العناكب
مقـــدمــــــة
قال تعالى : ( مثل الذين اتخذوا من دون
الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا و إن اوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون . ) [ العنكبوت
] قبل التعرف على أوجه الإعجاز
العلمي في آية قرآنية كريمة يجب ربطها بما قبلها و ما بعدها من آيات حتى نفهم موضعها في إطار السياق
العام للسورة التي
وردت فيها ، كذلك يجب ربطها بكافة الآيات المتصلة معها في المعنى
. كما كان للعنكبوت دور في عملية
الإخفاء والتمويه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه أبي بكر وهما في الغار استعدادًا للهجرة
إلى المدينة المنورة،
فقد شارك العنكبوت بصنع شبكة من النسيج على فم الغار، الأمر الذي جعل الكفار يقولون عندما وصلوا
إلى الغار: إن هذا العنكبوت قد عشش على فم الغار قبل أن يولد محمد.
وتمارس بعض أنواع العناكب صيامًا لا تتناول خلاله أي لون من الطعام، ويتمثل هذا
الصيام أثناء فترة وضع البيض وحضانته، فقد تلاحظ أن إناث هذه الأنواع تقوم بصنع
خيمة من الحرير
إبان فترة وضع البيض، ثم تضع بها البيض، وهنالك فإن عليها أن تقيم إقامة دائمة في هذه الخيمة لا
تغادرها طوال فترة حضانة البيض، علمًا بأن هذه الفترة تختلف في طولها باختلاف الأنواع، وعلى أي حال فإن
هذه العناكب تظل
صائمة لا تتناول شيئًا من الطعام، الأمر الذي يسبب لها الضعف والنحول فتبدو هزيلة.
ويطلق على هذا الصيام "الصيام
الوظيفي" أي الفسيولوجي، فهي تقوم بتجهيز بعض السوائل اللازمة لتغذية صغارها بعد نفسها عن طريق نشاط
بعض الغدد الخاصة
بذلك، ذلك لأن هذه الصغار لا تستطيع تحصيل غذائها بأنفسها، وتظل في تناول هذه السوائل حتى تكبر
وتعتمد على أنفسها في تحصيل غذائها من البيئة المحيطة، وحينئذ تقوم الأم بالتحلل من صيامها، وتستأنف رحلة
حياتها العادية،
مضيفة بذلك آية عجيبة تدل على قدرة الله في خلقه، فليس للصدفة في ذلك كله أي دور، وإنما هي سنة
الله في خلقه.
تسبق قوله تعالى : ( إنَّ الله يعلم ما
يدعون من دونه من شيء و هو العزيز الحكيم . و تلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها إلا
العالمون . ) [ العنكبوت ] .
و قد جاء في تفسير هذه الآيات الكريمة
أن الله ـ سبحانه و تعالى ـ شبه الكافرين في عبادتهم للأصنام بالعنكبوت في اتخاذها بيتا
ضعيفاً واهيا لا يجير آويا و لا يريح ثاوياً .
و من لطائف التعبير القرآني أن المقصود
بالوهن المذكور في الآية القرآنية الكريمة ربما يكون مرجعه إلى ما كشف عنه العلماء من ضعف
البنية الاجتماعية في بيوت الحياة للحيوانات الراقية ، فلا تجد في عالم العنكبوت
سوى الأنثى تطيح
برأس زوجها أو صغارها تهجر مواطن أهلها ..إلى غير ذلك من مظاهر التفكك و عدم الترابط
.
و قد اهتم علماء الحضارة الإسلامية
بدراسة العناكب ووصفها أنواعها و طبائعها ، و دونوا نتائج دراساتهم في عدد من الكتب التراثية ،
مثل كتاب " الحيوان" للجاحظ ، و كتاب " حياة الحيوان الكبرى "
للدميري ، و كتاب " عجائب المخلوقات و غرائب الموجودات " للقزويني و غير ذلك
. و توصل العلم الحديث إلى وصف أكثر من 35000 نوع من العناكب المختلفة
الأحجام و الأشكال و الألوان و الطبائع و الغرائز ، و يعتبر عنكبوت المنزل
المعروف أقل هذه الأنواع ابتكارا و تفننا في صنع نسيجه . و لا تزال الدراسات
الميدانية و البحوث
العلمية المتقدمة تكشف عن المزيد من أنواع العناكب .
و من دراسة حياة العناكب لاحظ العلماء
أن بيت العنكبوت له شكل هندسي خاص دقيق الصنع ، و مقام في مكان مختار له في الزوايا ، أو بين
غصون الأشجار ، و أن كل خيط من الخيوط المبني منها البيت مكون من أربعة خيوط
أدق منه ، و يخرج
كل خيط من الخيوط الأربعة من قناة خاصة في جسم العنكبوت .
و لا يقتصر بيت العنكبوت على أنه مأوى
يسكن فيه ، بل هو في نفس الوقت مصيدة تقع في بعض حبائلها اللزجة الحشرات الطائرة مثل الذباب
و غيرها .. لتكون فريسة يتغذى عليها .
و تدل الدراسات المستفيضة للحشرات على
أن بعضها له حياة اجتماعية ذات نظم و مبادئ و قوانين تلتزم بها في إعداد مساكنها و الحصول على
أقواتها و الدفاع
عن نفسها و التعاون فيما بينها بصورة تدهش العقول و ذلك بإلهام من خلقها الذي يجعلها تبدو و كأنها
أمم لها كيان و نظام و عمران .
و قد راقب الباحثون أنواع مختلفة من
العناكب فوجدوا أن لها قدرات فائقة في العمليات الإنشائية حين تشيد بيوتها و تنسج غزلها ن و كشف
العلماء عن ثلاثة
أزواج من المغازل الإنشائية حين تشيد بيوتها و تنسج غزلها ن وكشف العلماء عن ثلاثة أزواج من
المغازل توجد في مؤخرة بطن العنكبوت تأتيها المادة الخام عن طريق سبع غدد في الأقل و أحياناً يصل عدد هذه
الغدد في بعض
أنواع العناكب إلى 600 ، و خيوط العنكبوت حريرية رفيعة جداً، حتى أن سمك شعرة واحدة من رأس الإنسان
يزيد عن سمك خيط نسيج العنكبوت بحوالي 400 مرة . و إذا كانت هذه الخيوط تبدو ضعيفة واهية تمزقها هبة ريح
، إلا أن الدراسات
أوضحت أنها على درجة عالية من المتانة و الشدة و المرونة .
و من رحمة الله بعباده أن جعل العناكب
، و هي المخلوقات التي يتقزز منها الإنسان ، لا تخلو من فوائد عديدة ، فيه تلتهم الملايين من
الحشرات الضارة بالنباتات أو الصحة ، أي أنها تعمل كمبيدات حشرية حية لدرجة
أن أحد علماء الأحياء
يؤكد أن نهاية الإنسان تصبح محققة على ظهر الأرض إذا ما تم القضاء على العناكب
.
من ناحية أخرى ، تستخدم العناكب في
مجالات البحث العلمي لتجريب تأثير بعض المواد المخدرة عليها ن كما أن العناكب من أوائل الكائنات
التي وضعت في سفن
الفضاء لملاحظة سلوكها و هي تبني شباكها تحت تأثير انعدام الجاذبية في الفضاء الخارجي و تجري حالياً
دراسات علمية مكثفة للإفادة من حرير العنكبوت على النطاق التجاري على غرار ما حدث بالنسبة
لاستخدام الحرير المنتج بواسطة دودة القز .
و يتجلى الإعجاز العلمي في التعبير
القرآني عن الفعل بصيغة المؤنث في كلمة " اتخذت " ، وهي إشارة في غاية الدقة للدلالة على أن
الأنثى ـ و ليس الذكر ـ هي التي تقوم بضع نسيج البيت ،و كذل الإشارة إلى ظاهرة
التفكك الأسري في بيت العنكبوت في أن العنكبوت الأم قوم بقتل زوجها بعد التلقيح
مباشرة و كذلك
يهجر صغار العناكب أعشاشها في سن مبكرة ، و هو ما كشف عنه العلم الحديث بالنسبة لغالبية أنواع
العنكبوت ، و ما كان لأحد قط أن يفطن إلى هذه الحقيقة وقت نزول القرآن الكريم .
العناكب والعقارب :
ربما كانت العناكب والعقارب أكثر أنواع
العنكبوتيات المعروفة ويجد 30.000 صنف من العناكب و700 صنف من العقارب. وإحدى أدهش مهارات
العناكب قدرتها على إقتناص فريستها بواسطة نسيج (شرك) . فالحرير الذي تنتجه
العنكبوت لحياكة
شركها دقيق جدا بحيث يستعمل لوضع علامات على الأدوات البصرية . وبيوت العنكبوت الواسعة التي نراها في البنايات من صنع عناكب
المنازل الطويلة
الأرجل ، بينما النسيج المستدير الذي يلمع بحباب الندى تحت نور الشمس في الخريف فهو صنع عنكبوت
الحدائق الشائع الوجود في مناطق كثيرة من العالم . وتوجد عناكب تبني بيوتا مبطنة تنسحب هي لتختبئ في
قعرها ، أو تنسج
حريرها لكي تحيك منه شرانق للبيض الذي تضعه . وطريقة العنكبوت في بناء بته هي بأن يتسلق العنكبوت
الصغير مكانا مرتفعا عمود أو غصن شجرة مثلا ، ونساجات الحرير في مؤخرة جسمه تطلق خيوطا يوصلها
الهواء إلى أمكنة أخرى . وعندها ينتقل إلى مكان آخر.
أعداء العناكب :
توجد عدة أنواع من الحيوانات التي
تفترس العناكب من بينها أنواع أخرى من العناكب وهذه تهاجم العناكب المختبئة في قعر بيوتها وبعد أن
تعضها تمتصها وتتركها
جافة . وتسطو على العناكب أنواع مختلفة من الزنابير ، تحملها بعد الفتك بها وتطعم بها يرقاناتها .
بينما يقوم نوع آخر من الزنابير بوضع بيوضه على ظهر عنكبوت بعد أن يكون قد شلها بلسعه منه. والثدييات
آكلة الحشرات
تلتهم عددا كبيرا من العناكب والكثير من الطيور الصغيرة تطعم العناكب لفراخها.
عناكب الماء :
هذه العناكب كيفت نفسها لتستطيع العيش
بالماء ، فتبني بيتا حريرا مقنطرا بين النباتات تحت الماء . وطريقتها في التنفس هي أن تحمل
فقاعة هواء من سطح
الماء وتجعلها قرب معدتها بواسطة رجليها الخلفيتين بينما تنحدر بها إلى بيتها وهناك تطلقها فيصعد
الهواء إلى قنطرة بيتها ، آخذا محل بعض الماء . وبإستطاعة العنكبوت الصياد الذي يعيش في مياه أميركا
الشمالية ، والمكسو
بشعور صغيرة أن يجعل في بيته من الهواء ما يكفيه للبقاء تحت الماء لمدة 45 دقيقة
.
العقارب :
عدد أنواع العقارب أقل بكثير من
العناكب ، وهي تعيش في المناطق الإستوائية الحارة على وجه العموم مع أن بعض الأنواع الصغيرة تعيش في
جنوبي أوروبا ، وتتغذى العقارب ليلا على الحشرات الصغيرة والعقارب الليلية . وتقبض
على الفريسة
بكماشتيها القويتين ثم تلدغه . والعقارب تلدغ للدفاع عن نفسها ، وأكثر لدغاتها لا تشكل خطرا
حقيقيا على الإنسان غير أن هناك بعض الأنواع الخطرة في أفريقيا الشمالية وأميركا الجنوبية وفي المكسيك ،
ولدغات بعض الأنواع
الأخرى قد تسبب ألما شديدا .
موطنها :
تعيش بعض العقارب في المناطق الرطبة
وتوجد في الأحراج الإستوائية ، بينما يعيش سواها في المناطق الصحراوية الجافة وللعقارب أعداء
عديدين ففي أدغال أفريقيا وأمريكا تشكل العقارب أحد أنواع الحيوانات الكثيرة
التي تجتاحها أسراب
النمل المفترس . وبين أنواع الحيوانات المفترسة توجد أنواع أم أربع وأربعين وعناكب وعظايات وأفاعي
وطيور ، كما شوهدت أنواع من القرود الكبيرة تمسك بالعقرب وبعد نزع ذيله السام تلتهمه شراهة.
الكركند والصدفيات الصغيرة
:
تكون القشريات ثالث أكبر المفصليات
عددا ، ولا يزيدها بالعدد إلا الحشرات والعنكبوتيات . والقشريات المعروفة هي السرطان والكركند
والقريدس والجندب وبق الخشب والصدفيات الصغيرة غير أن هناك أعدادا كبيرة من
الأنواع غير المعروفة
والتي لا يسمع أحد بأسمائها .
الأقزام والجبابرة
:
غالبية القشريات تعيش في البحر ، ولكن
بعض أنواعها تعيش في المياه العذبة أو الخفيفة الملح ، وقسم محدود منها يعيش على اليابسة وهناك
منها ما يعيش بشكل
طفيليات على حيوانات بحرية أخرى . وأحجامها تختلف ، فأصغر برغوث بحر لا يتعدى طوله ربع مللميتر ، بينما
يبلغ طول أكبر القشريات المعروفة وهو سرطان اليابان العنكبوتي الجبار 3.6 م .
الكركند :
وتظهر أوصاف القشريات بأجلى مظاهرها في
الكركند . فالقشرة الخارجية سميكة وصلبة ( بينما هي رقيقة ولينة في قشريات أصغر كثيرة ) فقط بطن
الكركند مقسم
بوضوح إلى أجزاء والقسم الأمامي من الجسم له تصفيح يحمي الخياشيم الرقيقة التي يتنفس منها الكركند.
أجهزة الاحساس :
الزباني والزبينية ( بمثابة الهوائي في
الراديو) يستعملها الحيوان كأجهزة إحساس فالزباني ( التي تشبه السوط) تدل على الفريسة ، وعلى
الزوج وكذلك على
العقبات بالإضافة إلى أن في قاعدة كل زبينية توجد أداة توازن . والكلابات الضخمة تختلف الواحدة عن الأخرى بالشكل وتستعمل
لطحن الغذاء وتقطيعه
وللدفاع وأثناء التزاوج . أما الأرجل الباقية فللمشي . وثقل قشرة الكركند تحول دون جعله سباحا
ماهرا ، لذلك يفضل الكركند أن يدب على قعر البحر بطريقة مشابهة لقريبة السرطان.
طرح الإهاب ( القشرة)
:
على الكركند ان يطرح قشره من آن إلى
آخر ليتيح مجالا للنمو . وهذه العملية مجهدة ومحفوفة بالمخاطر . ويبدأ الإستعداد بحصول تغييرات
جديدة بالتكون تحت
القشرة القديمة . وعندما يبدأ طرح القشرة تنفسخ القشرة بين المعدة والصدر على عرضها . وهنا يحرك
الكركند جسمه لتوسيع الفسخ . وبعد فترة يتمكن الكركند من سحب جسمه الطري وأطرافه من هذا الفسخ وطرح
القشرة القديمة
. وتكون القشرة الجديدة طرية وفي الطور يغب الكركند ماء لكي يزيد حجمه وينتفخ وفي الأسابيع
القليلة التالية تقوى قشرته وتصبح أكثر صلابة وإلى أن يتم ذلك يظل الكركند فريسة سهلة لأعدائه لذلك مختبئا
تماما.
height=30 width=150 alt="مجموعات Google"> |
اشتراك في الأحبة |
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] |
التناسل لدى الكركند
:
في الصيف تجتمع الإناث التي تكون قد
طرحت قشرتها مع الذكور الصلبة القشور ، وتتوالد وبعد هذا تلتصق البيوض المخصبة بالشعر على عوامات الأنثى الرجلية وتظل من تسعة إلى عشرة
أشهر تفقس بعدها وتظل يرقانات صغيرة تسبح في الطبقات العليا من البحر . وتمر هذه اليرقانات بأطوار
متتالية إلى أن تكبر وتصبح كركندا صغيرا.
الأصداف التي تعلق بالصخور
:
وأفضل مثل على القشريات الصغيرة هو
الأصداف التي تعلق بالصخور . فهي تتعلق بواسطة رأسها ، وتظل رجلاها بمثابة (( شبكة )) متحركة تجمع
قطع الغذاء الصغيرة
من الماء . والأنواع العادية لها صفائح كلسية تحمي جسمها الرقيق.
وبإمكانها أن تقفل صمامها لتمنع الجسم
من الجفاف عندما ينحسر الماء عنها في الجزر .
بعض أنواع الأصداف تعيش عاليا على
الشاطئ وبإمكانها تحمل فترات طويلة من التعرض للهواء . والبعض الآخر يعيش بأعداد هائلة على الأماكن
الصخرية الواقعة
في منطقة المد والجزر . وهناك نوع يلتصق بقطع الأخشاب الطافية على وجه الماء أو أقسام السفينة تحت
الماء. ويرقانة الأصداف التي تفقس من بيوضها لا تشبه والديها على الإطلاق فاليرقانة الصغيرة التي
تفقس أولا تتطور
وتصبح شكلا يشبه حبة الفاصوليا . وهذه تفتش بدورها على مكان تلتصق به وقد تغير موقعها عدة مرات قبل
ان تجد المكان المناسب ، فتستعمل مادتها الصمغية الخاصبة لتثبت موقعها وعندما يتم ذلك تتطور إلى أن
تأخذ شكلها النهائي
. والأصداف التي تلتصق، مع غيرها من المخلوقات البحرية بأقسام السفينة التي يغمرها الماء قد
تتراكم إلى درجة تؤثر بها على سرعة السفينة بالماء