ضرورة مكارم الأخلاق للمجتمعات الإنسانية:
إن أيَّ مجتمع من المجتمعات الإنسانية لا يستطيع أفرادُه أن يعيشوا متفاهمين متعاونين ما لم تربط بينهم روابط متينة من الأخلاق الإسلامية الكريمة.
ولو فرضنا احتمالا أنه قام مجتمع من المجتمعات على أساس تبادل المنافع المادية فقط من غير أن يكون وراء ذلك غرضٌ أسمى فإنه لا بد لسلامة ذلك المجتمع من خلقَي الثقة والأمانة على أقل التقادير.
إذًا فمكارم الأخلاق ضرورة اجتماعية، لا يستغنى عنها مجتمع من المجتمعات، ومتى فقدت تفكَّك أفراد المجتمع، وتصارعوا وتناهبوا، ثم أدى ذلك إلى الانهيار والدمار.
من الممكن أن تتخيَّل مجتمعا من المجتمعات انعدمت فيه مكارم الأخلاق: كيف يكون هذا المجتمع؟ وكيف تكون الثقة بالعلوم والمعارف والأخبار وضمان الحقوق لولا فضيلة الصدق؟ وكيف يكون التعايش بين الناس في أمن واستقرار؟ وكيف يكون التعاون بينهم في العمل ضمن بيئة مشتركة لولا فضيلة الأمانة؟ وكيف تكون أمة قادرة على إنشاء حضارة مثلى لولا فضائل التآخى والتعاون والمحبة والإيثار؟ وقس على ذلك بقية الفضائل والمكارم والأخلاق.
لقد دلَّت جميع التجارب الإنسانية والأحداث التأريخية أن ارتقاء القوى المعنوية للأمم والشعوب ملازم لارتقائها في سلَّم الأخلاق الفاضلة، وأن انهيار القوى المعنوية للأمم والشعوب ملازم لانهيار أخلاقها.
إن انهيار كل خلق من مكارم الأخلاق يقابله دائما انقطاع رابطة من الروابط الاجتماعية، وبانهيارها جميعا تنهار جميع المعاقد، وبذلك تنقطع جميع الروابط الاجتماعية، ويمسى المجتمع مفكَّكا منحلاً.
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا