حياة الامام مالك
حياة الإمام مالك هو مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحى ، و كنيته أبو عبد الله و قد لقب بإمام دار الهجرة ، ولد بالمدينة سنة 93 هـ و كان مالك
طويلا عظيم الهامة اشقر ، أزرق العينين ، عظيم اللحية و كان متصف بحسن
الخلق و الرزانة و سرعة الحفظ و الفهم منذ صباه و هو أحد الأئمة الأربعة
أصحاب المذاهب المتبعة .و قد عاش مالك
حياته كلها بالمدينة المنورة مهبط الوحى و مقر التشريع و موطن جمهرة
الصحابة و محط رجال العلماء و الفقهاء و لم يرحل من المدينة إلا إلى مكة
حاجا ، و قد تلقى مالك
علومه على يد علماء المدينة و ظل يأخذ و ينهل من العلم حتى سن السابعة
عشرة و قام بالتدريس بعد أن شهد له شيوخه بالحديث و الفقه و قد قال مالك: ما جلست للفتوى حتى شهد لى سبعون شيخا أنى أهل لذلك . و يعتبر الإمام إمام أهل الحجاز فى عصره و إليه ينتهى فقه المدينة و قد أجمع العلماء على أمانته و دينه و ورعه ، قال الشافعى: مالك حجة الله على خلقه ، و قال عبد الرحمن بن مهدى: ما رأيت أحدا أتم عقلا أو أشد تقوى من مالك ، و قد شهد له جميع الأئمة بالفضل حتى قالوا: لا يفتى و مالك
فى المدينة.و قد قصده العلماء و طلاب العلم من كل قطر ليأخذوا عنه ، لذا
إنتشر مذهبه فى كثير من الأقطار على أيدى تلاميذه ، الذين أخذوا عنه ، و
للإمام مالك كتاب (الموطأ) و قد ظل يحرره لمدة أربعين عاما جمع فيه عشرة آلاف حديث و يعد كتاب (الموطأ) من أكبر آثار الإمام مالك
التى نقلت عنه ، و قد طبع بروايتين أحدهما رواية (محمد بن الحسن الشيبانى)
و هو من أصحاب أبى حنيفة و الثانية رواية (يحيى بن يحيى الليثى
الأندلسى).و بجانب (الموطأ) فللإمام مالك كتاب (المدونة) و قد إحتوى على جميع آراء الإمام مالك
المخرجة على أصوله و هو من أهم الكتب التى حفظت مذهبه.و عن أبى هريرة رضى
الله عنه أن النبى سلم قال:" يوشك أن يضرب الناس أكباد
الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحدا أعلم من عالم المدينة "و قد روى عن ابن
عيينه أنه سئل من عالم المدينة؟ فقال: انه مالك بن أنس (رواه الإمام الترمذى فى سننه).و كان هارون الرشيد قد بعث للإمام مالك ليأتيه فيحدثه بعلمه فقال الإمام (العلم يؤتى) فقصد هارون الرشيد منزله و إستند إلى الجدار فقال مالك يا أمير المؤمنين من إجلال رسول الله إجلال العلم فجلس بين يديه فحدثه. و قد تعرض الإمام مالك
لبعض المحن نتيجة بعض الفتاوى التى تغضب الحكام حيث أفتى بعدم لزوم طلاق
المكره ، و كانوا يكرهون الناس على الحلف بالطلاق عند البيعة فرأى الخليفة و
الحكام أن الفتوى تنقض البيعة التى يبايعها من حلف بالطلاق ، و بسبب ذلك
ضرب بالسياط و إنفكت ذراعه بسبب الضرب الذى أوقعه عليه (جعفر بن سليمان)
والى المدينة و قد بنى مالك
مذهبه على أصول هى كتاب الله و سنة رسول الله سلم و
الإجماع و القياس و قول الصحابة و المصلحة المرسلة و العرف و سد الذرائع و
الإستحسان و الإستصحاب