نداء أم
يا بني يا من سكنت بطني، وتغذيت على دمي، وشربت لبني، يا من نمت في حضني، وأرقت جفني، يا من بكاؤه حزني وسروره غايتي وأملي.
أحببتك
منذ كنت مضغة في رحمي، ووضعتك طفلا أردته أن يحمل شيمي، وتمنيتك رجلا
شامخا على أعلى القمم، ألبستك ثوب أمتي يوم كانت أشرف الأمم، وهيأتك لتحافظ
لها على الهمم، أردتك أن تصنع مجدا لمجدنا، وتلحق حضارة بحضارتنا.
يا
بني لم خرجت عن ملتنا ونسيت يوم كنت في حضننا؟ فخنت عهدنا، وأسكنت دورنا
غير أهلنا، وشيدت قصور الذل على أرضنا، وأعليت علم الأغراب في سمائنا، وقلت
قولنا بلسان غيرنا، وقاتلت في صفوف الغزاة جيوشنا.
يا بني لم آثرت
أن تكون عبدا على أن تسود؟ فخدمت ضيوفك ومنحتهم كرمك، حتى استولوا على
إرثك، ونهبوا خيرات أرضك، وأخذوا مفاتيح بيتك، فما عدت تملك دليلا على
أصالتك، وصرت غريبا في وطنك تجوب شوارع مدن تجهل ماضيها، وتحاول الإيمان
بحاضرها.
يا بني إن وطنك يحن لماض مجيد ويحلم بمستقبل وعيد،
يحن لأبطال قضوا في سبيل حريته، وركبوا فرسان المجد من أجل أعلاء همته،
إنهم أبطال نشئوا في مثل بيئتك، وحملوا مشاعل أجدادك حتى جاء اليوم دورك.
فما
سألت نفسك عن الماضي وما يحمل في طياته لتعرف من تكون؟ ولا سألت عن الأصل
الذي سبقك من يكون؟ ولا سألت عن الأم التي أرضعتك لبانها كيف ملامحها؟ كيف
هي صورة الوجه الذي ابتسم حين ولوجك الدنيا وأنت مغمض العينان؟ كيف حال
الشفاه التي قبلتك على وجنتيك لما أبصرت نور الحياة؟
يا بني إنني
الأم التي ولدتك تلبية لأمر ربها، رغما عن إرادتك وإرادتها. ففي عروقك دمي
يجري حاملا أحاسيسي وفي ذهنك أفكاري ولو حاولت الخلاص من ذكرياتي، مهما
أنكرت انتماءك لفصيلتي ومهما تظاهرت بتجاهلي فإني أبقى دوما سبب وجودك في
هذه الفانية.
يا بني إن الناس كلهم يرون فيك طيفي، وإن احتضنوك
فلأنهم يريدون إيذائي، وما إن يتخلصوا مني حتى يروا فيك آثاري، عندها لن
يجدوا بدا من إعدامك محوا لمخلفاتي.
يا بني عد لديارنا لتحمل
مشعلنا، وتقرأ تراثنا، وتكتب حكمنا، وتحكي أساطيرنا، وتلحن أشعارنا، وتعبر
عن أفكارنا، فإنا مشتاقون ليوم يجمع فيه شملنا وتسرد فيه أحاديثنا.
يا بني عد فإن الوهم الذي أنت فيه لا محال زائل، وسيكشف لك اليوم أو غدا السراب الذي أنت وراءه سائر.
يا بني إني أخشى أن تتمنى العودة يوما ولا تجد المآل، فلك اليوم فرصة وغدا محال.
يا بني يا من سكنت بطني، وتغذيت على دمي، وشربت لبني، يا من نمت في حضني، وأرقت جفني، يا من بكاؤه حزني وسروره غايتي وأملي.
أحببتك
منذ كنت مضغة في رحمي، ووضعتك طفلا أردته أن يحمل شيمي، وتمنيتك رجلا
شامخا على أعلى القمم، ألبستك ثوب أمتي يوم كانت أشرف الأمم، وهيأتك لتحافظ
لها على الهمم، أردتك أن تصنع مجدا لمجدنا، وتلحق حضارة بحضارتنا.
يا
بني لم خرجت عن ملتنا ونسيت يوم كنت في حضننا؟ فخنت عهدنا، وأسكنت دورنا
غير أهلنا، وشيدت قصور الذل على أرضنا، وأعليت علم الأغراب في سمائنا، وقلت
قولنا بلسان غيرنا، وقاتلت في صفوف الغزاة جيوشنا.
يا بني لم آثرت
أن تكون عبدا على أن تسود؟ فخدمت ضيوفك ومنحتهم كرمك، حتى استولوا على
إرثك، ونهبوا خيرات أرضك، وأخذوا مفاتيح بيتك، فما عدت تملك دليلا على
أصالتك، وصرت غريبا في وطنك تجوب شوارع مدن تجهل ماضيها، وتحاول الإيمان
بحاضرها.
يا بني إن وطنك يحن لماض مجيد ويحلم بمستقبل وعيد،
يحن لأبطال قضوا في سبيل حريته، وركبوا فرسان المجد من أجل أعلاء همته،
إنهم أبطال نشئوا في مثل بيئتك، وحملوا مشاعل أجدادك حتى جاء اليوم دورك.
فما
سألت نفسك عن الماضي وما يحمل في طياته لتعرف من تكون؟ ولا سألت عن الأصل
الذي سبقك من يكون؟ ولا سألت عن الأم التي أرضعتك لبانها كيف ملامحها؟ كيف
هي صورة الوجه الذي ابتسم حين ولوجك الدنيا وأنت مغمض العينان؟ كيف حال
الشفاه التي قبلتك على وجنتيك لما أبصرت نور الحياة؟
يا بني إنني
الأم التي ولدتك تلبية لأمر ربها، رغما عن إرادتك وإرادتها. ففي عروقك دمي
يجري حاملا أحاسيسي وفي ذهنك أفكاري ولو حاولت الخلاص من ذكرياتي، مهما
أنكرت انتماءك لفصيلتي ومهما تظاهرت بتجاهلي فإني أبقى دوما سبب وجودك في
هذه الفانية.
يا بني إن الناس كلهم يرون فيك طيفي، وإن احتضنوك
فلأنهم يريدون إيذائي، وما إن يتخلصوا مني حتى يروا فيك آثاري، عندها لن
يجدوا بدا من إعدامك محوا لمخلفاتي.
يا بني عد لديارنا لتحمل
مشعلنا، وتقرأ تراثنا، وتكتب حكمنا، وتحكي أساطيرنا، وتلحن أشعارنا، وتعبر
عن أفكارنا، فإنا مشتاقون ليوم يجمع فيه شملنا وتسرد فيه أحاديثنا.
يا بني عد فإن الوهم الذي أنت فيه لا محال زائل، وسيكشف لك اليوم أو غدا السراب الذي أنت وراءه سائر.
يا بني إني أخشى أن تتمنى العودة يوما ولا تجد المآل، فلك اليوم فرصة وغدا محال.