دزاير 54
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دزاير 54 دخول

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz
إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير 29128_01301429818


من هو ايلــيــا أبوماضــي


1988 - 1957


إيليا ضاهر أبو ماضي شاعر لبناني عربي، ولد في قرية المحيدثة قضاء المتن الشمالي

في لبنان في 8 أبريل 1888


وتفيد بعض المصادر أنه ولد في 21 مايو 1890، كان من عائلةٍ أرثوذكسية فقيرة

يعتبر من رواد الشعر المعاصر، وأحد أعلام النهضة الأدبية العربية في بدايات القرن العشرين.

تقول الشاعرة فدوى طوقان:

إنني أرفع أبو ماضي إلى القمة ولا أفضّل عليه شاعراً عربياً آخر لا في القديم ولا في الحديث.

فالشعر العربي لم يعرف له من نظير


نـــشـــأتـــه



أجبره الفقر أن يترك دراسته بعيد الابتدائية، فغادر لبنان إلى مصر ليعمل في تجارة التبغ، وكانت مصر مركزاً

للمفكرين اللبنانيين الهاربين من قمع الأتراك، نشر قصائد له في مجلاتٍ لبنانية صادرة في مصر، اهمها "العلم"

و"الاكسبرس"، وهناك، تعرف إلى الأديب أمين تقي الدين، الذي تبنى المبدع الصغير ونشر أولى اعمال إيليا في

مجلته "الزهور"


مــســيــرتــه الأدبـــيــه

وفي مصر، أصدر أبو ماضي أول دواوينه الشعرية

عام 1911، بعنوان "تذكار الماضي"، وكان يبلغ من العمر 22

عاماً، شعره السياسي والوطني جعله عرضةً لمضايقات السلطة الرسمية، فهاجر عام 1912 إلى امريكا الشمالية،

وصل أولاً إلى مدينية سنسيناتي سيتي، وهناك عمل مع أخيه مراد في التجارة، وتنقل بعدها في الولايات المتحدة إلى

ان استقر في مدينة نيويورك عام 1916 وهناك عمل نائباً لتحرير جريدة "مرآة الغرب" وتزوج من ابنة مالكها

السيدة دورا نجيب دياب وأنجبت له ثلاثة أولاد.



وفي مصر، أصدر أبو ماضي أول دواوينه الشعرية

عام 1911، بعنوان "تذكار الماضي"، وكان يبلغ من العمر 22

عاماً، شعره السياسي والوطني جعله عرضةً لمضايقات السلطة الرسمية، فهاجر عام 1912 إلى امريكا الشمالية،

وصل أولاً إلى مدينية سنسيناتي سيتي، وهناك عمل مع أخيه مراد في التجارة، وتنقل بعدها في الولايات المتحدة إلى

ان استقر في مدينة نيويورك عام 1916 وهناك عمل نائباً لتحرير جريدة "مرآة الغرب" وتزوج من ابنة مالكها

السيدة دورا نجيب دياب وأنجبت له ثلاثة أولاد.



أهـــم أعمـــالـــه


تفرغ إيليا أبو ماضي للأدب والصحافة، وأصدر عدة دواوين رسمت اتجاهه الفلسفي والفكري أهمها:


1 . تذكار الماضي (الاسكندرية 1911):

تناول موضوعات مختلفة أبرزها الظلم، عرض فيها بالشعر الظلم الذي يمارسه الحاكم على المحكوم، مهاجماً

الطغيان العثماني ضد بلاده.

2 . إيليا أبو ماضي (نيويورك 1918):

كتب مقدمته جبران خليل جبران، جمع فيه إيليا الحب، والتأمل والفلسفة، وموضوعات اجتماعية

وقضايا وطنية كل ذلك في إطار رومانسي حالم أحياناً وثائر عنيف أحياناً أخرى، يكرر شاعرنا

فيه تغنيه بجمال الطبيعة.
3 . الجداول (نيويورك 1927):

كتب مقدمته ميخائيل نعيمة.

4 . الخمائل (نيويورك 1940):

من أكثر دواوين أبي ماضي شهرةً ونجاحاً، فيه اكتمال نضوج ايليا أدبياً، جعله شعر التناقضات، ففيه الجسد

والروح، والثورة وطلب السلام، والاعتراف بالواقع ورسم الخيال.

5 . تبر وتراب

6 . الغابة المفقودة

أهــم الـــعــوامــل المؤثــره في شــعــر أبــي مـــاضــي


أحاطته الطبيعة في طفولته، وكانت قرية المحيدثة تحاصر إيليا أبو ماضي بأشكال الجمال الأخضر والجداول المغردة

للجمال، فتعلم حب الطبيعة وتعلق بمناجاتها. الفقر، فنشأته في قسوة الفقر، جعلت منه رسولاً للفقراء، فكتب دوماً

عن المساواة الاجتماعية، فكلنا من تراب، لا غني ولا فقير.

الهجرة والاغتراب

كان التشرد في الغربة ثاني مدماك في اتجاه أبي ماضي، ومن التشرد تعلم الوفاء للوطن، فأغزر في الشوق اليه

والعناية بطيفه الباق في قلبه. الاختلاط بالنخب، ففي المهجر، كان أبي ماضي منغمساً في علاقته برواد النهضة

العربية وقادة الفكر التحرري الأدبي، فاستفاد منهم، وبنى منهجه الشعري وأسلوبه الأدبي.

فــي دراســـة شــعـــره

يسميه النقاد: شاعر الأمل والتفاؤل (قال السماء كئيبةً وتجهمَ، قلت ابتسم يكفي التجهم في السما، قال الصبا ولّى

فقلت له ابتسم، لن يرجع الأسف الصبا المتصرّما)كان الجمال حاضراً في أغلب أعمال أبي ماضي، وامتاز بعشقه

للطبيعة (يا ليتني لصٌ لأسرق في الضحى، سرَّ اللطافة في النسيم الساري، وأَجسَّ مؤتلق الجمالِ بأصبعي، في زرقة

الأفقِ الجميلِ العاري) وجعله قريناً بكل شيء، ويوصف بأنه كان يحمل روح الشرق في المهجر، حمل هم أمته،

فكتب لمصر عندما هددها الطغيان: (خَلِّني أستصرخُ القومَ النياما، أنا لا أرضى لمصرٍ أن تُضاما، لا تلُم في نصرة

الحقِ فتىً، هاجه العابثُ بالحق فلاما).

كما لم ينس أوجاع الفقراء والمسحوقين فكتب لهم كثيراً وجعلهم من ثوابت قلمه المبدع (وإن هم لم يقتلوا

الأشقياء، فيا ليت شعريَ من يقتلونْ ، ولا يحزننكمُ موتُهمْ، فإنهمُ للردى يولدونْ ، وقولوا كذا قد أراد الإله، وإن قدر

الله شيئًا يكونْ).

أما الوطن، فلم يغب، فكان لبنان محور يوميات ايليا أبو ماضي ، (اثنان أعيا الدهر أن يبليهما، لبنان والأمل الذي

لذويه) وأجاد مع الحرب العالمية في ترجمة الحنين إلى العائلة والأرض شعراً: (يا جارتي كان لي أهلٌ وإخوان،

فبتت الحرب ما بيني وبينهم، كما تقطع أمراس وخيطان، فاليوم كل الذي فيه مهجتي ألم، وكل ما حولهم بؤس

وأحزان، وكان لي أمل إذا كان لي وطن)



نصل إلى الحب، كانت تجارب أبي ماضي قاسيةً عاطفياً، ولكنه احتفظ بالأمل الذي لم يفارق كتاباته، فكان يخرج دوماً

حالماً مبرراً القسوة والانكسار جاعلاً منه قلعة تفاؤل وتمسك بالحب، رغم انه لم ينف الحزن في قلبه، الا انه ميزه

عن اليأس، (إنما تلك أخلفت قبل ليلين من موعدي، لم تمت لا وإنما أصبحت في سوى يدي).



من روائع شعره

أيها الشاكي

أيهـا الشاكـي ومـا بــك داءٌ *** كيف تغـدٌ إذا غـدوت عليـلا

إن شـر النفـوس نفـس يـؤوس *** يتمنـى قبـل الرحيـل الرحيـلا

ويرى الشوك في الورود ويعمـى ***ان يـرى فوقهـا النـدى إكليـلا

هو عـبء علـى الحيـاة ثقيـل ***من يرى في الحيـاة عبئـا ثقيـلا

والـذي نفسـه بغـيـر جـمـال *** لايرى في الوجود شيئـا جميـلا




كم تشتكي

كم تشتكي وتقول انك معدم ***والارض ملكك والسما والأنجم

ولك الحقول وزهرها وأريجها *** ونسيمها والبلبل المترنم

والماء حولك فضة رقراقة ***والشمس فوقك عسجد يتضرغم

والنور يبني في السفوح وفي ***الذرى دورا مزخرفة وحينا يهدم

هشت لك الدنيا فمالك واجم ***وتبسمت فعلام لا تتبسم

ان كنت مكتئبا لعز قد مضى ***هيهات يرجعه اليك تَنَدم


كن بلسم

كـن بـلـسماً إن صار دهرك أرقما *** وحـلاوة إن صـار غـيـرك عـلـقما

إن الـحـيـاة حـبـتـك كـلَّ كـنـوزهـا *** لا تـبخلنَّ على الحياة ببعض ما ..

أحـسـنْ وإن لـم تـجـزَ حـتى بالثنا *** أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى؟

مَــنْ ذا يــكـافـئُ زهـرةً فـواحـةً؟ *** أو مـن يـثـيـبُ الـبـلـبل المترنما؟

يـاصـاحِ خُـذ عـلـم الـمـحبة عنهما *** إنـي وجـدتُ الـحـبَّ عـلـمـا قـيـمـا

لـو لـم تَـفُـحْ هذي ، وهذا ما شدا، ***عـاشـتْ مـذمـمـةً وعـاش مـذمـمـا

أيـقـظ شـعـورك بـالـمـحبة إن غفا ***لـولا الـشعور الناس كانوا كالدمى

أحبب فيغدو الكوخ كونا نيرا ***وابغض فيمسي الكون سجنا مظلما

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz

الطلاسم

جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت

ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت

وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيت

كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟

لست أدري!

أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود

هل أنا حرّ طليق أم أسير في قيود

هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود

أتمنّى أنّني أدري ولكن...

لست أدري!

وطريقي، ما طريقي؟ أطويل أم قصير؟

هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور

أأنا السّائر في الدّرب أم الدّرب يسير

أم كلاّنا واقف والدّهر يجري؟

لست أدري!

ليت شعري وأنا عالم الغيب الأمين

أتراني كنت أدري أنّني فيه دفين

وبأنّي سوف أبدو وبأنّي سأكون

أم تراني كنت لا أدرك شيئا؟

لست أدري!

أتراني قبلما أصبحت إنسانا سويّا

أتراني كنت محوا أم تراني كنت شيّا

ألهذا اللّغو حلّ أم سيبقى أبديّا

لست أدري... ولماذا لست أدري؟

لست أدري!


البحر:

قد سألت البحر يوما هل أنا يا بحر منكا؟

هل صحيح ما رواه بعضهم عني وعنكا؟

أم ترى ما زعموا زوار وبهتانا وإفكا؟

ضحكت أمواجه مني وقالت:

لست أدري!

أيّها البحر، أتدري كم مضت ألف عليكا

وهل الشّاطىء يدري أنّه جاث لديكا

وهل الأنهار تدري أنّها منك إليكا

ما الذّي الأمواج قالت حين ثارت؟

لست أدري!

أنت يا بحر أسير آه ما أعظم أسرك

أنت مثلي أيّها الجبار لا تملك أمرك

أشبهت حالك حالي وحكى عذري عذرك

فمتى أنجو من الأسر وتنجو؟ ..

لست أدري!

ترسل السّحب فتسقي أرضنا والشّجرا

قد أكلناك وقلنا قد أكلنا الثّمرا

وشربناك وقلنا قد شربنا المطرا

أصواب ما زعمنا أم ضلال؟

لست أدري!

قد سألت السّحب في الآفاق هل تذكر رملك

وسألت الشّجر المورق هل يعرف فضلك

وسألت الدّر في الأعناق هل تذكر أصلك

وكأنّي خلتها قالت جميعا:

لست أدري!

برفض الموج وفي قاعك حرب لن تزولا

تخلق الأسماك لكن تخلق الحوت الأكولا

قد جمعت الموت في صدرك والعيش الجميلا

ليت شعري أنت مهد أم ضريح؟..

لست أدري!

كم فتاة مثل ليلى وفتى كأبن الملوح

أنفقا السّاعات في الشّاطىء ، تشكو وهو يشرح

كلّما حدّث أصغت وإذا قالت ترنّح

أخفيف الموج سرّ ضيّعاه؟..

لست أدري!

كم ملوك ضربوا حولك في اللّيل القبابا

طلع الصّبح ولكن لم نجد إلاّ الضّبابا

ألهم يا بحر يوما رجعة أم لا مآبا

أم هم في الرّمل ؟ قال الرّمل إني...

لست أدري!

فيك مثلي أيّها الجبّار أصداف ورمل

إنّما أنت بلا ظلّ ولي في الأرض ظلّ

إنّما أنت بلا عقل ولي ،يا بحر ، عقل

فلماذا ، يا ترى، أمضي وتبقى ؟..

لست أدري!

يا كتاب الدّهر قل لي أله قبل وبعد

أنا كالزّورق فيه وهو بحر لا يجدّ

ليس لي قصد فهلل للدهر في سيري قصد

حبّذا العلم، ولكن كيف أدري؟..

لست أدري!

إنّ في صدري، يا بحر ، لأسرار عجابا

نزل السّتر عليها وأنا كنت الحجابا

ولذا أزداد بعدا كلّما أزددت اقترابا

وأراني كلّما أوشكت أدري...

لست أدري!

إنّني ،يا بحر، بحر شاطئاه شاطئاكا

الغد المجهول والأمس اللّذان اكتنفاكا

وكلانا قطرة ، يا بحر، في هذا وذاك

لا تسلني ما غد، ما أمس؟.. إني...

لست أدري!

الدير:

قيل لي في الدّير قوم أدركوا سرّ الحياة

غير أنّي لم أجد غير عقول آسنات

وقلوب بليت فيها المنى فهي رفات

ما أنا أعمى فهل غيري أعمى؟..

لست أدري!

قيل أدرى النّاس بالأسرار سكّان الصوامع

قلت إن صحّ الذي قالوا فإن السرّ شائع

عجبا كيف ترى الشّمس عيون في البراقع

والتي لم تتبرقع لا تراها؟..

لست أدري!

إن تك العزلة نسكا وتقى فالذّئب راهب

وعرين اللّيث دير حبّه فرض وواجب

ليت شعري أيميت النّسك أم يحيي المواهب

كيف يمحو النّسك إثما وهو إثم؟..

لست أدري!

أنني أبصرت فيّ الدّير ورودا في سياج

قنعت بعد النّدى الطّاهر بالماء الأجاج

حولها النّور الذي يحي ، وترضى بالديّاجي

أمن الحكمة قتل القلب صبرا؟..

لست أدري!

قد دخلت الدّير عند الفجر كالفجر الطّروب

وتركت الدّير عند اللّيل كاللّيل الغضوب

كان في نفسي كرب، صار في نفسي كروب

أمن الدّير أم اللّيل اكتئابي؟

لست أدري!

قد دخلت الدّير استنطق فيه الناسكينا

فإذا القوم من الحيرة مثلي باهتونا

غلب اليأس عليهم ، فهم مستسلمونا

وإذا بالباب مكتوب عليه...

لست أدري!

عجبا للنّاسك القانت وهو اللّوذعي

هجر النّاس وفيهم كلّ حسن المبدع

وغدا يبحث عنه المكان البلقع

أرأى في القفر ماء أم سرابا؟..

لست أدري!

كم تمارى ، أيّها النّاسك، في الحق الصّريح

لو أراد اللّه أن لا تعشق الشّيء المليح

كان إذ سوّاك بلا عقل وروح

فالّذي تفعل إثم ... قال إني ...

لست أدري!

أيّها الهارب إنّ العار في هذا الفرار

لا صلاح في الّذي تفعل حتّى للقفار

أنت جان أيّ جان ، قاتل في غير ثار

أفيرضى اللّه عن هذا ويعفو ؟..

لست أدري!



بين المقابر:

ولقد قلت لنفسي، وأنا بين المقابر

هل رأيت الأمن والرّاحة إلاّ في الحفائر؟

فأشارت : فإذا للدّود عيث في المحاجر

ثم قالت :أيّها السّائل إني...

لست أدري!

أنظري كيف تساوى الكلّ في هذا المكان

وتلاشى في بقايا العبد ربّ الصّولجان

والتقى العاشق والقالي فما يفترقان

أفبذا منتهى العدل؟ فقالت ...

لست أدري!

إنّ يك الموت قصاصا، أيّ ذنب للطّهاره

وإذا كان ثوابا، أيّ فضل للدعاره

وإذا كان يوما وما فيه جزاء أو جساره

فلم الأسماء إثم أو صلاح؟..

لست أدري!

أيّها القبر تكلّم، واخبرني يا رمام

هل طوى أحلامك الموت وهل مات الغرام

من هو المائت من عام ومن مليون عام

أبصير الوقت في الأرماس محوا؟..

لست أدري!

إن يك الموت رقادا بعده صحو طويل

فلماذا ليس يبقى صحونا هذا الجميل؟

ولماذا المرء لا يدري متى وقت الرّحيل؟

ومتى ينكشف السّرّ فيدري؟..

لست أدري!

إن يك الموت هجوعا يملأ النّفس سلاما

وانعتاقا لا اعتقالا وابتداء لا ختاما

فلماذا أعشق النّوم ولا أهوى الحماما

ولماذا تجزع الأرواح منه؟..

لست أدري!

أوراء القبر بعد الموت بعث ونشور

فحياة فخلود أم فتاء ودثور

أكلام النّاس صدق أم كلام الناس زور

أصحيح أنّ بعض الناس يدري؟..

لست أدري!

إن أكن أبعث بعد الموت جثمانا وعقلا

أترى أبعث بعضا أم ترى أبعث كلاّ

أترى أبعث طفلا أم ترى أبعث كهلا

ثمّ هل أعرف بعد الموت ذاتي؟..

لست أدري!

يا صديقي، لا تعللّني بتمزيق السّتور

بعدما أقضي فعقلي لا يبالي بالقشور

إن أكن في حالة الإدراك لا أدري مصيري

كيف أدري بعدما أفقد رشدي...

لست أدري!

لست أدري!

ولقد أبصرت قصرا شاهقا عالي القباب

قلت ما شادك من شادك إلاّ للخراب

أنت جزء منه لكن لست تدري كيف غاب

وهو لا يعلم ما تحوي؛ أيدري؟..

لست أدري!
يا مثالا كان وهما قبلما شاء البناة

أنت فكر من دماغ غيّبته الظلمات

أنت أمنية قلب أكلته الحشرات

أنت بانيك الّذي شادك لا ... لا...

لست أدري!

كم قصور خالها الباني ستبقى وتدوم

ثابتات كالرّواسي خالدات كالنّجوم

سحب الدّهر عليها ذيله فهي رسوم

مالنا نبني وما نبني لهدم؟..

لست أدري!

لم أجد في القصر شيئا ليس في الكوخ المهين

أنا في هذا وهذا عبد شك ويقين

وسجين الخالدين اللّيل والصّبح المبين

هل أنا في القصر أم في الكوخ أرقى؟

لست أدري!

ليس في الكوخ ولا في القصر من نفسي مهرب

أنّني أرجو وأخشى، إنّني أرضى وأغضب

كان ثوبي من حرير مذهب أو كان قنّب

فلماذا يتمنّى الثوب عاري؟..

لست أدري!

سائل الفجر: أعند الفجر طين ورخام؟

واسأل القصر ألا يخفيه، كالكوخ، الظّلام

واسأل الأنجم والرّيح وسل صوب الغمام

أترى الشّيء كما نحن نراه؟..

لست أدري!



الفكر:

ربّ فكر لاح في لوحة نفسي وتجلّى

خلته منّي ولكن لم يقم حتّى تولّى

مثل طيف لاح في بئر قليلا واضمحّلا

كيف وافى ولماذا فرّ منّي؟

لست أدري!

أتراه سابحا في الأرض من نفس لأخرى

رابه مني أمر فأبى أن يستقرّا

أم تراه سرّ في نفسي كما أعبر جسرا

هل رأته قبل نفسي غير نفسي؟

لست أدري!

أم تراه بارقا حينا وتوارى

أم تراه كان مثل الطير في سجن فطارا

أم تراه انحلّ كالموجة في نفسي وغارا

فأنا أبحث عنه وهو فيها،

لست أدري!



صراع وعراك:

إنّني أشهد في نفسي صراعا وعراكا

وأرى ذاتي شيطانا وأحيانا ملاكا

هل أنا شخصان يأبى هذا مع ذاك اشتراكا

أم تراني واهما فيما أراه؟

لست أدري!

بينما قلبي يحكي في الضّحى إحدى الخمائل

فيه أزهار وأطيار تغني وجداول

أقبل العصر فأسى موحشا كالقفر قاحل

كيف صار القلب روضا ثمّ قفرا؟

لست أدري!

أين ضحكي وبكائي وأنا طفل صغير

أين جهلي ومراحي وأنا غضّ غرير

أين أحلامي وكانت كيفما سرت تسير

كلّها ضاعت ولكن كيف ضاعت؟

لست أدري!

لي إيمان ولكن لا كأيماني ونسكي

إنّني أبكي ولكن لا كما قد كنت أبكي

وأنا أضحك أحيانا ولكن أيّ ضحك

ليت شعري ما الذي بدّل أمري؟

لست أدري!

كلّ يوم لي شأن ، كلّ حين لي شعور

هل أنا اليوم أنا منذ ليال وشهور

أم أنا عند غروب الشمس غيري في البكور

كلّما ساءلت نفسي جاوبتني:

لست أدري!

ربّ أمر كنت لّما كان عندي أتّقيه

بتّ لّما غاب عنّي وتوارى أشتهيه

ما الّذي حبّبه عندي وما بغّضنيه

أأنا الشّخص الّذي أعرض عنه؟

لست أدري!

ربّ شخص عشت معه زمناألهو وأمرح

أو مكان مرّ دهر لي مسرى ومسرح

لاح لي في البعد أجلى منه في القرب وأوضح

كيف يبقى رسم شيء قد توارى؟

لست أدري!

ربّ بستان قضيت العمر أحمي شجره

ومنعت النّاس أن تقطف منه زهره

جاءت الأطيار في الفجر فناشت ثمره

ألأطيار السّما البستان أم لي؟

لست أدري!

رب قبح عند زيد هو حسن عند بكر

فهما ضدّان فيه وهو وهم عند عمرو

فمن الصّادق فيما يدّعيه ، ليت شعري

ولماذا ليس للحسن قياس؟

لست أدري!

قد رأيت الحسن ينسى مثلما تنسى العيوب

وطلوع الشّمس يرجى مثلما يرجى الغروب

ورأيت الشّر مثل الخير يمضي ويؤوب

فلماذا أحسب الشرّ دخيلا؟

لست أدري!

إنّ هذا الغيث يهمي حين يهمي مكرها

وزهور الأرض تفشي مجبرات عطرها

لا تطيق الأرض تخفي شوكها أو زهرها

لا تسل : أيّهما أشهى وأبهى؟

لست أدري!

قد يصير الشوك إكليلا لملك أو نبّي

ويصير الورد في عروة لص أو بغيّ

أيغار الشّوك في الحقل من الزّهر الجنّي

أم ترى يحسبه أحقر منه؟

لست أدري!

قد يقيني الخطر الشّوك الذي يجرح كفّي

ويكون السّمّ في العطر الّذي يملأ أنفي

إنّما الورد هو الأفضل في شرعي وعرفي

وهو شرع كلّه ظلم ولكن ...

لست أدري!

قد رأيت الشّهب لا تدري لماذا تشرق

ورأيت السّحب لا تدري لماذا تغدق

ورأيت الغاب لا تدري لماذا تورق

فلماذا كلّها في الجهل مثلي ؟

لست أدري!

كلّما أيقنت أني قد أمطت السّتر عني

وبلغت السّر سرّي ضحكت نفسي مني

قد وجدت اليأس والحيرة لكن لم أجدني

فهل الجهل نعيم أم جحيم؟

لست أدري!

لذة عندي أن أسمع تغريد البلابل

وحفيف الورق الأخضر أو همس الجداول

وأرى الأنجم في الظلّماء تبدو كالمشاعل

أترى منها أم اللّذة منّي...

لست أدري!

أتراني كنت يوما نغما في وتر

أم تراني كنت قبلا موجة في نهر

أم تراني كنت في إحدى النّجوم الزّهر

أم أريجا ، أم حفيفا ، أم نسما؟

لست أدري!

فيّ مثل البحر أصداف ورمل ولآل

في كالأرض مروج وسفوح وجبال

فيّ كالجو نجوم وغيوم وظلال

هل أنا بحر وأرض وسماء؟

لست أدري!

من شرابي الشّهد والخمرة والماء الزّلال

من طعامي البقل والأثمارواللّحم الحلال

كم كيان قد تلاشى في كياني واستحال

كم كيان فيه شيء من كياني؟

لست أدري!

أأنا أفصح من عصفورة الوادي وأعذب؟

ومن الزّهرة أشهى ؟ وشذى الزّهرة أطيب؟

ومن الحيّة أدهى ؟ ومن النّملة أغرب؟

أم أنا أوضع من هذي وأدنى؟

لست أدري!

كلّها مثلي تحيا، كلّها مثلي تموت

ولها مثلي شراب ، ولها مثلي قوت

وانتباه ورقاد، وحديث وسكوت

فيما أمتاز عنها ليت شعري؟

لست أدري!

قد رأيت النّمل يسعى مثلما أسعى لرزقي

وله في العيش أوطار وحق مثل حقي

قد تساوى صمته في نظر الدّهر ونطقي

فكلانا صائر يوما إلى ما ...

لست أدري!

أنا كالصّهباء ، لكن أنا صهباي ودّني

أصلها خاف كأصلي ، سجنها طين كسجني

ويزاح الختم عنها مثلما ينشّق عني

وهي لا تفقه معناها، وإني...

لست أدري!

غلط القائل إنّ الخمر بنت الخابيه

فهي قبل الزق كانت في عروق الدّاليه

وحواها قبل رحن الكرم رحم الغاديه

إنّما من قبل هذا أين كانت؟

لست أدري!

هي في رأي فكر ، وهي في عينّي نور

وهي في صدري آمال ، وفي قلبي شعور

وهي في جسمي دم يسري فيه ويمور

إنّما من قبل هذا كيف كانت؟

لست أدري!

أنا لا أذكر شيئا من حياتي الماضية

أنا لا أعرف شيئا من حياتي الآتيه

لي ذات غير أني لست لأدري ماهيه

فمتى تعرف ذاتي كنه ذاتي؟

لست أدري!

إنّني جئت وأمضي وأنا لا أعلم

أنا لغز ... وذهابي كمجيتي طلسم

والّذي أوجد هذا اللّغز لغز أعظم

لا تجادل ذا الحجا من قال إنّي ...

لست أدري!

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


الفيلسوف المجنح


يا أيّها المغرّد في الضحى
أهواك إن تنشد وإن لم تنشد

الفنّ فيك سجيّة لا صنعة
والحبّ عنك كالطبيعة سرمدي

فإذا سكتّ فأنت لحن طائر
وإذا نطقت فأنت غير مقلّد

للّه درّك شاعرا لا ينتهي
من جيّد إلا صبا للأوجود

مرح الأزهار في غنائك والشّذى
وطلاقة الغدران والفجر الندي

وكأنّ زورك فيه ألف كمنجة
وكأنّ صدرك فيه ألف مردّد

كم زهرة في السفح خادرة المنى
سكنت على يأس سكون الجلمد

غنّيتها ، فاستيقظت وترنّحت
وتألّقت كالكوكب المتوقّد

وجرى الهوى فيها وشاع بشاشة
من لم يحب فإنه لم يولد

وكأنّني بك حين تهتف قائل
للزهر : إنّ الحسن غير مخلّد

فاستنفدي في الحبّ أيام الصّبا
واسترشديه فهو أصدق مرشد

واستشهدي فيه، فمن سخر القضا
أن لا تذوقيه وأن تستشهدي!

يا فيلسوفا قد تلاقى عنده
طرب الخلّي وحرفة المتوجّد

رفع الربيع لك الأرائك في الربى
وكسا حواشيها برود زبرجد

أنت المليك له الضياء مقاصر
وتعيش عيش الناسك المتزهد

مستوفزا فوق الثرى، منتقلا
في الدّوح من غصن لغصن أملد

متزودا من كلّ حسن لمحة
شأن المحبّ الثائر المتمرّد

وإذا ظفرت بنفحة وبقطرة
فلقد ظفرت بروضو وبمورد

تشدو وتبهت حائرا مترددا
حتى كأنك حين تعطي تجتدي

فكأنما لك موطن ضيّعته
خلف الكواكب في الزمان الأبعد

وطن جميل كنت فيه سيّدا
فمضى ودام عليك همّ السيّد

طورت عنه إلى الحضيض فلم تزل
متلفتا كالخائف المتشرد

يبدو لعينك في العتيق خاليه
وتراه في ورق الغصون الميّد

صور معدّدة لغير حقيقة
كالآل لاح لمعطش في فدفد

فتهمّ أن تدنو إليه وتنئني
حتى كأنك خائف أن تهتدي

وكأنه حلم يصحّ مع الكرى
فإن انتهت من الكرى يتبدّد

كم ذا تفتّش في السفوح وفي الذّرى
عنقاء أقرب منه للمتصيّد

يا أيها الشادي المغرّد في الضحى
أهواك إن تنشد وإنلم تنشد

طوباك إنك لا تفكّر في غد
بدء الكآبة أن نفكّر في غد

إن كنت قد ضيّعت إلفك إنني
أبكي على إلفني الذي لم يوجد

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


مصرع القمر



لوعة في الضلوع مثل جهنّم
تركت هذه الضلوع رمادا

بتّ مرمى للدهر بي يتعلّم
كيف يصمي القلوب و الأكبادا

كيف ينجو فؤاده أو يسلم
من تمادى به الأسى فتمادي

أنا لولا الشعور لم أتألّم
ليت هذا الفؤاد كان جمادا

كيف لا أبكي و في العين دموع
كيف لا أشكو و في القلب صدوع


قلّ في الناس من صبر مختار

*****

لحظة ، ثمّ صار ضحكي و جيبا
و نشيجا ، و النوم صار سهادا

ربّ لمّا خلقت هذي الخطوبا
لم لم تخلق الحشا فولاذا

كلّما قلت قد وجدت حبيبا
طلع الموت بيننا يتهادى

صرت في هذه الحياه غريبا
ليت سهدي الطويل كان رقادا

فتجلّد أيّها القلب الجزوع
أو تدفّق كلّما شاء الولوع


عندما أو دما هدر أو نارا

*****

كان بين الكرى و بيني صلح
فأراد القضاء أن نتعادى

لم أكد أخلع السّواد و أصحو
من ذهولي حتّى لبست السوادا

في فؤادي ، لو يعلم الناس ، جرح
لا يلاشي حتّى يلاشي الفؤدا

يا خليلي ، هيهات ينفع نصح
بعدما ضيّع الحزين الرشادا

أنت لا تستطيع إحياء الصريع
و أنا ، حمل الأسى لا أستطيع


ذا الذي صيّر الكدر إكدارا

*****

يا ضريحا على ضفاف الوادي
جاد من أجلك الغمام البلادا

فيك أودعت ، منذ ست ، فؤادي
و برغمي أطلت عنك البعادا

غير أنّي ، و إن عدتني العوادي
ما عدتني بالرّوح أن أرتادا

أنبتت حولك الزهور الغوادي
و اللّيالي أنبتن حولي القتادا

و ذبول الغصن في فصل الربيع
لو رآه شجر الروض المريع


جمد الماء في الشجر محتارا

*****

كيف لا يتّقي الكرى أجفاني
و جفوني قد استحلن صعادا

و دموعي بلونها الأرجواني
منهل ليس يعجب الورّادا

و الذي في الضلوع من نيران
صار ثوبا و مقعدا ووسادا

كيف يقوي على الشدائد عان
أكل السقم جسمه أو كادا

فإذا ما غشى الطرف النجيع
فتذكّر أنّه القلب الصديع


كظّه الحزن فانفجر انفجارا

*****

طائر كان في الربى يتغنّى
أصبح اليوم يحمل الأصفادا

غصن كان و الصبا يتثنّى
هصرته يد الردى فانآدا

نال مني الزمان ما يتمنّى
و أبى أن أنال منه مرادا

و تجنّى ما شاء أن يتجنّى
و استبدّت صروفه استبدادا

حطّم السيف و ما أبقى الدروع
و تداعى دونه السور المنيع


و أراني من العبر أطوارا

*****

ما لهذي النجوم تأبى الشروقا
أتخاف الكوكب الأرصادا

فرط البين عقدها المنسوقا
أم لما بي البياض سوادا

أم فقدن كما فقدت شقيقا
فلبسن الدجى عليه حدادا

ما لعيني لا تبصر العيّوفا
و لقد كان ساطعا و قّادا

سافرا يختال في هذا الرفيع
هل أتاه نبأ الخطب الفظيع


أم رأى مصرع القمر فتوارى

*****

سدّد الدهر قوسه ورماني
لم تحد مهجتي و لا السّهم حادا

هكذا أسكتت صروف الزمان
بلبلا كان نوحه إنشادا

فهو اليوم في يد السّجّان
يشتهي كل ساعة أن يصادا

فاحسبوني أدرجت في الأكفان
إن أنفتم أن تحسبوا القول بادا

ليس في هذي و لا تلك الربوع
ما يسلّي النفس عن ذاك الضّجيج


قبره ، جادك المطر مدرارا

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


شاعر الشهور
:P'

" أيّار " ، يا شاعر الشهور
و بسمة الحبّ في الدهور

و خالق الزهر في الروابي
و خالق العطر في الزهور

و باعث الماء ذا خرير
و موجد السحر في الخرير

و غاسل الأفق و الدراري
و الأرض بالنور و العبير

لقد كسوت الثّرى لباسا
أجمل عندي من الحرير

ما فيك قرّ و لا هجير
ذهبت بالقرّ و الهجير

فلا ثلوج على الروابي
و لا غمام على البدور

أتيت فالكون مهرجان
من اللّذاذات و الحبور

أيقظت في الأنفس الأماني
و الابتسامات في الثغور

و كدت تحيي الموتى البوالي
و تنبت العشب في الصخور

و تجعل الشوك ذا أريج
و تجعل الصخر ذا شعور

فأينما سرت صوت بشرى
و كيفما ملت طيف نور

تشكو إليك الشتاء نفسي
و ما جناه من الشرور

كم لذّع الزّمهرير جلدي
و دبّ حتى إلى ضميري

فلذت بالصوف أتّقيه
فاخترق الصوف كالحرير

و كم ليال جلست وحدي
منقبض الصدر كالأسير

يهتزّ مع أنملي كتابي
و يرجف الحبر في السطور

تعول فيها الرياح حولي
كنائحات على أمير

و الغيث يهمي بلا انقطاع ،
و الرعد مستتبع الزئير

و اللّيل محلولك الحواشي
و صامت البدء و الأخير

و الشهب مرتاعة كطير
مختبئات من الصقور

في غرفتي موقد صغير
لله من موقدي الصغير !

يكاد ينقدّ جانباه
من شدّة الغيظ لا السعير

لولا لظاه رقصت فيها
بغير دفّ على سريري

و ساعة وجهها صفيق
كأنّه وجه مستعير

أبطأ في السير عقرباها
فأبطأ الوقت في المسير

حتّى كأنّ الزمان أعمى
يمشي على الشوك في الوعور

كنّا طوينا المنى و قلنا :
ما للأماني من نشور

فلو يزور الصدور حلم
عرّج منها على قبور

لقد تولّى الشتاء عنّا
فصفّقي ، يا منى و طيري !

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


أنا و أخت المهاة و القمر

آه من الحبّ كلّه عبر
عندي منه الدموع و السهر

وويح صرعى الغرام إنّهم
موتى ، و ما كفّنوا و لا قبروا

يمشون في الأرض ليس يأخذهم
زهو و لا في خدودهم صعر

لو ولج الناس في سرائرهم هانت
، و ربّي ، عليهم سقر

ما خفروا دمّة ، و لا نكثوا
عهدا ، و لا مالا و لا غدروا

قد حملوا الهون غير ما سأم
لولا الهوى للهوان ما صبروا

لم يبق منّي الضّنى سوى شبح
يكاد ، لولا الرجاء ، يندثر

أمسي و سادي مشابها كبدي
كلاهما النار فيه تستعر

أكل صبّ ، يا ليل ، مضجعة
مثلي فيه القتاد و الإبر

لعلّ طيفا من هند يطرقني
فعند هند عن شقوتي خبر

ما بال هند عليّ غاضبة
ما شاب فودي و ليس بي كبر

ما زلت غضّ الشباب لا وهن
يا هند في عزمتي و لا خور

لا درّ درّ الوشاة قد حلفوا
أن يفسدوا بيننا و قد قدروا

واها لأيّامنا ... أراجعة ؟
فانّهن الحجول و الغرر

أيّام لا الدهر قابض يده
عنّي ، و لا هند قلبها حجر


***

لم أنس ليلا سهرته معها
تحنو علينا الأفنان و الشجر

غفرت ذنب النّوى بزورتها
ذنب النوى باللقاء يغتفر

بتنا عن الراصدين يكتمنا
الأسودان : الظلام و الشعر

ثلاثة للسرور ما رقدوا
أنا و أخت المهاة و القمر

فما لهذي النجوم ساهية
ترنو إلينا كأنّها نذر ؟ ...

إن كان صبح الجبين روّعها
فإنّ ليل الشعور معتكر

أو انتظام العقود أغضبها
فإنّ درّ الكلام منتثر

و ما لتلك الغصون مطرقة
كأنّها للسلام تختصر

تبكي كأنّ الزمان أرهقها
عسرا ، و لكن دموعها الثمر

طورا على الأرض تنثني مرحا
و تارة في الفضاء تشتجر

فأجلفت هند عند رؤيتها
و قد تروع الجآذر الصور

هيفاء لو لم تلن معاطفها
عند التثنّي خشيت تنكسر

من اللّواتي – و لا شبيه لها
يزينهنّ ادلال و الخفر

في كل عضو و كل جارحة
معنى جديد للحسن مبتكر

تبيت زهر النجوم طامعة
لو أنّها فوق نحرها درر

رخيمة الصوت إن شدت لفتت
لها الدّراري و أنصت السحر

أبثّها الوجد و هي لاهية
أذهلها الحبّ فهي تفتكر

يا هند كم ذا الأنام تعذلنا
و ما أثمنا و لا بنا وزر

فابتدرت هند و هي ضاحكة :
ماذا علينا و إن هم كثروا

فدتك نفسي لو أنّهم عقلوا
و استشعروا الحبّ مثلما عذروا

ما جحد الحبّ غير جاهله
أيجحد الشمس من له بصر ؟

ذرهم و إن أجلبوا و إن صخبوا
و لا تلمهم فما هم بشر !

سرنا الهويناء ما بنا تعب
و قد سكتنا و ما بنا حصر

لكنّ فرط الهيام أسكرنا
و قبلنا العاشقون كم سكروا

فقل لمن يكثر الظنون بنا
ما كان إلاّ الحديث و النظر

حتّى رأيت النجوم آفلة
و كاد قلب الظلام ينفطر

ودّعتها و الفؤاد مضطرب
أكفكف الدمع و هو ينهمر

وودّعتني و من محاجرها
فوق العقيق الجمان ينحدر

قد أضحك الدهر ما بكيت له
كأنّما البين عنده وطر

كانت ليالي ما بها كدر
و الآن أمست و كلّها كدر

إن نفد الدمع من تذكّها
فجادها بعد أدمعي المطر

عسى اللّيالي تدري جنايتها
على قتيل الهوى فتعتذر

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


ابسمي

Evil or Very Mad
إبسمي كالورد في الفجر الصباء
وابسمي كالنجم إن جنّ المساء

وإذا ما كفّن الثلج الثرى
وإذا ما ستر الغيم السماء

وتعرّى الروض من أزهاره
وتوارى النور في كهف الشتاء

فاحلمي بالصيّف ثم ابتسمي
تخلقي حولك زهرا وشذا

وإذا سرّ نفوسا أنّها
تحسن الأخذ فسرّي بالعطاء

وإذا أعياك أن تعطي الغني
فافرحي أنّك تعطين الرجاء

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


وردة أنا وردة

حرّ ومذهب كلّ حرّ مذهبي
ما كنت بالغاوي ولا المتعصب

أني لأغضب للكريم ينوشه
من دونه وألوم من لم يغضب

وأحبّ كلّ مهذب ولو أنّه
خصمي، وأرحم كلّ غير مهذب

يأبى فؤادي أن يميل إلى الأذى
حبّ الأذية من طباع العقرب

لي أن أردّ مساءة بمساءة
لو انني أرضى ببرق خلب

حسب المسيء شعوره ومقاله
في سرّه : يا ليتني لم أذنب

أنا لا تغشّني الطيالس والحلى
كم في الطيالس من سقيم أجرب؟

عيناك من أثوابه في جنّة
ويداك من أخلاقه في سبسب

وإذا بصرت به بصرت بأشمط
وإذا تحدثه تكشّف عن صبي

إني إذا نزل البلاء بصاحبي
دافعت عنه بناجذي وبمخلبي

وشددت ساعده الضعيف بساعدي
وسترت منكبه العريّ بمنكبي

وأرى مساوئه كأني لا أرى
وأرى محاسنه وإن لم تكتب

وألوم نفسي قبله إن أخطأت
وإذا أساء إلّي لم أتعتّب

مقترب من صاحبي فإذا مشت
في عطفه الغلواء لم أتقرب

أنا من ضميري ساكن في معقل
أنا من خلالي سائر موكب

فإذا رآني ذو الغباوة دونه
فكما ترى في الماء ظلّ الكواكب

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


مصرع حبيبين

إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير 430357


في ذلك الرّوض الأغنّ بدى فتى

قد يبلغ العشرين عاما ذو نهى

كالبدر ألا أنه متكتّم

والغصن ألاّ أنه غصن ذوى

كتب الضّنى في وجهه هذا الذي

كاد الغرام به يؤول إلى الفنا

دَنِف تروّعه الغصون اذا انثنت

طربا، ويقلقه النسيم اذا جرى

حيران يُقعِده الهوى ويقيمه

فكأنه علم يداعبه الهوا

فأذا رنا للأفق ظنّ نجومه

عقدُ التي من رامها رام السّما

وتوهّم القمر المحلّق وجهَ من

ضنّت وجادت باللّقاء وبالنّوى

حجب الغمامُ البدرَ عند مسيره

فكأنه (أسماء) تسري في الدّجى

حسناء قد عشق المحب عفافها

وتعشّقت آدابه فهما سوا

كالغصن قامتها اذا الغصن انثنى

وجبينها يحكي الصباح اذا انجلى

وقعت غدائرها على أقدامها

فكأنها قد عضّها ناب الهوى

خَودٌ أذا نطقت حَسِبْتَ حديثها

درّا، ولكن ليس مما يشترى

وقفت تحيط بها الزهور كأنها

قمر تحيط به الكواكب في الفضا

ومشت تحف بها الغصون كأنها

ملك تحف به الجنود إذا مشى

للّه زورتها و قد قنط الفتى

فكأنها روح جرى فيمن توى

هيهات ما ظفر المؤمّل بالغنى

بألذّ من ظفر المتيّم باللّقا

فدنا يطارحها تحيّة عاشق

ويقول أهلا بالحبيب الذي أتى

بينا تصافح من يصافحها إذا

بدموعها سحّت فصافحت الثرى

"ما للعيون تحدّرت عبراتها

وعلام هذا الحزن يا ذات البهاء"؟

قالت حبيبي لو ترى ما قد جرى

في ربعنا شاركتني فيما ترى

جار القضاء عليّ في أحكامه

ما حيلة الأنسان إن جار القضا؟

فابك معي، فلربمّا نفع البكا

إن الليالي لا تدوم على الصفا

قال الفتى، والدمع منتثر على

خدّيه، يا أسماء قولي ما جرى

فتلفّتت في الرّوض خيفة سامع

فكأنها الظبي الغرير إذا رنا

وترددت بكلامها فكأنما

تبغي ولا تبغي التفوّه بالنبا

قالت ودمع الحزن يخنق صوتها:

وشت الحواسد عند من نخشى بنا

وغداً يعود الشّمل منفصم العرى

هذا هو الخبر اليقين بلا خفا

قد أنبأته بالفراق وما درت

أن الفراق حمام من عرف الهوى

فكأنما سهم أصاب فؤاده

وكأنه لما ارتمى طود هوى

أما الفتاة فراعها ما صار في

محبوبها وكأنها ندمت على...

جعلت تناديه بصوت محزن

فيجيبها كندائها رجع الصدى

حتى إذا قنطت دنت منه كما

يدنو أخو الدّاء العضال من الدوا

وحنت فحرّكت الفتى وإذا به

جسم ولكن لا حياة به ولا...

قد فارق الدنيا ففارقها الرّجا

وهوت تعانقه ففارقت الورى

قمران ضمّهما التّراب و ما عرفــ

ــت سواهما قمرين ضمّهما الثّرى

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz



اسألوها
إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير 631616

اسألوها ، أو فاسألوا مضناها
أيّ شيء قالت له عيناها ؟

فهو في نشوة و ما ذاق خمرا
نشوة الحبّ هذه إيّاها

ذاهل الطرف شارد الفكر ،
لا يلمح حسنا في الأرض إلاّ رآها

ألسواقي لكي تحدّث عنها
و الأقاحي لكي تذيع شذاها

و حفيف النسيم في مسمع
الأوراق نجوى تبثّها شفتاها

يحسب الفجر قبسه من سناها
و نجوم السماء بعض حلاها

و كذلك الهوى إذا حلّ في الأرواح
سارت في موكب من رؤاها

كان ينهى عن الهوى نفسه الظمأى
فأمسى يلوم من ينهاها

لمس الحبّ قلبه فهو نار
تتلظّى و يستلذّ لظاها !

كلّ نفس لم يشرق الحبّ فيها
هي نفس لم تدر ما معناها


descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


الرجل و المرأة

يا ربّ قائلة و القول أجمله
ما كان من غادة حتى و لو كذبا

إلى م تحتقر الغادات بينكم
و هنّ في الكون أرقى منكم رتبا

كن لكم سببا في كلّ مكرمة
و كنتم في شقاء المرأة السّببا

زعمتم أنّهنّ خاملات نهى
و لو أردن لصيّرن الثّرى ذهبا

فقلت لو لم يكن ذا رأي غانية
لهاج عند الرّجال السخط و الصّخبا

لم تنصفينا و قد كنّا نؤمّل أن
لا تنصفينا لهذا لا نرى عجبا

هيهات تعدل حسناء إذا حكمت
فا الظلم طبع على الغادات قد غلبا

*****

يحاربالرّجل الدنيا فيخضعها
و يفزع الدّهر مذعورا إذا غضبا

يرنو فتضطرب الآساد خائفة
فإن رنت حسن ظلّ مضطربا

فإن تشأ أودعت أحشاءه بردا
و إن تشأ أودعت أحشاءه لهبا

يفنى الليالي في همّ و في تعب
حذار أن تشكي من دهرها تعبا

و لو درى أنّ هذي الشهب تزعجها
أمسى يروع في أفلاكها الشّهبا

يشقى لتصبح ذات الحلى ناعمة
و يحمل الهمّ عنها راضيا طربا

فما الذي نفحته الغانيات به سوى
العذاب الذي في عينه عذبا ؟

هذا هو المرء يا ذات العفاف فمن
ينصفه لا شكّ فيه ينصف الأدبا

عنّفته و هو لا ذنب جناه سوى
أن ليس يرضى بأن يغدو لها ذنبا



descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz



الدمعة الخرساء

سمعت عويل النائحات عشية
في الحيّ يبتعث الأسى و يثير

يبكين في جنح الظلام صبيّة
إنّ البكاء على الشباب مرير

فتجهّمت و تلفّتت مرتاعة
كالظبي أيقن أنّه مأسور

و تحيّرت في مقلتيها دمعة
خرساء لا تهمي و ليس تغور

فكأنّها بطل تكنّفه العدى
بسيوفهم و حسامه مكسور

و جمت ، فأمسى كلّ شيء واجما
ألنور ، و الأظلال ، و الديجور

ألكون أجمع ذاهل لذهولها
حتى كأنّ الأرض ليس تدور

لا شيء ممّا حولنا و أمامنا
حسن لديها و الجمال كثير

سكت الغدير كأنّما التحف الثرى
وسها النسيم كأنّه مذعور

و كأنّما الفلك المنوّر بلقع
و الأنجم الزهراء فيه قبور

كانت تمازحني و تضحك فانتهى
دور المزاح فضحكها تفكير

*****

قالت وقد سلخ ابتسامتها الأسى :
صدق الذي قال الحياة غرور

أكذا نموت و تنقضي أحلامنا
في لحظة ، و إلى التراب نصير ؟

و تموج ديدان الثرى في أكبد
كانت تموج بها المنى و تمور

خير إذن منّا الألى لم يولدوا
و من الأنام جلامد و صخور

و من العيون مكاحل و مراود
و من الشفاه مساحيق و ذرور

و من القلوب الخافقات صبابة
قصب لوقع الريح فيه صفير !

*****

و توقّفت فشعرت بعد حديثها
أن الوجود مشوّش مبتور

ألصيف ينفث حرّه من حولنا
و أنا أحسّ كأنّني مقرور

ساقت إلى قلبي الشكوك فنغّصت
ليلي ، و ليس مع الشكوك سرور

و خشيت أن يغدو مع الرّيب الهوى
كالرسم لا عطر و فيه زهور

و كدميه المثّال حسن رائع
ملء العيون و ليس ثمّ شعور

فأجبتها : لتكن لديدان الثرى
أجسامنا إنّ الجسوم قشور

لا تجزعي فالموت ليس يضيرنا
فلنا إياب بعده و نشور

إنّا سنبقى بعد أن يمضي الورى
و يزول هذا العالم المنظور

فالحب نور خالد متجدد
لا ينطوي إلاّ ليسطع نور

و بنو الهوى أحلامهم ورؤاهم
لا أعين و مراشف و نحور

فإذا طوتنا الأرض عن أزهارها
و خلا الدجى منّا و فيه بدور

فسترجعين خميلة معطارة
أنا في ذراها بلبل مسحور

يشدو لها و يطير في جنباتها
فتهشّ إذ يشدو و حين يطير

أو جدولا مترقرقا مترنّما
أنا فيه موج ضاحك و خرير

أو ترجعين فراشة خطّارة
أنا في جناحيها الضحى الموشور

أو نسمة أنا همسها و حفيفها
أبدا تطوّف في الذرى و تدور

تغشى الخمائل في الصباح بليلة
و تؤوب حين تؤوب و هي عبير

أو نلتقي عند الكثيب ، على رضى
و قناعة ، صفصافة و غدير

تمتدّ فيه و في ثراه عروقها
و يسيل تحت فروعها و يسير

و يغوص فيه خيالها فيلفه
و يشفّ فهو المنطوي المنشور

يأوي إذا اشتدّ الهجير إليهما
ألناسكان : الظبي و العصفور

لهما سكينتها ووارف ظلّها
و الماء إن عطشا لديه وفير

أعجوبتان – زبرجد متهدل
نام تدفّق تحته البلّور

لا الصبح بينهما يحول و لا الدجى
فكلاهما بكليهما مغمور

تتعاقب الأيّام و هي نضيره
مخضرّة الأوراق ، و هو نمير

فالدهر أجمعه لديهما غبطة
فالدهر أجمعه لديها حبور

*****

فتبسّمت و بدا الرضى في وجهها
إذ راقها التمثيل و الصوير

عالجتها بالوهم فهي قريرة
و لكم أفاد الموجع التخدير

ثمّ افترقنا ضاحكين إلى غد
و الشهب تهمس فوقنا و تشير

هي كالمسافر آب بعد مشقّة
و أنا كأنّي قائد منصور

لكنّني لمّا أويت لمضجعي
خشن الفراش عليّ و هو وثير

و إذا سراجي قد وهت و تلجلجت
أنفاسه فكأنّه المصدور

و أجلت طرفي في الكتاب فلاح لي
كالرسم مطموسا و فيه سطور

و شربت بنت الكرم أحسب راحتي
فيها : فطاش الظنّ و التقدير

فكأنّني فلك وهت أمراسها
و البحر يطغى حولها و يثور

سلب الفؤاد رواه و الجفن الكرى
همّ عرا ، فكلاهما موتور

حامت على روحي الشكوك كأنّها
و كأنّهن فريسة و صقور

و لقد لجأت إلى الرجاء فعقّني
أما الخيال فخائب مدحور

يا ليل أين النور ؟ إنّي تائه
مر ينبثق ، أم ليس عندك نور ؟

*****

" أكذا نموت و تنقضي أحلامنا
في لحظة و إلى التراب نصير ؟ "

" خير إذن منّا الألى لم يولدوا
و من الأنام جنادل و صخور "

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


السجينة

لعمرك ما حزني لمال فقدته
ولا خان عهدي في الحياة حبيب

ولكني أبكي وأندب زهرة
جناها ولوع بالزهور لعوب

رآها يحلّ الفجر عقد جفونها
ويلقي عليها تبره فيذوب

وينقض عن أعطافها النور لؤلؤا
من الطلّ ما ضمت عليه جيوب

فعالجها حتى استوت في يمينه
وعاد إلى مغناه وهو طروب

وشاء فأمست في الإناء سجينة
لتشبع منها أعين وقلوب

ثوت بين جدران كقلب مضيمها
تلّمس فيها منفذا فتخيب

فليست تحيي الشمس عند شروقها
وليست تحيي الشمس حين تغيب

ومن عصيت عيناه فالوقت كلّه
لديه ، وإن لاح الصباح ، غروب

لها الحجرة الحسناء في القصر إنما
أحب إليها روضة وكثيب

وأجمل من نور المصابيح عندها
حباحب تمضي في الدجى وتؤوب

ومن فتيات القصر يرقص حولها
على نغمات كلهنّّ عجيب

تراقص أغصان الحديقة بكرة
وللريح فيها جيئة وذهوب

وأجمل منهنّ الفراشات في الضحى
لها كالأماني سكنة ووثوب

وأبهى من الديباج والخزّ عندها
فراشٌ من العشب الخضيل رطيب

وأحلى من السقف المزخرف بالدمى
فضاءٌ تشعّ الشهب فيه رحيب

تحنّ إلى مرأى الغدير وصوته
وتحرم منه ، والغدير قريب

وليس لها للبؤس في نسم الرّبى
نصيب ، ولم يسكن لهنّ هبوب

إذا سقيت زادت ذبولا كأنما
يرشّ عليها في المياه لهيب

وكانت قليل الطلّ ينعش روحها
وكانت بميسور الشّعاع تطيب

بها من أنوف الناشقين توعّك
ومن نظرات الفاسقين ندوب

تمشّى الضنى فيها وأيار في الحمى
وجفّت وسربال الربيع قشيب

ففيها كمقطوع الوريدين صفرة
وفيها كمصباح البخيل شحوب

أيا زهرة الوادي الكئيبة إنني
حزين لما صرت إليه كئيب

وأكثر خوفي أن تظني بني الورى
سواء، وهم مثل النبات ضروب

وأعظم حزني أنّ خطبّك بعده
مصائب شتّى لم تقع وخطوب

سيطرحك الإنسان خارج داره
إذا لم يكن فيك العشية طيب

فتمسين للأقذار فيك ملاعب
وفي صفحتك للنعال ضروب

إسارك، يا أخت الرياحين ، مفجع
وموتك، يا بنت الربيع ، رهيب

ولكنها الدنيا، ولكنه القضا
وهذا، لعمري ، مثل تلك غريب

فكم شقيت في ذي الحياة فضائل
وكم نعمت في ذي الحياة عيوب

وكم شيم حسناء عاشت كأنها
مساوىء يخشى شرّها وذنوب

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


الكريم

قالوا : ألا تصف الكريم لنا ؟ فقلت على البديه :
إنّ الكريم لكالربيع ، تحبّه للحسن فيه

و تهشّ عند لقائه ، و يغيب عنك فتشتهيه
لا يرضي أبدا لصاحبه الذي لا يرتضيه

و إذا اللّيالي ساعفته لا يدلّ و لا يتيه
و تراه يبسم هازئا في غمرة الخطب الكريه

و إذا تحرّق حاسدوه بكى ورقّ لحاسديه
كالورد ينفح بالشّذى حتّى أنوف السارقيه



عروس الجمال

إذا أطلّ البدر من خدره
فإنّما يطلع كي تنظريه

و إن شذا البلبل في وكره
فإنّما يشدو لكي تسمعيه

و إن يفح عطر زهور الربى
فإنّما يعبق كي تنشقيه

يا ليتني البدر الذي تنظرين !
يا ليتني الطير الذي تسمعين !

يا ليتني العطر الذي تنشقين !
أوّاه ! لو تصدّق يا ليتني !



انّ الحياة قصيدة

ما للقبور كأنّما لا ساكن
فيها ، و قد حوت العصور الماضية

طوت الملايين الكثيرة قبلنا ،
و لسوف تطوينا و تبقى خالية

أين المها و عيونها و فتونها ؟
أين الجبابر و الملوك العاتية ؟

زالوا من الدنيا كأن لم يولدوا ،
سحقتهم كفّ القضاء القاسية

إنّ الحياة قصيدة أعمارنا
أبياتها ، و الموت فيها قافية

متّع لحظك في النجوم و حسنها
فلسوف تمضي و الكواكب باقية

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


في قلبك الله

مرّت ليال و قلبي حائر قلق
كالفلك في النهر هاج النوء مجراه

أو كالمسافر في قفر على ظمإ
أضنى المسير مطاياه و أضناه

لاأدرك الأمر أهواه و أطلبه ،
و أبلغ الأمر نفسي ليس تهواه

عجبت من قائل إنّي نسيتكم
من كان في القلب كيف القلب ينساه ؟

إن كنت بالأمس لم أهبط مربعكم
فالطير يقعد موثوقا جناحاه

فلا يقرّبه شوق إلى نهر
و ليس تنقله في الرّوض عيناه

و ليس يشكو و لا يبكي مخافة أن
تؤذي مسامع من يهوى شكاواه

إنّي لأعجب منّا كيف تخدعنا
عن الحقائق أمثال و أشباه

إذا بنى رجل قصرا وزخرفه
سقنا إليه التهاني و امتدحناه

و ما بنى قصره إلاّ ليحجب عن
أبصارنا في زواياه خطاياه

و نمدح المرء من خزّ ملابسه
و ذلك الخزّ لم تنسجه كفّاه

و إن أتانا أخو مال يكاثرنا
بالتّبر تيها رجوناه و خفناه

و قد يكون نضار في خزائنه
دما سفكناه أو جهدا بذلناه

لا تحسب المجد ما عيناك أبصرتا
أو ما ملكت هو السلطان و الجاه

ألمال مولاك ما أمسكته طمعا
فانفقه في الخير تصبح أنت مولاه

ما دام قلبك فيه رحمة لأخ
عان ، فأنت امرؤ في قلبك الله


descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz

غرامية

عيناك و السّحر الذي فيهما
صيرتاني شاعرا ساحرا

علّمتني الحبّ و علّمته
بدر الدّجى ، و الغصن ، و الطاّئرا

إن غبت عم عيني و جنّ الدّجى
سألت عنك القمر الزاهرا

و أطرق الروضة عند الضحى
كما أناجي البلبل الشاعرا

و أنشق الوردة في كمّها
لأنّ فيها أرجا عاطرا

يذكّر الصبّ بذاك الشذا
هل تذكرين العاشق الذاكرا ؟

كم نائم في وكره هانيء
نبّهته من وكره باكرا ؟

أصبح مثلي تائها حائرا
لمّا رآني في الرّبى حائرا

وراح يشكو لي و أشكو له
بطش الهوى ، و الهجر ، و الهاجرا

و كوكب أسمعته زفرتي
فبات مثلي ساهيا ساهرا

زجرت حتى النوم عن مقلتي
و لم أبال اللائم الزاجرا

يا ليت أنّي مثل ثائر
كيما تقول المثل السائرا

.......................................

لو أستطيع

لو أستطيع سكبت رو
حي خمرة في كاسها

حتى إذا حال النوى
بيني و بين كناسها

و تجاهلت أو أنكرت
أمري لدى دلّاسها

أطللت من أجفانها
و جريت مع أنفاسها !


descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


المساء

السحب تركض في الفضاء الرّحب ركض الخائفين

و الشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين

و البحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين

لكنّما عيناك باهتتان في الأفق البعيد

سلمى ... بماذا تفكّرين ؟

سلمى ... بماذا تحلمين ؟

*

أرأيت أحلام الطفوله تختفي خلف التّخوم ؟

أم أبصرت عيناك أشباح الكهوله في الغيوم ؟

أم خفت أن يأتي الدّجى الجاني و لا تأتي النجوم ؟

أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنّما

أظلالها في ناظريك

تنمّ ، يا سلمى ، عليك

إنّي أراك كسائح في القفر ضلّ عن الطّريق

يرجو صديقاً في الفـلاة ، وأين في القفر الصديق

يهوى البروق وضوءها ، و يخاف تخدعه البروق

بل أنت أعظم حيرة من فارس تحت القتام

لا يستطيع الانتصار

و لا يطيق الانكسار

*

هذي الهواجس لم تكن مرسومه في مقلتيك

فلقد رأيتك في الضّحى و رأيته في وجنتيك

لكن وجدتك في المساء وضعت رأسك في يديك

و جلست في عينيك ألغاز ، و في النّفس اكتئاب

مثل اكتئاب العاشقين

سلمى ... بماذا تفكّرين ؟

*

بالأرض كيف هوت عروش النّور عن هضباتها ؟

أم بالمروج الخضر ساد الصّمت في جنباتها ؟

أم بالعصافير التي تعدو إلى و كناتها ؟

أم بالمسا ؟ إنّ المسا يخفي المدائن كالقرى

و الكوخ كالقصر المكين

و الشّوك مثل الياسمين

*

لا فرق عند اللّيل بين النهر و المستنقع

يخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجّع

إنّ الجمال يغيب مثل القبح تحت البّرقع

لكن لماذا تجزعين على النهار و للدّجى

أحلامه و رغائبه

و سماؤه و كواكبه ؟

*

إن كان قد ستر البلاد سهولها ووعورها

لم يسلب الزهر الأريج و لا المياه خريرها

كلّا ، و لا منع النّسائم في الفضاء مسيرها

ما زال في الورق الحفيف و في الصّبا أنفاسها

و العندليب صداحه

لا ظفره و جناحه

*

فاصغي إلى صوت الجداول جاريات في السّفوح

واستنشقي الأزهار في الجنّات ما دامت تفوح

و تمتّعي بالشّهب في الأفلاك ما دامت تلوح

من قبل أن يأتي زمان كالضّباب أو الدّخان

لا تبصرين به الغدير

و لا يلذّ لك الخرير

*

لتكن حياتك كلّها أملا جميلا طيّبا

و لتملإ الأحلام نفسك في الكهولة و الصّبى

مثل الكواكب في السماء و كالأزاهر في الرّبى

ليكن بأمر الحبّ قلبك عالما في ذاته

أزهاره لا تذبل

و نجومه لا تأفل

*

مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات

إنّ التأمّل في الحياة يزيد أوجاع الحياة

قدعي الكآبة و الأسى و استرجعي مرح الفتاة

قد كان وجهك في الضّحى مثل الضّحى متهلّلا

فيه البشاشة و البهاء

ليكن كذلك في المساء

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


حكاية حال

ألحشد ملء الدّار لكن
لم ير أحدا سواها

فتّانة خلّابة
كالياسمينه في شذاها

أوفى عليها و هي تخطر
كالفراشة فاشتهاها

شكت الصّبابة مقلتاه
فجاوبته مقلتاها

حتّى إذا ما اختار كلّ
فتى رفيقته اصطفاها

و رأت به من تبتغي
و كما رأته كذا رآها

و تقدّما للرّقص يقرأ
ناظريه ناظراها

متلاصقي الجسمين
يسند ساعديه ساعداها

و تكاد لولا الخوف تلمس
و جنتيه و جنتاها

متدافعين كموجتين ،
خطاه تتبعها خطاها

يمشي فتمشي و هي
تحسبه يسير على حشاها

هي في لئام كالدّجى
محلو لك و كذا فتاها

لكنّما الألحاظ تخترق
السّتور و ما وراها

فاض الغرام فقال آه
و قالت الحسناء آها

فانسل من أصحابه
سرّا ، و أغضت جارتاها

و مشى بها في روضة
قد نام عنها حارساها

حتّى إذا أمنّا الورى
و شكا الهوى و شكت هواها

طارت ببرقعها و بر
قعه على عجل يداها

كيما تقبّل ثغره
و يقبّل المعشوق فاها

فرأى المتيّم بنته
ورأت مليحتنا أباها

........................

مقلتان

رأيت في عينيك سحر الهوى
مندفقا كالنور من نجمتين

فبتّ لا أقوى على دفعه
من ردّ عنه عارضا باليدين

يا جنّة الحبّ و دنيا المنى
ما خلتني ألقاك في مقلتين


..........................................

أخت ليلى

ولقد علقت من الحسان مليحة
تحكي الهلال بحاجب وجبين

كلفت بها ودون وصولها
وصل المنون وثمّ ليث عرين

حسناء أضحى كلّ حسن دونها
ولذاك عشّاق المحاسن دوني

قد روّعت حتى لتخشى بردها
من أن يبوح بسرّها المكنون

وتريبها أنفاسها ويخفيها
عند اللقاء تنهّد المحزون

هجرت فكلّ دقيقة من هجرها
عندي تعدّ بأشهر وسنين

يا هذه لا تجحدي حقي فقد
أصليت قلبي بالنّوى فصليني

أطلقت دمعا كان قلب مقيّدا
وسجنت قلبا كان غير سجين

أشبهت (ليلى العامرية) فاكتمي
خبر الذي قد صار (كالمجنون)

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


المرأة والمرآة

أقامت لدى مرآتها تتأمّل
على غفلة مّمن يلوم ويعدل

وبين يديها كلّما ينبغي لمن
يصوّر أشباح الورى ويمثّل

من الغيد تقلي كلّ ذات ملاحة
كما بات يقلي صاحب المال مرمل

تغار إذا ما قيل تلك مليحة
يطيب بها للعاشقين التغزّل

فتحمرّ غيظا ثمّ تحمرّ غيرة
كأنّ بها حّمى تجيء وتقفل

وتضمر حقدا للمحدّث لو درى
به ذلك المسكين ما كاد يهزل

أثار عليه حقدها غير عامد
وحقد الغواني صارم لا يفلل

فلو وجدت يوما على الدّهر غادة
لأوشك من غلوائه يتحوّل

فتاة هي الطاووس عجبا وذيلها ،
ولم يك ذيلا ، شعرها المتهدّل

سعت لاحتكار الحسن فيها بأسره
وكم حاولت حسناء ما لا يؤمّل

وتجهل أنّ الحسن ليس بدائم
وإن هو إلاّ زهرة سوف تذبل

وأنّ حكيم القوم يأنف أن يرى
أسير طلاء بعد حين سينصل

وكلّ فتّى يرضى بوجه منمّق
من الناعمات البيض فهو مغفّل

إذا كان حسن الوجه يدعى فضيلة
فإنّ جمال النّفس أسمى وأفضل

ولكنّما أسماء بالغيد تقتدي
وكلّ الغواني فعل أسماء تفعل

فلو أمنت سخط الرّجال وأيقنت
بسخط الغواني أوشكت تترّجل

قد اتخذت مرآتها مرشدا لها
إذا عنّ أمر أو تعرّض مشكل

وما ثمّ من أمر عويص وإنّما
ضعيف النّهى في وهمه السهل معضل

تكتّم عمّن يعقل الأمر سرّها
ولكنّها تفشيه ما ليس يعقل

فلو كانت المرآة تحفظ ظلّها
رأيت بعينيك الذي كنت تجهل

وزاد بها حبّ التبّرج أنّه
حبيبّ إلى فتيان ذا العصر أوّل

ألمّوا به حتى لقد أشبهوا الدّمى
فما فاتهم،واللّه ، إلا التكحّل

فتى العصر أضحى في تطّريه حجة
تقاتلنا فيها النساء فتقتل

إذا ابتذلت حسناء ثمّ عذلتها
تولّت وقالت كلّكم متبذّل


descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


1916

كم ، قبل هذا الجيل، ولّى جيل
هيهات ، ليس إلى البقاء سبيل

ضحك الشّباب من الكهول فإغرقوا
واستيقظوا، فإذا الشّباب كهول

نأتي ونمضي والزّمان مخلّد
الصّبح صبح والأصيل أصيل

حرّ وقرّ يبلسان جسومنا
ليت الزّمان ، كما نحول، يحول

إنّ التّحول في الجماد تقلّص
في الحي موت؛ في النّبات ذبول

قف بالمقابر صامتا متأملا
كم غاب فيها صامت وسؤول

وسل الكواكب كم رأت من قبلنا
أمما، وكم شهد النّجوم قبيل

تتبدّل الدّنيا تبدّل أهلها
واللّه ليس لأمره تبديل

يا طالعا لفت العيون طلوعه
بعد الطّلوع ، وإن جهلت ، أفول

عطفا ورفقا بالقلوب فإنما
حقد القلوب على أخيك طويل

أنظر فوجه الأرض أغير شاحب
واسمع ! فأضوات الرّياح عويل

ومن الحديد صواعق ، ومن العجاج
غمائم، ومن الدّماء سهول

ما كنت أعلم قبلما حمس الوغى
أنّ الضّواري والأنام شكول

يا أرض أوربّا ويا أبناءها
في عنق من هذا الدّم المطلول؟

في كلّ يوم منكم أو عنكم
نبأ تجيء به الرّواة مهول

مزّقتم أقسامكم وعهودكم
ولقد تكون كأنّها التّنزيل

وبعثتم الأطماع فهي جحافل
من خلفهن جحافل وخيول

ونشرتم الأحقاد فهي مدافع
وقذائف وأسنّة ونصول

لو لم تكن أضغانكم أسيافكم أ
مسى بها، مّما تسام، فلول

علّمتم((عزريل)) في هذي الوغى
ما كان يجهل علمه عزريل

إن كان هذا ما يسمى عندكم
علما، فأين الجهل والتّضليل

إن كان هذا ما يسمى عندكم
دنيا فأين الكفر والتّعطيل

عودا إلى عصر البداوة ، إنّه
عصر جميل أن يقال جميل

قابيل، يا جدّ الورى ، نم هانئا
كلّ امرىء في ثوبه قابيل

لا تفخروا بعقولكم ونتاجها
كانت لكم، قبل القتال ، عقول

لا أنتم أنتم ولا أرباضكم
تلك التي فيها الهناء يقيل

لا تطلبوا بالمرهفات ذحولكم
في نيلها بالمرهفات ذحول

إنّ الأنام على اختلاف لغاتهم
وصفاتهم ، لو تذكرون ، قبيل

يا عامنا! هل فيك ثّمة مطمع
بالسّلم هذا الشقاء يطول

مرّت عليها حجتّان ولم تزل
تتلو الفصول مشاهد وفصول

لم يعشق النّاس الفناء وإنّما
فوق البصائر والعقول سدول

أنا إن بسمت ، وقد رأيتك مقبلا
فكما يهشّ لعائديه عليل

وإذا سكنت إلى الهموم فمثلما
رضي القيود الموثق المكبول

لا يستوي الرّجلان ، هذا قلبه
خال وهذا قلبه ( لجهول)

لا يخدعنّ العارفون نفوسهم
إنّ المخادع نفسه لجهول

في الشّرق قوم لم يسلّوا صارما
والسّيف فوق رؤوسهم مسلول

جهلوا ولم تجهل نفوسهم الأسى
أشقى الأنام العارف المجهول

أكبادهم مقروحة كجفونهم
وزفيرهم بأنينهم موصول

أمّا الرّجاء، وطالما عاشوا به
فالدّمع يشهد أنّه مقتول

واليأس موت غير أن صريعه
يبقى، وأمّا نفسه فتزول

ربّاه، قد بلغ الشّقاء أشدّه
رحماك إنّ الرّاجعين قليل

في اللّه والوطن العزيز عصابة
نكبوا ، فذا عان وذاك قتيل

لو لم يمت شمم النّفوس بموتهم
ثار الشآم ، لموتهم ، والنّيل

يا نازحين عن الشآم تذكروا
من في الشّآم وما يليه نزول

همّ الممالك في الجهاد ، وهمّكم
قال تسير به الطّروس وقيل

هبّوا؛ اعملوا لبلادكم ولنسلكم
بئس الحياة سكينة وخمول

لا تقبطوا الأيدي فهذا يومكم
شرّ الورى جعد البنان بخيل

وعد الاله المحسنين ببرّه
وكما علمتم ، وعده تنويل

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz

قال السماء كئيبة وتجهما

قال السماء كئيبة ! وتجهما
قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما !

قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتــسم
لن يرجع الأسف الصبا المتصرما !!

قال: التي كانت سمائي في الهوى
صارت لنفسي في الغرام جــهنما

خانت عــــهودي بعدما ملكـتها
قلبي , فكيف أطيق أن أتبســما !

قلـــت: ابتسم و اطرب فلو قارنتها
لقضيت عــــمرك كــله متألما

قال: الــتجارة في صراع هائل
مثل المسافر كاد يقتله الـــظما

أو غادة مسلولة محــتاجة
لدم ، و تنفثـ كلما لهثت دما !

قلت: ابتسم ما أنت جالب دائها
وشفائها, فإذا ابتسمت فربما

أيكون غيرك مجرما. و تبيت في
وجل كأنك أنت صرت المجرما ؟

قال: العدى حولي علت صيحاتهم
أَأُسر و الأعداء حولي في الحمى ؟

قلت: ابتسم, لم يطلبوك بذمهم
لو لم تكن منهم أجل و أعظما !

قال: المواسم قد بدت أعلامها
و تعرضت لي في الملابس و الدمى

و علي للأحباب فرض لازم
لكن كفي ليس تملك درهما

قلت: ابتسم, يكفيك أنك لم تزل
حيا, و لست من الأحبة معدما!

قال: الليالي جرعتني علقما
قلت: ابتسم و لئن جرعت العلقما

فلعل غيرك إن رآك مرنما
طرح الكآبة جانبا و ترنما

أتُراك تغنم بالتبرم درهما
أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما ؟

يا صاح, لا خطر على شفتيك أن
تتثلما, و الوجه أن يتحطما

فاضحك فإن الشهب تضحك و الدجى
متلاطم, و لذا نحب الأنجما !

قال: البشاشة ليس تسعد كائنا
يأتي إلى الدنيا و يذهب مرغما

قلت ابتسم مادام بينك و الردى
شبر, فإنك بعد لن تتبسما

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz



الفقير

همّ ألم به مع الظلماء
فنأى بمقلته عن الاغفاء

نفس أقام الحزن بين ضلوعه
والحزن نار غير ذات ضياء

يرعى نجوم الليل ليس به هوى
ويخاله كلفا بهنّ الرائي

في قلبه نار (الخليل) وانما
في وجنتيه أدمع (الخنساء)

قد عضة اليأس الشديد بنابه
في نفسه والجوع في الاحشاء

يبكي بكاء الطفل فارق أمه
ما حيلة المحزون غير بكاء!

فأقام حلس الدار وهو كأنه
-لخلو تلك الدار_ في بيداء

حيران لا يدري أيقتل نفسه
عمدا فيخلص من أذى الدنياء

أم يستمر على الغضاضة والقذى
والعيش لا يحلو مع الضراء

طرد الكرى وأقام يشكو ليله
يا ليل طلت وطال فيك عنائي

يا ليل قد أغريت جسمي بالضنا
حتى ليؤلم فقده أعضائي

ورميتني يا ليل بالهم الذي
يفري الحشا، والهم أعسر داء

يا ليل مالك لا ترق لحالتي
أتراك والأيام من أعدائي؟

يا ليل حسبي ما لقيت من الشقا
رحماك لست بصخرة صماء

بن يا ظلام عن العيون فربّما
طلع الصباح وكان فيه عزائي

وارحمتا للبائسين فانهم
موتى وتحسبهم من الاحياء

إني وجدت حظوظهم مسودّة
فكأنما قدت من الظلماء

ابدأ يسر الزمان ومالهم
حظ كغيرهم من السرّاء

ما في أكفهم من الدنيا سوى
ان يكثروا الأحلام بالنعماء

تدنو بهم آمالهم نحو الهنا
هيهات يدنو بالخيال النائي

ابطر الأنام من السرور وعندهم
ان السرور مرادف العنقاء

إني لاحزن ان تكون نفوسهم
غرض الخطوب وعرضة الارزاء

أنا ما وقفت لكي اشبب بالطلا
مالي وللتشبب بالصهباء؟

لا تسألوني المدح أو وصف الدمى
إني نبذت سفاسف الشعراء

باعوا لأجل المال ماء حيائهم
مدحا وبت أصون ماء حيائي

لم يفهموا ما الشعر؛ إلا انه
قد بات واسطة إلى الاثراء

فلذاك ما لاقيت غير مشبب
بالغانيات وطالب لعطاء

ضاقت به الدنيا الرحيبة فانثنى
بالشعر يستجدي بني حواء

شقي القريض بهم وما سعدوا به
لولاهم اضحى من السعداء

نادوا علينا بالمحبة والهوى
وصدورهم طبعت على البغضاء

ألفوا الرياء فصار من عادتهم
لعن المهيمن شخص كل مرائي!

إن يغضبوا مما أقول فطالما
كره الأديب جماعة الغوغاء

أو ينكروا أدبي فلا تتعجبوا
فالرمد طلوع ذكاء

أو كلما نصر الحقيقة فاضل
قامت عليه قيامة السفهاء

أنا ما وقفت اليوم فيكم موقفي
إلا لأنذب حالة التعساء

عليّ احرّك بالقريض قلوبكم
ان القلوب مواطن الاهواء

لهفي على المحتاج بين ربوعكم
يمسي و يصبح وهو قيد شقاء

امسى سواء ليله وصباحه
شتان بين الصبح والامساء

قطع القنوط عليه خيط رجائه
والمرء لا يحيا بغير رجاء

لهفي! ولو أجدى التعيس تلهفي
لسفكت دمعي عنده ودمائي

قل للغني المستعز بماله
مهلا لقد اسرفت في الخيلاء

جبل الفقير أخوك من طين ومن
ماء، ومن طين جبلت وماء

فمن القساوة ان تكون منعما
ويكون رهن مصائب وبلاء

وتظل ترفل بالحرير أمامه
في حين قد امسى بغير كساء

اتضن بالدينار في اسعافه
وتجود بالآلاف في الفحشاء

انصر أخاك فان فعلت كفيته
ذلّ السؤال ومنة البخلاء

أذوي اليسار وما اليسار بنافع
إن لم يكن أهلوه أهل سخاء

كم ذا الجحود ومالكم رهن البلا
وبم الغرور وكلكم لفناء؟

ان الضعيف بحاجة لنضاركم
لا تقعدوا عن نصرة الضعفاء

انا لا اذكّر منكم أهل الندى
ليس الصحيح بحاجة لدواء

ان كانت الفقراء لا تجزيكم
فاللّه يجزيكم عن الفقراء

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz

عيد النهى

قل للحمائم في ضفاف الوادي
يا ليتكن على شغاف فؤادي

لترين كيف تبعثرت أحلامه
وجرت به الآلام خيل طراد

كانت تشعّ على جوانبه المنى
فخبت وبدّل جمرها برماد

أسعدنه، فعسى يخفّ ولوعه
إنّ الشجي أحقّ بالإسعاد

ذهب الصبا وبقيت في خسراته
ليت الأسى مثل الصبا لنفاد

إنّ الشباب هو الغني فإذا مضى
وأقمت لا ينفكّ فقرك بادي

أمسيت أنظر في الحياة فلا أرى
إلا سوادا آخذا بسواد

ألقى تقابلني النجوم تخاوصت
فكأنما هي أعين الحسّاد

ما ثمّ من ذكرى إذا خطرت على
قلبي استراح سوى خيال الوادي

أفلا تزال الشمس تصبغ وجهه
بالورس آونة وبالفرصاد

أفلا يزال يذوب في أمواجه
ذهب الأصيل وفضّة الآراد؟

لهفي إذا ورد الرفاق عشيّة
وذكرت أني لست الزوّاد

وإذا الحمام شدا وصفّق موجه
أن لا أصفقّ للحمام الشادي

وإذا النخيل تطاولت أظلاله
أن لا يكون مظلّتي ووسادي

وإذا الكواكب رصّعت آفاقه
أن لا يكون لرعيهنّ سهادي

ذقت الهوى وعرفته في شطه
إن الهوى للمرء كالميلاد

لا تدرك الأكباد سرّ وجودها
حتى يجول الحبّ في الأكباد

ما عشت لم يمسس جوانحك الهوى
لم ندر ما في العيش من أمجاد

لا تبصر العين الرياض وحليها
إلاّ على ضوء الصباح الهادي

وطنان أشواق ما أكون إليهما
مصر التي أحببتها وبلادي

ومواطن الأرواح يعظم شأنها
في النفس فوق مواطن الأجساد

حرصي على حبّ ((الكنانة)) دونه
حرص السجين على بقايا الزاد

بلد الجمال خفيّة وجليّه
والفنّ من مستطرف وتلاد

عرضت مواكبها الشعوب فلم أجد
إلاّ بمصر نضارة الآباد

كم من دفين في ثراها لم يزل
كالحي ذا مقة وذا أحقاد

ومشيّد ، للناس إذ يغثونه
من كلّ أرض خشية العبّاد

عاش الجدود وأثّلوا ما أثّلوا
واليوم ينبعثون في الأحفاد

ألمسبغين على النوابغ فضلهم
كالفجر منبسطا على الأطواد

أبناء مصر الناهضين تحية
كودادكم إن لم أقل كودادي

من شاعر كلف بكم وبأرضكم
أبدا يوالي فيكم ويعادي

إن تكرموا شيخ الصحافة تكرموا
أسنى الكواكب في سماء الضاد

خلع الشباب على الكنانة مطرفا
هو كالربيع على ربى ووهاد

ما زال يقحم في الجهالة نوره
حتى تقاصر ليلها المتمادي

بصحيفة نور العيون سوادها
وبياضها من ناصع الأجياد

ينبوع معرفة ،وهيكل حكمه،
ووعاء آداب ، وكنز رشاد

أغلى المواهب والعقول رأيتها
سكنت قصور مهارق ومداد

ذكر المجاهد في الحقيقة خالد
ويزول ربّ السيف والأجناد

لولا جبابرة القرائح لم يسر
في الأرض ذكر جبابر القوّاد

ما ذلّلت سبل المعالي أمّة
إلا بقوة مصلح أو هادي

((صرّوف)) يسألك الأنام فقل لهم
كم في حياتك ساعة استشهاد

طلع القنوط عليك من أغواره
فرددت طائره وجأشك هادي

ومضيت تستقصي الحياة وسرّها
في كلّ عاقلة وكلّ جماد

حتى لكدت تحسّ هاجسة المنى
وتبين كم في النفس من أضداد

أنت الذي أسرت به عزماته
والدرب غامضة على الروّاد

والليل آفات على أغوارها
والهول أنجاد على الأنجاد

إنّ الحقائق أنت ناشر بندها
في حين كان العلم كالإلحاد

والعقل في الشرقّي من أوهامه
كالنسر في الأوهاق والاصفاد

تشقى متى تشقى الشعوب بجهلها
وتعزّ حين تعز بالأفراد

ألساهرين الليل مثل نجومه
فكأنهم للدهر بالمرصاد

ألباذلين نفوسهم لم يسألوا
وعلى النفوس مدارع الفولاد

خفضوا جناحهم وتحت برودهم
همم الملوك وصولة المرّاد

لهم الزمان قديمه وحديثه
ما الناس في الدنيا سوى الآحاد

أنّ الأنام على اختلاف عصورهم
جعلوا لأهل العلم صدّر النادي

ما العيد للخمسين بل عيد النهى
وفنونه والخاطر الوقّاد

عيد الحصافة والصحافة كلّها
في مصر ، في بيروت، في بغداد

ما العيش بالأعوام كم من حقبة
كالمحو في عمر السواد العادي

ألعمر ، إلاّ بالمآثر، فارغ
كالقفر طال به عناء الحادي

وسوى حياة العبقريّ نقيسها
فتقاس بالآجال والآماد

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz

بنت الدوالي

هات اسقني بالقدح الكبير
صفراء لون الذهب المصهور

كأنّها في كؤوس البلّور
شعلة نار في بقايا نور

عجبت للكأس التي تحويها
كيف استقرّت و الحياة فيها

لو لم يدرها بيننا ساقيها
دارت على القوم بلا مدير

هات اسقنيها مثل عين الديك
صافية تنهض بالصّعلوك

حتّى يرى التّيه على الملوك
و لا يبالي سطوة الأمير

بنت الدّوالي ضرّة الرضاب
أخت التّصافي زوجة السحاب

أنت ، و إن لام الورى شرابي
في الخالدين : القرّ و الهجير

أشربها بل أشرب الإكسيرا
تخلق في شاربها السّرورا

فقل لمن يحسبها غرورا
ما العيش إلاّ ساعة الغرور

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


ضيف ثقيل

أقصّ عليكم ما جرى لي بالأمس
فلي قصص تجلو الهموم عن النفس

إذا فلت قال الدهر أحسنت يا فتى
ولو كان ذا حس لغاب عن الحسّ

فدونكم هذا الحديث فإنّه
ألذّ وأشهى من معاقرة الكأس

جلست إلى طرسي وقد عسعس الدّجى
أسطّر ما توحيه نفسي في طرسي

وليس سوى نور ضئيل بجانبي
يلوح ويخفى كالرّجاء لدى اليأس

وكالنّقع في جوف الدواة أو الدّجى
وكالهندواني بين أنملي الخمس

فصاحة قس أودعت في لسانه
وحكة لقمان ، ويحسب في الخرس

ضعيف الخطى،بادي التحول كأنما
يشدّ إلى قيد، يشدّ إلى حبس

أقلّبه فوق الطروس وإنما
أقلّب فوق الطرس سعدي أو نحسي

فنّبهني طرق على باب غرفتي
وصوت ضعيف وهو أقرب للهمس

نهضت ولكن مثلما ينهض الذي
به نشوة ، أو من يفيق من المسّ

ولما فتحت الباب أبصرت راهبا
ولو كنت طفلا قلت غول من الإنس

فأزعجني مرآة حتى كأنما
رسول الرّدى قد جاء ينعى لي نفسي

فقلت وقاني اللّه شرّك ما الذي
أتى بك، يا مشؤوم ، في ساعة الأنس

أجاب كفيت السوء جئتك طالبا
مديحك لي بين الأعارب والفرس

فقلت وحقّ الشعر مدحك واجب
ومثلي يقضيه على العين والرأس

خبرت بني الدنيا وفتّشت فيهم
فلم تر عيني قطّ أثقل من قسّ






اتمنى ان لا اكون ضيفا ثقيلا عليكم
ولكم خالص الحب والاحترام
اخوكم أميرالنجف

Smile

descriptionإيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير Emptyرد: إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني الكبير

more_horiz


اهلا وسهلا بك في منتدى الأحبة


نتشرف بك في منتدنا


اهلا وسهلا ومرحبا الساعة

رائع منك هذه الصفحة

ننتظر زيارتك


تحياتـــى ~منصور~
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد