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}
معنى قضى أي : أمر ، وجاء معناها : وصىَّ ، وجاء معناها : حكم ، فالله سبحانه وتعالى أمر ووصَّى وحكم أن لا تعبدوا إلا إياه ، أي نفي للعبودية وإثابتها فقط لله تعالى ، أي لا معبود بحق إلا الله ، ولهذا خلق الله الكون {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }
وبهذا أرسل الله الرسل {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ }
وجعل أفضل كلمة في هذا الكون كلمة التوحيد ، قال تعالى :{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}.وقرن سبحانه وتعالى عبادته وطاعته ببر الوالدين وطاعتهما ، فإن عبداً مهما علت رتبته بالطاعة لله تعالى وبالعبادة فإنه لا يكون عبد بحق إلا إذا امتثل لأوامر الله تعالى ، وأعظم تلك الأوامر بعد التوحيد هو بر الوالدين ، والذي قرنه سبحانه وتعالى بعبادته ، وكذلك قرن سبحانه الشرك به والعياذ بالله تعالى مع العقوق الوالدين ، فقد جاء عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال قال رسول الله سلم : (( من أكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين واليمين الغموس ))
ويا للعجب أن الله تعالى اشترط لدخول الجنة " بر الوالدين بعد توحيده ، بهذا أوحى الله تعالى إلى حبيبة ومصطفاه ، فقد جاء عن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي سلم فقال يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت رمضان فقال النبي سلم : (( من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا ونصب أصبعيه ما لم يعق والديه ))
وكان هذا سنة الله في خلقه ، وليس على هذه الأمة فحسب قال تعالى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } وقال تعالى : {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } وقال تعالى : { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } وكان الأنبياء أبر الناس بوالديهم فحدثنا الله تعالى عن ابراهيم عليه السلام أنه كان يدعو بهذا الدعاء :{ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} وكذلك نوح عليه السلام : { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً } وكذلك عيسى عليه السلام أوصى الله تعالى : { وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً }
وكذلك يحيى عليه السلام : { وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً } وغيرهم من الأنبياء والمرسلين كثر .
ويا للعجب أيضاً أن الله تعالى جعل بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله تعالى
جاء من حديث ابن مسعود قال : سألت رسول الله سلم أي العمل أحب إلى الله قال : (( الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله ))
فالبر مقدم على الجهاد في سبيل الله إلا في حالة جهاد الدفع – أي يكون العدو دخل البلدة فعلى أهل تلك البلدة الدفاع عن بلدهم فيخرج الابن دون إذن أبويه والزوجة دون إذن زوجها وهكذا – أما في الجهاد العادي وهو جهاد الطلب فالبر مقدم عليه ، استمع معي إلى تلك الأحاديث فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال جاء رجل إلى نبي الله سلم فاستأذنه في الجهاد فقال : (( أحي والداك )) قال : نعم قال : (( ففيهما فجاهد )) وفي رواية لمسلم قال : أقبل رجل إلى رسول الله سلم فقال أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله قال فهل من والديك أحد حي قال نعم بل كلاهما حي قال فتبتغي الأجر من الله قال نعم قال فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما
وعن عبد الله بن عمرو؛ قال : جاء رجل إلى رسول الله سلم ، فقال: جئت أبايعك على الهجرة ، وتركت أبوي يبكيان قال: "" ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما "" .
وعن أبي سعيد الخدري : أن رجلا هاجر إلى رسول الله سلم من اليمن فقال: "" هل لك أحد باليمن ؟ "" فقال: أبواي ، قال: "" أذنا لك ؟ "" قال: لا ، قال: "" ارجع إليهما فاستأذنهما ، فإن أذنا لك فجاهد ، وإلا فبرهما "
وعن معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء إلى النبي سلم فقال يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك فقال : ( هل لك من أم ) قال نعم قال : ( فالزمها فإن الجنة عند رجلها )
ورواه الطبراني بإسناد جيد ولفظه قال أتيت النبي سلم أستشيره في الجهاد فقال النبي سلم ألك والدان قلت نعم قال : (( الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما )) .
ويا للعجب أيضاً أن الله تعالى جعل رضاه برضى الوالد ، فإذن لن يمن الله تعالى على عبدٍ من عباده بالرضى وهو عاق لوالديه – ومن المعلوم أن الجنة لن يدخلها أحد إلا برضى الله جلَّ وعلا في علاه ، فعن عبد الله بن عمر قال: " رضا الرب في رضا الوالد و سخط الرب في سخط الوالد " .. فإذا كان هذا بالنسبة للوالد فمن باب أولى أن يكون رضى الله سبحانه وتعالى في رضى الأم لماذا ؟ الجواب : هو ما جاء في هذا الحديث عن أبي هريرة (( أن رجلا قال يارسول الله من أبر قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أباك )) فلو صليت حتى تكسَّر صلبك وذكرت الله حتى تفتَّتت لسانك وجاهدت في سبيل الله حتى مِتَّ شهيداً فلن تدخل الجنة حتى يرضى عنك والداك ، للحديث الذي ذكرناه سابقاً أن رجلاً جاء إلى النبي سلم فقال يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت رمضان فقال النبي سلم : (( من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا ونصب أصبعيه ما لم يعق والديه )) .
ولهذا جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي سلم قال : (( رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه)) قيل من يا رسول الله قال : (( من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة )).
وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه أن رسول الله سلم صعد المنبر فقال آمين آمين آمين
قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال : (( إن جبريل عليه السلام أتاني فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله
قل آمين فقلت آمين ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله
قل آمين فقلت آمين ))
. وفي رواية أخرى للطبراني من حديث ابن عباس بنحوه وفيه : (( ومن أدرك والديه أو أحدهما فلم يبرهما دخل النار فأبعده الله وأسحقه قلت آمين )) .
إذن هذه الدعوات الثلاثة حق على كل من أصابته وكان من ضمن هؤلاء الثلاثة ، لأن الذي دعا هو جبريل عليه السلام وهو خير رسل الملائكة على الإطلاق ، ودعوة الملائكة مستجابة بمشيئة الله تعالى لأنهم وكما وصفهم ربهم : { لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}
. والذي أمَّنَ على الدعاء هو حبيب الله وخليله ومصطفاه محمد سلم ولا محالة دعوته مستجابة ، كيف لا وهو خير رسل الله على الإطلاق .
وجاء أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله سلم قال ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق لوالديه ومدمن الخمر والمنان عطاءه وثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والديوث والرجلة من النساء