___________________________________________
القائد القسامي فوزي أبو القرع ، والقائد المجاهد حسن المدهون قائد ومؤسس " شهداء الأقصى"
وحدهما الجهاد.. وجمعهما الاستشهاد
راية سامقةٌ ولواء مرفوع .. قوافل تترى من الشهداء، فلا شك أن فراق الأحبة له مذاقٌ مر خاص لا يعرف وصفه أحد ولكن يشعر بمرارته من ذاق هذه التجربة، كما أن فراق الأحبة وهم في مركب الشهداء الفائزين له طعمٌ خاص، مزيج من الحزن والسرور.. ولكن أن يغيب قائد فذ وشهيد وحبيب إلى النفس يثقل على النفس .. ثقلاً مؤلماً. ما أروع أن يوحد الجهاد في سبيل الله قائدين من فصيلين مختلفين تحت ظلال سيوفه ، ومن ثم يجمعهما معاً تحت ظلال عرش الرحمن ، فهما تجسيد صادق للعهد القاطع والبيعة الخالصة مع الله تعالى، وللعقيدة التي نذرا حياتهما وقفاً لها وتضحيةً في سبيلها.
هما حالةٌ فريدةٌ من التفاعل الأصيل بين الدين والعقيدة من جهة والجهاد والمقاومة والكفاح من جهة أخرى.إنهما القائدان المجاهدان فوزي محمد أبو القرع (أبو السعيد) أحد أبرز قادة كتائب القسام في قطاع غزة ، وحسن عطية المدهون (أبو علي) قائد ومؤسس كتائب شهداء الأقصى/ وحدات نبيل مسعود.
**الميلاد والنشأة
ولد القائد القسامي أبو السعيد عام 1970م ، هجرت عائلته عام 1948م من بلدته الأصلية بيت جرجا، ومن ثم قطن في معسكر جباليا في أسرة كبيرة ، حيث ترك دراسته في سنٍ مبكرة ليساعد والده الذي توفي في وقت سابق في معيشة أهله.مثله مثل كل مؤمن مجاهدٍ صادق كانت نشأة أبو السعيد، تدينٌ والتزام في مبادئ الإسلام، وخلق رفيع أهّله ليتبوأ مكانةً مرموقة في نفوس أهله وكل من يعرفه، فكان محبوباً من الجميع دون استثناء.
تزوج رحمه الله منذ خمس سنوات من فتاة مجاهدة من عائلةٍ مجاهدة قدمت اثنين من أخويها شهيدين في سبيل الله , هما القائدان القساميان سهيل زيادة رفيق درب أبو السعيد وأخيه محمد، وأنجب منها محمد وميسون واستشهد وزوجته حامل في الشهر الثامن، وكما تروي أمه (أم فايز) "للرسالة" بأنه كان باراً بها دائم الابتسامة في وجه الآخرين، كريما معطاء يساعد أهله".وكذا رفيق دربه القائد (أبو علي) الذي ولد عام 1973م ، هجرت عائلته في نكبة 1948م من بلدته الأصلية المجدل، ومن ثم قطن في معسكر جباليا، أنهى دراسته الثانوية من مدرسة أبو عبيدة بن الجراح ثم التحق بجامعة القدس المفتوحة ليتخصص في قسم التنمية الاجتماعية.وكانت نشأة أبو علي كنشأة رفيق دربه (أبو السعيد)، تدين والتزام وخلق رفيع أسر به قلوب الناس، متزوج وله من البنات أربع ومن البنين أمجد.ومن الجدير ذكره أن القائدين من عائلتين مجاهدتين صابرتين، فأبو السعيد قد سبقه القائد القسامي نبيل أبو القرع إلى الشهادة حينما كان يصد قوات الاحتلال عن أول اجتياح لمخيم جباليا في شهر مارس من عام 2002م، وقد سبق أبوعلي أيضاً أخوه هاني في انتفاضة 1987م.
**الاعتقال والمطاردة..
لقد ذاق أبو السعيد مرارة الاعتقال من أعدائه ومن بني جلدته , فاعتقل رحمه الله في شهر يوليو من عام 1992م لمدة سنتين في سجن النقب بتهمة الانتماء والعمل في صفوف حركة حماس ثم خرج من المعتقل الإسرائيلي ليسجن ولكن هذه المرة في سجون السلطة الفلسطينية خمس سنوات عام 1996م لاقى خلالها صنوفا من التعذيب , ثم خرج قسرياً في بداية انتفاضة الأقصى. كذلك الحال مع أبي علي حيث اعتقل في شهر أغسطس عام 1989م في سجن النقب وكان أصغر سجينٍ في المعتقل آنذاك، حيث كان يبلغ من العمر 15 عاماً وقد أمضى سنتين من الاعتقال بتهمة مقارعته للاحتلال في عام 1987م، ومن الجدير ذكره أن أخويه اللذين يكبرانه كانا معه في نفس المعتقل. لقد عانى الشهيدان القائدان أبو القرع والمدهون من مطاردة شديدة منذ الانتفاضة الأولى ولكنها اشتدت ضراوة إبان انتفاضة الأقصى من قبل السلطة الفلسطينية من جهة والاحتلال الصهيوني من جهة أخرى، حيث ورد اسماهما في قائمة أخطر 28 مطلوباً في قطاع غزة للكيان الصهيوني، أما بالنسبة لأجهزة السلطة فحاولت مراراً وتكراراً اعتقال المجاهدين. وفي إحدى محاولات الاعتقال -حسبما أكد" للرسالة" زياد المدهون شقيق الشهيد حسن- أنه في تاريخ 27/7/2005م طلب بعض قيادات السلطة من حسن التواجد في المقر الرئيس في المنتدى لتناول طعام الغداء فلبى أبو علي النداء، وبعد تناول طعام الغداء طلب منه أن يبقى في المكان أياماً معدودة ليخبئوه من الاحتلال الذي يطارده فقبل ذلك ومعه سلاحه الشخصي وجهاز الاتصال الخاص به ووضع عليه حرسٌ برتبة نقيب فنام تلك الليلة وحينما أراد في اليوم التالي أن يصلي الجمعة في المسجد قال له الحرس الأوامر تقول أنك ممنوع من الخروج ومن الزيارة فوصلت له أخبار بعد ذلك أن محكمةً ستشكل في المكان وسيأتي وفد أمريكي ووفد فرنسي لمحاكمته أمام وسائل الإعلام والإعلان أنهم استطاعوا أن يقبضوا على شخصية خطيرة ومن ثم نقله إلى سجن أريحا , فلما علم ذلك خرج وهرب من المكان بأعجوبة , ومن ثم اختفى لمدة شهرين تقريباً عن الأنظار، وفي هذا السياق نفى أبو خالد أحد قادة كتائب الأقصى /وحدات نبيل مسعود تدبير السلطة لاعتقال حسن في معتقل أريحا. وفي محاولة أخرى حسب رواية شقيق الشهيد زياد وأحد قادة وحدات نبيل مسعود رفض ذكر اسمه أن ما تسمى بفرقة الموت حاولت تصفيته إلا أن المحاولة فشلت وكان ذلك بعد اعتقال وفاء البس التي جهزها أبوعلي لتنفيذ عملية فدائية بأيامٍ معدودة.
**مشوارهما الجهادي..
(قادة العمل المشترك في فلسطين) مقولةٌ اتفقت عليها جميع الأجنحة العسكرية المقاومة في فلسطين حيث أن الشهيدين القائدين خططا ودبرا ونفذا الكثير من العمليات المشتركة التي ضربت في العمق الصهيوني وأثقلت فيه الجراح والقتلى، وذلك بالإضافة للتاريخ الجهادي لكل واحدٍ منهما على حدة، فأبو السعيد عمل في صفوف كتائب القسام منذ تأسيسها حيث تتلمذ على أيدي الشهيد القائد عماد عقل وعمل بجانبه ثم اعتقل بعدها عند السلطة، وفي حديث خاص "بالرسالة" مع أبي أنس الغندور قائد لواء شمال غزة في كتائب القسام أن أبا السعيد خرج من سجون السلطة في بداية انتفاضة الأقصى قبلهم ليخرجوا بعده ويجدوه قد أعاد تفعيل خلايا كتائب القسام بعد أن ضربتها السلطة قبل انتفاضة الأقصى فأراحهم من هذه المهمة الصعبة , ويشير أبو أنس إلى أن أبي السعيد هو أحد أبرز قادة القسام في قطاع غزة، وقائد كتيبة الشهيد عماد عقل في لواء الشمال، وعضو مجلس شورى الشمال، وأنه كان يعمل في جميع ميادين العمل العسكري، فكان يعمل في تجهيز الاستشهاديين بجانب الشهيد أخيه عبد العزيز الأشقر وفي مجال التدريب وفي مجال التصنيع وإعداد المتفجرات والمواد الكيماوية والقنابل وقذائف الهاون وإعداد الأحزمة والشنط الناسفة، حتى أنه أصيب إصابة بالغة في أنحاء جسمه وهو يقوم بتصنيع وتجهيز قذائف الهاون حينما انفجرت به في شهر رمضان من عام 2001م، ومن المفارقات العجيبة أن تاريخ إصابته هو نفس تاريخ استشهاده رحمه الله، ويؤكد أبو أنس أنه كان من المقربين للشيخ صلاح شحادة، وأنه كان يحب الضباب لأن هذا الجندي من جنود الله كان يساعده في تنفيذ العمليات العسكرية ويعمي أبصار اليهود عن المجاهدين حتى لقب بالضباب، ولم ينكر أبو أنس بأن استشهاد أبي السعيد خسارة لكتائب القسام ولكن دعوة الله ماضية.
**من العمليات العسكرية التى خطط لها :