الهليوم عنصر كيميائي من العناصر الخاملة غير سام وليس
له لون ولا رائحة وعديم الطعم ، له أقل درجات للغليان
والانصهار مقارنة مع باقي العناصر، ولا يوجد إلا في
الحالة الغازية إلا في ظروف خاصة جدا، وتوجد منه كميات
صغيرة على الأرض في الغاز الطبيعي، وليس له أي تأثير
بيولوجي على الكائنات الحية.
يـأتي بعد الهيدروجين مباشرة في الجدول الدوري
للعناصر. تحتوي نواة ذرته على 2 بروتون و 2 نيترون
ويسمى الهليوم-4. كما يوجد له نظير تحتوي نواته 2 من
البروتونات و 1 بروتون يسمى الهليوم-3. وهو من العناصر
الخاملة أو النبيلة (الغازات النادرة)، وبسبب خموله
الكيميائي لا توجد جزيئات له، فهو يوجد دائما في صورته
الذرية.
وقد
تم
اكتشاف
وجوده
على الشمس قبل اكتشاف وجوده على الأرض، وذلك عندما
لاحظ عالم الفلك الفرنسي بيير جول سيزار وجود الخط
الأصفر في طيف الشمس عند دراسة الكسوف الكلي للشمس في
عام 1868، ولاحظه كذلك عالم الفلك الإنجليزي السير
نورمان لوكير،وحسب طول موجة هذا الخط والتي بلغت
587.49 نانومتر، وتوصل إلى أنه لا يمكن أن ينتج أي
عنصر معروف في ذلك الوقت هذا الطول الموجي، فكان
الافتراض بأن عنصرا جديدا على الشمس هو المسئول عن
انبعاث هذه الخطوط الصفراء الغامضة حينها.
الهليوم في الفضاء
الهليوم ثاني أكثر العناصر انتشارا في الكون بعد
الهيدروجين، ويتركز في النجوم حيث أنه يتكون فيها
نتيجة اتحاد ذرات الهيدروجين بفعل العمليات النووية،
وحسب نظرية الانفجار العظيم فإن أغلب الهليوم تكون في
الدقائق الثلاث الأولى بعد الانفجار.
وتشير الدراسات الحديثة عن توزيع العناصر المعروفة في
الجزء المدرك من الكون إلى أن غاز الهيدروجين يكون
أكثر قليلاً من (74%) من مادة الكون، ويليه في النسبة
غاز الهليوم الذي يكون حوالي (24%) من تلك المادة.
ومعنى ذلك أن أخف عنصرين يكونان معاً أكثر من (98%) من
مادة الكون المنظور، أما بقية العناصر مجتمعة (عدد
العناصر المكتشفة هو 105 عنصر) فتكون أقل من (2%) من
مادة الكون. وهذه الأرقام تدعم نظرية الانفجار العظيم،
وهذه النسب تؤكد أن للكون بداية، لأنه لو كان الكون
بلا بداية فمعنى ذلك أن كل غاز الهيدروجين يجب أن يكون
قد احترق وتحول إلى غاز الهليوم.
كيف يتواجد الهليوم في الفضاء
من خلال استعراض تطور حياة النجوم بدءاً من ولادتها
وحتى انتهاء حياتها الطبيعية، فإن النجوم تولد وتتكون
من تجمع ذرات الهيدروجين المنتشر في السدم الكونية بين
المجرات بتأثير الثقالة الذاتية، وما إن تتجمع هذه
الذرات في كتلة مناسبة، حتى تدخل في تفاعلات نووية،
فتندمج كل أربع ذرات من الهيدروجين لتنتج ذرة هليوم
واحدة ويتحول جزء من كتلة ذرات الهيدروجين الأربعة
أثناء تفاعل الاندماج إلى طاقة مباشرة.
إن هذا الاندماج النووي هو مصدر الطاقة التي تبثها
النجوم، أما الهيليوم فهو الرماد المتخلف عن التفاعل
النووي، ويتجمع وتتزايد كمياته باستمرار في نواة النجم
نظراً لارتفاع وزنه الذري مقارنة بالهيدروجين، وبهذا
تتعاظم قوى التجاذب في نواة النجم مع مرور الزمن،
وترتفع درجة حرارة النواة حتى تبلغ حوالي (100) مليون
درجة مئوية، عندها يبدأ الهليوم بالدخول في تفاعلات
اندماج نووية من جديد تؤدي إلى انتشار كمية هائلة من
الحرارة، فيتحول الهليوم إلى عناصر أخرى أثقل،
كالأوكسجين, والكربون, والنيون..
وتدعى درجة الحرارة التي يبدأ الهليوم عندها بالدخول
في التفاعل النووي بدرجة وميض الهليوم
(Helium Flash).عندما
يومض الهليوم تتمدد كتلة النجم المتوضعة في النواة
نتيجة الارتفاع الهائل في درجة الحرارة، مما يؤدي إلى
اندفاع الطبقات الخارجية من النجم لتشغل حجماً أكبر
بملايين المرات من الحجم الأولي فيتحول النجم إلى ما
يسمى بالعملاق الأحمر
(Red Giant)
ويبقى على هذه الحال بضعة ملايين من السنين.
ومع استمرار استهلاك الهليوم في التفاعل النووي داخل
النجم، تبدأ التفاعلات النووية بالفتور فتعود قوى
التجاذب الثقالي الذاتي للنجم لتطغى على قوى الدفع
الناشئة عن تفاعلات الهليوم في النواة، فينكمش النجم
على نفسه.
استخداماته في حياتنا اليومية
تتركز أسباب تطبيقات استخدام الهليوم دون غيره في بعض
المجالات إلى كونه غازا خاملا لا يتفاعل بسهولة إضافة
إلى عوامل أخرى.
يستخدم الهليوم للمناطيد الضخمة والبالونات، لأنه أخف
من الهواء فهو ثاني أخف غاز موجود، كما أنه لا يحترق
أو ينفجر مما يجعل منه خيارا مناسبا لمثل هذا التطبيق.
صوت الإنسان الذي استنشق هواء فيه تركيز ملموس من
الهليوم، يصبح عالي الدرجة (من النعومة والجهارة،
فيسمع كان فيه شيء من التزمير)، وذلك يعود إلى أن سرعة
الصوت في الهليوم أكبر بثلاث مرات من سرعته في الهواء
العادي، مما يؤدي إلى زيادة تردده عند وصول موجات
الصوت إلى الهواء العادي، ولكن التعرض لاستنشاق
تركيزات عالية من الهليوم قد تودي بالحياة بسبب نقص
الأكسجين.
يستخدم خليط الهليوم مع الأوكسجين والنيتروجين لملء
قوارير هواء تنفس الغواصين في الأعماق الكبيرة لأنه
يساعد في منع التسمم الأكسوجيني والاستبدال
النيتروجيني (دخول النيتروجين إلى الدم بدل الأكسجين
الأمر الذي يؤثر على عمل الأعصاب ويعطي تأثيرا شبيها
بالسُكر) تحت ضغوط الأعماق الكبيرة.
يستخدم الهليوم في بيئات تنمية البلورات الدقيقة في
الظروف الحساسة لأنه لا يتفاعل ولا يؤثر في تركبها.
يستخدم الهليوم للمساعدة في ضغط الوقود الغازي المسال
(كالهيدروجين السائل)، وذلك لأنه لا ينفجر تحت ضغوط أو
درجات حرارة عالية.
يستخدم أيضا في تبريد المغانط الكهربائية في جهاز
الرنين المغناطيسي كما يعمل على تقليل مقاومة مرور
التيار الكهربائي في المغناطيس الكهربائي والعمل على
إيصاله لدرجه فائقيه التوصيل بتقليل المقاومة والتي
يمكن تحصيلها عند درجات حرارة المنخفضة جدا