الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله
تعالى بالهدي ودين الحق فبلغ الرسالة وأدي الأمانة ونصح الأمة وجاهد في
الله حق جهاده بنفسه وماله وجاهه فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
أما بعد فيا
عباد الله أما بعد فيا عباد الله أما بعد فيا عباد الله خلقكم الله تعالى
من عدم وأمدكم بنعمه وأزال عنكم النغم فما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا
مسكم الضر فإليه تجأرون عباد الله اعرفوا نعمة الله عليكم حيث أوجدكم
وأعدكم وأمدكم بنعمه وقوموا بما أوجب الله عليكم من حقوقه التي خلقكم من
أجلها ومن حقوق عباد الله عز وجل وإن أعظم حقوق العباد بعد حق الرسول صلى
الله عليه وعلى آله وسلم حقوق الوالدين فإن الله تعالى جعل مرتبة حقوق
الوالدين بعد مرتبة حقوق الله وحقوق رسوله فقال عز وجل (وَاعْبُدُوا
اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً
)(النساء: من الآية36) وعبادة الله عز وجل لا تتم إلا بالإخلاص له
والمتابعة لرسوله على آله وسلم وعلى هذا فقوله تعالى
واعبدوا فقوله تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)
يتضمن حق الله عز وجل وحق رسوله على آله وسلم وأوصى الله
تبارك وتعالى وصية خاصة بالوالدين فقال ( ووصينا الإنسان بوالديه ) وبين
جل وعلا بين الحكمة العظيمة من هذه الوصية فقال تعالى (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ
وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وفِصَالَه فِي عَامَيْن )(لقمان: من الآية14) أي
حملته ضعفاً على ضعف فمن حين أن ينشأ الحمل بها الضعف إلى أن ينتهي الحمل
ثم بعد ذلك يأتي دور الحضانة أيها الأخوة المسلمون إن الله جعل بر الوالدين
مقدماً على الجهاد في سبيل الله ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي
الله عنه قال سألت النبي على آله وسلم أي العمل أحب إلى
الله قال : ( الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال
الجهاد في سبيل الله) وفي صحيح مسلم أن رجلاً أتى النبي على
آله وسلم فقال أبايعك على الهجرة أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر
من الله عز وجل فقال النبي على آله وسلم : ( فهل من والديك
أحد حي قال نعم بل كلاهما قال فتبتغي الأجر من الله عز وجل قال نعم قال
فأرجع إلى والديك فأحسن صحبتهما) في حديث إسناده جيد أن رجلاً قال يا رسول
الله إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه قال هل بقي من والديك أحد قال نعم أمي
قال النبي سلم قابل الله في برها فإذا فعلت ذلك فأنت حاج
ومعتمر ومجاهد ) ولقد أوصى الله تبارك وتعالى بصحبة الوالدين ولقد أوصى
الله تبارك وتعالى بصحبة الوالدين بالمعروف ولو كانا كافرين ولو كانا
كافرين وبذلا الجهد في ابنهما المسلم أن يكفر بالله لكن لا يطيعهما في
الكفر فقال الله تعالى (و إن جاهداك ) أي الوالدان أي بذلا الجهد ( عَلَى
أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا
وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ
إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ)(لقمان: من الآية15) وفي الصحيحين عن أسماء بنت أبي
بكر رضي الله عنهما قالت قدمت عليّ أمي وهي مشركة وكان أبو بكر رضي الله
عنه قد طلقها في الجاهلية فقدمت على ابنتها أسماء في المدينة بعد صلح
الحديبية قالت أسماء: فاستفتيت رسول الله على آله وسلم فقلت
يا رسول الله قدمت عليّ أمي وهي راغبة أي راغبة في أن أصلها بشيء أفاصلها
يا رسول الله قال نعم صلي أمك ) أيها المسلمون إن بر الوالدين يكون ببذل
المعروف والإحسان إليهما بالقول والفعل والمال أما الإحسان بالقول فأن
تخاطبهما باللين واللطف مستصحباً بذلك أكمل الألفاظ وأطيبها مما يدل على
اللين والتكريم وأما الإحسان بالفعل فأن تقوم بخدمتهما ببدنك ما استطعت لا
سيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك كقضاء الحوائج والمساعدة على شؤونهما وغير ذلك
مما يحتاجان إليه وأما الإحسان بالمال فأن تبذل لهما من مالك كل ما
يحتاجان إليه بنفس طيبة وصدر منشرح غير متبع ذلك بمنة ولا أذى وإن بر
الوالدين كما يكون في الحياة فإنه يكون أيضاً بعد الممات فقد أتى رجل من
بني سلمة إلى النبي على آله وسلم فقال (يا رسول الله هل
بقي من بر أبوي شيء أبرهما بعد موتهما قال نعم الصلاة عليهما ) يعني الدعاء
لهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما أي وصيتهما من بعدهما وصلة الرحم التي
لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما) رواه أبو داوود أيها الأخوة وقفة عند
هذا الحديث هل قال النبي على آله وسلم وأن تصلي لهما هل قال
أن تتصدق عنهما هل قال أن تعتمر لهما هل قال أن تحج لهما لا إذا فالدعاء
والأمور التي ذكرها النبي سلم أفضل من الصلاة لهما وأفضل من
الصدقة عنهما وأفضل من الاعتمار عنهما وأفضل من الحج عنهما وقد شغف كثير
من الناس اليوم بفعل الطاعات عن الأموات دون الدعاء لهما وهذا خلاف ما أرشد
إليه النبي على آله وسلم ولقد ثبت عن النبي صلى الله عليه
وعلى آله وسلم أنه قال : ( إذا مات الإنسان إنقطع عمله إلا من ثلاث صدقة
جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) ولم يقل أو ولد صالح يعمل له
مع أن سياق الحديث في العمل فدل هذا على ان الدعاء أفضل من التثاوب
بالاعمال الصالحة للوالدين أوغيرهما من الأقارب وفي صحيح مسلم عن عبد الله
بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه كان يسير في طريق مكة راكباً على حمار
يتروح عليه إذ مل الركوب على الراحلة فمر به إعرابي فقال له ألست فلان ابن
فلان قال بلى فأعطاه الحمار وقال أركب هذا وأعطاه عمامة كانت عليه وقال
أشدد بها رأسك فقالوا لابن عمر رضي الله عنهما غفر الله لك أعطيته حماراً
كنت تروح عليه وعمامة تشد بها رأسك فقال ابن عمر رضي الله عنهما إن أبا
هذا كان صديق لعمر وإني سمعت رسول الله على آله وسلم
يقول(إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه ) أيها المسلمون هذا بيان منزلة
البر وعظيم مرتبته أما أثاره فهو الثواب الجزيل في الآخرة والجزاء بمثله
في الدنيا فإن من بر بوالديه بر به أولاده ومن آثار بر الوالدين تفريج
الكربات ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما في قصة الثلاثة الذين
أواهم المبيت إلى غار فدخلوه فانطبقت عليهم صخرة فسدته عليهم فتوسلوا إلى
الله عز وجل بصالح أعمالهم أن يفرج عنهم فقال أحدهم اللهم إنه كان لي
أبوان شيخان كبيران وكنت لا اغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً فنأى بي طلب الشجر
يوماً فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت غبقوهما يعني اللبن فوجدتهما نائمين
فلبثت والقدح على يدي انتظر استيقاظهما حتى برق الفجر فاستيقظا فشربا
غبوقهما اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه فانفرجت
بعض الصخرة وتوسل صاحباه بصالح من أعمالهما فانفرجت وخرجوا يمشون ) ومن
آثار بر الوالدين إن فيه طول العمر وحسن الخاتمة فعن علي بن أبي طالب رضي
الله عنه أن النبي سلم قال : ( من سره أن يمد له في عمره
ويوسع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه ) إسناده جيد
وبر الوالدين أعلا صلة الرحم لأنهما أقرب الناس إليك رحما أيها الأخوة
المسلمون أيها الأخوة المسلمون إنه لا يليق بعاقل فضلا عن مؤمن أن يعلم فضل
بر الوالدين وأثاره الحميدة في الدنيا والآخرة ثم يعرض عنه ولا يقوم به
ويجعل معاملته لأصحابه وزوجته ألين وأرفق من معاملته لوالديه أما يتقي الله
أما يخشى الله عز وجل اللهم وفقنا لبر الوالدين أحيانا وأمواتا اللهم
أجزهم عنا خيرا ربي أرحمهما كما ربونا صغارا يا رب العالمين والحمد لله رب
العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الحمد
لله أحمده وأشكره وأتوب إليه واستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله على آله وأصحابه ومن
تبعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا
أما بعد
فإنني
في هذه الخطبة أنبه على أمرين أما الأمر الأول ما سمعتموه في الخطبة
الأولي من ان النبي على آله وسلم بين أن بر الوالدين بعد
الموت يكون في أشياء عينها وليس منها أن يعمل الإنسان لهما صوما أو صدقة أو
حجا أو عمرة وأخشي أن يفهم بعض الناس من هذا فيظن أننا نمنع أن يعمل
الإنسان لأمواته عملا صالحا ونحن لا نمنع ذلك ولكننا نقول إن الدعاء أفضل
وفرق بين أن يقال إن هذا حرام وبين أن يقال أن غيره أفضل منه وأنا أقول إن
الدعاء للوالدين وما ذكر في الحديث الذي سمعتموه أفضل من إقامة العمل
الصالح لهما على أن كثير من العلماء رحمهم الله يقولون إن الميت لا ينتفع
بشيء من أعمال الحي غلا ما وردت به السنة فقط لقول الله تعالى : (وَأَنْ
لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (لنجم:39) أما الأمر الثاني فعجب
من بعض الناس الذين تبلدت أفكارهم وبعدت عن حسن الأخلاق أعمالهم ذلك أن بعض
الناس يوقف السيارات في درب المشاة لقد رأيت في مجيء هذا رجلا أوقف سيارته
أقحمها الرصيف حتى إن المشاة لا يجدون ما يمشون عليه إلا بوسط الخط الذي
للسيارات فقط أي انه أوقف السيارة عرضا على الرصيف إذا أين درب الماشية
يعني أنه يلجئ الناس أن يمشوا على الخط الذي هو مسير السيارات وهذا والله
من البلادة الواضحة وعدم المبالاة باخوانه أتدرون لماذا لأنه هو ظل الشجرة
فقط فأراد أن يظلل سيارته وإن كان ذلك على حساب الآخرين الذين هم أحق بهذا
الرصيف منه عجبا عجبا للمسلم أن يعلم ان النبي على آله وسلم
قال : ( والله لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) أيرضي هذا أن
يلجئه غيره إلى أن ينزل في خط السيارات ويدع الرصيف الذي إنما كان للمشاة
إنه لا يرضي بذلك فكيف يرضاه لنفسه أما يخشي هذا أن يكون مضادا لقول النبي
على آله وسلم : ( إماطة الأذي عن الطريق صدقة ) وهذا الذي
أوقف سيارته على الرصيف وحرم المشاة منه وضع ما يؤذي المسلمين في طريقهم
وإذا كانت إماطة الأذي عن الطريق صدقة فماذا يكون وضع الأذى إنني رأيت رقم
السيارة ورمزها بالحروف ولكنني لا أحب أن أذكرها هنا ولعل صاحبها يعرف ذلك
وكذلك لعل غيره يعرف ذلك أيها الأخوة لتكن قلوبنا حية لتكن قلوبنا مربوطة
بتعاليم الإسلام ومحاسن الأخلاق أن نحب لأخواننا ما نحب لأنفسنا أيها
الأخوة إننا نسمع أن بلاد الكفار وهم كافرون بالله لا يرجون ثواب الله بما
يفعلونه من إحسان للخلق يتجنبون مثل هذا فكيف بكم أنتم أيها الشعب المسلم
كيف ترضون لأنفسكم أن تؤذوا المسلمين بوضع العراقيل للمسلمين في طرقاتهم
إنه قد يقول القائل منكم هذه مسألة هينة مسألة جزئية كيف يخصص لها من هذا
الوقت الفاضل مثل هذه الكلام ولكنني أقول المسألة نعم هي جزئية لكنها ترمي
إلى معني عظيم وهي عدم مبالاة الإنسان بغيره وإن يكون أنانيا محضا لا يهتم
إلا بنفسه فقط أيها الأخ المسلم إن لك أخوان من المسلمين فاتقي الله فيهم
اللهم أيقظ قلوبنا من الغفلة اللهم أيقظ قلوبنا من الغفلة اللهم أجعل
قلوبنا حية تدرك ما ينفعها فتفعله وتدرك ما يضرها فتتجنبه إن هذا المبدأ
العظيم الذي قرره الشرع والذي نفي الإيمان عمن لم يتصف به وهو أن يحب
الإنسان لأخيه ما يحب لنفسه إنه لمبدأ عظيم يجب على الإنسان أن يطبقه في
جميع معاملاته وفي جميع أخلاقه ولقد قال النبي على آله وسلم
: ( من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته أو قال فلتدركه
منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتي إليه )
أيها الأخوة أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمداً صلى الله عليه
وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة يعني في دين الله بدعة وكل
بدعة ضلالة فعليكم أيها الأخوة عليكم أن تجتمعوا على دين الله ولا تتفرقوا
فيه وأعلموا أن هذا هو الذي أمرتم به كما قال عز وجل (وَاعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران:103) وأعلموا أن
الله عز وجل أمركم أن تصلوا على نبيه فقال عز وجل : (إِنَّ اللَّهَ
وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صلي
وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهره وباطناً اللهم
توفنا على ملته اللهم أحشرنا في ذمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا
في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم من الذين أنعمت عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وهم أبو بكر
وعمر وعثمان وعلى أفضل اتباع المرسلين اللهم أرضى وعن الصحابة وعن
التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم و أصلح أحوالنا كما
أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم وهيئ لولاة
الأمور بطانة صالحة تدلهم على الخير وتحثهم عليه وتبين لهم الشر وتحذرهم
منه يا رب العالمين اللهم ولي علينا خيارنا وأكفنا شر شرارنا اللهم من أراد
بنا سوءا فأجعل كيده في نحره وأفسد عليه أمره وأجعل تدبيره تدميرا عليه يا
رب العالمين اللهم أنصر أخواننا الشيشان اللهم أنصر أخواننا الشيشان اللهم
ثبت أقدامه اللهم وأرحم موتاهم وأجمع شمل أحيائهم يا رب العالمين اللهم
عليك بدولة الروس اللهم عليك بدولة الروس وشعبها يا رب العالمين الذين
يحادونك ويحادون رسولك ويعتدون على عبادك اللهم اجعل بأسهم بينهم اللهم
أجعلها حروبا ضروسا في أسواقهم وبيوتهم يا رب العالمين اللهم أفسد أمورهم
اللهم أبدلهم بالعز ذلا وبالقوة ضعفا وبالاجتماع تفرقا وبالائتلاف عداوة
وبغضاء يا ذا الجلال والإكرام اللهم عجل لنا بذلك حتى تقر بذلك أعيننا
اللهم عجل لهم بذلك حتى تقر بذلك أعيننا يا رب العالمين إنك على كل شيء
قدير وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله
تعالى بالهدي ودين الحق فبلغ الرسالة وأدي الأمانة ونصح الأمة وجاهد في
الله حق جهاده بنفسه وماله وجاهه فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
أما بعد فيا
عباد الله أما بعد فيا عباد الله أما بعد فيا عباد الله خلقكم الله تعالى
من عدم وأمدكم بنعمه وأزال عنكم النغم فما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا
مسكم الضر فإليه تجأرون عباد الله اعرفوا نعمة الله عليكم حيث أوجدكم
وأعدكم وأمدكم بنعمه وقوموا بما أوجب الله عليكم من حقوقه التي خلقكم من
أجلها ومن حقوق عباد الله عز وجل وإن أعظم حقوق العباد بعد حق الرسول صلى
الله عليه وعلى آله وسلم حقوق الوالدين فإن الله تعالى جعل مرتبة حقوق
الوالدين بعد مرتبة حقوق الله وحقوق رسوله فقال عز وجل (وَاعْبُدُوا
اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً
)(النساء: من الآية36) وعبادة الله عز وجل لا تتم إلا بالإخلاص له
والمتابعة لرسوله على آله وسلم وعلى هذا فقوله تعالى
واعبدوا فقوله تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)
يتضمن حق الله عز وجل وحق رسوله على آله وسلم وأوصى الله
تبارك وتعالى وصية خاصة بالوالدين فقال ( ووصينا الإنسان بوالديه ) وبين
جل وعلا بين الحكمة العظيمة من هذه الوصية فقال تعالى (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ
وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وفِصَالَه فِي عَامَيْن )(لقمان: من الآية14) أي
حملته ضعفاً على ضعف فمن حين أن ينشأ الحمل بها الضعف إلى أن ينتهي الحمل
ثم بعد ذلك يأتي دور الحضانة أيها الأخوة المسلمون إن الله جعل بر الوالدين
مقدماً على الجهاد في سبيل الله ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي
الله عنه قال سألت النبي على آله وسلم أي العمل أحب إلى
الله قال : ( الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال
الجهاد في سبيل الله) وفي صحيح مسلم أن رجلاً أتى النبي على
آله وسلم فقال أبايعك على الهجرة أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر
من الله عز وجل فقال النبي على آله وسلم : ( فهل من والديك
أحد حي قال نعم بل كلاهما قال فتبتغي الأجر من الله عز وجل قال نعم قال
فأرجع إلى والديك فأحسن صحبتهما) في حديث إسناده جيد أن رجلاً قال يا رسول
الله إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه قال هل بقي من والديك أحد قال نعم أمي
قال النبي سلم قابل الله في برها فإذا فعلت ذلك فأنت حاج
ومعتمر ومجاهد ) ولقد أوصى الله تبارك وتعالى بصحبة الوالدين ولقد أوصى
الله تبارك وتعالى بصحبة الوالدين بالمعروف ولو كانا كافرين ولو كانا
كافرين وبذلا الجهد في ابنهما المسلم أن يكفر بالله لكن لا يطيعهما في
الكفر فقال الله تعالى (و إن جاهداك ) أي الوالدان أي بذلا الجهد ( عَلَى
أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا
وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ
إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ)(لقمان: من الآية15) وفي الصحيحين عن أسماء بنت أبي
بكر رضي الله عنهما قالت قدمت عليّ أمي وهي مشركة وكان أبو بكر رضي الله
عنه قد طلقها في الجاهلية فقدمت على ابنتها أسماء في المدينة بعد صلح
الحديبية قالت أسماء: فاستفتيت رسول الله على آله وسلم فقلت
يا رسول الله قدمت عليّ أمي وهي راغبة أي راغبة في أن أصلها بشيء أفاصلها
يا رسول الله قال نعم صلي أمك ) أيها المسلمون إن بر الوالدين يكون ببذل
المعروف والإحسان إليهما بالقول والفعل والمال أما الإحسان بالقول فأن
تخاطبهما باللين واللطف مستصحباً بذلك أكمل الألفاظ وأطيبها مما يدل على
اللين والتكريم وأما الإحسان بالفعل فأن تقوم بخدمتهما ببدنك ما استطعت لا
سيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك كقضاء الحوائج والمساعدة على شؤونهما وغير ذلك
مما يحتاجان إليه وأما الإحسان بالمال فأن تبذل لهما من مالك كل ما
يحتاجان إليه بنفس طيبة وصدر منشرح غير متبع ذلك بمنة ولا أذى وإن بر
الوالدين كما يكون في الحياة فإنه يكون أيضاً بعد الممات فقد أتى رجل من
بني سلمة إلى النبي على آله وسلم فقال (يا رسول الله هل
بقي من بر أبوي شيء أبرهما بعد موتهما قال نعم الصلاة عليهما ) يعني الدعاء
لهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما أي وصيتهما من بعدهما وصلة الرحم التي
لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما) رواه أبو داوود أيها الأخوة وقفة عند
هذا الحديث هل قال النبي على آله وسلم وأن تصلي لهما هل قال
أن تتصدق عنهما هل قال أن تعتمر لهما هل قال أن تحج لهما لا إذا فالدعاء
والأمور التي ذكرها النبي سلم أفضل من الصلاة لهما وأفضل من
الصدقة عنهما وأفضل من الاعتمار عنهما وأفضل من الحج عنهما وقد شغف كثير
من الناس اليوم بفعل الطاعات عن الأموات دون الدعاء لهما وهذا خلاف ما أرشد
إليه النبي على آله وسلم ولقد ثبت عن النبي صلى الله عليه
وعلى آله وسلم أنه قال : ( إذا مات الإنسان إنقطع عمله إلا من ثلاث صدقة
جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) ولم يقل أو ولد صالح يعمل له
مع أن سياق الحديث في العمل فدل هذا على ان الدعاء أفضل من التثاوب
بالاعمال الصالحة للوالدين أوغيرهما من الأقارب وفي صحيح مسلم عن عبد الله
بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه كان يسير في طريق مكة راكباً على حمار
يتروح عليه إذ مل الركوب على الراحلة فمر به إعرابي فقال له ألست فلان ابن
فلان قال بلى فأعطاه الحمار وقال أركب هذا وأعطاه عمامة كانت عليه وقال
أشدد بها رأسك فقالوا لابن عمر رضي الله عنهما غفر الله لك أعطيته حماراً
كنت تروح عليه وعمامة تشد بها رأسك فقال ابن عمر رضي الله عنهما إن أبا
هذا كان صديق لعمر وإني سمعت رسول الله على آله وسلم
يقول(إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه ) أيها المسلمون هذا بيان منزلة
البر وعظيم مرتبته أما أثاره فهو الثواب الجزيل في الآخرة والجزاء بمثله
في الدنيا فإن من بر بوالديه بر به أولاده ومن آثار بر الوالدين تفريج
الكربات ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما في قصة الثلاثة الذين
أواهم المبيت إلى غار فدخلوه فانطبقت عليهم صخرة فسدته عليهم فتوسلوا إلى
الله عز وجل بصالح أعمالهم أن يفرج عنهم فقال أحدهم اللهم إنه كان لي
أبوان شيخان كبيران وكنت لا اغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً فنأى بي طلب الشجر
يوماً فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت غبقوهما يعني اللبن فوجدتهما نائمين
فلبثت والقدح على يدي انتظر استيقاظهما حتى برق الفجر فاستيقظا فشربا
غبوقهما اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه فانفرجت
بعض الصخرة وتوسل صاحباه بصالح من أعمالهما فانفرجت وخرجوا يمشون ) ومن
آثار بر الوالدين إن فيه طول العمر وحسن الخاتمة فعن علي بن أبي طالب رضي
الله عنه أن النبي سلم قال : ( من سره أن يمد له في عمره
ويوسع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه ) إسناده جيد
وبر الوالدين أعلا صلة الرحم لأنهما أقرب الناس إليك رحما أيها الأخوة
المسلمون أيها الأخوة المسلمون إنه لا يليق بعاقل فضلا عن مؤمن أن يعلم فضل
بر الوالدين وأثاره الحميدة في الدنيا والآخرة ثم يعرض عنه ولا يقوم به
ويجعل معاملته لأصحابه وزوجته ألين وأرفق من معاملته لوالديه أما يتقي الله
أما يخشى الله عز وجل اللهم وفقنا لبر الوالدين أحيانا وأمواتا اللهم
أجزهم عنا خيرا ربي أرحمهما كما ربونا صغارا يا رب العالمين والحمد لله رب
العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الحمد
لله أحمده وأشكره وأتوب إليه واستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله على آله وأصحابه ومن
تبعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا
أما بعد
فإنني
في هذه الخطبة أنبه على أمرين أما الأمر الأول ما سمعتموه في الخطبة
الأولي من ان النبي على آله وسلم بين أن بر الوالدين بعد
الموت يكون في أشياء عينها وليس منها أن يعمل الإنسان لهما صوما أو صدقة أو
حجا أو عمرة وأخشي أن يفهم بعض الناس من هذا فيظن أننا نمنع أن يعمل
الإنسان لأمواته عملا صالحا ونحن لا نمنع ذلك ولكننا نقول إن الدعاء أفضل
وفرق بين أن يقال إن هذا حرام وبين أن يقال أن غيره أفضل منه وأنا أقول إن
الدعاء للوالدين وما ذكر في الحديث الذي سمعتموه أفضل من إقامة العمل
الصالح لهما على أن كثير من العلماء رحمهم الله يقولون إن الميت لا ينتفع
بشيء من أعمال الحي غلا ما وردت به السنة فقط لقول الله تعالى : (وَأَنْ
لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (لنجم:39) أما الأمر الثاني فعجب
من بعض الناس الذين تبلدت أفكارهم وبعدت عن حسن الأخلاق أعمالهم ذلك أن بعض
الناس يوقف السيارات في درب المشاة لقد رأيت في مجيء هذا رجلا أوقف سيارته
أقحمها الرصيف حتى إن المشاة لا يجدون ما يمشون عليه إلا بوسط الخط الذي
للسيارات فقط أي انه أوقف السيارة عرضا على الرصيف إذا أين درب الماشية
يعني أنه يلجئ الناس أن يمشوا على الخط الذي هو مسير السيارات وهذا والله
من البلادة الواضحة وعدم المبالاة باخوانه أتدرون لماذا لأنه هو ظل الشجرة
فقط فأراد أن يظلل سيارته وإن كان ذلك على حساب الآخرين الذين هم أحق بهذا
الرصيف منه عجبا عجبا للمسلم أن يعلم ان النبي على آله وسلم
قال : ( والله لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) أيرضي هذا أن
يلجئه غيره إلى أن ينزل في خط السيارات ويدع الرصيف الذي إنما كان للمشاة
إنه لا يرضي بذلك فكيف يرضاه لنفسه أما يخشي هذا أن يكون مضادا لقول النبي
على آله وسلم : ( إماطة الأذي عن الطريق صدقة ) وهذا الذي
أوقف سيارته على الرصيف وحرم المشاة منه وضع ما يؤذي المسلمين في طريقهم
وإذا كانت إماطة الأذي عن الطريق صدقة فماذا يكون وضع الأذى إنني رأيت رقم
السيارة ورمزها بالحروف ولكنني لا أحب أن أذكرها هنا ولعل صاحبها يعرف ذلك
وكذلك لعل غيره يعرف ذلك أيها الأخوة لتكن قلوبنا حية لتكن قلوبنا مربوطة
بتعاليم الإسلام ومحاسن الأخلاق أن نحب لأخواننا ما نحب لأنفسنا أيها
الأخوة إننا نسمع أن بلاد الكفار وهم كافرون بالله لا يرجون ثواب الله بما
يفعلونه من إحسان للخلق يتجنبون مثل هذا فكيف بكم أنتم أيها الشعب المسلم
كيف ترضون لأنفسكم أن تؤذوا المسلمين بوضع العراقيل للمسلمين في طرقاتهم
إنه قد يقول القائل منكم هذه مسألة هينة مسألة جزئية كيف يخصص لها من هذا
الوقت الفاضل مثل هذه الكلام ولكنني أقول المسألة نعم هي جزئية لكنها ترمي
إلى معني عظيم وهي عدم مبالاة الإنسان بغيره وإن يكون أنانيا محضا لا يهتم
إلا بنفسه فقط أيها الأخ المسلم إن لك أخوان من المسلمين فاتقي الله فيهم
اللهم أيقظ قلوبنا من الغفلة اللهم أيقظ قلوبنا من الغفلة اللهم أجعل
قلوبنا حية تدرك ما ينفعها فتفعله وتدرك ما يضرها فتتجنبه إن هذا المبدأ
العظيم الذي قرره الشرع والذي نفي الإيمان عمن لم يتصف به وهو أن يحب
الإنسان لأخيه ما يحب لنفسه إنه لمبدأ عظيم يجب على الإنسان أن يطبقه في
جميع معاملاته وفي جميع أخلاقه ولقد قال النبي على آله وسلم
: ( من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته أو قال فلتدركه
منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتي إليه )
أيها الأخوة أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمداً صلى الله عليه
وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة يعني في دين الله بدعة وكل
بدعة ضلالة فعليكم أيها الأخوة عليكم أن تجتمعوا على دين الله ولا تتفرقوا
فيه وأعلموا أن هذا هو الذي أمرتم به كما قال عز وجل (وَاعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران:103) وأعلموا أن
الله عز وجل أمركم أن تصلوا على نبيه فقال عز وجل : (إِنَّ اللَّهَ
وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صلي
وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهره وباطناً اللهم
توفنا على ملته اللهم أحشرنا في ذمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا
في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم من الذين أنعمت عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وهم أبو بكر
وعمر وعثمان وعلى أفضل اتباع المرسلين اللهم أرضى وعن الصحابة وعن
التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم و أصلح أحوالنا كما
أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم وهيئ لولاة
الأمور بطانة صالحة تدلهم على الخير وتحثهم عليه وتبين لهم الشر وتحذرهم
منه يا رب العالمين اللهم ولي علينا خيارنا وأكفنا شر شرارنا اللهم من أراد
بنا سوءا فأجعل كيده في نحره وأفسد عليه أمره وأجعل تدبيره تدميرا عليه يا
رب العالمين اللهم أنصر أخواننا الشيشان اللهم أنصر أخواننا الشيشان اللهم
ثبت أقدامه اللهم وأرحم موتاهم وأجمع شمل أحيائهم يا رب العالمين اللهم
عليك بدولة الروس اللهم عليك بدولة الروس وشعبها يا رب العالمين الذين
يحادونك ويحادون رسولك ويعتدون على عبادك اللهم اجعل بأسهم بينهم اللهم
أجعلها حروبا ضروسا في أسواقهم وبيوتهم يا رب العالمين اللهم أفسد أمورهم
اللهم أبدلهم بالعز ذلا وبالقوة ضعفا وبالاجتماع تفرقا وبالائتلاف عداوة
وبغضاء يا ذا الجلال والإكرام اللهم عجل لنا بذلك حتى تقر بذلك أعيننا
اللهم عجل لهم بذلك حتى تقر بذلك أعيننا يا رب العالمين إنك على كل شيء
قدير وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .