محيي الدين بن عبدالقادر ( ؟ – 1359هـ، ؟- 1940م). محيي الدين
ابن الأمير عبدالقادر بن محيي الدين الجزائري الحسني، زعيم سياسيّ جزائريّ
ولد بالجزائر. حفظ القرآن وهو ابن ثماني سنين وشهور، وأقبل على حفظ المتون
في شتى أنواع العلوم الإسلامية. وتتلمذ على جملة من خيار العلماء.
وفي عام 1287هـ،1871م وقع قتال بين فرنسا وألمانيا، ولما آل النصر
لألمانيا في الأشهر الأولى، خطر ببال الشيخ محي الدين أن الحرب ستطول بين
الدولتين، فانتهزها فرصةً لتخليص وطنه الجزائر من فرنسا ومن ظلم الاحتلال.
فتوجه بقصد الزيارة إلى الديار المصرية. ومن مدينة الإسكندرية توجه إلى
تونس، فأكرمه حاكمها صادق باشا. ولما شاع ذكره في ذلك القطر، لم يتمكن من
التوجه إلى الجزائر، فحرر لرؤساء الجزائر نحو مائتي رسالة، لكي يتهيأوا
لمحاربة فرنسا عند قدومه. وأرسلها من تونس مع الرسل خفية. ثم ودع الباشا
مظهرًا له قصد الرجوع إلى الديار الشامية، فتوجه إلى مالطة، وتنكر فيها
بزي الدراويش. وتوجه إلى طرابلس الغرب، وهنا أرسل متاعه مع بعض الناس إلى
مدينة قابس، وتوجه هو برًا متكبدًا المشاق إلى أن وصل إلى بلاد الجريد قرب
الحدود الجزائرية، وهناك أظهر نفسه للناس.
وعندما وصلت كتبه إلى رؤساء الجزائر استبشروا، ولم ينتظروا قدومه،
فتراسلوا واتفقوا على إظهار الثورة ضد المحتلين الفرنسيين. وما لبث أن نشب
القتال في كل مكان. فلما وصل إليهم بايعوه جميعًا، ووقعت بين رجاله وبين
الجيش الفرنسي معارك عديدة، وحقق نصرًا في عدة مواقع في شرقي الجزائر وقرب
الحدود التونسية.
وعندما انتهت الحرب الفرنسية الألمانية بالصلح، كثفت فرنسا جهودها
لإخماد الجهاد الجزائري، فنقلت جيوشها التي كانت تحارب ألمانيا إلى
الجزائر، فتمكنت من إخماد ثورة الشيخ محي الدين الجزائري، فانسحب إلى
الشام ثانية.